الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1430هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

إعلام عاشوراء... بين النصح والتضليل

عدنان الصالحي

(ما قتل الحسين إلا بإعلام آل أمية وما خُلد إلا بإعلام الحوراء زينب)

 

شبكة النبأ: هذه المقولة التي أطلقها احد الأدباء تنم عن حقيقة مهمة والتفاته كبيرة بان للإعلام دور مهم وأساسي في بناء الشخصية أو قتلها بل بإثبات الحقائق أو تشويهها او نفيها .

ونحن على أعتاب ذكرى عاشوراء واستذكار حركة الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) النهضوية التي لم تكن كسائر الحركات الثورية على مدى الأزمنة والعصور فهي تكاد تنحصر فيه وفي أهل بيته سلام الله عليهم أجمعين نوعا وكما وتجسيدا، حيث لم يكتب أو يتحدث التاريخ عن معركة خِيضت بطريقة التضحية بالنفس والأهل (حتى الرضع منهم) والأقربون، من اجل رفعة كلمة الحق وتثبيت كلمة السماء، لابد لنا من الاستلهام من ينبوعها الصافي وفكرها المعين.

وكإحدى المنجزات التي قدمتها لنا ملحمة عاشوراء، هو الإعلام المنصف والشجاع في مقارعة الطغيان والاستبداد، فمسيرة الإعلام لدى سيد الشهداء بدأت منذ إعلانه البيان الأول الذي أطلقه في مدينة جده رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) والذي تمثل برسالته عليه السلام الى أخيه محمد بن الحنفية (رض) وهو ذات الإعلان والإعلام الذي جذب من خلاله تلك النخبة الطيبة التي ليس لها مثيل على وجه الأرض من آل عبد المطلب ومن تشرف برفقتهم من الأصحاب الأخيار حيث يقول في مضمون رسالته (إني لم اخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي محمد، ألا ترون ان المعروف لا يأمر به وان المنكر لا يتناهى عنه...).

وهكذا بقي إعلام الإمام الحسين مرافقا له في جميع المحطات فهو لم يبقى أحدا سمع صوته إلا وألقى عليه الحجة بنصرة الدين والثورة على الفاسقين والوقوف بوجه المحرفين لإحكام السماء وقيم الإنسانية، وفي يوم عاشوراء حيث اشتد الوطيس واحتدمت الجيوش لقتاله نجد الإمام عليه السلام لم يدخر جهدا في الإبلاغ والنصيحة والإرشاد والتوجيه حتى في أصعب اللحظات وأشدها مرارة وكان ينصح ويحذر ويجسد الدروس العملية في جميع ما يتحدث عنه من الإيثار والإيمان والثقة بذات الله (عز وجل) وكان يعلم بان ما يؤسس له من إعلام منصف سيجد من يكمل مسيرته ويصل به الى الأجيال القادمة.

لقد بذل الإمام (ع) جهدا كبيرا ووضع منهاجا إعلاميا متكاملا لتبليغ أهداف نهضته ولإنجاح حركته فالخطاب السياسي والإعلامي الذي كان يتبعه الإمام الحسين (ع) يهدف لإعداد الأمة حتى تكون على استعداد للنهوض من الواقع المخزي والرفض لبيعة يزيد ومن شابهه على مر العصور، و كان شعاره في ذلك (ومثلي لا يبايع مثله) أي إن القضية غير محصورة بشخصه وشخص يزيد بل إن كل من سار على نهج الحسين لم ولن يبايع أمثال يزيد على مر العصور.

وبعد انتهاء المعركة ليوم العاشر من محرم واستشهاد أبي الضيم الإمام الحسين (عليه السلام) كان لابد من تسجيل تألق للنائب في حمل الرسالة الإعلامية عموما (ولدور المرأة خصوصا) في الإعلام ولملحمة عاشوراء; فقد ظهر للسيدة زينب بنت الإمام علي(عليهما السلام), دورا مؤثرا كامرأة مثقفة حاملة لرسالة أهل بيت النبوة ومكملة لثورة أخيها الحسين بن علي, هذا الدور لم تحققه قبلها, إلا أمها الزهراء البتول(عليها السلام) بنت خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله (صلى الله عليه واله وسلم).

وقد اضطلعت زينب (ع) بمسألة التوجيه والإرشاد وتوضيح مقاصد ومهام الثورة الحسينية ما احدث زلزالا ثوريا مشابها للزلزال الذي أحدثته واقعة الطف في جزئها الحسيني في ظهيرة عاشوراء فتكاملت الرسالة الإعلامية المتوخاة من الثورة الحسينية وكما قالت هي عليها السلام للطاغية يزيد (والله لن تمحو ذكرنا) وهو ما حصل فعلا بفعل التأثير الإعلامي العملاق والمنظم للثورة الحسينية الخالدة.

في قبال ذلك كانت الماكنة الإعلامية للأمويين عبارة عن فوضى إعلامية مبتناة على تشويه الحقائق وتمجيد وتزلف عمياء لأمير الفاسقين (يزيد بن معاوية) دون إن يعطوا الحجة للسائلين عن كيفية تولي مثل هذا الفاسق لأمور المسلمين ومن الذي نصبه ومن الذي سلمه رقاب الناس، وصدق القائل (وإذا ابتليت الأمة بمثل يزيد فعلى الدين السلام)، هذا الإعلام المبتذل لديهم لم يدم لهم طويلا رغم ما أنفقوا من أموال لشراء الذمم والأقلام.

لقد تمثل في نهضة عاشوراء أعلامين متعاكسين في المضمون والمنهج والرسالة والأهداف، تمثل الأول في ترجمة رسالة السماء وتبيان الحق والدعوة الى تحرير الناس من الظلم والاستبداد والخير لكل الإنسانية والذي حمله بن بنت رسول الله وأهل بيته وتمثل الأخر في التضليل والتشويه والتزييف والتملق ومثله إعلام الطاغية يزيد وجلاوزته.

ورغم مرور السنون والأيام إلا إن الخطان مازالا يعملان كلا على شاكلته وأهدافه وبتطور واضح وتنوع في الرؤى والأساليب إلا إن المضمون يبقى واحدا والنتائج متشابه، وهنا يشير السيد المرجع آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي الحسيني(دام ظله) الى دور أهل العلم في تبصرة الناس وبيان الحقيقة بقوله (... إذن فيجب أن يكون تناسب بين المسؤولية والمقام بالنسبة لأهل العلم، فمسؤولية العلماء وأهل العلم هي إلقاء الحجّة على الناس، سواء صلح الناس أو لم يصلحوا، وذلك مصداقاً للآية الكريمة التالية: «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ»(3). ومن أبرز مصاديق إلقاء الحجّة على الناس وعلى رأس ذلك: تبيين الحقّ، وعدم كتمان الحقّ...).

إننا اليوم مدعوون وبمناسبة هذه الذكرى الأليمة وفي هذا الانفتاح الإعلامي الكبير وسعة الاتصال على السير في طريق الاعلام المنصف ومنتهج الحقيقة طريقا للدفاع عن المظلومين أينما كانوا وبأي ارض حلوا ومهما كان انتمائهم ورفع كلمة الحق شعارا وهدفا نطلبه، وان يكون رفض الظلم والطغاة والاستكبار والانحراف والانحلال من بديهيات ذلك التيار الإعلامي وعندها سنكون أنصار في (ملحمة) الإعلام الحسيني بكل ثقة.

* باحث في مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 9/كانون الأول/2010 - 2/محرم/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م

[email protected]