q

الفساد المالي والاداري ظاهرة عالمية، تنتشر في عموم الدول، حتى تلك الدول المتقدمة والتي يسودها قوانين صارمة، وتقودها أنظمة ومؤسسات راسخة، تعاني بين حين وآخر من فضيحة اقتصادية او مالية تهز الحكومة والدولة كلها، وفي الآونة الاخيرة بدأت مواقع معينة إلكترونية تسرب وثائق سرية تفضح شخصيات كبيرة في العالم قسم كبير منهم قادة وملوك ورؤساء متورطون في أعمال فساد، فقبل سنتين تقريبا فضحت وثائق ويكيلكس مسؤولين كبار في العالم وكشفن عمليات فساد هائلة.

اليوم نعيش حالة مشابهة مع ما يسمى بوثائق بنما، حيث وردت اسماء تقود العالم وهي متورطة في عمليات فساد واسعة ومتنوعة، فالملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن نايف آل سعود، حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر السابق وحمد بن جاسم رئيس وزرائه السابق وخليفة بن زايد آل نهيان، أسماء كبيرة تتصدر أسرا حاكمة في الخليج العربي كشف عنها وعن شركاتها وعلاقاتها المالية السرية في "وثائق بنما"، وكذلك عدد من الشخصيات العربية الأخرى. العالم بأجمعه تلقف هذه الأخبار بلهف شديد لأنها تكشف عن حجم الفساد الهائل في أكثر من مئتي دولة. غير أن الصحافة الخليجية اختارت أسلوب النعامة في إخفاء رأسها بالرمال، وكأن شيئا لا يدور حولها، ولا الخطر يقترب من أبوابها.

وفي الجزائر هناك غضب شعبي ازاء المعلومات التي تم تسريبها عن اسماء حكومية في الجزائر، وقد قابل المسؤولون في الجزائر تلك المعلومات بالتغاضي والصمت، وهذا اثار احتجاجات وتساؤلات كبيرة في الشارع والاعلام الجزائري، حيث أعربت الصحف الجزائرية عن استيائها من "الصمت المخزي" للحكومة إزاء "وثائق بنما"، التي تحدثت عن امتلاك وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب لشركة في بنما. كما انتقدت القضاء، معربة في الوقت نفسه عن أسفها على الوضع. وتساءلت الصحافة الجزائرية عن أسباب الصمت الحكومي إزاء التحقيق المنشور حول "وثائق بنما" والذي شمل وزير الصناعة الجزائري عبد السلام بوشوارب.

ونددت صحيفة "الوطن" بـ"الصمت المخزي للسلطات"، فيما تساءلت صحيفة "ليبرتيه" الناطقة بالفرنسية ما إذا كان "يستطيع بوشوارب البقاء" في الحكومة وعنونت صحيفة "الخبر حكومات عديدة تحقق مع مسؤوليها المتهمين، بوشوارب يضع السلطة في ورطة". وأوضحت "في وقت أعلنت العديد من الدول في العالم، وردت أسماء مواطنيها وشركاتها في فضيحة ’اوراق بنما‘، فتح تحقيقات قضائية ومحاسبة المتورطين

في تونس هناك ملفات فساد قديمة جديدة لم تغلق حتى الآن على الرغم من مرور سنوات طويلة عليها، فقد اصدرت محكمة تونسية حكما غيابيا بسجن الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الهارب في السعودية منذ 2011، 10 سنوات إثر ادانته في قضية فساد جديدة، حسبما اعلنت النيابة العامة. وكانت محاكم تونسية اصدرت في السنوات الاخيرة عدة احكام بالسجن ضد بن علي في قضايا تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ خلال فترة حكمه. كما صدر ضده حكم بالسجن المؤبد على خلفية قمع نظامه تظاهرات واحتجاجات شعبية خلال الثورة التي اطاحت بحكمه في 14 كانون الثاني/يناير 2011. وقال كمال بربوش الناطق الرسمي باسم النيابة العامة بمحكمة تونس الابتدائية ان المحكمة قضت بسجن بن علي 10 سنوات في قضية فساد جديدة تتعلق بشركة اعلانات.

هكذا تتعامل الصحافة العربية مع هذه الوثائق التي حملت في طياتها فضائح كبيرة عن شخصيات قيادية كبيرة، وكان صمت الاعلام العربي واضحا ازاء ورود اسماء ملوك وحكام ومسؤولين في وثائق بنما، وكأن الامر يعنيهم، في حين اثار غضبا كبيرا في دول وشعوب اخرى، فيما تم تجاهل الوثائق في اعلام دول الخليج مثلا.

تجاهل وثائق بنما لاحتوائها أسماء الأسر المالكة

في هذا السياق استيقظ العالم مؤخرا على خبر تسريب 12 مليون وثيقة عن إنشاء شركات بأموال شخصيات متهربة من الضرائب في بلدانها. رؤساء دول وحكومات ووزراء وملوك وأمراء وأفراد من أسر مالكة، إضافة لمقربين منهم استغلوا صلاتهم بهم. خمس شخصيات خليجية كشفت عنها هذه الوثائق: ملك السعودية وولي عهده، أمير قطر السابق ورئيس وزرائه السابق أيضا ورئيس الإمارات. وهو أمر تجاهلته معظم وسائل الإعلام الخليجية.

حوالى اثنتي عشر مليون وثيقة تحتوي على عقود إنشاء ما يفوق المئتي ألف شركة في جزر العذراء البريطانية. أسماء وهويات مجهولة سطرت في هذه العقود لإخفاء هويات اللاعبين والمستفيدين الأصليين، وأسماء وهويات حقيقية أخرى أدهش العالم وجودها في هذه الوثائق المسماة "بوثائق بنما" نسبة لمكتب المحاماة البنمي "مؤسسة موساك فونسيكا القانونية" المتخصصة في إنشاء حسابات خارجية. هذه الوثائق التي كشفها "الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين" بالتعاون مع 108 صحيفة ووسيلة إعلام دولية.

الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن نايف آل سعود، حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر السابق وحمد بن جاسم رئيس وزرائه السابق وخليفة بن زايد آل نهيان، أسماء كبيرة تتصدر أسرا حاكمة في الخليج العربي كشف عنها وعن شركاتها وعلاقاتها المالية السرية في "وثائق بنما"، وكذلك عدد من الشخصيات العربية الأخرى. العالم بأجمعه تلقف هذه الأخبار بلهف شديد لأنها تكشف عن حجم الفساد الهائل في أكثر من مئتي دولة. غير أن الصحافة الخليجية اختارت أسلوب النعامة في إخفاء رأسها بالرمال، وكأن شيئا لا يدور حولها، ولا الخطر يقترب من أبوابها. ومن شعر منها بأن التجاهل ليس حلا على وسيلة إعلامية وكبيرة آثر السلامة وركز على شخصيات أخرى في عالم الرياضة، مثل ميسي وبلاتيني.

معظم الصحف السعودية والقطرية والإماراتية التي أوردت أخبارا عن هذه الوثائق، أرادت على ما يبدو تصفية حسابات سياسية مع خصوم دولها كروسيا ورئيسها بوتين، وسوريا ونظامها. الشرق الأوسط السعودية نشرت عددا من المقالات العامة لم تتطرق فيها ولو بكلمة واحدة للشخصيات الخليجية المذكورة آنفا، وركزت على أسرة الرئيس الصيني شين جين بينغ وغيره من القادة الصينيين، وبوتين وحاشيته والدول الأوروبية. وهكذا كان الحال مع جرائد سعودية على غرار "الحياة" و"الوطن"، أما تلفزيون العربية الفضائي السعودي فتجاهل أيضا ذكر أفراد الأسر المالكة وركز على البنوك الأوروبية وانشغلت بمقاضاة لاعب برشلونة ميسي لوسائل الإعلام الإسبانية لذكرها اسمه في الوثائق.

أما ممثلة وسائل الإعلام القطرية في العالم العربي، قناة "الجزيرة"، فقد ركزت أيضا على "ميسي وبلاتيني أبرز الرياضيين في وثائق بنما" وردود فعل الصحافة الأمريكية على الفضيحة أو على خبر تسريب الوثائق فقط. كل ما ذكرناه لم يكن إلا القليل من الأمثلة على ما يطغى على المشهد الإعلامي الخليجي. وهو أمر مستغرب في عالم تسوده العولمة وتكنولوجيا الاتصالات التي أذابت الحدود بين الدول والأمم، وكأن التجاهل سيمنع مواطني هذه الدول، والتي تمتلك شبكة إنترنت قوية، من تصفح المواقع الأخرى التي تتبعت وتتبع بعمق هذه الفضيحة التي تتكشف أسرارها يوما وراء آخر بحسب فرانس برس.

حاكم الإمارات يملك إمبراطورية عقارية في لندن

من جهتها أوردت صحيفة "الغارديان"، استنادا إلى "وثائق بنما"، أن حاكم الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان يملك إمبراطورية عقارية بقيمة 1.5 مليار يورو في لندن. وتشمل إمبراطوريته عددا من المبان الفخمة في العاصمة البريطانية. ويملك حاكم الإمارات العربية المتحدة إمبراطورية عقارية بقيمة 1,5 مليار يورو في لندن اشتراها عبر شركات "أوفشور"، أنشأها له مكتب محاماة "موساك فونسيكا" الموجود في قلب فضيحة "وثائق بنما"، وفق صحيفة " الغارديان". وقالت الصحيفة البريطانية إن عددا من كبار السياسيين ورجال الأعمال يملكون عقارات فسيحة في بريطانيا، اشتروها عبر مكتب المحاماة من دون أن تذكر أسماؤهم، حتى تم تسريب الوثائق، وخصوصا في لندن حيث ارتفعت الأسعار بشكل كبير خلال السنوات الماضية. لكنها قالت إن هذه الممارسات لا تشوبها أي شائبة قانونية.

وأضافت الصحيفة أن حاكم الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان يملك عقارات بقيمة 1,2 مليار جنيه إسترليني. وإذا كان من المعروف أن عائلة آل نهيان الحاكمة في أبو ظبي لديها عقارات كبيرة في لندن، إلا أن حجمها لم يكن معروفا. وتشمل العقارات التي يملكها الشيخ خليفة مبنى متجر "بي إتش إس" الضخم في شارع أوكسفورد التجاري الشهير، ومبنى متجر "هرميس" على شارع "مايفير" الشهير أيضا. وذكرت "الغارديان" أن بين من اشتروا عقارات عن طريق "موساك فونسيكا" كذلك اسم مريم صفدار، ابنة رئيس وزراء باكستان السابق نواز شريف، والرئيس العراقي السابق إياد علوي. وفي الإجمال تبلغ قيمة العقارات التي تم شراؤها من خلال مكتب المحاماة البنمي 7 مليارات جنيه إسترليني.

وغالبا ما يتم شراء عقارات عبر شركات "أوفشور" في لندن حيث توجد 31 ألفا من هذه الشركات المالكة للعقارات، بينها 10% على صلة بمكتب المحاماة البنمي، وفق "الغارديان" العضو في الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين الذي قام بتسريب "وثائق بنما". وذكرت منظمة "الشفافية الدولية" العام الماضي أن سوق العقارات في لندن تحول إلى ملاذ حقيقي لتبييض الأموال والتهرب الضريبي. وقالت المنظمة إن عقارا واحدا من كل عشرة في حي "وستمنستر" الحكومي تم شراؤه عبر شركات "أوفشور" في الجزر العذراء البريطانية وفي جزر جيرزي ومان وغيرنيسي بحسب فرانس برس.

قرصنة الموقع الاكتروني لـ "أوراق بنما"

من جهته تعرض موقع "إنكيفادا" المكلف نشر الجزء التونسي من فضيحة "أوراق بنما" الى "هجوم الكتروني خطير" بعد ساعات من نشره اولى المعلومات المسربة، حسبما اعلن الموقع. وقال "إنكيفادا" في تغريدة على حسابه الرسمي في تويتر "يتعرض موقعنا إلى هجوم الكتروني خطير. وقد نجح القراصنة في نشر معلومات مغلوطة باسمنا". وأضاف "لأسباب تتعلق بالسلامة، نحن مجبرون على وضع الموقع خارج نطاق الخدمة (..) للتعامل مع هذا الهجوم".

ولم يتسن النفاذ الى الموقع فيما اكدت مديرة تحريره منية بن حمادي لفرانس برس انه تم وضعه خارج نطاق الخدمة بهدف اصلاح الاضرار التي سببها القراصنة. وقالت بن حمادي "تم شن الهجوم من مناطق عدة. في الوقت الحالي حددنا الأماكن (التي شُن منها الهجوم) وليس الاشخاص". ونشر الموقع اولى المعلومات حول تورط تونسيين في فضيحة "أوراق بنما". وقال الموقع بعد قرصنته "الاسم الوحيد الذي تم الكشف عنه حتى الان هو محسن مرزوق. وسيتم لاحقا نشر مقالات اخرى".

ومحسن مرزوق هو الامين العام السابق لحزب نداء تونس الذي اسسه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في 2012. انشق مرزوق عن هذا الحزب إثر صراع على زعامته مع حافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي، وأنشأ الشهر الماضي تنظيما سياسيا جديدا اطلق عليه اسم "حركة مشروع تونس". وبحسب موقع إنكيفادا، فقد تم ذكر اسم محسن مرزوق في وثائق لمكتب المحاماة البنمي "موساك فونسيكا" بعدما طلب معلومات لاحداث شركة في الخارج بحسب فرانس برس.

في سياق مقارب رفع سياسي تونسي شكوى بتهمة "التشهير" ضد مجلة الكترونية محلية بعد ان ادرج اسمه في اطار التحقيق حول "اوراق بنما"، حسب ما اعلن مسؤول في حزبه واحد محاميه. وقال النائب وليد جلاد احد قادة "حركة مشروع تونس" التي تأسست حديثا ان "المحامين رفعوا شكوى اليوم ضد المجلة الالكترونية انكيفادا باسم محسن مرزوق" مؤسس الحركة. واوضح المحامي عبيدة كيفي ان الامر يتعلق بشكوى "تشهير".

وكتبت المجلة الالكترونية التي نشرت "اوراق بنما" في مقال مساء الاثنين ان اسم مرزوق وارد في وثائق مكتب المحامين في بنما موساك فونسيكا بعد طلب معلومات بهدف انشاء شركة اوف شور. وقالت انكيفادا "بالرغم من محاولاتنا المتعددة، لم يرد محسن مرزوق على طلباتنا باجراء مقابلة معه".ومن ناحيته، قال جلاد "لم يتصلوا" بمرزوق معتبرا ان الامر يتعلق ب"حملة تستهدف" هذا المسؤول السياسي.

وفي تصريح لمحطة موزاييك الخاصة، نفى محسن مرزوق "نفيا قاطعا" القضية منددا ب"قصة مختلقة من اساسها". وبدأت حوالى مئة صحيفة في العالم الاثنين بنشر نتائج التحقيقات حول 11،5 مليون وثيقة مصدرها موساك فونسيكا. وكشفت هذه التحقيقات القناع عن نظام واسع للتهرب من الضرائب ضالع فيه مسؤولون سياسيون كبار ورياضيون واصحاب ثروات مالية. وفي تونس، اعلنت انكيفادا انها تعرضت لهجوم معلوماتي بعد ساعات عن نشرها اول تحقيق عن "اوراق بنما". واستأنف الموقع نشاطه الاربعاء بعد ان تعذر الدخول اليه بحسب فرانس برس.

الصحف الجزائرية مستاءة من "الصمت المخزي" للحكومة

من جهتها أعربت الصحف الجزائرية عن استيائها من "الصمت المخزي" للحكومة إزاء "وثائق بنما"، التي تحدثت عن امتلاك وزير الصناعة عبد السلام بوشوارب لشركة في بنما. كما انتقدت القضاء، معربة في الوقت نفسه عن أسفها على الوضع. وتساءلت الصحافة الجزائرية عن أسباب الصمت الحكومي إزاء التحقيق المنشور حول "وثائق بنما" والذي شمل وزير الصناعة الجزائري عبد السلام بوشوارب.

ونددت صحيفة "الوطن" بـ"الصمت المخزي للسلطات"، فيما تساءلت صحيفة "ليبرتيه" الناطقة بالفرنسية ما إذا كان "يستطيع بوشوارب البقاء" في الحكومة وعنونت صحيفة "الخبر حكومات عديدة تحقق مع مسؤوليها المتهمين، بوشوارب يضع السلطة في ورطة". وأوضحت "في وقت أعلنت العديد من الدول في العالم، وردت أسماء مواطنيها وشركاتها في فضيحة ’اوراق بنما‘، فتح تحقيقات قضائية ومحاسبة المتورطين، اختارت الحكومة الجزائرية الاحتجاج لدى جريدة ’لوموند‘ على نشر صورة الرئيس بوتفليقة، فضلا على تمكين الشركة التي تدير محفظة أموال وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب في بنما، التي تعد واحدة من الجنات الضريبية، من الرد على ما ورد في ’أوراق بنما‘ بخصوصه".

وتابعت أن وكالة الأنباء الجزائرية تولت "بث الرد في خدمة لا يحصل عليها إلا كبار النافذين في السلطة".

وأبدت صحيفة "لو سوار دالجيري" أسفها "للصمت الرسمي في الجزائر". ونشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، وهي إحدى وسائل الإعلام التي حصلت على "أوراق بنما"، أن عبد السلام بو شوارب الذي تسلم منصبه الوزاري منذ شهر أيار/مايو 2014، يملك شركة في بنما هي "رويال أرايفل كورب"، وقد أنشئت في نيسان/أبريل 2015 من خلال خدمات شركة تنشط في تسجيل شركات أوفشور. وكانت مهمتها "إدارة محفظة من الأصول العقارية بقيمة 700 ألف يورو مملوكة حاليا" من الوزير بحسب فرانس بريس.

الجزائر ترفض منح تأشيرة دخول لصحافيين فرنسيين

من جهتها رفضت السلطات الجزائرية منح تأشيرة دخول لصحافيي يومية "لوموند" وقناة "كنال+" الفرنسيتين لتغطية زيارة رئيس الحكومة الفرنسية، على خلفية مقالات وتقارير حول فضيحة "وثائق بنما" وصحة الرئيس الجزائري. وأعلنت أربع وسائل إعلام فرنسية بارزة أنها "ستقاطع" تغطية زيارة فالس إلى الجزائر تضامنا مع "لوموند" و"كنال+". احتجاجا على نشرها صورة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة مرفقة باتهام خاطىء له بالتورط في "وثائق بنما"، رفضت السلطات الجزائرية منح تأشيرة دخول لصحافي من يومية "لوموند" الفرنسية.

وقال مدير عام صحيفة "لوموند" جيروم فينوغليو في تصريح على موقع الصحيفة "رفضت السلطات الجزائرية منح تأشيرة دخول إلى صحافي لوموند الذي كان من المفترض أن يغطي الزيارة الرسمية لـ(رئيس الحكومة) مانويل فالس إلى الجزائر ابتداء من السبت ما سيمنعنا من القيام بعملنا". وأضاف "أن هذا القرار مرتبط بطريقة تعاملنا مع -وثائق بنما- خصوصا المعلومات التي نشرناها حول الجزائر"، معربا عن "احتجاجه على هذا الانتهاك لحرية الصحافة". وشاركت صحيفة "لوموند" مع الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين في درس الملفات التي كشفها مكتب المحاماة موساك فونسيكا في بنما.

وفي هذا الإطار، نشرت الصحيفة على صفحتها الأولى في الخامس من نيسان/أبريل صورة للرئيس بوتفليقة بين القادة المتهمين بالتورط في تلاعب مالي، قبل أن توضح بأن اسم الرئيس الجزائري "لم يرد في -أوراق بنما-". وتبين أن التقارير تشير إلى تورط شخصيات جزائرية لها علاقة بالنفط. كما رفضت السلطات الجزائرية أيضا منح تأشيرة دخول إلى فريق تابع لـ"كانال+" لتغطية زيارة فالس إلى الجزائر، بسبب نشرها تحقيقات سخرت فيها من صحة الرئيس الجزائري. وعلم من أوساط رئيس الحكومة الفرنسية أنه اتصل بنظيره الجزائري عبد المالك سلال لحل هذه المسألة، من دون أن يحقق نتيجة بحسب فرانس برس.

محكمة جزائرية تسجن 6 في قضية فساد

من جهتها قضت محكمة جزائرية بسجن ستة أشخاص في قضية فساد بشركة سوناطراك المملوكة للدولة بينهم نائب الرئيس السابق للشركة ومدير بنك سابق كما غرمت شركتين تابعتين. وصدر الحكم في القضية التي عرفت بقضية "سوناطراك 1" في وقت تتعرض فيه الموارد المالية الدولة عضو منظمة أوبك لمشكلات بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية. كما صدر في وقت تبذل فيه سوناطراك جهدا لجذب استثمارات أجنبية تحتاج إليها بشدة. وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أن الاتهامات التي وجهت إليهم شملت الفساد وغسل الأموال ومنح عقود بالمخالفة للقانون واللوائح وزيادة أسعار العقود.

وأضافت أن الحكم صدر بالسجن خمس سنوات على بلقاسم بومدين نائب الرئيس السابق المكلف بنشاطات المنبع في قضية سوناطراك وأنزلت محكمة الجنايات الجزائرية العقوبة نفسها على ابن لرئيس سابق لسوناطراك ومدير سابق لبنك حكومي. وأضافت الوكالة أن المحكمة قضت بالسجن ست سنوات على آل اسماعيل محمد رضا رئيس مجلس إدارة المجمع الجزائري الألماني كونتال فونكوارك وابن ثان للرئيس السابق لسوناطراك وابن رئيس لبنك مملوك للدولة. وصدر الحكم على الرئيس التنفيذي السابق لسوناطراك محمد مزيان بالسجن خمس سنوات مع وقف التنفيذ. وسينال معظم من حكم عليهم بالسجن حريتهم قريبا لكونهم قضوا أغلب مدة العقوبة في الحبس الاحتياطي على ذمة القضية. وغرمت المحكمة شركة كونتال فونكوارك وشركة أخرى أربعة ملايين دينار (38 ألف دولار) بحسب رويترز.

لبنان استوفى شروط مكافحة تبييض الأموال

في سياق مقارب أعلن حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامه أن مجموعة "جافي" المعنية بمكافحة تبييض الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب أكدت أن لبنان استوفى كل الشروط المطلوبة وليس بحاجة إلى متابعة. وجاء في بيان أصدره سلامه ونشرته الوكالة الوطنية للأنباء أن البيان الختامي الذي أصدرته مجموعة جافي إثر انتهاء جمعيتها العمومية التي انعقدت في باريس بين 15 و19 فبراير شباط الجاري أكد أن لبنان "يستوفي كل الشروط المطلوبة من حيث القانون ومن حيث الممارسة لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وسلاح الدمار الشامل... ولن يكون هناك أي مطالبة أو متابعة تخص لبنان."

وأشار إلى أن هذا التطور "الإيجابي" نتج عن إقرار القوانين المطلوبة من قبل مجلس النواب والحكومة اللبنانية في نوفمبر تشرين الثاني 2015 وعن تعاميم مصرف لبنان. وقال سلامه "هذا القرار يبقي لبنان منخرطا في العولمة المالية ما يرتد إيجابا على وضعه الاقتصادي." وكان البرلمان اللبناني قد أقر في نوفمبر تشرين الثاني الماضي قوانين مالية تتصل بالتزامات لبنان تجاه المؤسسات الدولية أهمها ما يتعلق بالتصريح عن نقل الأموال عبر الحدود وتبادل المعلومات الضريبية ومكافحة غسل الأموال وتجفيف منابع الإرهاب.

واعتبر سلامه أن هذا الإعلان الصادر عن جمعية عمومية تضم 199 بلدا "يريح لبنان من حيث تعاطيه المصرفي والمالي مع الخارج ويسهل على من يتعاطى مع المصارف اللبنانية وبالأخص المغتربين اللبنانيين وغير المقيمين التحويلات من وإلى لبنان." وتلعب تحويلات المغتربين دورا مهما في الاقتصاد اللبناني. ورغم غياب البيانات الرسمية إلا أن التوقعات تشير إلى أن إجمالي تحويلات المغتربين السنوية تتراوح بين 7.5 مليار و9 مليارات دولار تمثل نحو 18 بالمئة من الناتج المحلي وما يوازي 1700 دولار للفرد المقيم في لبنان.

وذكر سلامه أن مجموعة جافي كانت قد وضعت 22 دولة تحت المراقبة في اكتوبر تشرين الأول 2015 "أما في (فبراير) شباط 2016 فقد أبقت 15 دولة تحت الرقابة في اجتماعها الأخير... واعتبرت أن 7 دول ليست بحاجة إلى أي متابعة أو إجراء جديد ومن بينها لبنان بحسب رويترز."

هيئة مكافحة الفساد استعادت 70 مليون دولار

في سياق مقارب يقول رفيق شاكر النتشة رئيس هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية إنه استعاد 70 مليون دولار خلال خمس سنين لكن محققيه أخفقوا في الكشف عن أدلة لتبرير مزاعم اختفاء مئات الملايين من الدولارات من أموال الحكومة. وأضاف أن هناك حاجة لتعقب "عشرات الملايين من الدولارات" وأن أحد التحديات الكبرى التي تواجه فريقه هي استعادة الأموال التي اختفت في الخارج. وبعد سنوات من الحديث عن اختفاء مبالغ طائلة من المال يتعرض الرئيس الفلسطيني محمود عباس لضغوط من المانحين ليظهر أنه يتخذ إجراءات في هذا الصدد. وكان النائب العام في السلطة الفلسطينية أعلن في فبراير شباط 2006 أنه ينظر في 50 قضية اختلاس أموال من ميزانية السلطة بقيمة إجمالية تبلغ 700 مليون دولار.

ويقدم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة دعما مباشرا للميزانية الفلسطينية ويرغبان في فرض قيود أكثر صرامة فيما ذهب الأوروبيون إلى حد إرسال محققين لمعرفة إلى أين ذهبت بعض الأموال التي دفعوها. وصدر مرسوم رئاسي في 2010 بتعيين النتشة في منصب رئيس هيئة مكافحة الفساد وهو أستاذ في العلوم السياسية ودرس في بيروت وقضى الكثير من حياته المهنية في الخارج بما في ذلك مصر والسعودية. ومنح النتشة سلطات كبيرة للتحقيق في سوء إدارة الأموال والاختلاس والرشوة والمحسوبية وغيرها من ممارسات الفساد. وقال النتشة (81 عاما) من مكتبه في مدينة رام الله "هناك الكثير من الحديث عن الفساد لكن هناك القليل من الفساد الفعلي." وأضاف "تسمع الناس يتحدثون عن المليارات لكن الأمر ليس كذلك ... عندما تنظر إلى الحقائق وبالأدلة تجد أن هناك ما هو أقل من ذلك بكثير. ظننت أنني سأكتشف فسادا أكبر."

ويتحدث النتشة عن إدانة محكمة جرائم الفساد لمستشار للرئيس السابق ياسر عرفات لكن المبلغ المفقود وقيمته 34 مليون دولار لم يُسترد بعد. وينطبق الأمر أيضا على قضية تتضمن مليون دولار. وإلى جانب ذلك أدين السفير الفلسطيني السابق للإمارات باختلاس أكثر من مليوني دولار. وقال "التحدي الأكبر الذي نواجهه هو استرداد الأموال. هناك عدة ملايين خارج فلسطين لذا الأمر يعتمد على الدول الأجنبية حتى يتسنى لنا استرداد الأموال."

وعندما سئل عن كم الأموال التي يجري تعقبها بالخارج تحدث النتشة دون الخوض في تفاصيل عن "عشرات الملايين" من الدولارات. وقال "إنه عمل ضاغط وصعب". ورغم النجاحات الصغيرة لا يزال دبلوماسيون أجانب يشعرون بقلق شديد بشأن الفساد في الأراضي الفلسطينية سواء داخل السلطة الفلسطينية أو مؤسسات أخرى. وإلى جانب تقليص الدعم المباشر للموازنة الفلسطينية اتجه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى برامج المساعدة الثنائية حيث تكون لهما سيطرة أكبر على كيفية إنفاق الأموال على الأرض.

وتنتهي فترة ولاية النتشة العام المقبل ورغم تقدمه في السن فإنه يقول إنه مفعم بالطاقة والعزم على ملاحقة الفساد أينما كان. ويأمل أن يعين المزيد من الموظفين قريبا بما في ذلك المزيد من المحققين. وكان النتشة صديقا لعرفات وعباس منذ الخمسينيات من القرن الماضي وعاش فترة في قطر والكويت. ويقول إن سلطاته تشمل كل إدارات الحكومة ووزاراتها وحتى الرئاسة. وعندما سئل إن كان مستعدا للتحقيق في أمر الرئاسة إذا كان لديه سبب لذلك أجاب بأنه لن يتردد. وقال "إذا قدم شخص ما أي أدلة فسنحقق في الأمر. لكن حتى الآن لم يوجه أحد اتهامات ضد الرئيس أو مكتبه بحسب رويترز."

حكم غيابي بسجن بن علي 10 سنوات

من جهتها اصدرت محكمة تونسية حكما غيابيا بسجن الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الهارب في السعودية منذ 2011، 10 سنوات إثر ادانته في قضية فساد جديدة، حسبما اعلنت النيابة العامة. وكانت محاكم تونسية اصدرت في السنوات الاخيرة عدة احكام بالسجن ضد بن علي في قضايا تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ خلال فترة حكمه. كما صدر ضده حكم بالسجن المؤبد على خلفية قمع نظامه تظاهرات واحتجاجات شعبية خلال الثورة التي اطاحت بحكمه في 14 كانون الثاني/يناير 2011.

وقال كمال بربوش الناطق الرسمي باسم النيابة العامة بمحكمة تونس الابتدائية ان المحكمة قضت بسجن بن علي 10 سنوات في قضية فساد جديدة تتعلق بشركة اعلانات. وأدين بن علي في هذه القضية بتهم "استغلال النفوذ" و"الإضرار بالادارة" و"مخالفة القوانين" وفق كمال بربوش الذي لم يتسن له على الفور تقديم تفاصيل القضية. ولم يتسن لفرانس برس الحصول على تفاصيل حول الموضوع من منير بن صالحة محامي بن علي.

وذكرت يومية "الصباح" ان بن علي تدخل وبشكل مخالف للقوانين، بصفة شخصية لإسناد شركة اعلانات يملكها احد اقاربه صفقة اعلانات للسياحة التونسية في الخارج. وقالت الصحيفة "تم منح تلك الشركة فوائد وامتيازات مالية لا تستحقها على حساب مصالح الديوان الوطني للسياحة (حكومي) الذي لحقته اضرار مادية". وبحسب يومية "المغرب" فإن الشركة "لم تلتزم بإنجاز عمليات الإشهار (الاعلانات) رغم حصولها على أموال طائلة من الدولة" بحسب فرانس برس.

السجن عشر سنوات لوزير الزراعة المصري السابق

كذلك اصدرت محكمة جنايات مصرية حكما على وزير الزراعة المصري السابق صلاح هلال ومدير مكتبه بالسجن عشر سنوات في قضية فساد، حسب ما افاد مسؤول قضائي في المحكمة وكالة فرانس برس. وكان هلال يواجه اتهامات بتلقي رشوة لتسهيل استيلاء رجل اعمال على اراض مملوكة للدولة عبر وسيط، وجرى توقيفه بعد دقائق من تقديمه استقالته في ايلول/سبتمبر الفائت بناء على طلب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وادانت المحكمة مدير مكتبه محي الدين سعيد بالسجن عشر سنوات ايضا.

وقررت المحكمة "تغريم الوزير صلاح هلال بمبلغ مليون جنيه (قرابة 112 الف دولار) ومدير مكتبه بمبلغ نصف مليون جنيه (قرابة 66 الف دولا) وعزلهما من وظيفتهما والزامهما برد العطايا". وتم اعفاء رجل الاعمال ايمن رفعت الجميل والوسيط في الرشوة رجل الاعمال محمد فودة من العقوبة بحسب المصدر ذاته. وينص القانون المصري على اعفاء الراشي والوسيط من العقوبة اذا ما اعترفا بجريمتهم امام المحكمة، حسب ما اوضح مسؤول قضائي. وهو ما قام به رجلا الاعمال خلال جلسات سابقة في القضية.

وسبق وادين فودة الذي كان مسؤولا في وزارة الثقافة في عهد الرئيس الاسبق حسني مبارك في قضية فساد قبل ثورة 25 كانون الثاني/يناير التي اطاحت مبارك. وظهر المتهمون الاربعة بملابس الحبس الاحتياطي البيضاء في قفص الاتهام اثناء جلسة النطق بالحكم. وكانت النيابة العامة اتهمت الوزير هلال ومدير مكتبه "بطلب واخذ هدايا عينية وطلب بعض العقارات" من رجل الاعمال ايمن محمد رفعت الجميل "مقابل تقنين اجراءات مساحة ارض قدرها 2500 فدان" في منطقة وادي النطرون على طريق القاهرة-الاسكندرية الصحراوي.

وصلاح هلال (59 عاما) مهندس زراعي تدرج في وزارة الزراعة حتى تولى حقيبة الزراعة في حكومة ابراهيم محلب في اذار/مارس 2015. وهذه هي اول قضية فساد كبيرة يتم الاعلان عنها والحكم فيها منذ انتخاب السيسي رئيسا للجمهورية في ايار/مايو 2014 بعد عام تقريبا من اطاحته، عندما كان قائدا للجيش، الرئيس الاسلامي محمد مرسي. وكان انتشار الفساد وما سماه المعارضون انذاك "تزاوج رأس المال والسلطة" اي التداخل بين السلطة السياسية ورجال الاعمال احد الاسباب الرئيسية للغضب الشعبي الذي ادى الى اندلاع الثورة التي اطاحته في شباط/فبراير 2011. لكن عشرات من وزراء مبارك ورجال الاعمال المشهورين في عهده حصلوا على احكام بالبراءة في عدد من قضايا الفساد التي جرى اتهامهم فيها بعد الثورة بحسب فرانس برس.

اضف تعليق