q
نص قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 المعدل على تشكيل مجلس الخدمة العامة الذي يتولى شؤون الوظيفة العامة بما في ذلك اختيار وتعيين وترفيع الموظف، إلا أن مجلس قيادة الثورة (المنحل) الغى بموجب قراره المرقم (996) لسنة 1979 مجلس الخدمة العامة وأناط اختصاصات وواجبات المجلس في التعيين والترفيع...

نص قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 المعدل على تشكيل مجلس الخدمة العامة الذي يتولى شؤون الوظيفة العامة بما في ذلك اختيار وتعيين وترفيع الموظف، إلا أن مجلس قيادة الثورة (المنحل) الغى بموجب قراره المرقم (996) لسنة 1979 مجلس الخدمة العامة وأناط اختصاصات وواجبات المجلس في التعيين والترفيع وتحديد الراتب واحتساب مدد الممارسة وغير ذلك فيما يتعلق بشؤون الخدمة الى الوزراء المختصين أو من يخولونهم من موظفي الدرجات الخاصة والمدراء العامين وبقيت هذه الاختصاصات الخاصة بمجلس الخدمة العامة تمارس من الوزير المختص أو من يخوله حتى تم استعادة هذه الصلاحيات والاختصاصات باصدار قانون مجلس الخدمة العامة الاتحادي رقم (4) لسنة 2009?

وتاخر تطبيق هذا القانون لاسباب سياسية رغم أن المادة (18) منه نصت على نفاذ هذا القانون بعد مضي (60) يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وهذا الأمر حال دون ممارسة مجلس الخدمة الاتحادي مهامه المنصوص عليها في المادة (9) منه، ويلاحظ على القانون المذكور أنه تضمن مبادئ إيجابية تصب في سلامة اجراءات استقطاب واختيار وتعيين وترفيع وتدريب الموظفين ومن ذلك استقلالية المجلس الاتحادي عن الحكومة والإدارات العامة بما يضمن له الاستقلال الوظيفي والعضوي ومباشرة اختصاصاته ومهامه بدون ضغوط وتأثيرات، إلا أنه جاء قاصراً بالاحاطة ببعض الجوانب المهمة التي من شأنها ضبط اجراءات اختيار الموظفين وتعيينهم سيتم الاشارة إلى أهم هذه الجوانب التي تحتاج إلى اعادة النظر بها تشريعياً لتحقيق شمولية وتكاملية القانون لضمان تحقيق أهدافه وفقاً للوسائل المخصصة له بموجب القانون، وكما يلي:

مجلس اختصاص

1- ورد في البند (ثانياً) من المادة (9) من قانون مجلس الخدمة الاتحادي الخاصة بمهام المجلس اختصاص المجلس بالتعيين أو إعادة التعيين في الخدمة العامة والترقية على أساس معايير المهنية والكفاءة إلاّ أن القانون لم يحدد هذه المعايير في القانون في حين نجد أن بعض هيئات واجهزة الخدمة المدنية حددت معايير للعمل كالنزاهة والشفافية ومنع التحزب والعدالة والتمثيل والمساواة في تولي الوظائف العامة بين الجنسين وعدم التمييز بين المتقدمين لأي سبب، كما هو الحال في هيئة الخدمة المدنية في كندا، وهيئة التعيين في الخدمة المدنية في ايرلندا التي وضعت مبادئ اساسية للجدارة من خلال اصدار مدونة الممارسات (Code of practice) التي تتضمن معايير النزاهة والاستقطاب والتعيين والتقييم والتدريب.

2- ورد في البند (خامس عشر) من المادة (9) من قانون المجلس اعتماد طريقة الاختبار أو المسابقة لاختيار المؤهلين من المتقدمين المراد تعيينهم أو إعادة تعيينهم وحدد النص طريقة الاختبار أما المقابلة أو الامتحان التحريري أو بهما معاً للوقوف على صفاتهم ولياقتهم ويستثنى من ذلك من له خدمة سابقة في وظيفة مثبت فيها أو يحمل شهادة عالية إلا إذا كان عدد المتقدمين للوظائف المطلوب اشغالها أكثر من عدد تلك الوظائف، والحقيقة أن هذا النص قد أغفل الكثير من وسائل التقييم والاختبار المتقدمة المعتمدة في دول العالم والتي تساعد على الوصول إلى المؤهل الافضل لشغل الوظائف المعلن عنها، ومن هذه الاساليب، الاختبارات النفسية والمعرفية، طلب التقارير المرجعية (كشهادات النزاهة، أو خطابات التوصية) من أحد المراجع التي عمل بها المتقدم للتعيين، أو استخدام الاختبارات العملية، تقييم ملف السلوكيات (Behavior profile)? اختبارات الذكاء العاطفي (Emotional Intelligence)? اختبارات المهارة (Skill Tests) ? كذلك يمكن الاستعانة باختبار (ACER Select) لقياس القدرة المعرفية العامة في مجالي الاستدلال اللفظي والاستدلال العددي المستخدم من هيئة الخدمة العامة الاسترالية (APSC) المطبق في نطاق واسع من قبل المؤسسات الحكومية وحتى الشركات الخاصة في حين مجلس الخدمة الاتحادي عين اعداد هائلة من الخرجين دون اخضاعهم لمعايير التقييم لأنه لم يضع اصلاً معايير للتقييم، ولان التعيين جاء بقرار سياسي لاستيعاب اكبر قدر ممكن من الخريجين في الوظيفة العامة دون النظر للحاجة الفعلية والمهارات ودون اخضاعهم للتقييم ومؤكد سينعكس ذلك على القدرة الانتاجية لهم، كما ان المجلس عين اعداد هائلة من الموظفين حتى دون اخضاعهم للتدريب السابق للتعيين كما هو معمول في هيئات الخدمة المدنية في العالم.

3- فيما يتعلق بتشكيلات المجلس نصت المادة (10) على أن (يتكون المجلس من التشكيلات الآتية..) وجاء ضمن التشكيلات في البند (ثالثاً) تشكيل دائرة البحوث والدراسات الإدارية، ويفترض ان تضطلع هذه الدائرة بتقديم الدراسات والبحوث التي تتضمن الآليات والخدمات والاحصائيات وأدوات الاستقطاب والاختبار والتقييم والتطوير، ثم عاد المشرع لينص في المادة (13) من القانون على إمكانية المجلس الاستعانة بذوي الخبرة والاختصاص لاعداد الدراسات والبحوث في مجال الوظيفة العامة مقابل مكافئة يحددها المجلس وهذا من شأنه تقليل فاعلية هذه الدائرة والاعتماد على الباحثين الخارجين فقط.

4- عدم اعتماد قانون المجلس على تقنية التوظيف الاليكتروني في تقديم الخدمة والاستقطاب والاختبار والتقييم والتطوير، وهذا يقلل من إمكانية الاتصال والتنسيق وسرعة الاستجابة ورد الفعل تجاه متطلبات الدوائر الحكومية، وكذلك فإن تقنية التوظيف تعتبر من ضمن متطلبات الحَوْكَمَة الاليكترونية والإدارة الاليكترونية للمجلس، ويلاحظ ان المجلس رغم كون قانونه لم ينص على تقنية التوظيف الاليكتروني الا انه لجأ اليها فعلاً من خلال فتح استمارات وكودات اليكترونية للمتقدمين للوظائف العامة، الا ان النظام كان غير متكامل ولم يتضمن كافة البيانات والمعلومات للمتقدمين وهذا افرز مشاكل عملية في التطبيق، وعلى سبيل المثال تم تعيين بعض حاملي الشهادات العليا وهم في مرحلة الدراسة او الكتابة دون توضيح ذلك، وعند مباشرتهم في دوائرهم لن يتم احتساب شهاداتهم لاحقاً بحجة ان الموظف لم يفصح عن وضعه الدراسي عند التعيين، وكيف يفصح المتقدم للتعيين عن وضعه القانوني اذا كان مقيداً بحقول معينه باستمارة التقديم الاليكتروني، اذ يفترض ان تكون استمارة التقديم الاليكتروني مطابقه للنصوص القانونية التي تحدد المراكز القانونية لطالب التعيين.

5- عدم تضمن قانون مجلس الخدمة العامة الاتحادي ما يشير إلى صلاحية المجلس في نظر الطعونات التي تخص الاختبارات والمقابلات الشخصية واجراءات التعيين وإعادة التعيين أو الترقية إذا ما تمت بطريقة مخالفة للقانون، فعلى سبيل المثال اعلن مجلس الخدمة الاتحادي عن التقديم لشغل وظيفه عضو مجلس الخدمة الاتحادي القانوني الخالية حالياً، عبر استمارة وحساب اليكتروني، ومن ثم المقابلة الشخصية من لجنة مختصه، الا ان المرشحين تم تبليغهم بموعد المقابلة برسائل نصية عبر الهواتف النقالة ومن المعلوم ان المتقدم قد يكون خارج العراق ولايسعفه الوقت للعودة والمقابلة ام ان هاتفه الجوال قد تعرض الى عطل فني ولم يطلع على الرسالة النصية، ولم تحدد اللجنة موعدا بديلا للحالات الطارئة، كما لم يتم تحديد الية للطعن بقرار اللجنة بالقبول او الاستبعاد لعدم شفافية معايير القبول والاستبعاد وعدم تحديد جهة للطعن امامها باجراءات اللجنة بالاستبعاد وهذا يخل بمبدأ المنافسة ويغمط حقوق المتقدم للوظيفه ويخضع العمل لمزاجية اللجنة.

6- لوحظ ان قانون الخدمة الاتحادي قد اناط مهمة تعيين واعادة التعيين بالوظائف العامة بالمجلس ذاته، الا ان المجلس لم يمارس هذه الصلاحية بشكل متكامل، حيث اكتفى بتعيين اعداد كبيرة من الموظفين بموجب اوامر تعيين، وترك مهمة التحقق من توفر شروط التعيين وتدقيق الاوراق الثبوتية والمستمسكات الى الوزارات، في حين ان ان التحقق من توفر شروط التعيين وفق المواد (7) و(8) من قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960 المعدل تكون سابقه لصدور امر التعيين، لان التحقق اللاحق من توفر شروط التعيين معناه اقصاء الموظفين من الادارة اذا تخلف احد شروط التعيين وهذا سوف يسبب ارباك وظيفي واداري.

7- ان من شروط التعيين التحقق من العمر لتثبيت عمر الموظف في ملف خدمته المدنية لتحديد تاريخ احالته للتقاعد عن بلوغه السن القانوني للتقاعد، اذ لايجوز تعيين من بلغ السن القانوني للتقاعد، ويلاحظ ان مجلس الخدمة الاتحادي قد اصدر اوامر تعيين على الملاك الدائم للوزارات وطلب من الوزارات مراعاة المادة (10) من قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 ? وهنا نتسائل هل يتم التحقق من العمر قبل التعيين ام نعين الموظف ثم نتحقق من عمره لاحقاً وماذا لو تم تعيين موظف تجاوز سن الـ (60) من العمر، هذه المسائل كان يفترض غربلتها من مجلس الخدمة الاتحادي قبل قبل اصدار اوامر التعيين، فمهمة مجلس الخدمة الاتحادي ليس تجميع الاسماء واصدار الاوامر وانما يجب التحقق من كافة شروط التعيين واكمال الفحص الطبي وغيرها من الاجراءات قبل اصدار امر التعيين.

لما تقدم نامل من مجلس الخدمة الاتحادي الاستفادة من هذه التجربة واعادة تقويم الاجرءات والنتائج والمفاصل الادارية المسؤولة عنها لتلافيها مستقبلاً والاهم من ذلك وضع اليات للاعتراض على حالات الاستبعاد من المنافسة المشروعة …والله الموفق.

.............................................................................................
* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق