الصفحة الرئيسية ملف المناسبة  | أتصلوا بنا

 

في الذكرى السنوي الثالثة لرحيله: المنطقة الشرقية بدأت باحتفالات تأبين الإمام الشيرازي العظيم (أعلى الله درجاته)

الشيخ عبدالله اليوسف: أسس الإمام الشيرازي مدرسة فكرية مستنيرة وبلور منظومة فكرية متكاملة..

أحيت لجنة البرامح الدينية الثقافية بالخويلدية الذكرى الثالثة لذكرى رحيل فقيد الأمة المرجع الديني الأعلى الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي أعلى الله مقامه. وذلك في ليلة الأربعاء الموافق للسادس والعشرون من شهر رمضان لسنة 1425هـ في حسينية أهل البيت (ع).
وبدأ الحفل التأبيني بتلاة آي من الذكر الحكيم بصوت القارئ يحيى الصويلح.
وبعد أن أستمع الحضور للتلاوة العطرة تحدث عريف الحفل حسن آل قاسم عن أهمية إحياء ذكر العظماء لننهل من معين حياتهم وجاء في مقدمته :
الحديث عن العظماء حالة مطلوبة للأمة الحية التي تريد أن تنهل من معين قادتها، لتسير على منهجية تكاملية سطرها أولئك الذين خدموا وأعطوا أمتهم الكثير.
فحدثينا في هذا المهرجان التأبيني عن أحد قادتها ومنظريها، والتي خسرته الأمة في شخصه وفي حضوره المادي، أما في وجوده المعنوي والقيادي فهو موجود بمنهجه ومدرسته ومؤلفاته التي يعجز القلم عن وصفها.
فحينما نريد أن نتحدث عن سماحة المرجع الأعلى المجدد الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي أعلى الله مقامه، فإننا نتحدث عن منهج، وحينما نريد أن نطالع صفحات حياته فإننا أمام طود عظيم، وإذا أردنا أن نتأمل في السفر الذي تركه نكون أمام مكتبة متكاملة من جميع جوانبها الحياتية والعمرية.   
فننحن أمام شخصية إعجازية أعطت لخالقها كل ماتملك، فأعطاها الله سبحانه وتعالى كل صفات الكمال البشري.
فلو أسهبنا في هذا الحديث بما للوقت من سعة فلن نستطيع أن نفي هذا الإمام العظيم حقه، ولكن نريد أن ندخل إلى زاوية واحده فقط في منهج هذا القائد العظيم وهي حضوره رضوان الله تعالى مع قضايا الأمة المعاصرة.
فالإمام الشيرازي الراحل كان حضوره واضحاً وجلياً مع معطيات العصر، وما يحاك لها من مؤامرات، وما تحتاجه لمواجهة السيل العارم من الغزو الفكري والعسكري.
  نرى وجوده الفاعل في القضايا  المصيرية للأمة ومنها  إحتلال الصهاينة الغاصبين لأولى مقدساتها فلسطين.
 رأيه الواضح والصريح برفض التقسيم الجغرافي للأمة الإسلامية والذي فرضه الإستعمار
 رأيه من قضية العولمة التي كثر الحديث عنها في الوقت الحاضر..
قضايا التلوث البيئي الذي أخد الإنسان يساهم زيادته بشكل واضح..
ثم تقدم الشاعر الشاب الواعد منصور البشراوي ليسطر بكلماته الشعرية بوصف أدبي مكانة الإمام الشيرازي الراحل.
بعدها تقدم الرادود الحسيني القدير محمد الجمعان (أبو يوسف) ليصور مأساة فقد الراحل الكبير بتوشيحات رثائية مؤثرة على الجمهور المستمع.
وكان موعد الحفل التأبيني مع سماحة الشيخ عبدالله اليوسف أحد علماء منطقة القطيف من بلدة الحلة لبتحدث بلسان العارف عن مكانة الإمام الشيرازي قدس سره الشريف في محور القضايا المعاصرة في فكر ألإمام الشيرازي.
وكان مما جاء في كلمته أن إمامنا الشيرازي العظيم كلما أراد الإنسان منا أن يجوب في فكرة معاصرة ترى أن سماحته أعلى الله مقامه حاضراً، فترى الإمام الشيرازي كتب في الإقتصاد والسياسة والعولمة والبيئة وغيرها من الموضوعات المعاصرة، وأنت تطالع هذه الموضوعات لاتتصور أنها كتبت من مرجع تقليد له في الفقه وغيرها.
وحينما تطالع موسوعته الفقهيه رضوان الله تعالى عليه والتي تعتبر من أكبر الموسوعات الفقهية التي كتبت تتصور أنك أمام فقيه متبحر بهذا الجانب فقط  لشدة عمقه، وهذا دلالة على شموليته رضوان الله تعالى عليه.....
وقد جاء في كلمة سماحته :
يعتبر الإمام الشيرازي واحداً من أبرز دعاة الإصلاح والتجديد في القرن العشرين، فقد كان مجدداً في الفقه، ومجدداً في الفكر والثقافة، ومجدداً في الحوزات العلمية، ومجدداً في المرجعية الدينية، وقد امتلك الإمام الشيرازي عقلية مبدعة ومبتكرة مكنته من الإبداع والتجديد والتطوير في مختلف حقول المعارف الدينية.
وقد قام الإمام الشيرازي بالفعل بتأليف الكثير من الكتب التي تتناول القضايا المعاصرة، والمسائل المستجدة، كما أجاب في العديد من كتبه عن الكثير من الإشكاليات المطروحة عن الإسلام، وتمكن من عرض مبادئ الإسلام وقيمه ومثله للأجيال المعاصرة.
وسأتناول محورين مهمين حول التجديد في فكر الإمام الشيرازي :
1ـ المجال الفقهي.
2ـ المجال الفكري.

المجال الفقهي:

ضرورة التجديد في الفقه ينبع من ضرورة مواكبة متغيرات العصر، وملاحقة تطوراته ومستجداته، وتوضيح الرأي الشرعي تجاه كل حدث من الحوادث الواقعة.
وتنبع أهمية وجود المجتهد المطلق من قدرته على الإجابة على أسئلة العصر، والإبداع في معالجة القضايا الجديدة، وليس فقط ممارسة الاجتهاد في المسائل العبادية للفرد المسلم، إذ أن المطلوب من المجتهد في كل عصر هو معالجة قضايا عصره، والإجابة على أسئلة زمانه، وعدم الاقتصار على ماسبق للفقهاء المتقدمين أن أجابوا عليه، وإلا فإن الاجتهاد يفقد حيويته وقدرته على مواكبة المتغيرات الزمانية والمكانية.
ولا يمكن للتراث الفقهي ـ رغم ضخامته و أهميته ـ أن يجيب على تساؤلات العصر، بل المطلوب من المجتهد المعاصر ممارسة الاجتهاد في القضايا الجديدة كما القديمة ؛لأن الاجتهاد يجب أن يشمل جميع القضايا بما فيها المسائل المعاصرة.
وفي كل عصر يبرز من الفقهاء من يتميز بالنبوغ والعبقرية والذكاء الخارق مما يؤهلهم للتجديد في الفقه وأصوله، ومعالجة قضايا العصر بأسلوب استدلالي معمق، وهذا ما يعطي للفقهاء القدرة على مواكبة قضايا العصر، واستحداث أبواب جديدة في الفقه للإجابة على تساؤلات العصر و إشكالياته.
وقد كان الإمام الشيرازي من أبرز من لمع في هذا المجال في العقود الأخيرة من القرن العشرين، حيث تعتبر موسوعته الفقهية سيدة الموسوعات على الإطلاق، إذ لا توجد موسوعة فقهية ـ لحد الآن ـ قد وصلت من حيث الحجم أو من حيث البحوث الجديدة أو التفريعات الكثيرة كما هو عليه الحال في موسوعة الإمام الشيرازي الفقهية.
لقد وصلت موسوعة الإمام الشيرازي إلى 150 مجلداً من المجلدات الكبيرة، وقد تميزت هذه الموسوعة بالعديد من المميزات التي تميزها عن غيرها من الموسوعات الفقهية وأبرزها :
1ـ استعراض مختلف الأدلة.
2ـ كثرة التفريعات.
3ـ استحداث أبواب جديدة.
المجال الفكري:
أسس الإمام الشيرازي مدرسة فكرية مستنيرة، وبلور منظومة فكرية متكاملة، وقد أنتج سماحته العديد من الأفكار الجديدة أو المتجددة التي كانت تستهدف بعث روح النهضة والإحياء في الأمة الإسلامية.
وقد مارس الإمام الشيرازي في كتبه ومحاضراته نقداً للواقع المزري الذي يعيشه المسلمون ينتجه لابتعادهم عن أخلاق وقيم الإسلام... هذا من جانب، ومن جانب آخر كان يدعو دائماً للعمل بالإسلام، والأخذ بالأسباب الطبيعية من أجل استعادة حضارة الإسلام التي كانت في يوم من الأيام ا مبعث النور و العلم والتقدم والتحضر في العالم كله.
إن ما يميز الإمام الشيرازي ـ شأنه في ذلك شأن سائر المصلحين والمجددين ـ أنه كان يحمل هموم الأمة بقوة، ويسعى من أجل استنهاضها وإحياء حضارتها، وكان همه الأكبر استعادة الإسلام إلى الحياة، وتوحيد الأمة الإسلامية في كيان واحد.
وقد عاش الإمام الشيرازي متفاعلاً مع قضايا العصر، وجديد الفكر والثقافة، فكان يُسَارع إلى إنتاج ما يراه مناسبا من ثقافة وفكر يتلاءم ومتطلبات العصر، فعندما بدأ البث المباشر عبر الأقمار الصناعية كتب أكثر من كتاب عن كيفية التعامل مع هذا المنجز العلمي الحديث مع ما فيه من إيجابيات وسلبيات.
وعندما أخذت مسألة (العولمة) تشغل الساحة الفكرية والسياسية في العالم كتب كتابه (فقه العولمة).
ولما كثر الحديث عن البيئة وما تحدثه الصناعات الحديثة من أضرار جسيمة بالبيئة كتب كتابه القيم (البيئة)، وقد وضح فيه رؤية الإسلام لقضايا البيئة وطرق الحفاظ على نظافة البيئة.
وهكذا كان الإمام الشيرازي (قدس سره) مستوعباً لمنطق العصر، متابعاً لمتغيراته، متفاعلا مع كل جديد في عالم الفكر والثقافة، وهذا ما ساعده على إنتاج و بلورة (منظومة فكرية مستنيرة) ساهمت في تجديد أوتجدد المعارف الدينية، وتطوير الخطاب الديني إن من حيث الصياغة أو المضمون.
وبعد إنتهاء  سماحة الشيخ عبدالله اليوسف حفظه الله تعالى من كلمته  تقدم للمنصة الرادود الحسيني الشاعر رائد أنتيف ليروي رواية العظمة وقمة الشموخ للراحل الكبير الإمام الشيرازي أعلى الله مقامه عبر كلماته الشعريه.
ونهاية الحفل التأبيني مع الأنشودة الرثائية لفرقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالخويلدية بقيادة الرادود علي الأمرد (أبوحيدر).

 المصدر: شورى نت

  الصفحة الرئيسية ملف المناسبة  | أتصلوا بنا