الصفحة الرئيسية التاريخ يصنعه العظماء

 

الإمام الشيرازي (قده) أبدع خدمة الناس سبيلاً للتبليغ

محمد محسن العيد

قال تعالى: (الذين يبلغون رسالات الله ولا يخشون أحداً إلا الله وكفى بالله حسيبا) الأحزاب: 39.

هذا نهج بيان لحال الرسل ومن يسير بنهجهم في التبليغ بما كلفوا به من العلماء الربانيين والذين احتذوا الرسل (ع)، والذين يصفهم المولى جل شأنه بقوله (إنما يخشى الله من عباده العلماء).

وإذا كان القرآن يفسر بعضه بعضاً، فإن الذين يخشون الله ولا يخشون أحداً غيره هم العلماء أو منهم بإفادة (إنما) التي وردت في الآية والتي تفيد الحصر.. بمعنى أن الذين يبلغون رسالات الله ولا يخشون أحداً غير الله هم من العلماء.

والعلماء هم خلفاء الرسل، لأنهم حمّالوا رسالة الرسل من بعدهم، ومؤدوا مهامهم، ومهام الرسل هي التبليغ، والبلاغ، كما نص على ذلك قوله تعالى: (وما على الرسول إلا البلاغ المبين) النور: 54، والعنكبوت: 18.

وقد ورد في كتاب المواعظ العددية للأئمة الأثنا عشرية (ع) ما روي عن الرسول (ص) في قوله:

(لا تصلح عوام أمتي إلا بخواصها، قيل يا رسول الله وما خواص أمتك؟ فقال (ص): خواص أمتي أربعة: الملوك والعلماء والعباد والتجار، قيل: وكيف ذلك يا رسول الله؟

قال (ص): أما الملوك رعاة الخلق، فإذا كان الراعي ذئباً فمن يرعى الغنم؟ وأما العلماء فأطباء الخلق، فإذا كان الطبيب مريضاً، فمن يداوي المريض؟ وأما العباد فدليل الخلق، فإذا كان الدليل ضالاً فمن يهدي السالك؟! وأما التجار فأمناء الله في الخلق فإذا كان الأمين خائناً فمن يؤتمن أو بمن يؤتمن؟!!

وكان الإمام الراحل (قده) طبيباً مجوّداً باختياره الوسائل الخدمية أسلوباً لمداواة علل المجتمع والأفراد.. وللتعريف بالإسلام ومع أن معظم علمائنا العظام قد أبدعوا وأجادوا في اختيار وسائلهم لتبليغ رسالتهم، إلا أن الإمام الشيرازي كان مميزاً في خدمته للناس في أداء مهام مرجعيته وإمامته في المسلمين وفي خلافته للرسل (ع)، ولأجداده العترة الهادية من آل محمد (ص).

فقد بدت وسيلته في خدمة الناس قريناً بمهامه التبليغية من خلال المؤسسات الخدمية التي يزرعها حيثما حل ومن كل نوع، مؤسسات توعوية وثقافية واقتصادية وحوزات ومدارس، مؤسسات تبليغية، مكتبات وحسينيات، مكاتب لتزويج الشباب بنوك للتسليف، مستوصفات، وخدمات اجتماعية، حتى رياضية وشبابية...الخ.

ابتدأت هذه الوسيلة عند الإمام الراحل (قده) في التعريف بالإسلام على أوسع نطاق في مدينة كربلاء المقدسة.. وقد أظهرت نشاطاته (قده) في خدمة الناس نجاعه باهرة وأساليب كفوءة في أداء مهام التبليغ، بل أنها بدت جوهر الأداء التبليغي.. إذا أن روح الإسلام هي خدمة الإنسان وأن الدين في معناه الأكمل هو الاستجابة لحاجات الناس والإجابة على تساؤلاتهم بالحق والعدل.

ولقد التفتنا إلى تاريخ الإنسانية كله ودور علماء الدين فيه من كل صنف لوجدنا أن منهم من كان يدعي العلم ويتجلبب بجلباب الدين، لكنهم كانوا قد ظاهروا الحكام الطغاة والإقطاعيين وتأمروا معهم على حقوق الفقراء، فتركوا انطباعاً سيئاً عند الناس عن الدين ورجاله.

ونحن في الإسلام لا يوجد عندنا مثل هذا التصنيف، فلا يوجد هناك رجل دين وآخر رجل دنيا، إلا أن هناك رجال تصدوا لمهام الرسل في الدين من العلماء الربانيين وأبدعوا في أداء تلك المهام.. هذه لالتفاتة تجعلنا ننظر بكثير من الإجلال والعرفان للإمام الراحل (قده) فيما عرف عنه من التصاق بالفقراء وحقوق الناس وبخدمتهم وقضاء حوائجهم وعلى كل صعيد إنساني.

إن نهج التبليغ الواعي لماهية المهمة وعظم المسؤولية من خلال خدمة الناس، إنما هو نهج آل محمد وسيرتهم، وقد عرف الناس هذا المعنى للتبليغ إبان مرجعية الإمام الشيرازي الراحل (رضوان الله عليه) على أوسع نطاق مما تكون عليه الخدمة النافعة للناس وعلى كافة مستوياتهم.

1- خدمات للأطفال، من خلال التقاطهم من الشارع بمؤسسات ثقافية ومناهج لتعلم تلاوة القرآن وحفظه، نواد اجتماعية ورياضية، كشافة إسلامية بشعارات راقية المضمون أمامية الإطار، ورحلات وسفرات يتعلمون بها النظام والبدائل الإسلامية من كل نوع.

2- خدمات للشباب، في حوزات علمية بمناهج متطورة، ومدارس قرآنية وندوات توعوية فكرية وثقافية، نواد رياضية، نشاطات اجتماعية وخدمية يشارك بها الشباب في خدمة زوار العتبات المقدسة للحسين (ع) وأخيه العباس (ع) حيث كربلاء المقدسة محط رحال الزوار من كل أنحاء العالم.

وهناك مؤسسات تبلغ الإسلام وتعرّف به من خلال خدمة الشباب بتحصينهم بالزواج من خلال مكاتب أقامها الإمام (قده) تعني بتزويجهم ذكراناً وإناثاً، وهناك صناديق للتسليف، بل هناك بنوك للتسليف للإعانات من كل نوع أقامها الإمام لمساعدة كل ذي حاجة.

وهناك خدمات خاصة للشباب لتأخذ بيدهم ليكونوا دعاة وقادة في الثقافة وفي التربية، ومبلغين رساليين في هيئات للتبليغ بنوعيه السيار والثابت.

ولأهمية التبليغ من خلال خدمة الشباب خصص السيد الإمام الراحل (قده) يوم الخميس من كل أسبوع لتكون ندوة له مع طلبة الجامعات خصوصاً، حيث يجتمع بهم في نشاط فكري ثقافي إرشادي، يستمع فيها لهم فيجب على أسئلتهم ويتحاور معهم حول مشكلاتهم ويصغي لاقتراحاتهم وآرائهم مما يمهد لإشراكهم في جهود ونشاطات تبليغية في أوساطهم الجامعية وخدمية في مختلف المجالات وعلى مختلف الصعد.

ومثل الأهمية للشباب أولى مثلها للتجار، فجعل لهم يوم الثلاثاء من كل أسبوع، وأهتم بهم باعتبارهم أمناء الأمة كما جاء معنا في الحديث المتقدم، فلا بد من يشركهم في النشاطات الخدمية التي تعرف بالإسلام وتبلغ الناس ببدائله الراقية. وكانت ندوة الثلاثاء في كربلاء يحضرها جل تجار المدينة وكسبتها، وكان (قده) مثلما يوجه ويوّعي ويثقف ويخدم في كل صور البلاغ، كان أيضاً يستمع لآرائهم ومقترحاتهم ويشارك في كل سلوك جمعي خدمي ينتفع به الناس ويموله التجار أو ينصحون بإقامته.

كان (قده) يهتم بكل شرائح المجتمع ونشاطه الخدمي الذي يعرف به وخلاله بالإسلام، وكان لا ينسى شريحة ولا أحد. إلا وله من اهتمام الإمام نصيب، فقد كان يبدع الوسائل الإبلاغية ابتداعاً مثلاً للشيخ الكبير، كان يرى أن يقبل منه العمل ويسعى كي يجد له عملاً يناسب قدرته، كي يشعره بأنه إنسان نافع.

وكانت خدماته تصل كل أصحاب المحن من أبناء الأمة، لأنه في الواقع يسهر بمتابعتها ويرسل اتباعه لدراسة حاجات أصحاب المحنة ويرسلها لهم فوراً.. ومثل هذا شاهده الكثير إبان المحنة الفلسطينية.. العراقية، والأذربيجانية.. الخ.

وهو في هذه الوسيلة ليس عفوياً، أو في استجابة عاطفية مؤقتة أو فورة يفرضها عليه موقف ساخن، بل هي عنده (قده) وسيلة تبليغية يعرّف من خلالها بالإسلام لأنها كانت تتم من خلال لجان ثابتة أو مؤسسات قائمة كان قد أنشأها السيد الإمام (قده) لهذا الغرض.

فحيثما حل الإمام (قده) وخلال هجرتيه حيث العراق، ثم الكويت ثم إيران تقوم معه اللجان والمؤسسات الخدمية، لجان تسليف ومنح وصناديق زواج، حوزات، ومدارس، مكتبات وحسينيات، هيئات للتبليغ السيار وأخرى للثابت، ومؤسسات ثقافية وتوعوية من كل نوع.

فعندما هاجر من كربلاء إلى الكويت كان أسلوبه في تقديم الخدمات التبليغية المؤسساتية هو هو، وبالرغم من أن الكويت بلد المال والرفاه، فقد أختار الإمام بيتاً من غرفتين لعائلة تتكون من (12) نفراً.. هو الأولاد في غرفة والعائلة في الغرفة الثانية بينما بنى حوزة تتكون من (60) غرفة في ظرف سنة واحدة على وجوده في الكويت، وكانت عامرة بالطلبة من شتى بقاع الأرض، حيث بلغ عددهم (150) مائة وخمسون طالباً، وقد أسماها (قده) مدرسة الرسول الأعظم (ص).

وفي مضمار جهاده التوعوي الخدمي أسس حسينية أسماها حسينية الرسول الأعظم (ص) أيضاً، وكان (قده) يدرّس فيها ليلياً ولمدة ثمان سنوات متتالية تفسير القرآن.

ومؤسساته الخدمية في الكويت لازالت قائمة حتى الآن، ومنها مكتبة الرسول الأعظم التي تظم أكثر من (3) آلاف كتاباً، ومن نشاطاته الخدمية أيضاً أسس ديوانية للمناسبات مجاورة للمسجد وهي تستقبل المجالس الحسينية النسوية، ومراسم الدعاء، وقد جدد (قده) في مدة وجوده في الكويت ثلاث مساجد كان خربة، وأصدر خمس مجلات هي الإيمان للعامة..، والإسلام والحياة للشباب، والفتاة للفتيات، والبداية والجهاد. وكذلك أسس لجان للتزويج، وأخرى لتأسيس المكتبات، وأخرى لإقامة مجالس العزاء وطبع كثير جداً من الكتب المهمة مثل كتاب المراجعات. وقد نجح في إقامة مجلساً لقراء الحسين (ع) في جامعة الكويت، ومجلساً آخر من الإذاعة والتلفزيون خلال أيام عاشوراء.

وامتدت نشاطات الإمام (قده) التبليغية الخدمية إلى دول الخليج وهي نشاطات لازالت قائمة حتى الآن.

وعندما انتقل (رضوان الله عليه) إلى إيران، ازدادت نشاطاته التبليغية الخدمية ولا زالت مؤسساته قائمة الآن في كل مجالات الحياة ولكل شرائح الأمة، ابتداءً من الطفل إلى المرأة إلى الشباب إلى الشيخ إلى ذوي الحاجات الخاصة.

والغريب العجيب أنه بالرغم من تلك النشاطات فلم تمنعه من أن يضرب الرقم القياسي في تأليف الكتب من كل علم وفن.. وفوق هذا كله كان يتابع باهتمام بالغ قضايا الأمة، وكان (قده) يقدم الخدمات والتبليغ بصحن واحد، ذكر منها:

1- قدم الدعم للمجاهدين الفلسطينيين مادياً مثلما خدمهم بالفتوى والإعلام، فقد أفتى بوجوب تحرير القدس من أيدي اليهود ودعم مادياً اللاجئين، والمشردين من فلسطين عبر حملة واسعة لجمع التبرعات وإرسالها إليهم، كما أنه ساند القضية من خلال كتب ألفها أهمها كتاب (هؤلاء اليهود) وقد ترجم الكتاب لأهميته لعدة لغات وطبع حوالي (25) طبعة.

2- دعم الأكراد في شمالي العراق، وحين ضغط عليه النظام الطاغي لإصدار فتوى بوجوب الجهاد ضد الأكراد، أفتى بعكس ذلك وحرم محاربة الأكراد، وأرسل وكلاء إلى المنطقة الكردية للقيام بخدمة الناس هناك.

3- خدم قضية المسلمين المضطهدين في الاتحاد السوفيتي السابق من خلال إصدار كتاب مصور وموثق عن أحوال المسلمين المقهورين هناك.

4- وفي لبنان كانت له (قده) مشاركة في محنة الجنوب اللبناني إبان الحرب الأهلية، وقد التقى الإمام موسى الصدر أكثر من مرة، وكان يرى ضرورة وجود تنظيم جماهيري قوي، طالما أن إسرائيل والكتائب لها تنظيمات قوية ومسنودة عالمياً، وكان الإمام (قده) آنذاك في الكويت، وقد استقبل السيد موسى الصدر وقدمت له المعونات المادية لينقلها إلى المنكوبين والمشردين من جراء الحرب الأهلية.

5- أسس الإمام (قده) مؤسسات خدمية في الدول الغربية الأوربية والولايات المتحدة وكندا للاهتمام بشؤون الجاليات الإسلامية هناك، وهي لازالت قائمة حتى اليوم وتعمل على خدمة المسلمين.

6- وفي قضية العراق وجهه الإمام (قده) بياناً إلى المهجرين، إبان الحكم الصدامي الدموي، احتوى عشرين بنداً، تحت عنوان (النازحون من العراق) ضمنه إرشادات هامة حول إعادة ترتيب المهجرين لأوضاعهم التعليمية والاقتصادية وكل ما يخدم وضعهم بعد التهجير، وبأمر منه (قده) تكفل وكلاء الإمام (قده) بخدمة أثني عشر ألف مهجر أخرجوهم من المعسكرات إلى المدن مقدمين لهم كل الخدمات اللازمة للعيش الكريم.

7- وقدم (قده) خدمات مماثلة لمسلمي أفغانستان وكشمير وأذربيجان.

8- ومن المؤسسات الخدمية القائمة والتي نعايشها الآن ونلمسها، للخدمة والتبليغ هي مؤسسات الإمام (قده) القائمة في سوريا.. فقد تحرك وكلاؤه في كل المدن السورية وخدموا الشعب بل وغيروا بعض معالم المناطق كمنطقة (المقاولة) التي صارت اليوم تعرف بـ(الزهراء) وخدمات الإمام في سوريا تشمل كل النشاطات الخدمية التبليغية التي كان يؤديها حيثما حل (رضوان الله عليه).

خصائص أسلوبه الخدمي التبليغي (رضوان الله عليه)

تميز أسلوب الإمام (قده) ووسيلة خدمته التبليغية بالحياة مع ضمان لديمومة هذه الخدمات بذاتية مدروسة وموجهة لأنها امتازت بما يلي:

1- خصائص روحية: منحت للوسيلة الخدمية التبليغية من خلال الانقطاع إلى الله التي ميزت الإمام الراحل (قده) لذلك طبعت نشاطاته وتوجهاته من خلال الامتزاج مع الناس بكل تفاصيل حياتهم، ولهذا معنى أشار له قوله تعالى: (وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس).

وقد كان (قده) يطلب من أتباعه لاجتماع في كثير من الأحوال والمحن للدعاء من أجل الحل والفرج للممتحنين.

2- خصائص علمية، تميزت نشاطات الإمام الراحل (قده) بالتنظيم الإداري، والحرص على الوقت والمبادرة، ضمن عمل مؤسساتي، طبقاً للنهج العلمي في التوثيق والاستبيان، إذ لم يكن (قده) عفوياً تحركه الأحداث أو توجهه الانفعالات أو تفرض عليه المواقف مواقف مضادة طبقاً لقانون الفعل ورد الفعل.. لذلك كانت خدماته (قده) علمية.

3- خصائص نفسية مهذبة، كان الإمام (قده) شديد الحذر من نفسه يلاحظ ذلك أبسط من راقبه، وكان لهذه الميزة في مجابهة نفسه، أن يكون تفوقه واضحاً في ميزاته الإنسانية الفائقة والملفتة للنظر، ولهذا كانت خدماته مؤثرة جداً فيمن تقدم إليهم.

4- خصائص أخلاقية: كان الإمام (قده) معروفاً جداً في حلمه وسعة صدره، والحلم هو سيد الأخلاق، ويضاف إلى ذلك تواضعه وزهده، مما يرفع عند الناس قدره، فيكون مؤثراً في كل توجهاته وما يختار من نشاطات.

5- خصائص جهادية، والجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه، كما يقول أمير المؤمنين (ع) وكانت خدمات الإمام (قده) قد ابتدأت بجهاد الظالمين والدفاع عن المظلومين والمستضعفين، وهذا النفس موجود مع كل مؤسسة خدمية يقيمها (قده) مما يمنحها الدعم والحب من قبل الناس وقد فاز (قده) بحب الفقراء والمستضعفين حيثما حل (رضوان الله عليه).

6- خصائص إنسانية: لم يكن الإمام (قده) في نشاطاته التبليغية الخدمية طائفياً ولا عنصرياً، بل كان صاحب مشروع حضاري شمولي عالمي، يطالب بالحرية والتعددية، واحترام الآخر، ويدعو للاعنف والحوار.. الخ فكانت مؤسساته على قدر كبير من الاحترام في الأوساط الأخرى.

7- خصائص الكمال والسيادة: كان الإمام (قده) لا يبخس أحداً حقاً ولا ينسى أحداً أو شريحة من الناس من خدماته التي يعرف من خلالها بالإسلام العظيم الكامل الشامل العزيز.

كان (قده) ببساطة يتوسط للشيخ الكبير كي يجد له عملاً مناسباً لا لشيء إلا لكي يشعر هذا العجوز بأهميته ونفعه، وكان ببساطة يريد من المجتهد أن يصدر رسالته العملية ليحمل مسؤولية القيادة في الأمة، ويطلب من العارف أن يوثق معرفته بكتاب ليرفع همته ويلزمه الحجة للآخرين، ويريد للمرأة أن تكتب وتؤلف، ويريد من الأعزب أن يتزوج، ويريد لمن ليس له بيت أن يسعى لبناء بيت وهو يساعده... الخ.

صور من إبداع أسلوب الخدمة من أجل التبليغ والتعريف بالإسلام

تبدو لنا أهمية اختيار الإمام (قده) خدمة الناس كأسلوب لأداء مهامه في المرجعية زمن الغيبة في الحقائق التالية:

1- من خلال خدمة الناس يستطيع (قده) أن يقدم البدائل الإسلامية في كل جوانب الحياة، بعد أن شاعت وسائط وبدائل الشيطان في المجتمعات الإسلامية لتفسدها. وهذا أسلوب يعبر عن كمال العقيدة الإسلامية واحتوائها على كل البدائل الفاضلة والجذابة في الاستجابة إلى كل الحاجات الإنسانية بالأفضل والأحسن في كل زمان ومكان وهذا هو أفضل ما يكون عليه حال المرجع والمرجعية، في زمن تنحسر فيه كل البدائل إلا بدائل العولمة الغاشمة.

2- رفع الشبهات التي تقول بعدم إمكان تطبيق الإسلام عملياً في مجالات الحياة، فالخدمات كلها تمر من خلال التشريع الإسلامي.

3- استقطاب الطاقات الشابة واكتشاف المواهب التي طمسها طغيان بدائل أولياء الشيطان في المجتمعات الضائعة.

4- إشعار الإنسان من خلال النظام الخدماتي بمسؤولياته اتجاه دينه ومجتمعه وربه خالقه، وبأنه يمكن أن يكون نافعاً وله قيمة اجتماعية كبيرة وبقدر ما يخدم ناسه ومجتمعه.

5- توظيف الحقوق المالية المفروضة على الناس في مساربها الحق التي أرادها الله سبحانه وتعالى، ولهذا مردود نفسي مريح للصارف والمصروف عليه.

6- تحصين المجتمع ووقايته من شرور الغزو الثقافي وقل سلبيات العولمة من خلال نظام خدمي فاعل يستوعب الجميع وببدائل إسلامية أصيلة.

7- الأسلوب الخدمي ضمان لبروز وعاة ومبدعين دوماً في شؤون التبليغ والتعريف بالإسلام وما أراد الله سبحانه وتعالى، فإن الله سبحانه وتعالى مع الذين أتقوا والذين هم محسنون.. وهذا لا شك من التميهد للظهور البهي للحجة الثائر المصلح الكبير (عج) لأن من معاني الانتظار، هو الإعداد لمقدمه في مجموعة وعاة ومبدعين هم نواة جيشه القائم إنشاء الله.

إن الخدمة التي يقدمها العالم للجاهل والغني للفقير والمقتدر للعاجز والقوي للضعيف، تحتاج لنظام يؤمن به الجميع، ولذلك كان الأسلوب الخدمي تعريفاً بهذا النظام وتبليغ به ومن أحسن الأساليب لسيادة دين الله.

 
  الصفحة الرئيسية التاريخ يصنعه العظماء