q
سياسة - عنف وارهاب

سرطان داعش

لا ادري ان كان احد من الكتاب قد سبقني للكتابة تحت هذا العنوان.. ام اني اول من كتب. اهتم جدا بعنوان المقال.. وهو الذي ينظم لي افكاري او يستعيد معلوماتي المخزونة في الطبقات السفلى من الذاكرة. فلا انكر ان نتعرض احيانا الى التأثر ببعضنا في الكتابة، وقد نقرأ هذا العنوان او ذلك ويبقى محفوظا في ذاكرتنا، لأثره واهميته، لكنني افترض اني اكتب تحت هذا العنوان لاول مرة.. لانه حتى وان تشابه "العنوان" مع اخر فان الاسلوب والمعلومات متغيرة حتما..

سبق ان نشرت على هذه المساحة مقالا بعنوان (داعش وايبولا) في وصف لتشابه العدوى والانتشار والمخاطر، كما كتبت كثيرا عن داعش، كان اهمها ثلاث مقالات متتالية بعنوان (فواحش داعش).. كيف لنا ان نصف داعش بأنه عبارة عن مرض سرطاني مدمر، ولا بد من علاج جذوره قبل اثاره وماظهر منه. فلم يعد هذا التنظيم الاجرامي محصورا في بقعة معينة من الارض، ومساحة جغرافية محدودة، بل ان امتداداته وضغوطه موجودة في اماكن عدة. فخرج من نطاق المحلية والاقليمية ليدخل المحيط الدولي.. ويتلقى دعما لوجستيا ظاهرا ومخفيا، من دول عدة، اضافة الى تنظيمات ذيلية وجمعيات وروابط تتخذ مسميات شتى.

فالتنظيم الاجرامي يقتل في سورية والعراق، الا انه يهدد دولا ومجتمعات تبعد الاف الكيلومترات عن ساحة المعركة. فقد اعلنت السلطات المغربية انها اعتقلت ثمانية اشخاص في مناطق مختلفة من المملكة، ينشطون في تجنيد مقاتلين للالتحاق بتنظيم داعش الارهابي.. الداخلية المغربية اكدت ذلك في بيان رسمي. وهي لا تخفي قلقها من التحاق اكثر من الفي مغربي بالجماعات المتشددة.. فرنسا والمانيا اصبحتا ساحات لتنفيذ مجموعة من العمليات الارهابية.. اسبانيا هي الاخرى متخوفة من هذا الامر.. حيث اعلن وزير الداخلية الاسبانية خورخي فرنانديز استعداده للتعاون مع المغرب في مجال مكافحة الارهاب..

اكد ذلك ما أُعلن في مدريد حول اعتقال اربع نساء منتصف شهر كانون اول الماضي.. مع ثلاثة رجال في برشلونة وجيبي سبته ومليله.. السرطان مستشر في كل مكان.. ومالم يتم القضاء علي الفكر المتطرف، فان هذه الجماعات قابلة للنمو، كما تنمو الخلايا السرطانية.. في تركيا حسب ما اعلنت السلطات هناك اكثر من (3000) شخص مستعدون للقتال مع داعش.. وسبق للسلطات ان اعلنت انها القت القبض او منعت مجموعات متشددة قادمة من اوربا من المرور الى سوريا والعراق، لتقاتل الى صفوف التنظيم الاجرامي. شكوك عديدة تدور حول الحكومة التركية وما مدى حجم التعاون مع تنظيم داعش.. ودور تركيا في عبور آلاف الارهابيين الى مناطق الصراع، سوى الاسلحة و الاموال التي تقدم سرا، والدعم اللوجستي الذي يقدم على شكل معونات غذائية وتجهيزات، وربما معلومات..

بلجيكا هي الاخرى ابتليت بهذا المرض الخبيث فقد نفذت الشرطة البلجيكية عمليات مداهمة واسعة ضد خلية ارهابية كانت على وشك الاعتداء على الشرطة. وتفيد الارقام الرسمية ان (335) بلجيكيا غادروا بلادهم للقتال في سوريا والعراق، وان (184) منهم مازالوا هناك وقد قتل (50) ارهابيا منهم بينما عاد (101) الى بلجيكا.. ماجعل الخطر الذي يتربص بهذا البلد يأتي مع ظهور مجموعة (شريعة 4 بلجيكا) بزعامة الارهابي فؤاد بلقاسم، الذي تمكن من اقناع واستقطاب عدد كبير من الارهابيين حوله.

وتخصصت هذه المجموعة بإرسال متطوعين للقتال في العراق وسوريا، وسبق للسلطات هناك ان اعتقلت (46) عنصرا منهم حيث يحالون للمحاكمة في الشهر القادم. افريقيا ايضا وصلتها عدوى هذا المرض الخبيث من خلال جماعة بوكا حرام المتطرفة في نيجيريا، والتي توسعت الى بلدان افريقية مجاورة.. هذه الجماعة ارتكبت جرائم بشعة اتجاه المدنيين، ما دعا الامم المتحدة ودول غرب افريقيا الى ايجاد خطة للتحرك ضد جماعة بوكو حرام، حيث قامت هذه الاخيرة اضافة الى جرائمها الدموية باسر وخطف مجموعات من الاطفال والنساء..

الاطفال اكثر المتضررين من الجماعات المتشددة التي لا تمتلك مبادئ ولا اخلاق.. فقد قتلت داعش براءتهم واستخدمتهم لتنفيذ عمليات القتل. ففي شريط تداولته مواقع الكترونية يظهر فتى يحمل مسدسا ويطلق النار على رجلين مقيدين امامه.. المصادر التي نقلت المعلومة اشارت الى انه لا يمكن التحقق من صدق الشريط وهو واحد من عشرات الاشرطة تروج لها اسبوعيا حيث تصور وتستخدم وسائل دعاية مؤثرة.. يقول الباحث الزائر في "مركز بروكنيغز الدوحة" تشارلز ليستر: ان التنظيم رفع خلال الاشهر الستة الماضية من مستوى العنف الذي يشارك فيه او ينفذه فتية في مقتبل العمر، والشريط الذي اتينا على ذكره يمثل مستوى العنف الاقصى الذي بلغته دعاية التنظيم، ان استخدام الاطفال في القتل والتفخيخ ونقل العبوات والاحزمة الناسفة الى المناطق المستهدفة، اصبح واحدا من اساليب داعش.. انه سرطان حقيقي.. وجمرة خبيثة سرعان ما انتشر داءه اينما حل، وقد اصيب بهذا المرض اشخاص وسياسيون وعشائر مازالت تحمل الجرثومة الخبيثة لداعش.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق