الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 مجالس عاشوراء

 صور عاشوراء

 مواقع عاشوراء

اتصل بنا

 

 

الإمامُ السَجّادْ زينَة ُالعُبـّادْ

في ذكرى إستشهاده

محمد قاسم الصالحي

ُقل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (الشورى 23).

لم تكنْ ملحمة الطف محصورة بزمان ومكان معينين, ففي بعدها الزماني كانت تتويجا لرسالات السماء, من جهة ومن جهة أخرى (لما بعد كربلاء) تجسيدا لفصول التمهيد لدولة الحق الإلهي التي وعد الله المؤمنين بها بقيادة الإمام المهدي المنتظر(عج). فإن كربلاء التي تلازمت فيها العَبرة والعِبرة فصول متتابعة يطول مقامها الى يوم الظهور , يوم يُظهر الله دين الحق على ماسواه , وقد أشار الإمام السجاد (ع) في خطبته الى مرحلة التمهيد بقوله (منا سبطا هذه الأمة ومنا مهديُها ) فقد ربط بوضوح تام بين قضية كربلاء وقضية الإمام المهدي. فإن الفصل الآخر لكربلاء بقيادة الإمام السجاد والذي فتح ستاره في حضرة طاغية الشام ممتدا فيما بعد الى المدينة النورة هو من أعطى الديمومة لتتابع فصول ملحمة الخلود الى يومنا هذا وإلى اليوم الموعود.

أي كان سر الإرادة الإلهية في جعل الإمام الشاب مريضا في كربلاء ومقتصرا في جهاده على الجانب الفكري والتربوي التوعوي دون العضلي منه.. سواءً ليكونَ شاهدا على جريمة كل العصور؟ أم ليحفظه من القتل ؟ أو ليمتحن صبره ومن ثم إعداد شخصيته الفاضلة لتصبح أكثر كمالا ومنهلا ليستقي منها المجتمع الإنساني الفضائل والكمالات التي أفرزتها تضحيات الزاحفون الى الجنان في كربلاء؟ أي كان السر في مرضه إلا إنه (الإمام السجاد) كان السر الأكبر في كربلاء فما أن إنجلى تراب المعركة وتوقف صليل السيوف حتى إنبرى الإمام العليل لمنطق القوة ليفندها بقوة المنطق التي لازال صداها وسيبقى مدويا في قلوب الأحرار في كل زمان ومكان.

كان الإمام السجاد (ع) قد ضاهى الأنبياء فيما حباه الله من نعم قد قل نظيرها , فقد ضاهى نبي الله إبراهيم (ع) في الرضا والتسليم لما قدر الله وقضى.. (كما وصفه الإمام الحسين (ع) بذلك ), وقد ضاهى في حزنه وبكائه وكظم غيضه حزن وبكاء يعقوب (يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) في بكاء الإمام على أبيه.. وضاهى نبي الله داود في حسن صوته فقد كان المارة يقفون إعجاباً ويتجمهر السقاؤون بغية الإصغاء لحسن صوته عند تلاوة القرآن.

وقد ضاهى نبي الله أيوب (ع) في الصبر على البلايا والرزايا, وكان الإمتداد الأصدق لرسول الله (ص وآله) ومنبره الهادي والمعين الثر الذي رشّد مسيرة الأمة ونمىّ وعيها وطوّر خطابها بما يؤهلها لخوض المعركة الفكرية في مناجزة الدولة الأموية المستبدة.

ورغم إن دور الإمام السجاد (ع) لم يقتصر في محراب العبادة, ولا على صدقة السر التي أنارت دياجي عتمة يثرب وأبهجت قلوب فقرائها ومعوزيها ولا على تحرير العبيد والإماء  من ذل الإستعباد الى فضاء الحرية ومن دياجي الجهل الى نور المعرفة (حيث كان يشترى العبيد ليعلمهم الأحكام الشرعية وتفسير القرآن ومن ثم يعتقهم لوجه الله بعد أن يمنحهم مبلغ من المال), ولم يقتصر دوره على الرفق بالحيوان حينما يأبى قرع الناقة بالسوط قائلا ( آه لولا القصاص).. لم يقتصر دوره على هذا وذاك بل كان ناطقا بالحق عاملا به, مغلاقا للشر ناهيا عنه  , ساعيا للخير مؤثرا في الغير !!!

رغم كل هذا وذاك !!! إلا إنك لاتجد شخصا في التاريخ قد إتفق عليه الصديق والعدو سالماً من القدح والذم ومقصداً للثناء والمديح مثلما حبى الله الإمام السجاد ذلك.. ولاأعني بذلك الفرزدق ورائعته في الإمام , بل حتى أعدى الأعداء (والحق مانطقت به الأعداء ) إبتداءً بطاغوت عصره يزيد بن معاوية (لعنه الله ) حين إحتج على من حوله ممن ألحوا عليه بالسماح للإمام بالحديث.. بالقول (إنه من أهل بيت زقوا العلم زقا) , ومرورا بما قاله عبدالملك بن مروان للإمام السجاد (إنك لذو فضل عظيم على أهل عصرك), وليس إنتهاء بإبن تيمية القائل (وأما علي بن الحسين فمن كبار التابعين وساداتهم علما ودينا)....  فلم يستطع أحد من أعلام المسلمين ومؤرخيهم وأدباءهم على إختلاف مشاربهم أن يتعرض بالنقد والذم  لسيرة الإمام ويتجسد ذلك في قول الجاحظ  في كتابه عمدة الطالب (وأما علي بن الحسين فلم أر الخارجي في أمره إلا كالشيعي، ولم أر الشيعي إلا كالمعتزلي، ولم أر المعتزلي إلا كالعامي ولم أر العامي إلا كالخاصي، ولم أجد أحداً يتمارى في تفضيله، ويشك في تقديمه).

السلام عليك سيدي يوم ولدت ويوم أستشهدت ويوم تخطر بين الصفوف (يوم القيامة) حين ينادي المنادي أين زين العابدين.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 24/كانون الثاني/2009 - 26/محرم/1430

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م

[email protected]