الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

متى نكون أوفياء لسيد الشهداء؟

عدنان الصالحي/مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث

السالك لطريق الشهادة لا ينتظر شيء أكثر من انتظاره لفرحة اللقاء ببارئه (عزوجل) ليظهر له مقدار الحب والشوق اليه، في قبال ذلك يصفهم جل وعلا بقوله ((وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)) آل عمران.

وعلى هذه القاعدة فان طريق الشهادة لا يمكن أن يسلكه غير أصحاب الشوق الإلهي والعارفين لمعنى قيم السماء وحياة الآخرة، وكم هو عظيم أن يترك المرء ما لديه من عطايا الدنيا ليرحل باتجاه النعيم المقيم مؤسسا لغيره قاعدة بان الحياة في ظل الكرامة نصر لكل قيم الحق وان طلب الشهادة في مواجهة التسلط والاستعباد هو اختيار لحياة من نوع آخر، حياة لا ممات فيها فهي التي تضع حجر الأساس لزوال الطغاة وتبنى كرامة الإنسان.

إن السائرين بهذا الطريق وان وصلوا الى مبتغاهم من نيل الدرجات العلا ولكن بقيت لديهم أنظار يوجهونها صوب من بقي خلفهم ليروا ما هم فاعلين، (وهنا بدلالة القران الكريم بقوله كونهم أحياء يرزقون)، ولدينا من الأحاديث والروايات من التواتر ما يؤكد صحة ذلك بزيارة روح المؤمن الى أهله بعد وفاته ورحيله، فان وجدهم على خير سُر وان وجدهم منشغلين بالدنيا تاركين طاعة الله ونهيه كانوا في حزن وغم على ما خلفهم ذريتهم من ترك الطريق الصحيح.

 وهنا الحديث عندما يكون الشهداء من عامة المؤمنين فما بالك بمن ضحى بنفسه و بأهل بيته وأصحابه وعائلته وهو ابن رسالة السماء وتربية سيد الأوصياء وخدامه ملائكة السماء سيدي ومولاي أبا عبد الله الحسين، وفي ملحمة غاب نظيرها في تاريخ الإنسانية(ملحمة عاشوراء الفداء)، وكان شعارها أن لا يبايع الكرام والاتقياء أهل الغدر والفسوق والطغيان بمقولته المشهورة سلام الله عليه (ومثلي لا يبايع مثله) أي أن كل إنسان يحتذي بأخلاقي ومبادئي وهي مبادئ السماء لا يبايع من يحتذي بأخلاق وسلوكيات يزيد(عليه اللعنة والعذاب) وان تغيرت الأزمنة والأمكنة ومرت العصور وتقادمت والدهور.

وفي ذكرى عاشوراء من جديد وبعد هذه القرون الطوال التي فصلت بيننا وبين تلك الفاجعة فلنسائل أنفسنا جميعا:

 هل كنا أوفياء لعاشوراء الحسين؟

هل احتذينا بسيرة سيد الشهداء وفارقنا أخلاق أعدائه في السر والعلن؟

هل أدخلنا السرور على قلبه الجريح المصاب بسهم الفساد والطغيان؟

هل كنا زينا له أم كنا شينا عليه؟

نعم أقمنا العزاء ولطمنا الصدور وبكيناه في كل عام وكل الشهور وكنا في أيامنا نتحدث بمأساته وبمصائب أهل بيته، وهو شيء يفرح ويثلج قلب رسولنا الكريم وجزء بسيط من رد الجميل لأهل بيت النبوة ومواساة لمولاتنا فاطمة الزهراء على مصائب أولادها.

 ولكن وللحقيقة لم نرتق بأكثر من ذلك، لان ما يريده منا سيد الشهداء هو اكثر من ذلك بكثير، فرسالته وثورته كانت نموذجا لنظام اجتماعي متكامل ولم تكن ثورة ومعركة وقعت ضد أشخاص معينين إنما كانت امتداد لرسالة السماء ضد الانحرافات والخنوع وضد كل ما من شانه أن يسترق البشر وينشر في الأرض الفساد.

ثورة الحسين بن علي كانت مصداقا حيا لبناء الدول ونبذ المفسدين وبناء الإنسان المؤمن قبل كل شيء، الإنسان الذي استنقذه الباري (عزوجل) بمحمد صلى الله عليه واله وسلم وأتم الرسالة بعلي صلوات الله عليه وأكمل المسيرة بأهل بيت النبوة ومهبط الوحي والتنزيل، الإنسان المراد له الله أن يكون خليفة صالحا في الأرض بغير فساد.

 واليوم ولكي نكون أوفياء لقيم عاشوراء ولبطل ملحمتها علينا أن نكمل الطريق بعده وان نقف في كل الميادين ضد الظلم والظالمين، فنكون للمظلوم عونا وللظالم خصما، علينا أن نقرأ كل مفاصل عاشوراء ونتخذ منها العبر، ففي عاشوراء الخير كله، حيث الإيثار والتضحية والرحمة والعدالة والحمية والغيرة تجسدت بمولانا الحسين وأهل بيته وأصحابه عليه وعليهم السلام، فحري بنا أن نكون مصداقا حقيقيا لشيعته وأنصاره.

 وليس بالضرورة أن نصل بمرتبة الشهادة ولكن لنبدأ أول الطريق فلنرفض الفساد والمفسدين وان نبني عوائلنا ومجتمعنا على الإيثار والتراحم وحب الخير لعامة الناس وإنصافهم، وان لا نميز بين أعجمي ولا عربي إلا بالتقوى وان يكون مقياسنا في الحب والبغض هو القرب من الله، فمن كان غافلا عن عبادته كنا له دعاة إصلاح وصلاح ومن كان تقيا كنا له أخوة وأحبة، فرسالتنا رسالة عاشوراء، (..لم اخرج بطرا ولا أشرا وإنما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي رسول الله..).

إننا بحاجة لان نقي أنفسنا عمن وصفهم سيد الشهداء بقوله (من سمع واعيتنا ولم ينصرنا أكبه الله على منخريه في قعر جهنم.....)، وها نحن سمعنا بواعيته فكيف ستكون نصرتنا له غير إتباع أثره والتخلق بأخلاقه والتمسك بمبادئه والوقوف صفا واحدا للدفاع عن حُرم الله وحرماته بترك المعاصي والسير بما أمرتنا به شريعتنا الغراء، حيث يشير الى هذا الجانب سماحة المرجع الديني الكبير السيد صادق الشيرازي (دام الله ظله) في كتابه (لنحقق أهداف سيد الشهداء) في نقاط عده منها:

أولا: ترسيخ أصول العقيدة الإسلامية من التوحيد وما يتعلق به من صفات الله الثبوتية وما يتنزه عنه تعالى من الصفات السلبية وبعثة الأنبياء وما يرتبط بها وبعثة رسول الإسلام وخاتم النبوة (صلى الله عليه واله وسلم) وما يتصل بذلك، فان من أهم أهداف نهضة الإمام الحسين عليه السلام هو إحياء أصول العقيدة في النفوس ولولا نهضته (سلام الله عليه) لا زالت ممارسات بني أمية وأضرابهم حرفت الإسلام عن أصله...، فحري بنا اليوم أن نركز تلك العقائد وترسيخها والسير عليها فان تثبيت أصول العقيدة طريق النجاة والسير باتجاه بناء النفس الحقيقية التي أراد لها الباري أن تكون خليفته في الأرض.

ثانيا: التأكيد على الأخلاق الإسلامية التي هي الأخرى من الأهداف التي ضحى سيد الشهداء من اجلها بأغلى ما على وجه الأرض من نفسه الشريفة وذويه وأكد على إحيائها قولا وفعلا...، فلكي نكون مصداقا للسير على نهجه الشريف يجب أن تكون بناء الأخلاق لمجتمعاتنا في أعلى قممها وهو هدف كان المرتكز لبعث نبوة خاتم الأنبياء بقوله صلى الله عليه واله وسلم(بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، فعلى المؤمنين أتباع الدين الإسلامي الحق عموما التحلي بأعلى درجة الأخلاق في التعامل مع الآخرين في السراء والضراء، وخصوصا خلال إقامة المراسيم والمآتم الحسينية فتلك الشعائر مدرسة لبناء الإنسان في كل الجوانب.

ثالثا: تعظيم وإقامة الشعائر الحسينية وبناء الحسينيات ومجالس العزاء والمواكب وإنشاء الهيئات وتعميم مظاهر الحزن، وفاءا منا لسيد الرسل وخاتم الأنبياء وبضعته الطاهرة ووصيه بمصاب ابنهم وريحانتهم سيد الشهداء.

رابعا: إن سعادة الدنيا والآخرة مثلث، يشكل طرفاه الاقتصاد السليم، والسياسة العادلة، والطرف الثالث هو الفضيلة، وهذه الأهداف كانت من أولويات ثورة الإمام الحسين في تأسيس دولة العدالة والرفاهية بدلا من دولة الفساد والطغيان، حيث سحق بنو أمية كل قيم الفضيلة والعدالة وسرقوا ونهبوا خيرات الأمة باسم الخلافة فكانت دولة الطغيان والفساد والرذيلة شعار لدولتهم المشؤومة، فمن أراد سلوك طريق الامام الحسين عليه أن يعرف إن العدالة والفضيلة شعار سيدنا ومولانا وهدفه الأعلى في رفعة الإسلام والإنسانية جمعاء وهي بالضد من المعسكر الفاسد.

ليكن عامنا هذا متميزا عن باقي الأعوام في عاشوراء الحسين ونكون أوفياء قولا وفعلا له، فلنبدأ بأنفسنا لنصلحها ولنراجع ماذا فقدنا من حب وتوادد فنعيده بيننا ولماذا تجلدت قلوبنا وتكاسلت أعضاؤنا عن العبادة، ولنحاسب أنفسنا هل ازددنا قربا من الله أم بعدا؟.

إذن هي مناسبة كبيرة المعاني عظيمة الحدث فلنستمطر الرحمة فيها ولنبدأ من جديد، وحذاري من المرور بعاشوراء مرور الكرام فهي مفترق للطرق ومقياس للمؤمن من عدمه ولندخل السرور على قلب سيد الشهداء في يوم حزنت عليه من في السماء ومن في الأرض.

* مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث

http://shrsc.com/index.htm

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 30/تشرين الثاني/2011 - 4/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م

[email protected]