q

في محرّم الحَرام يُشارك الملايين من النّاس في دورةٍ تثقيفيّةٍ مركّزةٍ، تربويّةٍ وروحيّةٍ واجتماعيّةٍ واخلاقيّةٍ وعاطفيّةٍ وعقائديّةٍ وتاريخيّةٍ قلّ نظيرُها، وذلك من خلال المنبر الحسيني الذي بات اليوم، بفضلِ التّكنلوجيا، عابراً للقارّات والمحيطات، مخترقاً للحَواجز والسّدود بكلّ اشكالِها، خاصّة تلك التي يصنعها الطّغاة، ليصل الى كل بيت في هذا العالم.

ولذلك، فإنّ من سوء حظّ المرء الذي يشترك في هذه الدّورة المكثّفة والمركّزة ثم لا يستفيدَ منها شيئاً او يخرج منها كما دخلها، خالي الوفاض من اي شيء جديد!.

صحيح انّ مجرّد حضور المنبر الحسيني والمشاركة في مجالسِ عاشوراء هو بحدّ ذاتهِ مكسبٌ عظيمٌ لانّهُ يَصُبُّ في جوهر قول الله تعالى {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} وقوله تعالى {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُم بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} وقولُ الامام المعصوم الامام جعفر بن محمّد الصّادق عليه السّلام {أحيوا أَمْرَنا رَحِمَ الله مَنْ أَحْيا أَمْرَنا} الا انّ ذلك، مجرّد الحضور والمشاركة، لا يكفي بكلّ تاكيد فأمر أهل البيت عليهم السلام، والذي هو عينُ امرِ الله تعالى وَرَسُولِهِ الكريم، لا يقتصر على جانبِ الحضور في المجالس او المشاركة في المواكب او ما أشبه، وانّما أمرُهم يتسّع معاني أكبر بكثير من كلّ ذلك، فكيف ينبغي ان نوظّف المنبر الحسيني ليستوعب أمرَ أهل البيت عليهم السلام؟ وما هي الأدوات لتحقيق ذلك؟.

برأيي، فإنّ المسؤولية في تحقيق ذلك هي مسؤوليّة تشاركيّة، يتحمّلها المتلقّي وخطيب المنبر على حدٍّ سواء:

مسؤوليّة المتلقّي؛

أولاً؛ ان يحضرَ المِنبَر وهو مستعدٌ نفسياً وروحياً وعقلياً لاستيعاب المادّة التي سيسمعها في المجلس، بغضّ النّظر عن موافقتهِ وقبولهِ لما يسمعهُ او اختلافهُ فيه ومعهُ، لكنّ المهم ان يستوعب المادّة، فحتّى عدم موافقتهِ على بعض ما يطرحهُ الخطيب يحتاج الى الاستيعاب، وإلا كيفَ يرفض الانسان فكرةً ما او معلومةً قبل ان يستوعبها ليحلّلها، فيقبلها او يرفضها؟!.

انّ الاستعداد قبل الحضور يحتاجُ الى استحضار العقل والفكر والذّاكرة الى جانب الشّعور والعاطفة، خاصّة وأنّنا نحفظ جيّداً القول المشهور [إِنَّ الحُسينَ (ع) عَبرَةٌ وعِبرَةٌ] اي انّهُ عليه السلام عقلٌ وعاطفةٌ، فكرٌ ومشاعر، وكذا مجالسهُ ومآتمهُ ومواكبهُ.

ثانياً؛ ان ينتبهَ للمّادة المِنبريّة كما لو انّهُ يقرأ شيئاً فلا ينشغل بالكلامِ الجانبي او اللّهو بالهاتف او الشّرود الذّهني، فإنّ كل ذلك يُضيّع عليه المادّة ومحتواها، فلا يستفيدُ شيئاً.

ثالثاً؛ وعندما ينتبه للمادّة فمن المفيد جداً ان يُتابعها بعد انتهاء المجلس، فإذا كان قد سَمِعَ روايةً وشكّك فيها فإنّ من المهمّ جداً ان يحرص على متابعتِها للتثبّت منها او ردّها، وإذا سَمِعَ فكرةً معيّنة او تحليلاً او رأياً في امرٍ ما فإنّ من المهمّ جداً ان يُتابع كلّ ذلك ليتثبّت مِنْهُ قبل ان يقبلهُ فيتبنّاه او يرفضهُ فينساهُ.

لا ينبغي ان يكون المتلقّي في المجالس الحسينيّة كالّلوحةِ البيضاء يكتبُ فيها وعليها الخطيب ما يُرِيدُ وكيفَ يُرِيدُ ومتى ما يُرِيدُ.

وبذلك سنخلُق متلقي واعي وذكي ونبه، يتفحّص الكلام ويحلّل ويناقش قبل ان يقبل او يرفض، وعندها سنبني مجتمعاً يساعدُ نَفْسَهُ والاخرين على بناءِ نفسهِ والارتفاع في ثقافتهِ وعقليّتهِ وطريقة تفكيرهِ بشكلٍ سليمٍ.

وبهذا الصّدد ينبغي على الوالدين الّذَيْنِ يجب ان يحرصا على اصطحاب اولادهم من كلا الجنسين الى المجالس الحسينيّة، محاورة اولادهم بعد كلّ مجلس لمعرفة اتجاهات فهمهم للمادة، وما اذا اثارت في عقولهم سؤالاً او استفساراً او حتّى شكّاً، لمناقشتهم لتبقى الاثار الإيجابيّة ومحو ايّ أثرٍ سلبيٍّ قد يعلق في الذّهن لسببٍ من الاسبابِ.

رابعاً؛ ومن المفيد كذلك ان يتناولَ المتلقّي مادةَ المِنبر بالتّحليل والنّقاش والمذاكرة سواءً مع الخطيبِ اذا سمح الوقت بذلك، او مع الآخرين ممّن حضروا المجلس معهُ، من أجلِ ترسيخِ الفكرةِ وتدويرها بين النّاس، خاصةً اذا كانت الفكرة جديدة شغِلت حيِّزاً من تفكير النّاس.

خامساً؛ امّا اذا مرّت في المجلسِ فكرةٌ غير سليمةٍ، فلا ينبغي التّغافلَ عنها وتجاوُزها، اذ انّ من واجبِ المتلقّي الواعي والحريص على سُمعةِ المِنبر وصاحبِ الذّكرى، ان ينبهَ لها وينبّهَ عليها، سواء الخطيب او الآخرين، ولكن بلا شوشرةٍ او ضوضاءٍ او تسقيطٍ او تهريجٍ، لا سمحَ الله، فإنّ ذلك ضررهُ اكثرَ من نفعهِ، وانّما يجري التنبيه والنّقاش بالحكمةِ والموعظةِ الحَسنةِ وبالّتي هي أحسن، شريطةَ عدم التّعصب والاصرار والتّزمت من كلا الطرفين، المتلقّي والخطيب، لأنّ الهدف ليس المِراء وانّما الوصول الى الحقيقة، وإلا {فَمَنْ جَعَلَ الْمِرَاءَ دَيْدَناً لَمْ يُصْبِحْ لَيْلُهُ، وَمَنْ هَالَهُ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَمَن تَرَدَّدَ فِي الرَّيْبِ وَطِئَتْهُ سَنَابِكُ الشَّيَاطِينِ، وَمَنِ اسْتَسْلَمَ لِهَلَكَةِ الدُّنْيَا وَالاْخِرَةِ هَلَكَ فِيهِمَا} على حدِّ قولِ أَميرِ المؤمنين عليه السلام.

امّا اذا اختلفَ اثنان في مسأَلةٍ تخصُّ الشّعائر الحسينيّة على وجهِ التّحديد، فأَنصحُ بعدمِ الخوضِ في ايّ نقاشٍ او جدالٍ بمثل هذه المواضيع، وليحتفظ كلّ واحدٍ برأي فَقِيههِ ومرجعهِ ولا يسعى لتحميلِ الآخرين ما يعتقدُ به ويراه صحيحاً، فالحسين عليه السلام الذي يجمعنا لا ينبغي ان تفرّقنا خلافات في وجهات النّظر، وأنّ عاشوراء التي تجمع قلوبنا وعقولنا ومشاعرنا وتوحّد بصائِرنا لا ينبغي ان يفرّقنا رأيٌ او اثنين اختلفَ فيه العلماء والفقهاء والمراجع، خاصّة وأنّ كلَّ من يحيي شعيرة او اكثر من شعائر عاشوراء يسعى بها للتقرّب الى الله تعالى يدفعهُ الى ذلك الولاء والوفاء لسيّد الشُّهَدَاء ابو الأحرار الامام الحسين بن علي عليهما السلام سِبْط رسول الله (ص).

انّ الذي يحبُّ الحسين (ع) لا يكفّر الآخرين او يهينَهم او يتحامل عليهِم او يشهّر بهم أوي كيلُ لهم التّهم الباطلة لمجرّد انّهم اختلفوا معه في شعيرةٍ او اكثر من شعائرِ عاشوراء، فلا احدَ مُجبرٌ على ممارسةِ كلّ الشّعائر، بل ليس مطلوبٌ من أحدٍ ان يؤمن او يعتقدَ بكلّ الشّعائر وإلا رمقَهُ الآخرون من الدينِ والمذهبِ!.

انّ علماءنا وفقهاءنا ومراجعنا أوصونا اكثرَ من مرّةٍ بأن لا نختلفَ في فروعِ ما اتّفقنا على أَصله، كما أَوصونا بان نحتفظَ بآرائِنا في الفروعِ الخلافيّة.

مسؤوليّةِ الخطيب

المنبرُ مدرسةٌ، مهمّتهُ التّربية والتّعليم والتّزكية، ولذلك فدورُ الخطيبِ هو دور الأنبياء الذي حدّدهُ القرآن الكريم بقوله تعالى {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} وقوله تعالى {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} فيما قال أميرُ المؤمنين عليه السلام بنفس المعنى {فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَيَّ: فَالنَّصِيحَةُ لَكُمْ، وَتَوْفِيرُ فَيْئِكُمْ عَلَيْكُمْ وَتَعْلِيمُكُمْ كَيْلا تَجْهَلُوا، وَتَأْدِيبُكُمْ كَيْما تَعْلَمُوا}.

لقد تخّرج من تحتِ المِنبرِ علماءٌ وفقهاءٌ وأدباءٌ ومفكّرون ومصلحون وقادةٌ، ولذلك حرصَ عليه أئمة أهل البيت عليهم السلام وعلماؤنا على مرّ التاريخ، فأَعاظم مراجعنا ينصبون منبرَ الحسين (ع) في بيوتِهم طوال العام وخاصّةً في شهري محرّم الحرام وصفر المظفّر، وتراهم يجلسونَ عند عتبة المجلس احتراماً للمنبرِ ولدورهِ ولصاحبهِ السّبط الشّهيد عليه السلام.

ولقد تجلّى حرصهم على المنبر من خلال الاهتمام به كمنبرٍ ليستمر دائماً من جانب، وبمحتواه بالتّسديد والتّرشيد من جانبٍ آخر.

ولكي تنجح هذه المدرسة في أداء رسالتِها في المجتمع ينبغي ان يتحلّى فارسُها، الخطيب الحسيني، بخصلتين مهمّتين جداً هما:

العلمُ والعملُ الصّالح، او العلمُ والسّلوك القويم والسّليم، فالمعلّم الجاهل لا يعلّم النّاس شيئاً يُذكر، كما انّ الخطيب نصف المتعّلم لا يرتقي بروّاد المنبر أبداً، كما انّ المعلّم المنحرف او غير القويم في سلوكيّاتهِ والذي يتناقض فعلهُ مع قولهِ وعملهُ مع حديثهِ وكلامهِ للنّاس لا يُزكّي الانفُس ولا يربّي النّاس، فالمجتمع يبحثُ عن نماذجَ صالحةٍ ليقتدي بها، كما انّهُ يستأنس بمتحدّث يفعل ما يقول، يفعل الخير والمعروف قبل ان يدعو الآخرين اليه وينتهي عن المنكر والباطل قبل ان ينهى الآخرين عنه، والى هذا المعنى أشار أمير المؤمنين (ع) بقوله {مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ إِمَاماً فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِتَعْلِيمِ نَفْسِهِ قَبْلَ تَعْلِيمِ غَيْرِهِ، وَلْيَكُنْ تَأْدِيبُهُ بِسِيرَتِهِ قَبْلَ تَأْدِيبِهِ بِلِسَانِهِ، وَمُعَلِّمُ نَفْسِهِ وَمُؤَدِّبُهَا أَحَقُّ بِالاْجْلاَلِ مِنْ مُعَلِّمِ النَّاسِ وَمُؤَدِّبِهِمْ} وما أعظمهُ من كلامٍ ينبغي ان يُخطَّ بماءِ الذّهب ويوضع على المنابر فوق رأسِ كلّ خطيبٍ يروم اعتلاء المنبر الحسيني، ولذلك قيل قديماً [ما يخرجُ من القلبِ يدخلُ الى القلبِ، وما يخرجُ من اللّسانِ لا يصِلُ الآذان].

ومن أجل ان تتكاملَ مسؤوليّة الخطيب مع مسؤوليّة المتلقّي للارتقاء بمستوى المنبر الحسيني، ينبغي على الخطيب ما يلي:

أولاً؛ ان يأتي بكلّ جديدٍ، ليكون منبرهُ عصرياً حداثوياً مستوعباً للمتغيّرات والتّحديات بكلّ أشكالِها، خاصةً العقديّة والفكريّة.

انّ عاشوراء تستوعب الزّمان والمكان، فلا حاجةَ للتّكرار والاجترار.

حتى ثوابت المجلس الحسيني كالسّيرة والتّاريخ مثلاً، ينبغي تحديثها من خلال:

الف؛ اعادة تحليلها وتفسيرها بما يتناسب وحاجة الزّمان والمكان، ويتحقق ذلك بإِعمال الفكر في مجال الاستنباط والاستقراء.

باء؛ المرور على فصول السّيرة والتّاريخ الأقرب الى الواقع والتي نحتاجها اكثر من غيرِها، ولقد قيل في الحكمة [لكلّ مقامٍ مقال].

فكما نعرف فإنّ السّيرة والتّاريخ يحتويان على مجلّدات عظيمة تحمل من التّفاصيل الشيء الكثير، وانّ مهمّة الخطيب الرّسالي الهادف والنّاجح هو التقاط الصّور الأكثر أهميّة للزّمان والمكان، وكذلك لنوعيّة ومستوى المتلقّي.

جيم؛ عدم الاستغراق في تفاصيلِ التّاريخ ونسيان او تجاوز ربطها بالواقع، فالتاريخ الذي لا نتعلّم مِنْهُ درساً او عبرةً او تجربةً لا ينفعُ أبداً فلماذا نُشغِل أنفسنا به؟!.

أنظر الى كلّ قصص القرآن الكريم، لم تجد حتّى حرفاً واحداً زائداً فيها، فكلّها دروسٌ وخبرة وعِبرة ومنهج وخطّة عمل للواقع والمستقبل، حتى وصفها تعالى بقوله {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} وقلهُ تعالى {إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} طبعاً اذا ما قرأناها بتمعّن وتفحّص وبعقولِنا لا بعواطِفنا.

ثانياً؛ إنّ الخطيب كالطّبيب مهمتهُ تشخيص الحاجة أولاً قبل وصفِ العلاج، ولذلك ينبغي على الخطيب ان يطّلع على حاجات الحضور قبل ان يقدّم لهم المادّة المنبريّة، وإلا فسيكون حديثهُ في وادٍ وحاجات الحضور في وادٍ آخر، وبذلك سوف لن يُثير انتباههم او اهتمامهم أبداً، لان من طبيعة الانسان انّهُ لا يُعير كثير اهتمامٍ او انتباهٍ لمتحدّثٍ لا يعنيه من حديثهِ شيئاً.

ينبغي على الخطيب ان يكون خبيراً في حاجات المتلقّين ومشاكلهم العقديّة والاجتماعية والأخلاقيّة والسّلوكية وغيرها ليعرف ما الذي ينبغي عليهِ تقديمهُ لهم.

ثالثاً؛ ولكي تكتمل عمليّة التّأثير في المتلقّي ينبغي على الخطيب ان يتواصلَ مع جمهورهِ بشتّى الطّرق، ولله الحمد، فلقد أتاحت لنا وسائل التّواصل الاجتماعي مجالاً واسعاً جداً لتحقيقِ التّواصل مع المتلقّين، إِنْ بالحوارِ والنّقاش او بالجوابِ على سؤالٍ او ما أشبه.

ينبغي على الخطيبِ ان يتحلّى بسعةِ الصّدر ليستوعب المتلقّين بكلّ مشاربهم وأذواقهم ومستوياتهم خاصّة جيل الشّباب الذين تختلف حاجاتهم كلياً عن حاجات الآخرين، خاصةً في هذا العصر، اذ تغيّرت التّحديات والتّطلعات والآمال والاحلام عند الجيلِ الجديد.

رابعاً؛ لا يجوز تسييس المنبر الحسيني أبداً كما لا يجوز ان يتحزّب أبداً، اذ يلزم ان يتمسّك المنبر بانتمائهِ التاريخي فقط، للحسين (ع) ولعاشوراء ولكربلاء، وانّ الذين يسيّسون المنبر لصالح هذه الجهة السّياسية او تلك الحزبية يرتكبونَ جريمةً عظيمةً بحقّ المجتمع.

هذا المنبر للحسين (ع) فقط وليس لأحدٍ سواهُ أبداً.

لا تغيّروا انتماءهُ ولا تبدّلوا هويّتهُ فليبق المنبر لصاحبهِ أبد الدّهر.

خامساً؛ التّحضير والتهيئة والاستعداد للمنبر، فمن يقول انّهُ ليس بحاجةٍ الى كلّ ذلك فمادّةُ المجلس تحضر لحظة اعتلاء المنبر! واهم، انّهُ يخدعُ نَفْسَهُ ويخدع الحضور، فالذي يعتلي المنبر من دون استعداد يملأ وقت المجلس بالانشائيّات وتفسير الاحلام والقصص الخرافيّة والرّوايات الضعيفة وغير ذلك.

قد يَقُولُ قائلٌ؛ انّ خبرة الخطيب تعوّضهُ عن الاستعدادِ والتّحضير، وأقول؛ انّ المستجدّات والتّطوير والتّحديث في المنبر، خاصةً في هذا العصرِ المتسارع في كلِّ شيء، لا تكفيها الخبرة فحسب، فكما ان الفّقيه المرجع يحضّر لدرسهِ في كلِّ مرّةٍ حتى آخر لحظة من حياتهِ، مع كلّ علمهِ وخبرتهِ، كذلك الخطيب ينبغي عليه ان يحضّر لكلِّ مجلسٍ ولكلِّ منبرٍ يرتقيه.

ولا ننسى فإنّ الحضور متنوّعُ الثّقافات والعلوم، ولذلك ينبغي على الخطيب ان يكون ملمّاً بآخر مستحدثات العلوم والثقافات الى ما قبل اعتلائهِ المنبر بلحظة، ليأتي بكلّ جديدٍ دائماً.

اضف تعليق