الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

معجم الرموز الشيعية،. المواكب الحسينية

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: الليلة الخامسة من محرم انطلقت المواكب الحسينية الراجلة في المنطقة التي اقطن فيها في بغداد بعد ان كانت تكتفي بالوقوف امام الحسينية التي تنتمي اليها.

عدت بالذاكرة الى سنوات طفولتي الاولى، والاستعدادات التي كانت تجري في البيت قبل ايام من حلول محرم.

اذكر اول شيء، الدشداشة السوداء التي تخيطها والدتي لي ولأخي، وتترك فيها فتحتان متساويتان في الظهر ليقع عليهما (الزنجيل) مباشرة، ينطلق الموكب من مسافة قريبة من منزلنا، قاطعا محلات عديدة في نسق مرتب ومنظم، نوع من الانضباط العسكري، حاملو الرايات في المقدمة، الرادود في منتصف الموكب، وضاربوا الزنجيل على الطرفين.

كان احد اعمامي ضاربا (للنقارة) آلة من الجلد والخشب تكون دائرية الشكل تشبه الطبل ويضرب على قطعتها الجلدية باعواد رقيقة وفق ايقاع رتيب منتظم.

كنت اشاهد والدي مع مجموعة من اصدقائه جالسا على دكة احد الدكاكين المقفلة حيث يقطع الموكب طريقه مارا بسوق المدينة، ويصطف ابناء المنطقة على الجانبين يشاهدون الموكب ويلطمون صدورهم على ايقاع الشعر الذي يلقيه الرادود بمصاحبة الطبل والنقارة والصنوج،

خارج اوقات هذه المواكب والتي تنطلق بعد صلاتي المغرب والعشاء، كنا نذهب مع امي الى التعازي النسائية وكنا نقوم بأداء ادوار اولاد مسلم بن عقيل.

في بواكير الوعي الاولى، سنوات الطفولة حيث الانتباه يكون شديدا الا انه يخلو من القدرة على التفسير، الى بواكير الوعي الثانية، سنوات المراهقة، حيث الاكتشاف والتساؤل والبحث عن التفسير، اختفت تلك المواكب من حياتنا، بسبب التضييق والمنع الذي رافق صعود البعث الى السلطة، ومحاولة صهر جميع الطقوس والشعائر في عملية التبعيث التي اصطدمت بالممانعة والرفض، وكان سجال اضحى صراعا انتصرت فيه قوة السلطة ولو الى حين.

في الليلة الخامسة من شهر محرم، انطلق موكب تلك الحسينية، محاولا اعادة وصل ما انقطع، طيلة ثلاثة عقود، لا وجه للمقارنة بين زمن الطفولة ومواكبها التي في الذاكرة، انها مواكب تسيرها الخبرات المتراكمة لسنوات اقامتها وهي الان تحاول الاتكاء على الموروث الذي يحمله بعض من كبار السن، ويحاولون نقله الى جيل جديد من الشباب، يحاول التعلم بسرعة دون التركيز على بعض التفاصيل التي كانت، والتي كنت اراها اكثر قوة وحضورا في مواكب الزمن الماضي.

قد يعود ذلك الى حداثة العهد في اقامة المواكب وما يتطلب ذلك من اعداد جيد، ومن تجارب سابقة تضيف وتطور في الاداء.

ويذهب اصحاب الرأي الى ان تلك الطقوس المرتبطة بمقتل الحسين (ع) انها نشأت مع حركة التوابين عند خروجهم الى شوارع الكوفة بعد شيوع خبر مقتل الحسين، وراحو يندبون ويبكون على استشهاده.

وتعقد التعزية عادة في المساجد أو الساحات العامة (ويسبقها طواف في شوارع المدينة يزداد عدد المشتركين فيه يوم بعد يوم، ينشدون أناشيد النواح والحزن والرثاء، و يضربون صدورهم، و يجلد بعضهم ظهره بسلاسل الحديد، ومن بعد يؤممون المسجد للاستماع إلى التعزية، وفي اليوم العاشر يمثلون المعركة) د. انطوان معلوف، المدخل الى المأساة، التراجيديا، والفلسفة المأساوية. وتقسم الطقوس التي تقام في هذه الايام الى:

1- المجالس الدينية: وتقام في قاعات كبيرة خاصة أعدت لهذا الغرض وتدعى الحسينيات(نسبة الى بطل المأساة الحسين) أو في الجوامع أو الساحات العامة، حيث يجلس الجمهور على الأرض للاستماع إلى الراوي الذي يدعى (الروزخون) او (الخطيب). ويكون رجل دين عادة، مهمته سرد أحداث المعركة ومقتل بطلها ومناصريه وعائلته.

ويكون أداء الراوي او القارئ(المحدث)، (وهو عادة رجل دين) مقسما بين الحداء والحديث المباشر حيث يحاول ربط الأحداث والرواية التاريخية بالأحداث المعاصرة.

وتتميز هذه المجالس بكونها دينية وتعليمية في ذات الوقت وهؤلاء الرواة يمتلكون ثقافة دينية واطلاع على المشاكل المعاصرة ولهم اساليبهم الخاصة في توصيل اهدافهم الدينية والتربوية. وكذلك الأساليب الأخرى التي تثير الجمهور المهيأ أساسا للاندماج في الحدث المروي ومشاركة الراوي باللطم على الصدور والبكاء والأنين.  

2 - المواكب والمسيرات: تكون هذه المواكب كثيرة ومتعددة وتسمى بأسماء مناطق ومحلات المدينة، وتنطلق في وقت محدد من الليل وتجول في طرقات المدينة، متجهة صوب المسجد الرئيسي لتلتقي جميعها هناك.

وتصاحب المواكب، الرايات الملونة الكبيرة والهوادج المضاءة بالمشاعل أو المصابيح. وتسير هذه المواكب وسط الجموع الغفيرة من النساء والرجال.

3 - التشابيه: تبدأ التشابيه (وهو تشبيه الشيء بمعنى اعادة تمثيله) بقافلة الحسين وعائلته ومعها الجمهور الذي سيشاهد هذا الطقس وهم يتجهون الى المكان الذي سيقام فيه (التشبيه) للتعبير عن مسيرة الحسين من المدينة الى كربلاء.

عندها يقف الجمهور على جانبي مكان التمثيل على شكل مستطيل او دائرة وفي الوسط يقام الطقس الدرامي بدون الاعتماد على خشبة مسرح كما في التعزية الفارسية. وينقسم الممثلون(او المشاركون) الى مجموعتين، جيش الحسين قرب خيامهم التي تميزها الرايات الخضراء والسوداء وفي الجانب الاخر جيش الخليفة الاموي براياتهم الحمراء ورايات اخرى مختلفة.

من خلال المشاهدة للمواكب التي تقام كل عام يمكن تقسيمها الى تالي:

* مواكب للطم المصحوب بإنشاد الشعر فقط.

* مواكب لضرب الزنجيل المصحوب بإنشاد الشعر أيضا وغالبا ما تتخللها مشاهد تمثيلية مسرحية تحكي جوانب مهمة من واقعة الطف.

* مواكب للتطبير ويردد فيها المشاركون (حيدر) لشحذ هممهم وزيادة حماسهم،

وللمواكب ترتيب خاص في طريقة عرض هذه الشعائر، فمواكب اللطم تقسم نفسها على مجموعات تسمى الواحدة (جوكة) تتفق على ترتيب قراءة الشعر واللطم فيها فلا تبدأ الثانية إلا بعد ان تنتهي (الجوكة) الأولى.

أما في مواكب الزنجيل فان حملة الأعلام الكبيرة وقارعي الطبول والصنج يتقدمون الموكب ثم يتلوهم (الملا) الذي ينشد الأشعار الحزينة ويتشكل المشاركون في الموكب على شكل حلقة كبيرة تحيط بالقارئ.

وتستعمل أدوات كثيرة في المواكب والشعائر الحسينية منها:

1- العلم زنكي: ويعني بالفارسية (العلم الثقيل) وغالبا ما يصنع في إيران ويتقدم المواكب حامل العلم الذي غالبا ما تعلق عليه السيوف والدروع والريش، وغير ذلك، وهو يرمز إلى قيادة الجيش في قديم الزمان، ويتبارى المشاركون في إظهاره بشكل مهيب ليدل على فخامة موكبهم.

2- القامة: وهي سيف صغير يستعمل في التطبير. وتصنع من الحديد الصلب، ومن أشهر أنواعها القفقازية.

3- الزنجيل: وهو مجموعة من السلاسل تربط بشكل موحد، يستعمل للضرب على الظهر به.

4- الطبول: وتستعمل للقرع المعلن عن الحرب.

5- الصنج: وهما لوحان نحاسيان يظهر ارتطامهما صوتا يوحي بأجواء الحرب، ويرافق استعمال الطبول.

6- البوق: ويكون مرافقاً للطبل والصنج.

7- الرايات: وتصنع من ألوان عدة، أشهرها اللون الأسود والأخضر، والأحمر. ويكتب عليها شعارات حسينية تمجد واقعة الطف.

وقد ارتبطت بالشعائر الحسينية الكثير من العادات والتقاليد الموروثة التي يحافظ عليها المشاركون في هذه الشعائر، منها: تقسيم أيام الشهر (محرم الحرام) العشرة الأولى على قصة المقتل، فيكون السابع للعباس (ع)، والثامن للقاسم (ع) والتاسع لعلي الأكبر نجل الإمام الحسين (ع)، أما العاشر فهو للإمام الحسين (ع). ومنها كذلك طبخ الأكلات المشهورة وتوزيعها على الناس كالتمن والقيمة، والشوربة، والهريسة التي توزع صباحاً عادة، ومن عاداتهم لبس الثياب السود – للرجال والنساء – شهري محرم وصفر، وعدم اظهار الزينة والفرح.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 14/كانون الأول/2010 - 7/محرم/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م

[email protected]