الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشورء الحسين 1432 هـ
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

الدليل المبسط للخطباء المبتدئين

مجاهد منعثر منشد

يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) في خطبة له يعدد وظائف الأنبياء (عليهم السّلام):

((وَاصْطَفَى سُبْحَانَهُ مِنْ وَلَدِهِ ـ آدم ـ أَنْبِيَاءَ أَخَذَ عَلَى الْوَحْيِ مِيثَاقَهُمْ، وَعَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ أَمَانَتَهُمْ... فَبَعَثَ فِيهِمْ رُسُلَهُ، وَوَاتَرَ إِلَيْهِمْ أَنْبِيَاءَهُ لِيَسْتَأْدُوهُمْ مِيثَاقَ فِطْرَتِهِ، وَيُذَكِّرُوهُمْ مَنْسِيَّ نِعْمَتِهِ، وَيَحْتَجُّوا عَلَيْهِمْ بِالتَّبْلِيغِ، وَيُثِيرُوا لَهُمْ دَفَائِنَ الْعُقُولِ، وَيُرُوهُمْ آيَاتِ الْمَقْدِرَةِ...)) (1).

معنى الخطبة لغويا

الخطبة - بضم الخاء، وهي مايقال على المنبر، يقال خطب على المنبر خطبة - بضم الخاء.

جاء في تهذيب اللغة: الخطبة مصدر الخطيب، والخطبة – بضم الخاء- اسم للكلام الذي يتكلم به الخطيب.

وقال في المصباح: خاطبه- بفتح الخاء- مخاطبة وخطابا، وهو الكلام بين متكلم وسامع.

الخطابة: مصدر خطب يخطب، أي صار خطيباً، وهي على هذه صفة راسخة في نفس المتكلّم، يقتدر بها على التصرّف في فنون القول؛ لمحاولة التأثير في نفوس السامعين، وحملهم على ما يراد منهم بترغيبهم وإقناعهم.

فالخطابة: مرامها التأثير في نفس السامع، وإثارة إحساسه للأمر الذي يراد منه، ليذعن للحكم إذعاناً، ويسلّم به تسليماً. (2).

أنّ الخطابة علمٌ وفن، وهي فن إقناع الجمهور، فالخطابة وظيفة الانبياء، ومهمة الخطيب لاتقتصر على تثقيف الجمهور بالثقافة الدينية، وتعليمهم قيم الاسلام ومبادئه. بل المهمة لاتنحصر بهذا الاطار العام، فمن مهام الخطيب توعية الجمهور توعية حقيقية.. اي تطويرهم على صعيد مستوى التفكير وكيفيته.

وقد قال عنها الشيخ الرئيس: وللأقاويل الخطابيّة صدر واقتصاص وخاتمة. (3).

تحضير الخطيب لموضوع الخطبة

قبل الشروع في اداء الخطبة، لابد للخطيب ان يعلم، ماهو الموضوع والهدف منه ؟.

وطريقة اختيار الموضوع المناسب(4) تكون وفق التسلسل التالي:

1. الإيجاد

1. الأدلّة، وتنقسم الى قسمين:

أ ـ المواضع الذاتية. وهي مكونه من: 1. التعريف 2. المقابلة 3. التشابه وضرب الأمثال. 4. العلّة والمعلول. 5. التعميم ثمّ التخصيص. 6. التجزئة.

ب ـ المواضع العرضية: والاكثر تأثيرا هي: 1ـ الدين 2. العادات3. أقوال النبي وأهل بيته (عليهم السلام) 4. حوادث التاريخ 5. المصادر والمواثيق 6. الشعر.

وبعد اختيار العنوان، يتم الاعداد الجيد، والمطالعة، فعن أبي عبد الله الصادق (عليه السّلام) أنه قال: ((كثرة النظر في العلم تفتح العقل))(5).

وينصح اهل الاختصاص، بأن تكون مدة المطالعة عشر ساعات، لوقت المحضرة البالغة خمسة واربعين دقيقة.

ويتم تهيئة مكوّنات الخطبة، فيستعدّ الخطيب لتنظيم أجزاء الخطبة وإحكام تركيبها، وربط بعضها ببعض، ووضع أدلّتها في شكل منتج؛ فالتنسيق هو في الحقيقة بناء الخطبة ونظام عقدها، بجعل معانيها متساوقة، فيأخذ بعضها بحجز بعض. ويقسم الموضوع بملاحظ التخلص (الربط) حسب اجزاء الخطبة بالشكل التالي:

اولا: المقدمة (الاستهلال).

ثانيا: العرض.

ثالثا: الخاتمة.

فالتخلص من سمات الخطيب البارع، ويدرس المؤثرات، لاستخدامها اثناء الخطبة، لجلب انتباه السامع، ولمعالجة ملل الجمهور، فالمستمع يبقى طوال المحاضرة يفكّر في كيفية تخلّص الخطيب من الموضوع وانتقاله إلى الشاهد التاريخي.

وفي التحضير على الخطيب اثناء المطالعة، أن يبذل جهد في ايضاح فكرة الموضوع، وهذا يساعد في وصول الفكرة للمستمع بعبارات شيّقة جذابة بعيدة عن التكلّف واللّف والدوران.

يقول الخطيب القزويني في شرح الإيضاح: إنّ السامع يكون مترقباً للانتقال من التشبيب إلى المقصود كيف يكون؛ فإذا كان حسناً متلائم الطرفين حرّك من نشاط السامع، وأعان على إصغائه إلى ما بعده، وإنْ كان بخلاف ذلك كان الأمر بالعكس (6).

يعني يبدأ بالأسباب، ثمّ النتائج، أو يعرض الفكرة ثمّ يأتي عليها بالشاهد أو الدليل، ويقدّم الدليل القوي على الدليل الضعيف،، فيكتشف العلاقة بين أصل الموضوع وبين الشاهد التاريخي الذي يصل به إلى فقرة المصيبة..

وكل هذا يسمى تنظيم، فتكون الأفكار والمعلومات التي يلقيها إلى الجمهور متسلسلة، يسلّم كل جزء منها إلى الجزء الآخر بشكل سلس وواضح. فالوضوح من أهم خصائص الاُسلوب الخطابي.

وعلى الخطيب أن يكتب جميع تفاصيل الخطبة التي يعزم على إلقائها؛ فإنّ ذلك ضامن لسداد رأيه، كما ينبغي له أن يحفظها، ويردّدها بصوته قبل الإلقاء على الناس بحسب ما يراه مناسباً؛ فإنّ ذلك يتيح له فرصة التعرّف على الاُمور التي تقتضي الوقوف عندها، أو الاُمور التي تحتاج إلى التغيير والتعديل، ويستمر على هذا المنهج حتّى إذا صارت له الخطابة ملكة، وعُدّ في صفوف الخطباء اكتفى بدراسة الموضوع دراسة وافية.

ثمّ كتب العناصر أو لم يكتبها إن أسعفته ذاكرة قوّية، أو كانت الخطبة قصيرة لا عناصر لها، ألقى الخطبة مكتفياً بذلك التحضير الذي يعدّ أقل أنواعه كلفة، ولا يكتفي به إلاّ أعظم الخطباء قدرة (7).

والأفضل للخطيب المبتدئ أن يستفيد من أجهزة تسجيل الصوت والصورة؛ ليطّلع بنفسه على أدائه، ويشخّص مواطن الضعف والقوّة فيه.

اجراء التمارين النافعة للصوت (8):

تستخدم التمارين التالية في كل يوم عشرة دقائق لمدة شهر:

أ ـ خذ نفساً عميقاً ثمّ الهث بسرعة ونشاط حتّى تتعب، ثمّ حاول أن تضحك وأن تستنشق الهواء ببطء عدّة مرّات، وحاول عند الزفير أن تكرّر كلمتي (هوت) (هات)، ولا تيأس أذا أجهدتك هذه التمرينات في الأيام الأولى؛ فإنّ ذلك يدلّ على أنّ عضلة الحجاب الحاجز عندك في حاجة إلى تنشيط.

ب ـ لتنشيط عضلات الفكّين حوّل رأسك في حركات دائرية، ثمَّ تثاءب وأَدر فكَّيك ببطء من جانب إلى جانب، ثمَّ اقرأ في همس وبسرعة حتّى تتعب الأوتار.

إنّ بعض العيوب ترجع إلى ضعف نبرات الصوت، وإلى سوء نطق الحروف التي تتكوّن بتحريك اللسان والشفتين، والأسنان وسقف الحلق والفكين في أوضاع مختلفة، وهذه التمرينات مفيدة لتلافي هذه العيوب.

ج ـ إذا كنت (أخنب)، كلامك يبدو من أنفك، فإنّ ذلك يرجع إلى أنّك تسدّ أنفك أثناء الحديث، فتحرم نفسك بذلك من تكبّر وترشّح مهم للصوت.

حاول أن (تدندن) لبضع دقائق، وأن تعود إخراج الصوت من الأنف بالإكثار من ترديد كلمات تنتهي بالحرفين (م، ن) أو المقطع (إنچ).

د ـ إذا كان الصوت ضعيفاً فعلاجه بتقوية الرئتين بالصياح كما فعل (ديموستين)؛ فقد كان ضعيف الصوت، فلمّا أراد أن يصبح خطيباً راض نفسه، فصعد على الجبال الوعرة، ووقف قرب ساحل البحر، محاولاً أن يكون صوته أعلى من صخب أمواج البحر. وقد كان له ما أراد بتلك المحاولات.

أمّا الانخفاض بعد الارتفاع فلا يحسن وقعه. (9).

تفاصيل اجزاء الخطبة

اولا: المقدمة

يقول الشيخ البهائي في مقدّمة كتاب الصمديّة في النحو: أحسن كلمة يُبتدأ بها الكلام، وخير خبر يُختم به المرام، حمدك اللّهمّ على جزيل الأنعام، والصلاة والسّلام على سيّد الأنام، محمّد وآله البررة الكرام، سيّما ابن عمّه عليّ (عليه السّلام) الذي نصبه علماً للإسلام، ورفعه لكسر الأصنام، جازم أعناق النواصب اللئام، وواضع علم النحو لحفظ الكلام. (10).

يقول الدكتور الشيخ احمد الوائلي: ـ النص الذي تفتتح به المحاضرة ويكون منطلقاً لموضوعها، كالآيات القرآنية، والأحاديث الشريفة، أو غيرها من النصوص التي يجعلها الخطباء نقطة الإنطلاق في موضوعاتهم، ويشترط فيه (أنْ يكون عنواناً للموضوع ودالاً عليه، ومعبّراً عنه) تجاربي مع المنبر ـ (11). فالمقدمة هي الاستهلال (12)، وتعني التمهيد للموضوع، وتكون قصيرة وذات مساس مباشر مع أصل الموضوع.

بعد اداء الجزء الاول من الركائز الثلاث البسملة والحمد والصلاة على النبيّ واله، يذكر الخطيب صيغ الافتتاح كهذه العبارة: صلّى الله عليك يا مولاي يابن رسول الله، صلّى الله عليك يا مولاي يا أبا عبد الله، ما خاب مَنْ تمسك بحبلكم، وأمن مَنْ لجأ إلى حصنكم، يا ليتنا نهتدي بهداكم، فنفوز فوزاً عظيماً.

بعدها يقرأ الخطيب قصيدة رثائية باللغة الفصحى تلائم المناسبة بصوت شجي.، فيجب ان تكون القصيدة خاصة بالمناسبة، وبنفس الوقت هي مدخل لتهيئة الجمهور، فعندما يبكي الجمهور بتفاعل مع صوت الخطيب الموسيقي يكون استقبال الموعظة والتأثير اسرع. فمن مهام الخطيب التأثير بالمستمع. تعد المقدّمة (بالمعنى الثالث) من الأجزاء الأساسية والمهمة في الخطابة، وعلى الخطيب الاهتمام بها بشكل جيد، وصرف بعض الجهد والوقت لتخرج بأبهى صورة وأجمل ثوب؛ فهي المنفذ الذي يدخل منه الخطيب إلى الموضوع من جهة؛ لأنها الأساس الذي يبتني عليه الموضوع، وتتهيّأ بها أذهان السامعين، ويفهموا بواسطتها محتوى الموضوع، ويستوعبوه بشكل أفضل. (13).

إذ المفروض بالمقدّمة أن يحقق الخطيب (الإثارة النفسية لدى السامع، والإثارة النفسية المعنية هنا هي أن يثير الخطيب فيها وضعاً نفسياً خاصاً يحقق به مبدأ جلب الانتباه، وانقياد السامع إلى جوهر الموضوع، وبالتالي وصول الرسالة بشكل أفضل) (14). ولا ينبغي أن يتوسّع فيها الخطيب كي لا يملَّ الجمهور. وأن تكون واضحة يفهم منها السامع غرض الخطيب، وفي أيِّ اتجاه يسير.

 وبما ان المقدمة تمهيد، وقد خطط الخطيب لها، فقاعدتها هي: مركزة، وتقرأ بعبارات لطيفة، وتُلقى بصوت منخفض. لا تتجاوز الخمس دقائق كحد أقصى.

ثانيا: العرض

العرض العمدة في الخطاب وأساسه وركيزته، وهو طرح الدعاوى والأدلّة، وقناعة الجمهور تعتمد على طرح العرض من قبل الخطيب، فيقيم نجاح الخطبة باسلوب الخطيب، الذي يراعي قواعد واصول العرض في الاقسام.

وفي مادة العرض لابد من مراعاة القواعد التي ذكرها استاتذة فن الخطابة وهي عشرة بعنوان جهة اللفظ في الخطاب، وما جاء في الشفاء حول أهميّة العنوان المذكور:

للفظ سلطان عظيم، وهو أنّه قد يبلغ به ـ إذا أحكمت صنعته ـ ما لا يبلغ بالمعنى؛ لِما يتبعه أو يقارنه من التخيّل، فإذعان النفس تهيّئه لها قوّة اللفظ فيقرّب البعيد من التصديق.)15).

واما القواعد العشرة (16) هي:

1. وضوح اللفظ.

2. مراعاة القواعد النحويّة.

3. مراعاة القواعد الصرفيّة.

4. التلفّظ اللغويّ الصحيح.

5. مراعاة التذكير والتأنيث.

6. مراعاة المفرد والمثنّى والجمع.

7. الترفّع عن الألفاظ الدنيئة.

8. مراعاة تعدية الفعل المتعدّي ولزوم اللازم.

9. مراعاة الرباطات.

10. سبك الجمل.

فعندما يدخل في العرض، يبدأ بعرض موضوعة الذي يريد الحديث حوله، ويبيّنه للجمهور بشكل واضح، ثمَّ يأتي بالمعلومات التي تؤيّد ما يهدف إليه.

واذا كان الموضوع اية او حديث طويل، فعليه استخدام طريقة التفسير التجزيئي، الذي كان من ابتكار الدكتور احمد الوائلي، فيقسم الموضوع (المقطع) الى ثلاثة أو أربعة أقسام.

وكل مقطع يتم شرحه بدليل من اراء المفسرين، ثم يذكر الشواهد التاريخية، او قصص قصيرة. وينبغي أن يكون العنوان متطابقاً مع المعنوَن.

ثالثا: الخاتمة

هي نقل المستمع والمتلقّي من حالة التلقّي الفكري إلى حالة التلقّي القلبي العاطفي. باسلوب التخلص (الربط)، وذلك باستخدام الطريقة الفنية اعتمادا على طور موسيقي خاص.

وعلى غرار شعر شعراء اهل البيت (عليهم السلام) يستخدم الشعر المنظوم (بحر الشعر). ولابأس باخذ نماذج من الاطوار.

اولا: التخميس (17).

هذا الطور اغلب المستمعين يتفاعلون معه، لذلك يشتركون مع الخطيب في ترديده.

قاعدة التخميس: المدُّ والترجيع في وسط كلّ شطر في أكثر من كلمة، مع مدٍّ وصعود خفيف في آخره.

ملاحظات القاعدة:

1 ـ ـ أن تكون بداية قراءة كلّ شطرٍ من التخميس سريعة، ثمَّ يكون الوقف على كلمة أو كلمتين من نفس الشطر لمدّها وترجيع الصوت فيها، وهكذا في بقيّة الأشطر الاُخرى.

2 ـ يُقرأ التخميس في ثلاثة مواطن من مجلس العزاء:

 أ ـ في المقدمة (القصيدة).

 ب ـ المصيبة.

 ج ـ الانتهاء (بيت التخلص).

3. وإذا كان بيت التخلّص تخميساً، أو قرأ الخطيب بطور التخميس بيتاً أو أكثر فلا بدّ من النزول عن طور التخميس إلى (طور الدرج) في الشطر الأخير.

4ـ لا يقرأ (طور التخميس) في مقدمة المجلس ابتداءً، بل يلزم التمهيد من طور (الدرج) إلى طور (التخميس)، أو من طور (الدشت) إلى طور (التخميس)، أو من طور (الدرج) ثمَّ طور (المثكل) ثمَّ طور (التخميس).

5. وإذا كان لدى الخطيب بيتان أو ثلاثة من التخميس ويريد أن يفتتح بها المجلس، فيلزم عليه قراءة الأول بطور (الدرج) أو طور (الدشت)، ثمَّ له الخيار بعد ذلك بأيّ طور يقرأ البقيّة؛ لأن الافتتاح لا بدّ أن يكون بالدرج أو الدشت أو ما يقاربهما.

ثانيا: الدرج: هو مأخوذ من التدرّج والارتقاء في قراءة مقدمة القصيدة، حيث يبدأ الخطيب بقراءة القصيدة قراءة عاديّة هادئة بإيقاع واحد، ويسلك فيه طريقة مريحة، ثمَّ يرتقي شيئاً فشيئاً حتّى يتحوّل إلى طور آخر.

ثالثا: المثكل: وهو مأخوذ من الثُّكل، فيقال للمرأة عندما تفقد ولدها: ثاكلة وثاكل وثكلى.

ولعلّ تسمية هذا الطور بـ (المثكل) لأنّه جاء من الحزن والأسى الذي يحدث في نفس السامع لدى سماعه (الطور المثكل).

والمثكل من أرقّ الأطوار الحسينيّة وأعذبها، وهو على قسمين:

أ ـ ذو الونّة الواحدة.

ب‌ ـ ذو الونّتين.

وقاعدة المثكل: المدّ مع الترجيع الخفيف في بداية الشطر الأوّل، والإسراع في قراءة الشطر الثاني، والأنين في آخره.

رابعا: الدشت: وهو كلمة فارسيّة، وتعني: (الهضبة) أو (الصحراء) أو (الأرض الفسيحة المستوية).

والدشتي: الصحراوي، ويطلقون الدشتي أيضاً على اللحن الفارسي الذي يسمّيه العراقيّون (الدشت).

ولعل سبب تسميته عند الفرس بالدشتي لانبثاقه من حناجر الصحراويِّين، أو أنّ الغناء به هو الغالب لديهم.

وهو من الأطوار الحسينيّة الذي يقرأ به قليل من الخطباء، وهو طور شجيُّ ومثير للحزن في النفس.

قاعدة الدشت: رفع الصوت وخفضه مع الترجيع وتضخيم الحروف وإظهارها بنغمة فارسيّة خفيفة؛ لأنّ الدشت فارسي الأصل كما ذكرنا سابقاً.

ويقرأ الدشت في المقدمة والمصيبة، ولا تكون فيه ونّة؛ لعدم ملاءمتها له، وهو يقرأ بأغلب الأوزان الشعريّة.

ويعدّ الدشت من الأطوار الحسينيّة قليلة الاستعمال؛ وذلك يعود لثقله في القراءة، ولأنه يحتاج إلى صوت ذي طبقة عالية وقدرة على الترجيع.

بعض العوامل المؤدية لفشل الخطبة

1. عدم معرفة الخطيب بالمسائل التالية: سمات التفكير العلمي، ومن أين يأتي بفكرة الموضوع ؟ وما هي مقوّمات موضوع البحث، وما هي آليّات البحث العلمي والأدبي ؟ و لا يُعلّم شيئاً عن الاُسلوب الخطابي ولا خصائصه، ولا عن كيفية إعداد الخطبة، كل هذا سبب للفشل.

2. استخدام الاسلوب العلمي الجاف المعقد.

3. لايحسن الخطيب او يجيد فن الاقناع.

4. كثرة الاخطاء اللغوية، ومنها قراءة الآية بلحن، فتلاوة بشكل غير صحيح نحوياً أو لغوياً يضعف مكانة الخطيب في نفوس السامعين.

5. عدم استخدام المثيرات التي تحافظ على انتباه السامع وتوجهه.

6. عدم ترابط الطرح في العرض. وعدم المقدرة على حسن التخلص، من الخطأ لو حصل ووقع فيه.

7. نفور وانصراف الجمهور من اسبابه استخدام الخطيب لصوت نمطي واحد. وليعلم الخطيب أنّه لا شيء كالصوت يعطي الألفاظ قوّة حياةٍ، وإنّه إذا أحسن استخدامه خلق جواً عاطفياً يظُلّ السامعين، وبه يستولي عليهم (18).

8. طول مدة ووقت الخطبة اذا كان اكثر من خمسة واربعون دقيقة يمل السامع مما يؤدي الى نفرة الجمهور، فمراعاة الوقت مع أحوال الحاضرين وتلائمه وتناسبه معهم يجلب انتباههم، ويكسب إقبالهم على الخطيب، ويثبت النفوس على الولاء، ويشجعهم على الحضور والمواصلة.

9. عدم دراسة الخطيب لمجتمع الجمهور، فانه متعدّد الآراء متنوّع الأهواء، وفيهم العامي، والمتعلم او المثقف، والعالم، فاذا لم يعرف بيئتهم وعاداتهم، لايكون مؤثر، فيفشل في خطبته واهدافها. و لكلّ جمهور ذوق خاصّ، وحالة مميّزة تجعله يقبل أسلوباً ويرفض آخر.

بعض العوامل المساعدة على نجاح الخطبة

1. الاطلاع على أصول فنّ الخطابة وحفظ قواعده.

: كثرة المطالعة والتمعّن في كلّ ما يقرأ، وتكرار القراءة والمطالعة يساعد على الحفظ. نقل الجاحظ في البيان والتبيين عن الخليل بن أحمد الفراهيديّ أنّه قال: تكثّر من العلوم لتعرف، وتقلّل منها لتحفظ.). 19).

2. من الامور الايجابية الالتزام بالتوصيات التي ذكرت في كتب فن الخطابة منها ألاّ يكون الخطيب جائعاً فارغ المعدة، ولا شبعاناً متخماً، و أن يكون مرتدياً ما يناسب جوّ الحفل من البرودة والحرارة، وقبل حال التكلّم أن يدخل إلى بيت الخلاء ويقضي حاجته.

3. الاهتمام بالمظهر الخارجيّ للخطيب بحيث يظهر أمامهم بما يدعو إلى تقديره واحترامه والوثوق بقوله.

4. أن يظهر بما يليق به أمام الجمهور؛ كي لا يثير تهكّمهم واشمئزازهم.

5. قال الفارابيّ: ومنها، أي من الأمور التي لا بدّ منها للخطيب، سحنة وجه الإنسان، أو شكله وشكل أعضائه ومنظره، أو فعله عندما يتكلّم، مثل أن ينذر بورود أمر مخوف قد قرب، فيرى وجهه وجه خائف أو هارب. (20).

6. يجب على الخطيب أن يكون ممثّلاً في مظهره الخارجيّ وحركات حاجبيه، ويبدو حزيناً في موضع الحزن، وغليظاً فظّاً في موضع الشدّة.

7. لا بدّ من توزيع النظرات على المستمعين كلّ بحسبه. فالذي يكون مشدوداً للكلام متوجّهاً لما يُقال، ينظر إليه وكأنّه المستمع الوحيد فيزداد أُنساً واستماعاً وإقبالاً، والذي يكون في سهو وغفلة عمّا يقوله الخطيب يتوجّه الخطيب إليه وكأنّه يسأل عن أمر عرض له في أثناء الكلام، ثمّ ينصت قليلاً ليتوهّم المستمع أنّه يسأله عن الجواب، وأنّه ينتظر منه الإجابة، وبما أنّه غير ملتفت إلى السؤال ولا يعرف بماذا يجيب تدخل الرهبة في قلبه في اطلاع الحاضرين على غفلته، أو جهله بالإجابة فيضطرّ حينذاك للتوجّه وتركيز ذهنه على فهم ما يقوله الخطيب؛ كي لا يقع في ذلك مرّة أُخرى، وحينئذٍ يسهل إقناعه.

8. كثير من الخطباء ليس لهم الجرأة على مواجهة المستمع والنظر في عينيه، كما حصل للجنرال كرافت حيث كان يخشى من ذلك فنصحه أحد علماء الخطابة بالنظر في أنوفهم؛ كي يتوهمّوا أنّه ينظر إلى أعينهم فلا يشعرون بأنّه بعيد عنهم(21)..

9. يجب على الخطيب أن يشعر السامع بأنّ ما يقوله يخرج من قلبه.

وقد قيل قديماً: الكلام الذي يخرج من القلب يدخل إلى القلب، والذي يخرج من اللسان لا يتجاوز شحمة الأذن.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا.

..........................................

الهوامش والمصادر

(1) نهج البلاغة: الخطبة 1.

(2) محمد ابو زهرة الخطابة ـ اُصولها، تأريخها / 12.

(3) الشفاء، قسم الخطابة / 236.

(4) يراجع معهد الاماميين الحسنيين| ضياء الساري |أصـول الخطـابـة الحسيـنيـة كيف تكون خطيباً ناجحاً؟.

(5) العقل والجهل في الكتاب والسنة ـ محمد الري شهري / 81.

(6) الخطيب القزويني |الإيضاح في علوم البلاغة ـ 1 / 393.

(7) الخطابة ـ اُصولها، تاريخها / 16.

(8) أصـول الخطـابـة الحسيـنيـة كيف تكون خطيباً ناجحاً؟ تأليف ضياء الساري 66و67.

(9) محمد أبو زهره / 170.

(10) شرح الصمدية ـ للحسينيّ / 4.

(11) تجاربي مع المنبر ـ الشيخ أحمد الوائلي / 157.

(12) الشيخ محمد باقر المقدسي في كتابه (دور المنبر الحسيني في التوعية)،

(13) البيان وفن الخطابة ـ الشيخ محمد تقي فلسفي / 67.

(14) الاستهلال فن البدايات في النص الأدبي ـ ياسين النصير / 51.

(15) الشفاء، قسم الخطابة / 220.

(16) معهد الامامين الحسنيين | دروس في فن الخطابة اعداد معهد سيد الشهداء للمنبر الحسيني |73ـ79.

(17) التخميس الشعري الحسيني بقلم|يوسف آل إبريه.

(18) الخطابة ـ اُصولها، تأريخها\170.

(19) البيان والتبيين / 141.

(20) الخطابة ـ للفارابيّ / 10.

(21) أصول فنّ الخطابة ـ لعليّ باشا صالح / 29، وكرافت رئيس أميركا عام 1869.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 28/تشرين الثاني/2011 - 2/محرم الحرام/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2011م

[email protected]