q
ان الفساد والفقر اللذان استحوذا على قدر كبير من مقابلتك الأخيرة، التعامل معهما بهذه الطريقة يعني البقاء في حلقة مفرغة تعزز وتديم الوضع الراهن، وتؤدي في اغلب الأحيان الى تفاقم الازمات وليس حلها او تقليلها، لذا فالوضع الجديد وفق ما تريد تحقيقه يتلمس منك العمل على أوجه او محاور متعددة...

تابعت لقاء السيد محمد شياع السوداني على قناة الجزيرة القطرية والذي كان عبارة عن جزئيين ممتعين؛ لما قدم فيهما من شرح مفصل عن البرنامج والحكومي وعزمه على محاربة الفساد والخلاص من الفقر.

الحديث امانات ومن الانصاف قول ذلك، ان من يتفحص كلام السيد السوداني، يراه يختلف تماما عن كلام سابقه الذي استخدم الرمزية العالية في لقاءاته، وتحدث وكأنه بالغ القمة وصاحب المعجزات، وبعد انتهاء مدته اتضح ان كل ما قاله هواء في شبك.

بينما تلتمس في حديث السوداني شيء من الامل، شيء من الرغبة الصادقة للخلاص من الركام الكثير الذي جثم على مفاصل العمل الحكومي والمؤسساتي، فحين يتحدث عن الفساد، والمفسدين، تشعر وكأنه يحاول عبور البحر دون قارب، لكنه لديه العزم على التخلص من كل هذه المظاهر السلبية التي التصقت بالعملية السياسية او لنقل بالأحزاب المشاركة فيها.

بعد التأكد من وجود هذه الرغبة لدى رئيس الحكومة، سأحاول تقمص دور مقدم البرامج علي الظفيري الذي ادار مجريات الحوار ببراعة وتفرد دون ملل، وهنا بودي الرد على السيد محمد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

لو عزمت القضاء على الفساد فبأي الأدوات ستحارب؟، واي الأساليب ستتبع؟

هذا السؤال يبحث عن إجابة غير نمطية وهي الذهاب الى القضاء وتفعيل القوانين الرقابية والهيئات المتخصصة في محاربة الفساد وتجفيف منابعه، السوداني وفريقه الحكومي الخاضع في الوقت الحالي الى تقييم للأداء يعرفون ان اهم التحديات هو تحدي الفساد.

الفساد هو من ولد الفقر، والفساد ومن ولد انهيار الثقة بين الحكومة ورجالها وشرائح المجتمع، الفساد هو من دفع بالحركات الاحتجاجية الى الخروج، وهو من حوّل ملايين العراقيين الى فقراء في بلد عائم على خيرات ومشبع بالثروات، لكن مشكلته بالقيادات التي افرغت الخزائن وحولتها الى أملاك شخصية.

العلاقة بين الفقر والفساد يا سيادة الرئيس علاقة وثيقة ولا يمكن فك ترابطها بهذه السهولة، ومن يسعى لذلك، وكأنه اتى بنفسه الى مقصلة الإعدام، هذه المقصلة التي وقف عليها كل من نوه عن حلمه في القضاء على منظومة الفساد الكبيرة والمستشرية في البلاد.

السوادني تحدث في لقاءه الأخير عن حجم الحرمان الذي عاشه ابان حكم النظام السابق، حتى اجبره العوز على العمل في الساعات المسائية ليتمكن من مواصلة مسيرته العلمية، والتخرج كغيره من ملايين العراقيين، وبذلك قد يكون هو الشخص الأكثر إحساسا بما يمر فيه أبناء الشعب العراقي من جوع وحرمان ومضاعفة المآسي والقائمة تطول.

لا أنكر ان محاربة الفساد في العراق تعني اللعب في النار، والدخول في مضمار الحرب الداخلية الدائرة خلف الكواليس مع أحزاب السلطة، لكن لا ينبغي ان يبقى هذا الملف غير قابل للتناول، ولا يجوز الحديث فيه او الاقتراب منه، وكأنك داخل متحف لنفائس ثمينة يمنع تصويرها او لمسها.

ركز السوداني في حديثه على بعض الملفات التي قد يكون من السابق لإوانه الحديث فيها او بلوغها، تناول نزع السلاح وحصره بيد الدولة، ووضع خارطة طريق للتعامل مع القوى الدولية المؤثرة في الداخل العراقي، وكان حديثه بكل ثقة يدلل على قدرته الشروع بهذا الاتجاه الشائك.

في الرد على هذا القول او الطرح نقول ان الحكومة الحالية هي لا تزال فتية غير مكتملة الأجزاء، ينقصها بعض العناصر لتحقيق كل ما تطرق اليه رئيسها، فهي بحاجة الى التأني والتعامل بحذر مع هذا النوع من الملفات الحساسة التي ستؤثر بشكل مباشر في امن واستقرار البلد ان تم الاقتراب منها او تحريك ساكنها.

وفي رد أخير أتوجه به الى رئيس الحكومة، ان الفساد والفقر اللذان استحوذا على قدر كبير من مقابلتك الأخيرة، التعامل معهما بهذه الطريقة يعني البقاء في حلقة مفرغة تعزز وتديم الوضع الراهن، وتؤدي في اغلب الأحيان الى تفاقم الازمات وليس حلها او تقليلها، لذا فالوضع الجديد وفق ما تريد تحقيقه يتلمس منك العمل على أوجه او محاور متعددة.

أولا: تعزيز قدرة مؤسسات وتشريعات مكافحة الفساد، وعدم الاكتفاء بالتصريحات الشفاهية وغياب الإجراءات او الخطوات الفعلية.

ثانيا: كسر حصون المفسدين والنيل منهم عبر القوانين المُشرعة وتفعيل القضاء.

ثالثا: معالجة قضايا الفقر الشائكة والمتلازمة مع الفساد والتي قادت الى اعمال مفسدة ومشبوهة.

رابعا: تنفيذ إرادة قوية لمكافحة الفساد، بما في ذلك تفعيل عمل هيئات الرقابة المستقلة، وحماية المبلغين عن المخالفات وضمان عدم ملاحقتهم.

اضف تعليق