اتصبو بنا

ملف المناسبة

الصفحة الرئيسية

 

 

فقه السلم والسلام

عبدالحسين السلطان 

الحرب العالمية الثالثة الدائرة في العالم اليوم هي الحرب على الإرهاب.. ومما يؤسف له أن يحشر الإسلام كطرف في هذه الحرب التي شوهت الصورة المشرقة للإسلام على جميع الأصعدة، ووصلت الأمور الى ان بعض القوى العربية وحتى الإسلامية والغربية أخذت تتوجس خيفة من المشروع الإسلامي واتخذت موقفاً معادياً من الدين الإسلامي بسبب ممارسات بعض التيارات الإسلامية المتطرفة.

وفي ظل هذا الهجوم الشرس الذي يخلط بين الإسلام كدين وممارسات بعض التيارات الإسلامية المتطرفة، تنبثق أنوار مشرقة تعمل بكل جد واخلاص لفك الارتباط بين الممارسات المشينة التي شوهت صورة الاسلام، وبين الاسلام الحضاري والانساني الذي جاء به الرسول الأعظم . ومن أبرز الشخصيات الإسلامية التي بذلت جهودا جبارة ولمدة تزيد عن أربعين سنة لمعالجة أزمة العنف والتطرف بكل حزم هو الإمام الراحل السيد محمد الشيرازي رحمه الله الذي تمر ذكرى وفاته هذه الأيام، الإمام الشيرازي رحمه الله تبنى مشروعاً حضارياً يقوم على نبذ العنف واتخذ هذا النهج كرسالة في عصرنا الحديث أسوة بالرسول الكريم الذي نشر الإسلام في فترة قياسية في الجزيرة العربية والعالم انطلاقاً من مفهوم السلم حيث قال تعالى (ادخلوا في السلم كافة) البقرة 208.

وقد بنى الإمام الشيرازي نظريته في اللاعنف انطلاقاً من أن الرسالة الإسلامية تعتبر الأصل في الدين السلم والمحبة والتآخي، وأن الإسلام كدين سماوي ونظام انساني ومنهج حياتي يقف من العنف والعدوان موقف المضاد بل يدعو الناس الى اللين والتسامح والصفح ويقول الباري عز وجل (واصفح الصفح الجميل)، ففي ظل المجتمع الجاهلي الذي كان محيطاً بالرسول والتحديات العالمية المحيطة بالدولة الإسلامية الفتية، لم يتمكن من تشكيل قوة داخلية متماسكة إلا من خلال مجتمع قائم على السلم والمحبة والكلمة الحسنة إذ قال تعالى (وقولوا للناس حسناً) البقرة 83.

من هنا استلهم السيد الشيرازي رحمه الله من الرسول الأعظم نظرية اللاعنف، اضافة الى الحاجة الماسة اليوم الى بلورة مفهوم اللاعنف، لما تشهده الساحة السياسية الإسلامية والدولية من مظاهر التطرف الديني والعنف العقدي اللذين شوها الدين الإسلامي وجعلا المسلمين في موقع التهمة والشك سواء في عقيدتهم أم في شعائرهم الدينية.

من هنا طرح الإمام الشيرازي رؤيته لمعالجة مشكلة العنف والتطرف في كتاب (فقه السلم والسلام) الذي ضم 815 صفحة من الحجم الكبير حيث عرض المفهوم الشمولي للسلام في الإسلام، وتطرق الى الفقه المقارن في السلم مع الديانات والحضارات الأخرى، وكذلك السلم والسلام في المفاهيم السياسية والحكم، وقد لامس السيد الفقيد قضية في غاية الحساسية في العلاقة بين السلم والجهاد وأفرد لذلك بابا كاملاً، وأخيراً كشف السيد الراحل في كتابه القيم الجذور النفسية للعنف في العلاقات الانسانية والروحية.

كتاب (فقه السلم والسلام) يمثل أحد أبرز مؤلفات السيد الراحل الكثيرة لأنه يلامس الواقع المر الذي تعيشه الأمة، ويكشف عن جذور أزمة العنف في التاريخ حتى يومنا هذا، فرحمة الله عليك يا سيدنا الشيرازي على هذا العطاء الثري لخدمة الدين والمجتمع الإنساني، وجعل ذلك في ميزان أعمالك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 23 تشرين الاول/2007 - 11/شوال/1428

اتصبو بنا

ملف المناسبة

الصفحة الرئيسية

 

 أفضل مشاهدة 600 × 800 مع اكسبلورر 6

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1428هـ  /  1999- 2007م

[email protected]