الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

النهضة الحسينية وضرورة انعكاسها على الواقع الإسلامي الراهن

رؤى من أفكار الإمام الشيرازي

 

شبكة النبأ: لم يألُ الامام الراحل، آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله) جهدا، في تسليط الضوء على الفكر الحسيني ونهضته التي أعادت الاعتبار للاسلام وللمسلمين، بعد تصحيح الانحراف الخطير في مسيرة الاسلام، بسبب ميول الحكم الاموي نحو المادية وتفضيل الذات، وما الى ذلك من أمور تتنافى مع المبادئ الاسلامية، التي جعلت المصلحة الانسانية تفوق كل اعتبار آخر، وقد انعكس جهد الامام الشيرازي في هذا المجال عبر مؤلفاته الكثيرة والكبيرة في مضمونها ومساراتها الهادفة، إذ قال عنه الكاتب العربي - راجي ابو الهيفا- في إحدى مقالاته: (لقد تناول فقيه الأمة الإسلامية المرجع الديني الراحل والإمام المجدد آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي - قدس سره- الحركة الحسينية في الكثير من مؤلفاته التي بلغ عددها الألف ومئتي كتاباً ونيف).

ويرى الكاتب نفسه إن الإمام الشيرازي يرى أن الإمام الحسين (ع) قد لخص لنا ولكل الأجيال السابقة واللاحقة فلسفة نهضته المباركة من خلال قوله الشريف: (إني لم اخرج أشراً ولا بطراً، ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي –ص- أريد أن أمر بالمعروف، وأنهي عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي) -1-.

الرسالة العظيمة لعاشوراء

لقد أمضت البشرية عمرها المديد وهي تتأرجح بين الظلم والانصاف، وقد استعاد الانسان كرامته في ظل الافكار السليمة التي حاولت أن تضيء الجانب المظلم من حياته، وحاولت أن تنشر العدل والمساواة بين عموم البشر، بيد أن أصحاب الشر وعلى رأسهم الحكام الطواغيت، لا يرتضون بالعدالة والمساواة والانصاف منهجا، لأنهم سيفقدون امتيازاتهم ومصالحهم التي غالبا ما تتأسس وتنمو على حساب مصالح الفقراء وعامة الناس، لهذا انحرف يزيد بمسيرة الاسلام، وجعل من ملذات الدنيا عنوانا لحكمه وجعل الظلم ركيزة لتثبيت حكمه، لهذا مثلت وقفة الامام الحسين عليه السلام الكفاح الانساني خير تمثيل، ومن هذا العمق الفكري السديد استمدت خلودها، كما هو الحال مع الرسالة المحمدية التي نقلت الجاهلية الى نور الحق.

ولهذا يقول الامام الشيرازي (قدس سره): (إن لعاشوراء رسالة عظيمة تعتبر الامتداد الحقيقي لرسالة جد –الحسين- الصادق الأمين-ص-) بمعنى أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، نقل الانسان من ظلام الجهل وأبعده عن جادة الانحراف ليسمو بروحه وفكره بما يتفق ويتساوى مع قيمته العليا كإنسان، وهكذا هو الفكر الحسيني المستمد من الرسالة المحمدية، فكر يقوم على نبذ الاضطهاد والظلم والتجاوز لاسيما اذا بدر من الحكام باعتبارهم من اصحاب السلطة التي قد لا يتمكن الفرد من مقاومتها اذا اتخذت من البطش والقتل والتشريد منهجا لها كما هو الحال مع الانظمة الدكتاتورية التي حكمت الدول الاسلامية بالحديد والنار.

فلسفة عاشوراء

ثمة فلسفة إنسانية عميقة تنطوي عليها الثقافة العاشورائية، ويهدف إليها الفكر الحسيني، بل يسعى الى تحقيقها على الارض، هذه الفلسفة تهدف الى سعادة الانسان بالدرجة الاولى من خلال إلتزام القواعد والضوابط المستمدة من تعاليم القرآن الكريم، ومن سيرة نبينا الاكرم وأهل بيته عليهم السلام، فالدين الكامل هو الذي أنزله الله تعالى لكي يرسم السبل الصحيحة أمام الانسان في رحلة الامتحان الدنيوي الشاق، وصولا الى اليوم الموعود، حيث يجازى الانسان على أفعاله وأعماله وأفكاره بما يستحقه من حساب في شقيّ الثواب والعقاب.

يقول الامام الشيرازي عن فلسفة الحركة الحسينية في عاشوراء إنها (إحياء الإسلام، وإرجاع القرآن إلى الحياة، وهذا هو ما كان يستهدفه الإمام الحسين –ع- من نهضته وشهادته، وذلك لأن الإسلام الذين أنزله الله تعالى في كتابه، ونطق به قرآنه، وبلغ له رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وضحى من أجله أهل البيت عليهم السلام، وخاصة الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء يوم عاشوراء، هو الدين الكامل والقانون الشامل الذي باستطاعته في كل عصر وزمان أن يسعد الإنسان والمجتمع البشري ويضمن له التقدم والرقي والتطلع والازدهار)-2-.

إنتشال الامة من واقعها المظلم

لقد تحرك الامام الحسين عليه السلام كصوت ومسار مضاد للطغيان، إستنادا الى الوقائع الملموسة التي عكسها حكم يزيد على اوضاع المسلمين آنذاك، واستنادا الى واقع المسلمين الذي تكلل بالخمول والقبول على مضض بالخروج على الاسلام والارتداد الى الجاهلية، لهذا جاءت وقفة الامام الحسين عليه السلام في وقتها المناسب، بل كان لابد من التحرك الجاد لاعادة أمور المسلمين الى نصابها، وسحب البساط من تحت الطاغية الذي تحوّل من دوره كمسؤول عن مصالح المسلمين، الى رجل شاذ، لا يعرف من امور الدنيا كلها سوى الملذات، وتفضيل الذات على الجميع، ومن يطلع على سيرة يزيد سيعرف حجم الاستهتار الذي رافق وجوده على دفة الحكم، لذلك أقدم الامام الحسين عليه السلام – كما يقول الامام الشيرازي- على إعلان الوقوف ضد الحاكم المنحرف، لكي (ينتشل الأمة من الحضيض الذي أركست فيه إلى العز، وذلك عندما رضيت الأمة الإسلامية بواقعها المتردي، المتمثل بالخمول، والركون إلى الدنيا، والسكوت على الظلم، وتسلط الظالمين من أمثال يزيد وأبيه وأضرابهم، فأراد الإمام الحسين –ع- أن يبث روح الإيمان والحق فيها لتنهض من جديد، كما كانت في عهد رسول الله –ص-) -3-.

التآخي والنهضة الحسينية

لقد تأكدت للجميع بما لا يقبل الشك، الاهداف الانسانية السمحاء التي رافقت خروج الامام الحسين عليه السلام وذويه وأصحابه الأكرمين من الحجاز، فهي ليست دعوة تهدف الى استرجاع سلطة سابقة، ولا هي دعوة للاستئثار بمنصب او جاه وما الى ذلك، فسبط الرسول الاعظم (ص) أكبر من البحث عن الجاه بعد أن منحهم الله تعالى أفضلية كبرى تفوق الافضليات المادية الدنيوية جميعا، بل الهدف هو إعادة التقارب والحميمية والتعاضد بين المسلمين، وإعادة روح التآخي لهم بعد حالات التشرذم التي لحقت بهم، لذلك يقول الامام الشيرازي: (من النقاط الهامة التي يجب أن نتذكرها دائماً عند الحديث عن الفاجعة الكربلائية إنها قضية التآخي في الله والاعتصام في كل حدث وفي كل موقف من مواقف الحياة، وبما أن الحركة الحسينية هي حركة التآخي بين المؤمنين، فقد كان لخروج أهل بيت الحسين –ع- دلالة عميقة على الأبعاد الروحية لعملية التآخي تلك.)

بل لقد رأى الامام الشيرازي أن نهضة الإمام الحسين –ع- (كانت نبراساً لسائر النهضات التحريرية في العالم ضد الظالمين، وكانت هي الانفجار العظيم الذي هز عرش كل الطغاة المستبدين، كما ومهدت الطريق أمام الثورات الأخرى)-4-.

ضرورة نشر الفكر الحسيني

إن الفكر الذي يجب بين السعادة والتآخي والثورة على المستبد، يحتاج الى وسائل لكي تصل به الى الاخرين، وهذا ما ينبغي أن يتوافر لنشر الفكر الحسيني الى أبعد نقطة في العالم، كونه فكر يناسب الانسان في أي زمان وكل مكان، والمجالس الحسينية من وسائل نشر هذا الفكر العظيم ناهيك عن الوسائل الاخرى المعاصرة، يحتاج هذا الامر الى برمجة وتخطيط وسعي علمي متواصل لتحقيق هذا الهدف، لهذا يرى الإمام الشيرازي ضرورة أن (نرفع من كَمِّ -المنابر الحسينية- وكيفها باستمرار ودوام، وذلك بأن نقيم المجالس إقامة حسنة، وأن نراعي فيها الكيفية المطلوبة لدى الناس، وخاصة ما يفيد الشباب والناشئة، وأن ندعو الخطباء البارعين والمبلغين الحسينيين المبرزين لإدارة المنبر والخطابة في الناس وإلقاء المحاضرات المفيدة والقوية عليهم، متضمنة متطلبات العصر، وملبية لحاجيات المجتمع، ومتفاعلة مع النفوس والقلوب، والأفكار والعواطف)-5-.

هوامش:

1- الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (عاشوراء والعودة إلى الإسلام) دار صادق بيروت ط2/2003م ص11.

2- الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (رسالة عاشوراء) طبع هيئة محمد الأمين – بيروت ط1/1422هـ ص3.

3- الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (قبس من شعاع الإمام الحسين –ع-) دار صادق بيروت ط2/2002 ص30.

4- ثقافة عاشوراء في فكر الإمام الشيرازي إعداد ونشر مركز الإمام الشيرازي للبحوث والدراسات بيروت – دمشق ط1/ 2002م ص12.

5- الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي (عاشوراء والقرآن المهجور) مؤسسة المجتبى بيروت ط1/ 1421هـ ص36.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 28/تشرين الثاني/2011 - 2/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م

[email protected]