الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

قيادة الامة بين تسلط الطغاة وتضحيات المصلحين

رؤى من أفكار الامام الشيرازي

شبكة النبأ: نقرأ في سجل التأريخ، صفحات سوداء، عمّا فعله الطغاة، بالانسانية، وكيف تجاوزا على حرمة الانسان وحقوقه، ونقرأ بالمقابل صفحات بيضالء مشرقة عن المواقف الكبيرة والخالدة للأباة الذين تصدّوا ببسالة للطغاة، وقدموا في كثير من الحالات تضحيات لاتقدّر بثمن، بل قدموا ارواحهم قربانا على مذبح الحرية من اجل مقارعة الطغاة وأساليبهم واسقاطهم من عروشهم، حتى لو لم يحدث هذا بصورة فورية ومباشرة، لكنه يتخلّد في صفحات التأريخ، كما هو الحال مع أبي الأباة وسيد وقائد الاحرار الامام الحسين (ع) حين وقف بوجه الطغاية يزيد ووضع حدا لتجاوزاته وانحرافه بمسيرة الاسلام.

حتى أن واقعة الطف ومجرياتها التي تعبر عن وقفة الاباة بوجه الطغاة، وضعت حدا فاصلا بين الظلم والكفاح، وبين حرمة الانسان وانتهاكها من لدن الطغاة، حتى أنها أصبحت منارا يُستنار به كمعيار يقف عنده الانسان طويلا لمعرفة النهج الخاطئ من النهج الصائب في ادارة شؤون الناس وتنظيم حياتهم بما يحفظ لهم حقوقهم ويجنبّ الطغاة من التجاوز على حرماتهم وانسانيتهم.

ومن صفات الطغاة أنهم في الغالب يعتمدون الخداع والتزوير والتضليل لتحقيق اهدافهم وتمرير افكارهم، وكما يقول الامام الراحل آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي في كتابه الثمين الموسوم بـ (من اسباب ضعف المسلمين) ان:

(من صفات الطغاة الخديعة والمكر، كما يشاهد ذلك في حكومة بني أمية حيث ابتدأت دولتهم في بادئ أمرها بالخديعة والمكر وشراء الضمائر بالدنانير والدراهم ثم أحكمت سيطرتها بالقوة والسيف).

فحين يبدأ الطاغية ضعيفا، محتاجا الى عون الآخرين، يكون ناعما في التعامل مع الجميع، ثم ما يلبث (حين يقوى) أن ينقلب على الجميع فيتنمّر عليهم ويصبح وحشا لايعرف سوى منافعه ومصالحه وتحقيق ما تدفعه اليه غرائزه، بغض النظر عما تلحقه من اضرار للناس وتجاوز على حقوهم وهتكا لحرماتهم، واستحواذا على اموالهم وثرواتهم سواء من المال العام او الخاص، إذ يقول الامام الشيرازي في كتابه نفسه: (ومن صفات الطغاة التلاعب بأموال الناس وثرواتهم، ونشر المجون والفساد بينهم. وقد استأثر بنو أمية ـ بشهادة التاريخ ـ خلال سنوات حكمهم بأموال الناس المجتمعة في بيت المال، وبالمناصب الرئيسية والمهمة في البلاد).

والطغاة كما هو متفق عليه لا تحد اطماعهم حدود، ولا تقف الضوابط الشرعية او الوضعية في طريقهم، فهم مستعدون دائما لفعل أي شيء وارتكاب اعتى الجرائم من اجل الوصول الى اهدافهم، وهذا ما تثبته وقائع التأريخ المنظور والبعيد معا، بل تثبته بعض الوقائع الراهنة، فقد روي كما جاء في كتاب الامام الشيرازي نفسه:

(أن النبي "ص" لعن من يحدث في المدينة حدثا، وجعلها حرما، بينما نرى في التاريخ أن يزيد بن معاوية، ينتهك حرمة المدينة، ويحدث فيها ما يحدث، حيث انه يرسل مسلم بن عقبة إلى المدينة لنهبها وسبي أهلها وأن يبايعوه على أنهم عبيد قن ليزيد بن معاوية).

وهكذا نلاحظ عدم تراجع الطغاة، حتى أمام تعاليم وتوجيهات، النبي الأكرم (ص) وهي واضحة وضوح الشمس، ولكن بصائر وأبصار الطغاة، تبلغ من العماء ما يجعلها لاترى سوى مصالحها، واهدافها، حتى لو تحقق على حساب مصالح وحقوق الجميع.

ويقابل هذا السلوك السلطوي المتجبر، سلوك آخر يختلف معه تماما، إذ يقول الامام الشيرازي في هذا الصدد بالكتاب نفسه:

(في المقابل نرى أئمة أهل البيت "ع" الذين عيّنهم رسول الله "ص" خلفاء حق من بعده، وأئمة عدل للمسلمين، وفي مقدمتهم الإمام أمير المؤمنين "ع" لم يتخذ إلا الأسلوب الأفضل في الحكم، فلم تر في سياسته ظلما ولا استبداداً، ولا عنفاً ولا إرهاباً، بل كان "ع" يتبع سياسة الحكمة والموعظة الحسنة، نعم أحياناً كان يتبع سياسة العتاب واللوم فقط، وذلك في أشد الحالات كالحرب وما أشبه).

وما يثبت نهج أهل البيت صلوات الله عليهم، الذي يقف الى جانب حرمة الانسان، وحماية حقوقه، واعلاء شأنه، وحفظ كرامته، ما ورد في كتاب الامام الشيرازي عن الامام الحسين (ع)، إذ نقرأ في هذا المجال:

(ومن كلام للإمام الحسين "ع" يوم الطف: ألا وإن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت، وأنوف حمية، ونفوس أبية).

وهكذا فإن قيادة الناس توزعت على منهجين مختلفين ومتناقضين بل ومتصارعين في الغالب، هما سلطة الطغاة، وتضحيات الأباة، فما أحرى بحكومات الدول الاسلامية الراهنة، أن تأخذ من حقائق وحوادث التأريخ عبرا ودروسا، تفرّق من خلالها بين الصواب والخطأ، وبين منهج الطغاة وتضحيات الأباة في مقارعة الظلم والتجاوز على الناس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 20/كانون الأول/2010 - 13/محرم/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م

[email protected]