الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

الامام الحسين (ع) مشروع حضاري للتغير

هلال آل فخرالدين

في رحاب التظاهرات المليونية مشروع حضاري للتغير.. هل يمكن صياغة مشروع تحرري انساني شامل لنهضة سيد الشهداء الامام الحسين (ع)...وتحويل حمم الطاقات الهادرة وصرخات الضمير المدوية ليوم عالمي للثورة على الظلم والظالمين.. وجعلها ترنيمة مقدسة تنبض بها القلوب وتحيا فيها النفوس قبل ترديدها على الشفاه وهتاف الحناجر بها؟!!

منذ فترة وانا في حيرة وذهول لضخامة استعدادات البذل والانفاق وهول ما يشاهده المرء في بلد منكوب كالعراق من الافواج المتلاطمة والحشود المليونية الغفيرة باضعاف قوافل الحجيج الى بيت الله الحرام والزاحفة من كل فج عميق تعج بهم الفجاج ولاتسعهم الارض بمارحبت باصطفاف مكونات الشعب كافة في لوحة فسيفساء رائعة فريدة سيرا على الاقدام قصدا لزيارة سبط الرسول وسيد شباب اهل الجنة وخامس اصحاب الكساء سيد الشهداء الامام الحسين بن علي رغم قساوة الاجواء وعدم استقرارالاوضاع وشدة الازمات وندرة الخدمات وقلت ذات يد الجماهير والملفت للانتباه عدم فزعهم من خفافيش الظلام..لكن ليصل الجود بهم لبذل الارواح مرخصين للمهج غير مبالين بشىء سوى تلبية نداء (هل من ناصر ينصرنا) في اعلان البيعة لابي الاحرار بمواصلة نهج مقارعة الطغاة ومقاومة الاستبداد ومناهضة المفسدين وكل المتبرقعين بلبوس الدين حتى الشهادة...

ان استمرار وبقاء واتساع هذه الزحوف الهادرة التي تغطي وجه البسيطة ليست امرا سهلا او هينا كما قد يتصور البعض وان هذا لايعبر الا عن سر الهي مكنون (في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه) فكم جهد الجبابرة وفراعنة مدرسة السقيفة سابقا ولاحقا لاطفاء هذه الجذوة الالهية واخماد هذه الشعلة المحمدية والنهضة الحسينية بمختلف الاساليب الشيطانية ومارسوا كل انواع الارهاب والرعب فخابوا وذهبت جهودهم ادراج الرياح واندحروا وذهبوا الى مزابل التاريخ وبقيت صرخة ابي الضيم الامام الحسين مجلجلة تدوي في الافاق لانها صرخة الله وصرخة الرسالات وصرخة الاسلام وصرخة الضمير الانساني في وجه العتاة الظالمين والتصدي للمفسدين لتثبيت شرع السماء و لتحقيق الاصلاح والعدالة تحرير الانسان من عبوديات البشر ونشر قيم المحبة والسلام والتسامح...

فالتاريخ يخبرنا بان طغاة بني العباس عامة وبالخصوص شقيهم (المتوكل) جند كل موارد الدولة وجيوشها وزبانيتها في التصدي لمنع هذه الشعيرة وقطع دابرها حتى انهم عمدوا الى اخفاء قبر الحسين وحرثه فما ازداد الا رفعة وسموا ومعرفة..حتى عمدوا الى احداث قضية قتل (عبد الله بن الزبير) في مقابل قضية سيد الشهداء ودعموها رسميا وسلطويا في المساجد والجوامع وحثوا الناس على ندب ابن الزبير والتفجع عليه وتابعه في ذلك اجهزتهم الدينية (مرتزقة المعممين) في قص قصص مأساة مقتل ابن الزبير من على المنابر وفي خطب الجمعة وامروا الشعراء بندبه وقول الشعر فيه فاجزلوا لهم العطايا و... والتاكيد عليها في الاجهزة الرسمية وتعميمها على كافة الامصار بوجوب احياء قضية ابن زبير واماتة نهضة الحسين وذكر الحسين...انظر تاريخ الطبري والكامل لابن الاثير

لكن لم تكن لله في تلك لمسة فذهبت كل تلك الافاعيل ادراج الرياح فاما الزبد فيذهب جفاء وبقى ذكر سيد الشهداء سامقا لايدانا ويتسع ويمتد لا يجارى (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكفرون) الصف:8

ولاحقا سار على ذلك المنهج الاجرامي الاهوج الوغد صدام وزبانيته بمافعلوه من الافاعيل المنكرة المسودة للتاريخ في سنين عجاف طالت الابرياء وحتى الاطفال والنساء المحيين للسنة ولشعائر الله في اقامة مأتم الحسين مما يعجز الانسان من وصفها وان تعدوا جرائم صدام لاتحصى ولايمكن تصورها لهول فجائعها لاجل ايقاف زحوف الولاء والفداء للحسين لان الحسين اصبح كابوس يقض مضاجع كل الفراعنة وسلاطين الجور المتاجرين بالدين لمنافع دنيوية ومناصب سياسية واعوانهم شياطين المعممين (الدين لعق على اسنتهم يديرونه مادرت معائشهم).

لكن بطولات وتضحيات الشعب العراقي افشل كل مؤامرات ومكائد اعداء الله والبشرية ولم تثنهم المجازر البشعة من مواصلة المسيرة وحمل راية الاباء (هيهات منا الذلة) والحفاظ على الهوية وعلى مر العصور مما يثير الاعجاب ويبعث على الفخر والاعتزاز وبقاء هذه الشعائر ندية متبرعمة تعطي اكلها كل حين، ونؤكد:

1-ان صرخة (الا هل من ناصر ينصرنا ) هو في الواقع صرخة رسالية كما يؤكدها الصحابي الشهيد (انس الكاهلي) -الذي استشهد مع الامام الحسين في طفوف كربلاء وكان اكبر اصحاب الحسين سنا وقد جاوز المائة عام وقد ابكى سيد الشهداء لما صمم لمبارزة جحافل العدوان والبغي والذب عن ال الرسول الذي جعل الاجر في مودتهم –يذكر انس: ان النبي (ص) استصرخ ثلة من اصحابه بنصرة الحسين وكنت احدهم فلبيت السنة النبوية..اخرجه ابن الاثير الجزري في اسد الغابة في معرفة الصحابة

2- انها صرخة انسانية لاتخص امة دون امة ولا جماعة دون اخرى ولا فئة دون اخرى انها نداء لكل الناس ولكل الامم انها استنهاض لكل الشعوب ولكل الاقوام ولكافة البشر لافرق بين اسودهم وابيضهم عربيهم واعجمهم.

3- انها صرخة حضارية مدوية لايحدها زمان ولا مكان في رفض الظلم والظالمين ومقارعة الطغاة ومجالدة المحتلين ومنازلة المستعمرين انها صرخة العدالة وكل المباديء الانسانية السامية في الاصلاح وقيادة الصالحين و محاربة الفساد والمسدين وزبانيتهم وفي تلك النهضة المجلجلة يقول المفكر الاسلامي العقاد: وقف الامام الحسن ساعة وباقية الى قيام يوم الساعة.

4- انها صرخة الضمير الواعي في حركيته المتفاعلة مع مفاهيم التحرر والانعتاق من التبعية متمثلة بالصراع بين قوى الخير والشر والحق والباطل والفضيلة والرذيلة وكل معاني السموا ومشاعل النور وبين كل معاني الانحطاط وقوى الظلام والتحجر والتطرف.

وفي هذا الصدد يؤكد الفيلسوف الالماني غوته: ان مأساة الحسين هي مأساة للضمير الانساني كله وان الحسين جسد الضمير الانساني بدفاعه عن القيم والمثل الانسانية الرفيعة.

ويؤصل الكاتب المسيحي في كتابه القيم(الحسين في الفكر المسيحي ) بان الحسين مذكور في الكتاب (المقدس) وكذلك نهضته العملاقة ويستشهد بثلة من الاصحاحات بشهادته (ع)ومصارع اهل بيته واصحابة في كربلاء ويؤكد لوان المسيح (ع)كان حاضرا لنصره لانها نصرة لملكوت الله ونصرة لمسارالانبياء ونصرة للحق...

خارطة الطريق لكل الاحرار

 ان الحسين كلمة الله العليا وثروة الهية لاينضب معينها في الصبروالصمود والتضحية من اجل كل القيم الخيرة وفي سبيل الانسانية جمعاء حتى اصبح خارطة الطريق لكل الاحرار والثوار في المعمورة للارتواء من رحيق ملحمته الخالدة في مواصلة الدرب وان طال السرى وقل الناصر واجدب الضمير وتكالب الشر والعدوان.

فعلى كل القوى العالمية المحبة للسلام ومنظمات اشاعة العدالة وحقوق الانسان ومؤسسات احياء القيم النبيلة و(هيئة الامم المتحدة) ان تتظافر جهودها وتجعل من هذه القضية العطرة ومن (الحسين) شعارا خالدا ويوما (عالميا ) لنصرة المظلومين والمحرومين ومكافحة الجبابرة والظالمين في كافة ارجاء الارض باستعار تكالبهم على استعباد الشعوب وامتصاص خيراتهم واخص بالذكر هنا العالم الاسلامي بالذات الى احياء هذه الذكرى الرسالية لاجل تحقيق مطالب شعوبها المغلوبة على امرها من قبل الانظمة الاستبدادية المتسلطة وكذلك الشعوب المحرومة المسلوبة حريتها الفاقدة لارادتها ان تقيم هذه الذكرى باحياء معانيها واستلهام مباديء مدرسة الحسين الانسانية التضحوية الخالدة التي يشيد بها كل صاحب ضمير حي وتهز كل مفكر ويبجلها كل مثقف واعي وكاتب منصف ليس فقط من المسلمين بل و مثقفي الغرب ويسير على نهجها حتى المشركين والملحدين لسموا معانيها الانسانية وقيمها الحضارية وروحها الثورية في مقاومة الشر وشياطينه.

 قال المستشرق الألماني ماربين:قدم الحسين للعالم درسا في التضحية والفداء من خلال التضحية بأعز الناس لديه ومن خلال إثبات مظلوميته وأحقيته، وأدخل الإسلام والمسلمين إلى سجل التاريخ ورفع صيتهما. لقد اثبت هذا الجندي الباسل في العالم الإسلامي لجميع البشر ان الظلم والجور لادوام له. وان صرح الظلم مهما بدار راسخاً وهائلاً في الظاهر الا انه لايعدو ان يكون امام الحق والحقيقة الا كريشة في مهب الريح.

قال المفكر المسيحي انطوان بار:لو كان الحسين منا لنشرنا له في كل أرض راية، ولأقمنا له في كل أرض منبر، ولدعونا الناس إلى المسيحية بإسم الحسين ولو كان الحسين عندنا لفتحنا العالم باسمه.

 قال المطران برتلماوس:من أجدر من الحسين لأن يكون تجسيدا للفداء في الاسلام؟

قال بولس سلامة:ان ملحمة كربلاء هي ملحمتي الذاتية كفرد انساني.لا يقاس الحسين (ع) بالثوار، بل بالأنبياء. ولا تقاس كربلاء بالمدن، بل بالسماوات. ولا تقاس عاشوراء بحوادث الدهر، بل بمنعطفات الكون.مع الحسين (ع) كل هزيمة انتصار. وبدون الحسين (ع) كل انتصار هزيمة.قبل عاشوراء، كانت كربلاء اسماً لمدينة صغيرة، أما بعد عاشوراء فقد أصبحت عنواناً لحضارة شاملة..

قال الفيلسوف برناد شوا:كل الثورات اكلت رجالها الا ثورة الحسين خلدت رجالها.

الباحث الإنكليزي جون أشر:إن مأساة الحسين بن علي تنطوي على أسمى معاني الاستشهاد في سبيل العدل الاجتماعي..الكتاب الإنكليزي توماس لايل:لم يكن هناك أي نوع من الوحشية أو الهمجية، ولم ينعدم الضبط بين الناس.. فشعرت في تلك اللحظة وخلال مواكب العزاء وما زلت أشعر بأني توصلت في تلك اللحظة إلى جميع ما هو حسن وممتلئ بالحيوية في الإسلام، وأيقنت بأن الورع الكامن في أولئك الناس والحماسة المتدفقة منهم بوسعهما أن يهزا العالم هزا. فيما لو وجّها توجيهاً صالحاً وانتهجا السبل القويمة ولا غرو فلهؤلاء الناس واقعية فطرية في شؤون الدين.

الكاتبة فريا ستارك: ان مأساة الحسين تتغلغل في كل شيء حتى تصل إلى الأسس وهي من القصص القليلة التي لا استطيع قراءتها قط من دون أن ينتابني البكاء.

الفيلسوف توماس كارليل: أسمى درس نتعلمه من مأساة كربلاء هو أن الحسين وأنصاره كان لهم إيمان راسخ بالله،وقد أثبتوا بعملهم ذاك أن التفوق العددي لا أهمية له حين المواجهة بين الحقّ والباطل والذي أثار دهشتي هو انتصار الحسين رغم قلّة الفئة التي كانت معه.

المستشرق ادوارد براون،:وهل ثمة قلب لا يغشاه الحزن والألم حين يسمع حديثاً عن كربلاء؟ وحتّى غير المسلمين لا يسعهم إنكار طهارة الروح التي وقعت هذه المعركة في ظلّها.

قال الهندوسي والرئيس السابق للمؤتمر الوطني الهندي تاملاس توندون:هذه التضحيات الكبرى من قبيل شهادة الإمام الحسين رفعت مستوى الفكر البشري، وخليق بهذه الذكرى أن تبقى إلى الأبد، وتذكر على الدوام.

قال الزعيم الهندي غاندي: بعد دراسة عميقة لسائر الأديان عرف الإسلام بشخصية الإمام الحسين وخاطب لهندي بالقول المأثور: على الهند إذا أرادت أن تنتصر فعليها أن تقتدي بالإمام الحسين...: وتعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فانتصر..

واخيرا اذكر فكر صاحب المسيرة الطويلة وقائد الثورة الصينية وفيلسوف المقاومة والتحرير الشيوعي (ماو سيتونغ ) الذي استطاع ان ينتصر باربعين الف جائع على جيوش قوامها اربعة ملايين عسكري فحينما زاره وفد من منظمة التحرير الفلسطينية برأسة ياسر عرفات بعد نكسة حزيران عام 1967 للحصول على الدعم وللتعرف على اساليب النظال وسبل الكفاح الثوري في التجربة الصينية....

قال الزعيم ماوسيتونغ لعرفات: عد الى وطنك فعندكم ايها العرب الثورة الحسينية فتعلم منها كما تعلمنا منها..!!!!!

 وفي الختام اوشح مقالي بقول الامام السيستاني: لقد قدر الله تعالى ان تكون كربلاء محلا للبلاء ورمزا للفداء ومدرسة قائمة على مر القرون والاجيال يستمد منها ابناء الاسلام اروع دروس الصبر واصدق ايات الايمان وأعظم مثل التضحية في سبيل المبدأ دون أدنى حرص على الحياة حيث توزعت على ثراها الطاهر اشلاء المئات من محبي أئمة أهل البيت(ع) المتمسكين بخطهم السائرين على نهجهم في تحدى الطغاة والانكار على الظالمين والمنحرفين

..الى ماهنالك من اقوال اخرى كثيرة لقادة وثوار ومفكرين وفلاسفة وساسة وعلماء وخطباء وادباء والشعراء سطروها بالاعجاب والاجلال والعظمة لاعظم شخصية انسانية تذوب في ملكوت السماء وتذب عن القيم وتدافع عن المظلومين ولم تستسلم ولم تخنع وجعل من حتوفه درء للعقيدة من الانحراف ومن جسده وقاء للمباديء من النكوص وجسد استشهاده رمزا ومأساة تراجيدية خالدة تنير الدرب لكل اللثوار والاحرار على مر العصور.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 18/شباط/2009 - 22/صفر/1430

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م

[email protected]