الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

يزيد بين الماضي والحاضر

رسول الحجامي

إذا كان كل زمان عاشوراء، وكل مكان كربلاء..

فان ذلك يخرج عنوان يزيد من الملك الأموي الى قاتل الحسين(ع) في كل زمان ومكان،

وبقدر ما نشعر بانتمائنا للحسين، وانصهارنا بمسيرته، بقدر ما يشعر المعادون للحسين(ع) ومبادئه من قربهم ليزيد وقتلة الحسين، فتراهم يجترون جرائمه ويسيرون في طريق ضلالته وانحرافه، نسوا ذكر الله فأنساهم ذكر أنفسهم، وانسلخوا من كل ما هو إنساني..

يزيد بقتله الحسين أصبح رمزا لكل سلطان جائر، وسلطته أصبحت إيقونة لكل سلطة الشر،

نعم في بعض المواقف تتجسد المفاهيم في الإنسان حتى ليصبح هو عنوانا لها، ومنارا بها..

ومثل ذاك قول الرسول (ص واله) في واقعة الخندق لعلي(ع) حينما برز لفارس جيش الأحزاب: الآن برز الإيمان كله الى الشرك كله..

لذا فان إعادة القراءة لمورد الرمز تمثل مراجعة ضرورية لما يمثله، لا من قبيل مراجعة المحتوى وتأمل الاتجاه عبر التاريخ فقط، بل من ضرورة مدى انتماؤنا أو عدم انتماؤنا له،

هل نجد أنفسنا في هذا الأفق أم ذاك؟

قد تبدو كاكتشاف للذات أو اختبار لاتجاهاتنا..

وهذا ما تقوم به المجالس الحسينية كل عاشوراء بل في كل مناسبة..

واحدة من أهم وظائفها: تمكين الذات على اكتشاف موقعها في خريطة الصراع بين ما يمثله الحسين وبين ما يمثله يزيد.. بين الإسلام والجاهلية.. بين الإنسانية والتوحش.

لذا يصبح التعرف على يزيد ضرورة ملحة، لأننا عندما نكون اليوم حسينيون في الانتماء فمن الضروري أن نعرف أعداؤنا، وفي مقدمتهم قاتل الإمام الحسين عليه السلام..

ولربما لا تسعفنا هذه العجالة بالقيام بتحليل شخصيه يزيد وما قام به من أعمال قبل استلامه الحكم، لكننا سنقدم خلاصة موجزة تبين لنا أهم الملامح و المواقف لهذه الشخصية.

تربية يزيد

هناك عدة ملاحظات نذكرها حول التربية التي ربي عليها يزيد، وهي:

- إن يزيد تلقى تربية شبه مسيحية حيث نشأ عند أخواله في قبيلة كلب ذات الأصول المسيحية من فترة طفولته الى مرحلة الشباب، ومنها انتقل الى دمشق حيث كان له أساتذة من نساطرة الشام من مشارقة النصارى، ومن غير بعيد إن النصارى العرب كانوا يمرون بتحولات مضطربة في تحولهم للإسلام، خصوصا القبائل التي كانت بعيدة عن التفاعل المباشر مع المدينة المنورة حيث الرسول واله والصحابة المخلصين الذين غيب دورهم في حكومة الخلفاء وكانوا يعانون من الإقامة الجبرية، وقد ساهم ذلك في صعوبة التحول الى الإسلام، فضلا عن الإسلام الصحيح، بل إننا نرى إن تحول المسيحيين في العراق كان يمر بكل يسر ويعود الفضل في ذلك الى تبني صحابة كرام لقيادة هذا التحول أمثال سلمان المحمدي وحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر ومالك الاشتر وحجر بن عدي، ثم انتقال الإمام علي للكوفة وجعلها عاصمة للإسلام النبوي الصحيح.

- تأثير معاوية الأبوي من جهة وصراع معاوية مع جمهور المسلمين، وقتله الشخصيات الإسلامية، اثر تأثيرا بالغا في في استهتار يزيد بالرموز والمقدسات الإسلامية، حيث كانت آخر أوامره –قبيل هلاكه -لجيشه البربري هي ضرب الكعبة بالمنجنيق وتدميرها.

- نشوءه في مجتمع بدوي اكسبه خشونة الطبع، وانتقاله الى البلاط القيصري لمعاوية مباشرة جعله ينغمس تماما في الملذات واللهو والحياة العابثة.

فترة الشباب

- اكتسب يزيد الحقد على آل بيت النبوة وعلى رأسهم الحسين (ع)، باعتبارهم أعداء المشروع الأموي في الإسلام، وهم من قضى على طغيان وجبروت شيوخ يزيد وأبطاله الماضين في الجاهلية، والأبيات التي تمثل بها يزيد وعنده رأس الحسين تبين عظمة هذا الحقد وأثره على يزيد، وكيف انتهز الفرصة للأخذ بثأر معركة بدر حيث كانت بداية النهاية للجاهلية ومكوناتها.

- في هذه المرحلة يعيش يزيد دلالا مفرطا بسبب انحصار نسل معاوية به فنراه يعيش كملك لكنه بلا هموم السلطة ومشاكلها مع بعض المحاولات الخجولة من معاوية لسحب يزيد من مناخ اللهو والشهوات والعبث والمجون الغارق فيه.

- تشير المصادر التاريخية أن الحسين(ع) تعرف على سلوك يزيد من خلال الأحداث وخبره.

سمات يزيد

هناك سمات اشتهر بها يزيد ووثقتها المصادر التاريخية، وقد عرفت بها شخصية يزيد، وتحدث بها رجالات عصره.

الحسين(ع) في مخاطبته لوالي المدينة (يزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحرمة معلن بالفسق)، وفي تصديه لمعاوية حينما أراد أن يمرر البيعة ليزيد (وهيهات هيهات يا معاوية!!... ولقد فضلت حتى أفرطت، واستأثرت حتى أجحفت، ومنعت حتى بخلت، وجرت حتى جاوزت، ما بذلت لذي حق من اسم حقه من نصيب، حتى أخذ الشيطان حظه الأوفر، ونصيبه الأكمل. وفهمت ما ذكرته عن يزيد من إكتماله، وسياسته لأمة محمد (صلى الله عليه وآله) تريد أن توهم الناس في يزيد كأنك تصف محجوبا أو تنعت غائبا، أو تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص، وقد دل يزيد من نفسه على موقع رأيه، فخذ ليزيد فيما أخذ به من إستقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش، والحمام السبق لأترابهن، والقيان ذوات المعازف، وضروب الملاهي تجده ناصرا. ودع عنك ما تحاول: فما أغناك أن تلقى الله بوزر هذا الخلق بأكثر مما أنت لاقيه، فوالله ما برحت تقدح باطلا في جور، وحنقا في ظلم، حتى ملأت الأسقية، وما بينك وبين الموت إلا غمضة فتقدم على عمل محفوظ في يوم مشهود، ولات حين مناص... " وذهل معاوية من خطاب الإمام، وضاقت عليه جميع السبل فقال لابن عباس: ما هذا يا ابن عباس؟. فقال ابن عباس: لعمر الله إنها لذرية الرسول (صلى الله عليه وآله) وأحد أصحاب الكساء، ومن البيت المطهر... (من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - ص 154 - 155).

وخطب قائد الثوار في وقعت الحرة (في انتفاضة أهل المدينة ضد بيعة يزيد)

عبد الله بن حنظله قائلا:

(يا قوم اتقوا الله وحده لا شريك له فوالله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا ان نرمى بالحجارة من السماء، إن رجلا ينكح الأمهات والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة والله لو لم يكن معي احد من الناس لأبليت لله فيه بلاء حسنا).

هذا التكوين الشخصي والأخلاق المنحرفة ليزيد مع ما اشتهر به من لهو وعبث دفع الشاعر ليعبر عن الاستياء الإسلامي العام إزاء البيعة ليزيد وأحداث عصره، حيث يقول:

فان تأتوا برملة أو بهند – نبايعها أميرة مؤمنينا

إذا ما مات كسرى قام كسرى – نعد ثلاث متناسقينا

فيا لهفا لو إن لنا ألوفا – ولكن لا نعود كما عنينا

إذا لضربتمو حتى تعودوا – بمكة تلعقون بها السخينا

حشينا الغيظ حتى لو شربنا – دماء بني أمية ما روينا

لقد ضاعت رعيتكم وانتم – تصيدون الأرانب غافلينا

هكذا أصبحت شخصية الحاكم الإسلامي من إمام للمؤمنين الى صاحب عزف وصيد وقيان وهتك للحرمات، فيذكر القرماني ان يزيد عرف بشرب الخمر واللعب بالكلاب والتهاون بالدين (أخبار الدول، القرماني ص130 -131).

ويؤكد المسعودي ذلك، ويذكر إن يزيد كان صاحب طرب ومنادمة على الشراب، جلس ذات يوم على شرابه وعن يمينه ابن زياد بعد قتل الحسين، فاقبل على ساقيه فقال:

اسقني شربة تروي مشاشي – ثم صل فاسق مثلها ابن زياد

صاحب السر والأمانة عندي – ولتسديد مغنمي وجهادي

ثم أمر المغنيين فغنوا، وغلب على بطانة يزيد وعماله ما كان يفعله من الفسوق، وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة واستعملت الملاهي واظهر الناس شرب الشراب (مروج الذهب ج2 ص74).

ويذكر الدميري لهو يزيد بالحيوانات وتصيده بالفهود (الحيوان ج2 ص 270).

وبالجملة كان يزيد موفور الرغبة في اللهو والقنص و الخمر والنساء وكلاب الصيد حتى كان يلبسها الأساور من الذهب والجلال المنسوجة منه، ويهب لكل كلب عبدا يخدمه، وساس الدولة سياسة مشتقة من شهوات نفسه، وكانت ولايته ثلاث سنين وستة أشهر، ففي السنة الأولى: قتل الحسين (ع). وفي السنة الثانية: نهب المدينة وأباحها ثلاثة أيام. ثم فيها قتل سبعمائة من المهاجرين والأنصار ومن يبق بدري – ممن شهد بدر من الصحابة – بعد ذلك، وقتل عشرة آلاف من الموالي و العرب والتابعين وافتضاض ألف عذراء، ثم ختم مدة حكمه الجائر بقراره لتدمير مكة وإحراق الكعبة بالمنجنيق، ويقف ابن يزيد بعد موت أبيه يصف سوء عاقبة يزيد بقوله:

(.. وان من أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه، وبئس منقلبه، وقد وقتل عترة رسول الله (ص واله) وأباح الحرم، وخرب الكعبة..)(الصواعق المحرقة ج2 ص 641).

من هو يزيد المعاصر؟

انه ببساطة كل حاكم دكتاتور ظالم ينتهك الحقوق ويرتكب الجرائم بحق شعبه..

انه السلطان الغارق بشهواته وجرائمه، المتلذذ بآلام المستضعفين.. المتجبر بجلاديه ومرتزقته..

الواهم بان ظلمه انتصار، وجرائمه مكاسب، وليس غير دورة زمن حتى تصبغ الشعوب راية ثورتها بدماء الشهادة، وتزلزل عروش الظلم والطغيان. وكم يزيدا سقط خلال هذه السنين وسارت فوق رماده كواكب الشهداء وأقدام الثائرين في خطى الحسين (ع).

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5/كانون الأول/2011 - 9/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م

[email protected]