q

صراع قوي تدور أحداثه بين الدول المنتجة للنفط، لاسيما السعودية وايران، وربما تدخل على الخط دول اخرى مثل روسيا ونيجيريا، وبعض دول الخليج الاخرى، هذا الصراع يصب في مجال زيادة الانتاج، مع بذل محاولات لاتخاذ قرار يجمد انتاج النفط لستة شهور، وهذا ما ترفضه ايران بشكل قاطع وتعده إبقاء للعقوبات التي رُفعت عنها مؤخرا، فقد اعلن وزير النفط الايراني ان بلاده لا تنوي تجميد انتاجها النفطي لان ذلك سيوازي الابقاء على العقوبات الدولية التي رفعت جزئيا منذ منتصف كانون الثاني/يناير. ونقل التلفزيون الايراني عن بيجان زنكنة قوله "بالنسبة لايران القبول بتجميد الانتاج النفطي يعني قبول طوعا (الابقاء) على العقوبات التي رفعت بعد جهود ومقاومة من الامة دامت لسنوات".

ويُذكر أن ايران تعد حتى وقت قريب من أهم واكبر الدول المنتجة للنفط قبل العقوبات التي فرضت عليها وحتى اثناءها حيث بلغت الصادرات الإيرانية ذروتها عند ما يزيد قليلا على 2.5 مليون برميل يوميا في 2011 بما جعلها ثاني أكبر مصدر للنفط في ذلك العام بعد السعودية بحسب رويترز. وانخفضت الصادرات إلى أكثر قليلا من مليون برميل يوميا بعد تشديد العقوبات في 2012. وتشير بيانات انرجي اسبكتس إلى أن الواردات العالمية من الخام الإيراني ارتفعت في مارس آذار إلى 1.90 مليون برميل يوميا

وبعد رفع العقوبات عن ايران بعد الانتهاء من الملف النووي سجلت إيران أكبر زيادة في الإنتاج في أبريل نيسان بعد رفع العقوبات الغربية عنها في يناير كانون الثاني. وتريد طهران استعادة حصتها السوقية التي فقدتها وترفض الحد من إمداداتها حتى تصل إلى مستوى إنتاجها قبل العقوبات. ويشير المسح إلى أن إنتاج إيران بلغ 3.40 مليون برميل يوميا ليقارب مستوى إنتاجها في نهاية 2011 قبل تشديد العقوبات حين بلغ 3.50 مليون برميل يوميا. لكن مصادر قالت إن بعضا من هذا الخام ربما جاء من المخزون وهو ما يعطي دفعة مؤقتة لإمدادات أبريل نيسان.

وهناك محاولات لبعض الدول المنتجة للنفط كي تخفض انتاجها أملا بزيادة اسعار النفط كما قامت الكويت مؤخرا بأكبر خفض في الإمدادات بسبب إضراب استمر ثلاثة أيام تسبب بشكل مؤقت في خفض إنتاج النفط إلى أقل من النصف والحد من عمليات التكرير. وتراجع إنتاج نيجيريا أيضا بسبب استمرار غياب صادرات خام فوركادوس وتعطل شحنات أخرى لفترة وجيزة. وتسببت مشكلات تتعلق بالتحميل وانقطاع الكهرباء وغيرها في انخفاض إمدادات فنزويلا بما يقدر بواقع 40 ألف برميل يوميا.

وفي مجال الصراع الذي قد يلحق أضرارا فادحة بالدول المنتجة ما ورد من تصريحات أعلنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إن باستطاعة المملكة أن ترفع إنتاجها على الفور إلى 11.5 مليون برميل يوميا وأن تصل به إلى 12.5 مليون برميل يوميا خلال ستة إلى تسعة أشهر إذا كانت لديها الرغبة في ذلك. وقال بعض المحللين إن تلك التصريحات تعطي إشارة على الدخول في مرحلة جديدة في المعركة على الحصة السوقية مع إيران التي تزيد صادراتها بعد رفع العقوبات الدولية التي كانت مفروضة عليها. ورداً على سؤال بشأن ما إذا كانت هناك فرصة للاتفاق على تثبيت مستوى الإنتاج في اجتماع يونيو حزيران لأوبك قال وزير النفط النيجيري "اتمنى أن نصل لذلك." وقال إنه يأمل أن تدعم روسيا -وهي ليست عضوا في أوبك- هذا الاتفاق بعد إعلان موسكو إنها تستعد لرفع الإنتاج إلى مستويات تاريخية عقب تهديد السعودية بإغراق الأسواق بالمزيد من النفط الخام.

وقد أدت بعض القرارات والسياسات النفطية الغامضة في السعودية الى عدم معرفة هذه السياسية بصورة واضحة حيث يقول مراقبو الشأن السعودي إن قراءة سياسيات المملكة لم يكن سهلا قط لكن صعوبة التنبؤ بدأت تزداد بشكل حاد في الأشهر الأخيرة. ولا يلقى ذلك ترحيبا بشكل خاص في ظل العلاقات السيئة بين الرياض وطهران اللتين تخوضان حروبا بالوكالة في سوريا واليمن.

ولا شك ان هناك صراعا محتدما بين الدول المنتجة للنفط، يظهر جليا بين دولتين واكثر ومنها على وجه الخصوص ايران والسعودية لتثبيت حصتهما في سوق النفط العالمية.

إيران تستقطب مزيدا من المشترين الأوروبيين

في هذا السياق تتجه شركتا تكرير أوروبيتان لاستلام أولى شحناتهما من النفط الإيراني منذ رفع العقوبات عن طهران في يناير كانون الثاني في الوقت الذي تزيد فيه إيران صادراتها من الخام في معركة لاستعادة حصتها السوقية. وتعهدت إيران بزيادة إنتاجها عقب رفع العقوبات عنها ورفضت المشاركة في الاجتماع الذي عقده المنتجون في أوبك وخارجها بالدوحة يوم 17 أبريل نيسان بهدف التوصل لاتفاق على تثبيت الإنتاج لتعزيز الأسعار. وعجز المنتجون عن التوصل لاتفاق في الاجتماع.

وقالت مصادر بقطاع النفط إن شركة إيبلوم الإيطالية حجزت شحنة حجمها مليون برميل من الخام الإيراني تبحر بها الناقلة بويتيك باتجاه البلاد. وستكون هذه أول شحنة تصل إلى إيطاليا بعد رفع العقوبات عن طهران. وذكرت مصادر بقطاع تجارة وشحن النفط أن شركة التكرير اليونانية موتور أويل هيلاس ستتلقى أولى شحناتها من الخام الإيراني بعد رفع العقوبات جرى تحميلها على الناقلة كريتي بريز في جزيرة خرج يوم 20 أبريل نيسان. ولم ترد الشركة على طلب للتعليق.

وكانت الشركتان تشتريان النفط الإيراني قبل فرض العقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي والتي أوقفت فعليا شحنات الخام الإيراني إلى أوروبا التي كانت تشتري أكثر من ثلث صادرات إيران. وحجزت توتال الفرنسية وسيسبا الأسبانية وهيلينيك بتروليوم اليونانية شحنات خام إيرانية لمصافيها الأوروبية هذا العام. وبلغت الصادرات الإيرانية ذروتها عند ما يزيد قليلا على 2.5 مليون برميل يوميا في 2011 بما جعلها ثاني أكبر مصدر للنفط في ذلك العام بعد السعودية بحسب رويترز. وانخفضت الصادرات إلى أكثر قليلا من مليون برميل يوميا بعد تشديد العقوبات في 2012. وتشير بيانات انرجي اسبكتس إلى أن الواردات العالمية من الخام الإيراني ارتفعت في مارس آذار إلى 1.90 مليون برميل يوميا من 1.51 مليون برميل يوميا في فبراير شباط.

إنتاج أوبك يقترب من مستوى قياسي

من جهة اخرى أظهر مسح أجرته رويترز أن إنتاج منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ارتفع إلى مستوى قياسي في أبريل نيسان حيث طغت زيادة الإنتاج التي قادتها إيران والعراق على أثر إضراب في الكويت وانقطاعات أخرى في الإنتاج. غير أن السعودية أكبر مصدر للخام في العالم لم تعدل إنتاجها كثيرا وفق ما أظهره المسح رغم تلميحها إلى احتمال زيادة الإنتاج بعد فشل المنتجين من داخل المنظمة وخارجها في الاتفاق على تثبيت الإنتاج خلال اجتماع عقد بالعاصمة القطرية الدوحة يوم 17 أبريل نيسان.

وتعافت أسعار النفط لترتفع أكثر من 75 بالمئة من أدنى مستوياتها في 12 عاما الذي سجلته في يناير كانون الثاني لتصل إلى 48 دولارا للبرميل بدعم من مبادرة تثبيت الإنتاج وعلامات على أن انخفاض الأسعار بدأ يحد من إمدادات المنتجين ذوي التكلفة العالية رغم ارتفاع المخزونات وغيره من المؤشرات على تخمة المعروض. وقال يوجين فاينبرج المحلل لدى كومرتس بنك في فرانكفورت "السوق متخمة بكميات ضخمة من المعروض... وموجة الصعود هذه لن تدوم طويلا." وارتفعت إمدادات المعروض من أوبك إلى 32.64 مليون برميل يوميا هذا الشهر من 32.47 مليون برميل يوميا في مارس آذار بحسب المسح الذي استند إلى بيانات شحن ومعلومات من مصادر في شركات نفط وأوبك وشركات استشارية. ويتماثل ذلك تقريبا مع مستوى الإنتاج في يناير كانون الثاني الذي بلغ 32.65 مليون برميل يوميا حين أدت عودة اندونيسيا للمنظمة إلى تعزيز الإنتاج لترتفع إمدادات الدول الاثنتي عشرة الأخرى الأعضاء في أوبك إلى أعلى مستوياتها منذ تدشين مسح رويترز في عام 1997.

ويزيد إنتاج أوبك منذ أن تخلت المنظمة عام 2014 عن دورها التاريخي في الحد من المعروض لتعزيز الأسعار وقادت السعودية والعراق زيادات الإنتاج. وسجلت إيران أكبر زيادة في الإنتاج في أبريل نيسان بعد رفع العقوبات الغربية عنها في يناير كانون الثاني. وتريد طهران استعادة حصتها السوقية التي فقدتها وترفض الحد من إمداداتها حتى تصل إلى مستوى إنتاجها قبل العقوبات. ويشير المسح إلى أن إنتاج إيران بلغ 3.40 مليون برميل يوميا ليقارب مستوى إنتاجها في نهاية 2011 قبل تشديد العقوبات حين بلغ 3.50 مليون برميل يوميا. لكن مصادر قالت إن بعضا من هذا الخام ربما جاء من المخزون وهو ما يعطي دفعة مؤقتة لإمدادات أبريل نيسان.

ورفع العراق إنتاجه أيضا بعدما سجل أكبر زيادة للإنتاج في أوبك عام 2015.

وزادت الصادرات من جنوب العراق إلى ما قد يكون مستوى قياسيا جديدا في أبريل نيسان إذ يتوقف الأمر على ما إن كانت الناقلات التي يتم تحميلها بالخام في نهاية الشهر ستعتبر من ناقلات أبريل نيسان أم مايو أيار. وارتفعت شحنات الخام الكردي من الشمال أيضا. ومن بين الدول التي خفضت الإنتاج شهدت الكويت أكبر خفض في الإمدادات بسبب إضراب استمر ثلاثة أيام تسبب بشكل مؤقت في خفض إنتاج النفط إلى أقل من النصف والحد من عمليات التكرير. وتراجع إنتاج نيجيريا أيضا بسبب استمرار غياب صادرات خام فوركادوس وتعطل شحنات أخرى لفترة وجيزة. وتسببت مشكلات تتعلق بالتحميل وانقطاع الكهرباء وغيرها في انخفاض إمدادات فنزويلا بما يقدر بواقع 40 ألف برميل يوميا.

السعودية ستزيد إنتاجها من النفط

في سياق مقارب قالت مصادر في قطاع النفط بالسعودية إن إنتاج المملكة من الخام سيرتفع إلى مستويات قياسية خلال الأسابيع المقبلة لتلبية الطلب على الكهرباء في فصل الصيف لكنه من غير المرجح أن يصل إلى الحد الذي تغرق به الأسواق العالمية. وقالت المصادر إن الإنتاج قد يرتفع إلى نحو 10.5 مليون برميل يوميا خلال الصيف. وقالت ثلاثة مصادر ترصد الإنتاج السعودي إن إنتاج أبريل نيسان لم يسجل تغيرا يذكر عند نحو 10.15 مليون برميل يوميا.

وقد تساعد تلك التوقعات على تهدئة مخاوف السوق من إمكانية أن تضيف المملكة الكثير إلى تخمة المعروض من الخام في الأسواق العالمية بعد أن انهارت مباحثات تثبيت الإنتاج التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة هذا الشهر بعد أن رفضت الرياض التوقيع على الاتفاق من دون مشاركة طهران به. وقبل أيام من الاجتماع قال ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إن باستطاعة المملكة أن ترفع إنتاجها على الفور إلى 11.5 مليون برميل يوميا وأن تصل به إلى 12.5 مليون برميل يوميا خلال ستة إلى تسعة أشهر إذا كانت لديها الرغبة في ذلك. وقال بعض المحللين إن تلك التصريحات تعطي إشارة على الدخول في مرحلة جديدة في المعركة على الحصة السوقية مع إيران التي تزيد صادراتها بعد رفع العقوبات الدولية التي كانت مفروضة عليها. لكن مصادر في القطاع بالمملكة العربية السعودية إن الرياض لا تخطط لإغراق السوق بالمزيد من الخام في حالة عدم وجود طلب بحسب رويترز.

وقالت المصادر إن التصريحات التي أدلى بها الأمير محمد بن سلمان كان هدفها تسليط الضوء على قدرة المملكة من الناحية النظرية على زيادة إنتاجها من الخام. وقال أحد المصادر "أحد عشر مليون برميل يوميا؟ لا أتوقع ذلك." وقالت المصادر إن الإنتاج سيظل على الأرجح دون تغير يذكر عند 10.2 إلى 10.3 مليون برميل يوميا وإنه قد يرتفع بنحو 200 ألف إلى 300 ألف برميل يوميا في أشهر الصيف التي ترتفع فيها درجات الحرارة إلى نحو 10.5 مليون برميل يوميا. وغالبا ما يرتفع الإنتاج في الصيف عندما تحرق المملكة أكثر من 800 ألف برميل يوميا لتوليد الكهرباء مع ارتفاع الطلب على تكييف الهواء.

نيجيريا تخطط لدبلوماسية نفط مكوكية

من جهته قال وزير النفط النيجيري إيمانويل ايبي كاتشيكو لرويترز إن نيجيريا ستعقد محادثات مع السعودية وإيران وغيرها من الدول المنتجة للنفط بحلول مايو أيار وإنها تأمل بالتوصل لاتفاق لتثبيت مستوى الإنتاج في الاجتماع المقبل لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في يونيو حزيران. وفشلت محاولة التوصل لاتفاق تثبيت إنتاج النفط بين منتجي النفط في أوبك وخارجها بعد مطالبة السعودية بانضمام إيران للاتفاق برغم مطالبات للرياض بإنقاذ الاتفاق والمساعدة في دعم أسعار النفط الخام. وقال الوزير "سأقوم بالكثير من الدبلوماسية المكوكية مع (رئيس) أوبك لمناقشة كيف يمكن إشراك السعوديين والإيرانيين بدرجة أكبر." وأضاف "سنجري الكثير من المشاورات قبل اجتماع يونيو في فيينا."

وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت هناك فرصة للاتفاق على تثبيت مستوى الإنتاج في اجتماع يونيو حزيران لأوبك قال الوزير "اتمنى أن نصل لذلك." وقال إنه يأمل أن تدعم روسيا -وهي ليست عضوا في أوبك- هذا الاتفاق بعد إعلان موسكو إنها تستعد لرفع الإنتاج إلى مستويات تاريخية عقب تهديد السعودية بإغراق الأسواق بالمزيد من النفط الخام.

وتصدرت نيجيريا -أكبر منتج للنفط في أفريقيا- المحاولات الرامية للاتفاق على تثبيت الإنتاج حيث تعاني بسبب انخفاض إيرادات النفط. ووصل سعر خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة إلى 45 دولارا للبرميل متراجعا بشدة عن الارتفاع الذي بلغه في منتصف عام 2014 عند 115 دولارا للبرميل. وقال كاتشيكو إن فشل التوصل لاتفاق في فيينا قد يشجع المزيد من المنتجين على إغراق الأسواق بالنفط بحسب رويترز.

وأضاف "يمكن للسعودية التي تنتج حاليا 10.2 مليون برميل نفط يوميا أن ترفع الإنتاج إلى 11.2 مليون برميل. وتنتج روسيا نحو 10.5 مليون برميل يوميا ولديها طاقة إنتاج بنحو 12 مليون برميل. وإذا إمتد ذلك للجميع سيكون هناك المزيد والمزيد من الإمدادات في الأسواق." ورفضت إيران المشاركة في أي اتفاق لتثبيت مستوى الإنتاج حيث تريد طهران زيادة الإنتاج بعد رفع العقوبات الغربية التي استمرت أعواما عليها. وقال الوزير "تنتج إيران المزيد من النفط وسيكون هناك المزيد إذا قام الآخرون بالمثل." وسيكون تركيز الدبلوماسية المكوكية النيجيرية منصبا على إقناع السعودية وعدوتها اللدود إيران بالموافقة على اتفاق لتثبيت الإنتاج. وقال كاتشيكو "نحتاج لإقناعهم بأن الطرفين يمكنهما العمل معا في هذه المنظمة والتطلع للمصلحة المشتركة." وأضاف أن إنتاج النفط النيجيري سيظل دون مستوى مليوني برميل يوميا بسبب إغلاق خط أنابيب شل بعد تعرضه لهجوم من مسلحين مجهولين. ومن المتوقع أن تستمر الإصلاحات حتى يونيو حزيران. وقال الوزير "نعتزم إنتاج أكثر من 2.2 مليون برميل يوميا في العام الحالي وأن ننجح في الوصول إلى 2.5 مليون برميل." مضيفا أن أي إنتاج إضافي سيذهب إلى المصافي المحلية وليس للتصدير.

من يتحدث باسم سياسة النفط السعودية؟

وبالنسبة لوزير النفط الفنزويلي إيولوخيو ديل بينو فإن نظيره السعودي علي النعيمي المسؤول النفطي الأكثر نفوذا في العالم على مدى العقدين الأخيرين لم يعد صوت السلطة السعودية. ويحاول ديل بينو معرفة إلى من يؤول ذلك الدور الآن. يقول ديل بينو إنه بعد أن تبددت الآمال في عقد اتفاق هو الأول من نوعه منذ 15 عاما بين الدول الأعضاء وغير الأعضاء في منظمة أوبك بسبب مطالبات سعودية في اللحظة الأخيرة فقد طالب الوزراء المجتمعون في قطر النعيمي بالتدخل لانقاذ الاتفاق.

وقال ديل بينو للصحفيين في موسكو "للأسف لم يكن لدى ممثلي السعودية في الاجتماع أي سلطة على الإطلاق" وذلك بعد يوم من فشل الاتفاق على تثبيت الانتاج الذي كان متوقعا على نطاق واسع نتيجة لمطالبة السعودية بمشاركة غريمتها الإقليمية إيران. وأضاف "حتى النعيمي لم تكن لديه السلطة لتغيير أي شيء. السعوديون قالوا ‘لدينا أوراق جديدة وإما أن توافقوا عليها أو لن نتفق’.. كان قرارا سياسيا تماما... عمان والعراق والجميع كانوا محبطين حتى أن أحد الوزراء قال لي إنه كان أسوأ اجتماع على الاطلاق." وشهدت فنزويلا عضو أوبك وأحد أكبر المتضررين من انهيار أسعار النفط علاقات متوترة لعقود مع الرياض المحرك الحقيقي للمنظمة.

لكن مبعث استياء ديل بينو يتردد أيضا داخل وخارج أوبك منذ أصبح ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو المسؤول الأول عن قطاع النفط في المملكة العام الماضي.

ويرى بعض مراقبي أوبك والسعودية أن الأمير محمد الذي يبلغ من العمر 31 عاما قد أصبح مسؤولا بشكل كامل عن السياسة النفطية في أكبر مصدر للنفط في العالم في الوقت الذي يعتبر فيه مسؤولا أيضا عن الدفاع والإصلاح الاقتصادي. ويقول المراقبون إن تعدد الأصوات بات مربكا بعد أن كان النعيمي صاحب الخبرة الفنية هو الشخص الوحيد الموثوق به لتوضيح السياسة النفطية السعودية للعالم الخارجي على مدار عقود.

السعودية وروسيا قادرتان على زيادة الإنتاج

من جهته قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك إن بمقدور كل من السعودية وروسيا زيادة إنتاج النفط زيادة حادة وأوضح أنه ليس واثقا من أن بإمكان المصدرين الاتفاق على تثبيت مستوى الإنتاج بحلول يونيو حزيران. وفشل الاجتماع الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة لمناقشة تثبيت مستوى الإنتاج في التوصل لاتفاق بعد أن طالبت السعودية بانضمام إيران للاتفاق. وأثار فشل محادثات الدوحة تكهنات بنشوب ما وصف بحرب إنتاج بين روسيا والسعودية وهو ما يعني أن تكثف كل منهما الإنتاج في محاولة لسحب حصة السوق من الأخرى. وقال نوفاك للصحفيين على هامش مؤتمر دولي للطاقة في موسكو "هم (السعوديون) بالفعل قادرون على زيادة الإنتاج زيادة كبيرة. لكن كذلك نحن."

وقال إن إنتاج النفط الروسي سيتجاوز 540 مليون طن هذا العام (10.8 مليون برميل يوميا).

ومن المقرر أن تعقد منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) اجتماعها المقبل في العاصمة النمساوية فيينا يوم 2 يونيو حزيران. وقال نوفاك "نحن غير واثقين من أنه سيكون بوسعهم التوصل لاتفاق (بشأن تثبيت الإنتاج) في إطار أوبك. إن التوصل لاتفاق بحلول يونيو مهمة صعبة لابد لجميع الدول المعنية أن تشارك في تنفيذها." وأضاف أنه حتى قبل نصف ساعة من اجتماع الدوحة كانت روسيا واثقة من تمرير مسودة قرار بشأن تثبيت إنتاج النفط تم الاتفاق عليه في فبراير شباط. لكنه قال إن تغير موقف الوفد السعودي في الدوحة كان "مفاجأة" لكن شدد على أن هذا لن يؤثر على علاقات روسيا والسعودية.

ايران.. تجميد الانتاج النفطي إبقاء للعقوبات

من جهته اعلن وزير النفط الايراني ان بلاده لا تنوي تجميد انتاجها النفطي لان ذلك سيوازي الابقاء على العقوبات الدولية التي رفعت جزئيا منذ منتصف كانون الثاني/يناير. ونقل التلفزيون الايراني عن بيجان زنكنة قوله "بالنسبة لايران القبول بتجميد الانتاج النفطي يعني قبول طوعا (الابقاء) على العقوبات التي رفعت بعد جهود ومقاومة من الامة دامت لسنوات". واضاف "تجميد الانتاج الى مستوى كانون الثاني/يناير 2016 يعني ان العقوبات لم ترفع وان الصادرات النفطية الايرانية ستكون مستقرة بالمستوى الذي كانت عليه (في فترة) العقوبات". ورفع قسم كبير من العقوبات الدولية التي كانت تخنق الاقتصاد الايراني في 16 كانون الثاني/يناير بعد ستة اشهر على ابرام اتفاق تاريخي مع الدول الكبرى حول برنامج طهران النووي. وهذا سمح لايران العضو في منظمة اوبك بالعودة بقوة الى السوق بزيادة صادراتها النفطية من مليون برميل يوميا في كانون الاول/ديسمبر 2015 الى مليونين مطلع نيسان/ابريل بحسب فرانس برس.

واتهم زنكنة "بعض الدول" المنتجة للنفط بانها مسؤولة عن الوضع الحالي نتيجة اغراق السوق النفطية ما ادى الى هبوط الاسعار. واكد ان "ايران لم تلعب اي دور في زعزعة استقرار السوق النفطية او اغراقها والجهات المسؤولة عن ذلك تحاول الان التنصل من مسؤولياتها". وتاتي هذه التصريحات بعد فشل اجتماع في الدوحة للدول الكبرى المنتجة للحد من الانتاج النفطي. وكانت خلافات بين ايران والسعودية ظهرت قبل بدء الاجتماع ما حمل ايران على مقاطعته.

منتجو أمريكا اللاتينية وإعادة التوازن

في حسن يقول خبراء قد يسهم منتجو النفط في أمريكا اللاتينية في ظل الضغوط المالية في وضع آلية لاستعادة التوازن السوقي الذي فشل المنتجون من داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وخارجها في التوصل إليها خلال اجتماعهم في العاصمة القطرية الدوحة يوم الأحد. ودفع رفض إيران مناقشة وضع سقف لإنتاجها المتنامي خلال اجتماع الأحد المملكة العربية السعودية إلى إحباط اتفاق كان المتفائلون يراهنون قبل أشهر فقط أنه سيجتذب مؤيدين لمعالجة أسوأ موجة هبوط في نحو 30 عاما.

يقول الخبير النفطي والرئيس التنفيذي لشركة بيرا المتخصصة في استشارات الطاقة جاري روس "لا شك أن (انتاج) المكسيك وفنزويلا وكولومبيا يتراجع. بوضوح.. حوض الأطلسي هو الذي يتضرر في جانب الإنتاج وعودة التوازن في الطريق." ويضيف روس أنه مع بلوغ فائض الإنتاج العالمي نحو 1.2 مليون برميل يوميا في العام الماضي من المتوقع أن ينخفض الإنتاج الأمريكي بواقع 700 ألف برميل يوميا عن المستويات التي سجلها قبل عام. يضاف إلى هذا انخفاض الإنتاج في فنزويلا بواقع 150 ألف برميل يوميا و100 ألف برميل يوميا في المكسيك إلى جانب هبوط حاد في كولومبيا. وفي المجمل سيشكل هذا انخفاضا في الإنتاج بنحو مليون برميل يوميا.

اضف تعليق