الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

جمال الألم الحسيني

محمد حسن آل إبراهيم

حين حُملت زينب (ع) سبيّة واعتلت ظهر ناقة نحيلة قيض لها أن ترى للمرة الأولى بعينيها المحمرتين خوارط دم أحبتها مختلطة بالتراب مرصعة بالرؤوس والأيدي وموشاة بملابس قتلاها الممزقة من الطعن والضرب، كان كل شيء دون الثرى عدى النبال النابتة في الأجساد والرماح المنغرسة في عرصة كربلاء حتى السيوف التي سلمت من الثلم اتخذت من التراب مضجعاً لها، كان كل شيء هامدا..

ساعة إذ سمعت أصوات العدى تصفر وتصفق وإذا بها ترى الحسين (ع) في عين الشمس المنكسفة مرفوعاً على القنا..

فما كان منها وهي ترى حرارة منحر الإباء إلا أن ضربت برأسها بقائم محملها فجرت دماءٌ زينبية أحست بحرارتها تلك الناقة..

وحينما دخلت على ابن زياد زينب بنت علي (ع) سألها:

كيف وجدت صنع الله في أخيك؟

فأجابته وفي فمها ابتسامة رضاً لم تكد لفرط جهدها أن تشرق في وجهها الممتلئ بالأحزان والمتغبر بالتراب والدم: ما رأيت إلا جميلا

كانت هذه الكلمات الزينبية ترن في وجدانها متبتلة بعذوبة معانيها الصافية النقية والصادقة..

هذه الكلمات عكست الألق المتلألئ في وجدان زينب (ع) حيث ذاقت وهي جزء من صانعي هذا الحدث العظيم حلاوة الاقتراب من الألم الحسيني والذي ينساب في القلب بمقدار ما تتدفق الآلام..

نعم.. ما رأيت إلا جميلا.. هذه بصيرة زينب التي فككت شفرات الألم وحللت المشهد التراجيدي بلغة حسينية.

ولم يكن القاسم بن الحسن (ع) بغافل عن هذه اللذة حين سأله عمه الحسين (ع) بني قاسم كيف ترى الموت؟ فقال : فيك أحلى من العسل..

لقد كانت كلمات القاسم تتشرب الإخلاص في كل حروفها وتنضح طلاوة، ولم تكن في حينها تجوز إلى معنى آخر بل كانت مطابقةً لمراد القاسم (ع)

منسجمةً مع مرهف مشاعره الحسينية وموقفه الرسالي..

جمال الألم الحسيني هذا هو ما أجن عابس بن شبيب فجعله ينسل من معسكره ويتجرد من قميصه لينحدر في عناق الشهادة..

ولم تكن كلمات الأنصار (لو قتلنا ثم أحرقنا... يفعل بنا ذلك سبعين مرة..)

هذه الكلمات التي تردد صداها في مسمع الدهر لم تكن أبداً للحماسة!

من يحمس من؟!

إنها كانت للتعبير عن عمق المعرفة والبصيرة التي لا ترى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما.

وهكذا يتذوق الموالون هذه الحلاوة في هذه الأيام عبر جدهم وسعيهم وسهرهم في الخدمة والعمل والعزاء الحسيني وتتركز بؤرة هذا الإحساس في اللطم على الصدر حزناً واستطعاماً للألم الذي ذاقه الحسين (ع) وأصحابه، و"لعل" جمال الألم الحسيني في ذروته القصوى من نصيب الذين يتذوقون جراح السيف ويتزملون بدمائهم مختلطة بالدموع يهتفون باسم الحسين.. الحسين الحب والجرح والجمال، ويتمثلون وقفات زينب.. القاسم والأنصار.

ولأن للألم الحسيني حلاوة ولمشهد الشهادة طلاوة فإن الله سبحانه وتعالى جعل ثواب من بات عند قبر الإمام الحسين (ع) ليلة عاشوراء وزاره زيارة عارف بحقه، جعل من ضمن ما يثاب به أن يحشره الله يوم القيامة بدمه وكأنه استشهد مع الإمام الحسين (ع) فعن جعفر بن محمّد (عليهما السلام) أنه قال:

 (مَن باتٌ عند قبر الحسين (ع) ليلة عاشوراء لقى الله ملطّخاً بدمه يوم القيامة كأنّما قُتل معه في عَرْصَته، وقال: مَن زار قبرَ الحسين (ع) ليوم عاشوراء وبات عنده كان كمن استشهد بين يديه).

 إن هذا الجزاء الأخروي صورة رمزية لقرب الزائر من الله ومن الإمام الحسين (ع) وانعكاس لجمال عمله في الدنيا وهكذا فإن الله سبحانه وتعالى جعل صورة الألم الحسيني مترجماً لجمال العمل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 19/كانون الأول/2010 - 12/محرم/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م

[email protected]