q
السيدة زينب الحوراء خير قدوة لكل العصور، وما أحوج الإنسان في هذا الزمن الصعب..، حيث يتم إستهداف القيم والمبادئ الإنسانية والدينية بكل الوسائل في عصر الطفرة التقنية والمعلوماتية في وسائل الإعلام المتنوعة وسهولة الترويج والغزو الثقافي والتعليمي، واستغلال هذه الوسائل الإعلامية من قبل أعداء الإنسانية والأديان السماوية والاخلاق والأسرة...

عقيلة بني هاشم السيدة زينب الحوراء بنت علي ابن أبي طالب(ع)، صاحبة المنزلة الرفيعة والعلم والمعرفة، فهي كما قال الإمام السجاد (ع): "عالمة غير معلمة". نالت أعلى مراتب الشرف والفخر في العلم والتربية والنسب؛ والدها أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام)، أمّها سيدة نساء العالمين السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وجدها سيد الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين الرسول الأعظم سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وشقيقاها سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين (عليهما السلام)، وهي عمة الأئمة (عليهم السلام)، وهي من حافظت على أمانة الإمامة وعلى عيال آل البيت (عليهم السلام) وترسيخ قيم ومبادئ نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء.

زينب عالمة غير معلمة ومجاهدة بطلة

السيدة زينب الحوراء (عليها السلام) هي المرأة الرسالية المجاهدة البطلة الصابرة والصامدة والشجاعة والحكيمة والثائرة ضد الفساد والاستبداد والظلم والقهر والطغيان؛ انها شريكة بدورها العظيم في أعظم ثورة بشرية انها ثورة عاشوراء الإمام الحسين الخالدة (عليه السلام).

ولا يسعنا ولايمكننا أن نفهم وندرك عظمة هذه السيدة الجليلة ومعرفة حقيقة شخصيتها، ولكنها محاولات لندرك أقل القليل حسب فهمنا، فهي من بيت رفيع القامة في كل الجوانب، وما يسعنا إلا قول: "ما عرفناك حق معرفتك".

زينب.. خير قدوة و أسوة حسنة

السيدة زينب الحوراء (عليها السلام) خير قدوة لكل العصور، وما أحوج الإنسان في هذا الزمن الصعب..، حيث يتم إستهداف القيم والمبادئ الإنسانية والدينية بكل الوسائل في عصر الطفرة التقنية والمعلوماتية في وسائل الإعلام المتنوعة وسهولة الترويج والغزو الثقافي والتعليمي، واستغلال هذه الوسائل الإعلامية من قبل أعداء الإنسانية والأديان السماوية والاخلاق والأسرة والمجتمع وبالخصوص المحافظة والملتزمة، لجعل الإنسان مجرد لعبة بأيدي أعداء البشرية والأديان والقيم، وذلك بالتركيز على أهم جزء في الكيان البشري وهو المرأة لأنها أهم عنصر لبناء الإنسان الناجح وتكوين الأسرة والمجتمع والأمة الملتزمة والناجحة؛ فالمرأة مدرسة لصناعة الإنسان -الصحيح والسليم العقل والجسد-، الأمم القوية؛ وكلّ إنسان وخصوصًا المرأة بحاجة لنموذج وقدوة فهي؛ الأم والزوجة والبنت والأخت، وزينب الحوراء (عليها السلام) خير قدوة وأسوة، وما أحوج الإنسان في هذا العصر المثير والمخيف للتعرف على شخصية السيدة زينب(عليها السلام) والاطلاع على تاريخها وسيرتها العطرة وحفظ كلماتها وخطاباتها، والسير على منهجها وخطواتها، التي هزت عروش الطغاة والحكام الظالمين ومازالت لغاية اليوم كلماتها حية ومؤثرة في وجدان الأجيال عبر التاريخ ترعب أعداء الإنسانية والأديان السماوية، ومصدر الهام لحياة مليئة بالمعرفة والإيمان والصبر والصمود والكرامة والعزة والرحمة والمودة والمحبة والسعادة والإصلاح والفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة.

زينب.. طريق الرسالة المحمدية

السيدة زينب (ع) امتداد لخط والدتها فاطمة الزهراء -الذي هو امتداد لرسالة النبي الكريم (ص)- بالتالي فهي أفضل انموذج وقدوة وأسوة حسنة في كافة المجالات لبناء الإنسان الناجح وبالخصوص في مجال المطالبة بالحقوق ونصرة المظلوم والتصدي ومقاومة الظالمين والمفسدين وتحطيم جدار الخوف من السلطات الحاكمة الجائرة، ومدرسة لإعداد الأحرار والشرفاء الثوار الذين يملكون العلم والمعرفة "الوعي" للإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصرة المظلوم ورفض الظالمين والمفسدين.

لقد جسدت السيدة #زينب الحوراء (عليها السلام) أخت الإمام الثائر الشهيد #الحسين (ع) أعظم دور للمرأة في ثورة #عاشوراء بل هي الشريكة للثائر الإمام الحسين (عليه السلام) في الثورة الحسينية الخالدة.

فمن خلال صبرها وصمودها وتحملها كل المصائب كرعاية الأيتام والأرامل بعد استشهاد أهلها ورؤيتها للمشاهد المفجعة والقتل وفصل الرؤوس.. ورفعها على القنا، إلا انها كانت أعظم وسيلة إعلامية لرصد ونقل أحداث فجيعة ثورة #كربلاء ونشر مبادئها رغم أخذها أسيرة من مكان إلى مكان وهي حفيدة النبي(ص) وبنت أمير المؤمنين الإمام علي (ع)!!.

السيدة زينب.. إيمان وصبر وصمود

السيدة زينب الحوراء إيمان وصبر وبطولة وجهاد وعطاء لا يتوقف مع مرور الزمن، لقد خلد التاريخ مواقف وكلمات زينب كقولها: "ما رأيت إلا جميلا"، وذلك عندما قال ابْنُ زِيَادٍ: كَيْفَ رَأَيْتِ صُنْعَ اللَّهِ بِأَخِيكِ وَأَهْلِبَيْتِكِ؟

فَقَالَتْ: "مَا رَأَيْتُ إِلَّا جَمِيلًا، هَؤُلَاءِ قَوْمٌ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ فَبَرَزُوا إِلَى مَضَاجِعِهِمْ، وَسَيَجْمَعُ اللَّهُ بَيْنَكَوَبَيْنَهُمْ فَتُحَاجُّ وَتُخَاصَمُ، فَانْظُرْ لِمَنِ الْفَلْجُ يَوْمَئِذٍ، ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ مَرْجَانَةَ". وقولها لابن زياد في الكوفة: " فلا يستخفنكم المُهل، فإنه (عزوجل) لا يحفزه البدار، ولا يخاف فوت الثار. كلا إن ربك لبالمرصاد، فترقبوا أول النحل وآخر صاد".

وحول تفاصيل ما حدث في مجلس ابن زياد في الكوفة، بعد مصرع وشهادة شقيقها الإمام الحسين (عليه السلام) والعباس (سلام الله عليه) وبقية اخوتها وأهل بيتها وأصحاب الإمام الحسين، وأصبحت بعدهم هي المسؤولة عن الأيتام والأرامل وهي في حالة تعب شديد بالإضافة إلى تعرضها للشتم والسب والضرب بالسياط وجعل الحبل في عنقها أثناء الأسر..، هكذا تعاملوا مع حفيدة النبي (ص) وبنت علي وفاطمة (ع)..!!.

فقد رَوَى السَّيِّدُ ابن طاووس التفاصيل بقوله: "انَّ ابْنَ زِيَادٍ جَلَسَ فِي الْقَصْرِ لِلنَّاسِ وَأَذِنَ إِذْناً عَامّاً،وَجِي‏ءَ بِرَأْسِ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأُدْخِلَ نِسَاءُ الْحُسَيْنِ وَصِبْيَانُهُ إِلَيْهِ، فَجَلَسَتْ زَيْنَبُبِنْتُ عَلِيٍّ (عليه السلام) مُتَنَكِّرَةً.

فَسَأَلَ عَنْهَا، فَقِيلَ: هَذِهِ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيٍّ.

فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَحَكُمْ وَأَكْذَبَ أُحْدُوثَتَكُمْ!

فَقَالَتْ: إِنَّمَا يَفْتَضِحُ الْفَاسِقُ، وَيَكْذِبُ الْفَاجِرُ، وَهُوَ غَيْرُنَا.

فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ: كَيْفَ رَأَيْتِ صُنْعَ اللَّهِ بِأَخِيكِ وَأَهْلِ بَيْتِكِ؟.

فَقَالَتْ: مَا رَأَيْتُ إِلَّا جَمِيلًا، هَؤُلَاءِ قَوْمٌ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ فَبَرَزُوا إِلَى مَضَاجِعِهِمْ، وَسَيَجْمَعُ اللَّهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ فَتُحَاجُّ وَتُخَاصَمُ، فَانْظُرْ لِمَنِ الْفَلْجُ يَوْمَئِذٍ، ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ مَرْجَانَةَ.

قَالَ: فَغَضِبَ وَكَأَنَّهُ هَمَّ بِهَا.

فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ: إِنَّهَا امْرَأَةٌ، وَالْمَرْأَةُ لَا تُؤَاخَذُ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ مَنْطِقِهَا.

فَقَالَ لَها ابْنُ زِيَادٍ: لَقَدْ شَفَى اللَّهُ قَلْبِي مِنْ طَاغِيَتِكِ الْحُسَيْنِ وَالْعُصَاةِ الْمَرَدَةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكِ.

فَقَالَتْ: لَعَمْرِي لَقَدْ قَتَلْتَ كَهْلِي، وَقَطَعْتَ فَرْعِي، وَاجْتَثَثْتَ أَصْلِي، فَإِنْ كَانَ هَذَا شِفَاءَكَ فَقَدِ اشْتَفَيْتَ.

فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ: هَذِهِ سجَّاعَةٌ، وَلَعَمْرِي لَقَدْ كَانَ أَبُوكِ سجَّاعاً شَاعِراً.

فَقَالَتْ: يَا ابْنَ زِيَادٍ مَا لِلْمَرْأَةِ وَالسجَاعَةَ".

السيدة زينب الحوراء.. ومواجهة طاغية العصر

وخطبتها التي تستحق الكثير من الدراسة والتأمل وكتابة البحوث حولها، قالتها أمام طاغية العصر الحاكم الفاجر الفاسق الظالم يزيد ابن معاوية في قصره وبين جلاوزته، وهي أسيرة إذ قالت: "فكِدْ كيدَك، واسْعَ سعيَك، وناصِبْ جهدك، فوَ اللهِ لا تمحو ذِكْرَنا، ولا تُميت وحيَنا، ولا تُدرِكُ أمَدَنا، ولا تَرحضُ عنك عارها".

وقالت خلال خطبتها التي تظهر مدى عظمة الإيمان والشجاعة والبلاغة: أَظَنَنْتَ يَا يَزِيدُ حِينَ أَخَذْتَ عَلَيْنَا أَقْطَارَ الْأَرْضِ، وَضَيَّقْتَ عَلَيْنَا آفَاقَ السَّمَاءِ، فَأَصْبَحْنَا لَكَ فِي إِسَارٍ، نُسَاقُ إِلَيْكَ سَوْقاً فِي قِطَارٍ، وَأَنْتَ عَلَيْنَا ذُو اقْتِدَارٍ، أَنَّ بِنَا مِنَ اللَّهِ هَوَاناً وَعَلَيْكَ مِنْهُ كَرَامَةً وَامْتِنَاناً؟؟ وَأَنَّ ذَلِكَ لِعِظَمِ خَطَرِكَ وَجَلَالَةِ قَدْرِكَ؟؟ فَشَمَخْتَ بِأَنْفِكَ وَنَظَرْتَ فِي عِطْفٍ، تَضْرِبُ أَصْدَرَيْكَ فَرِحاً وَتَنْفُضُ مِدْرَوَيْكَ مَرِحاً حِينَ رَأَيْتَ الدُّنْيَا لَكَ مُسْتَوْسِقَةً وَالْأُمُورَ لَدَيْكَ مُتَّسِقَةً وَحِينَ صَفِيَ لَكَ مُلْكُنَا وَخَلَصَ لَكَ سُلْطَانُنَا.

فَمَهْلًا مَهْلًا لَا تَطِشْ جَهْلًا! أَ نَسِيتَ قَوْلَ اللَّهِ: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ أَمِنَ الْعَدْلِ يَا ابْنَ الطُّلَقَاءِ تَخْدِيرُكَ حَرَائِرَكَ وَسَوْقُكَ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ سَبَايَا؟؟ قَدْ هَتَكْتَ سُتُورَهُنَّ وَأَبْدَيْتَ وُجُوهَهُنَّ يَحْدُو بِهِنَّ الْأَعْدَاءُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَيَسْتَشْرِفُهُنَّ أَهْلُ الْمَنَاقِلِ وَيَبْرُزْنَ لِأَهْلِ الْمَنَاهِلِ وَيَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَالْغَائِبُ وَالشَّهِيدُ وَالشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ وَالدَّنِيُّ وَالرَّفِيعُ، لَيْسَ مَعَهُنَّ مِنْ رِجَالِهِنَّ وَلِيٌّ وَلَا مِنْ حُمَاتِهِنَّ حَمِي، عُتُوّاً مِنْكَ عَلَى اللَّهِ وَجُحُوداً لِرَسُولِ اللَّهِ وَدَفْعاً لِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَلَا غَرْوَ مِنْكَ وَلَا عَجَبَ مِنْ فِعْلِكَ.

وَأَنَّى يُرْتَجَى مُرَاقَبَةُ مَنْ لَفَظَ فُوهُ أَكْبَادَ الشُّهَدَاءِ وَنَبَتَ لَحْمُهُ بِدِمَاءِ السُّعَدَاءِ وَنَصَبَ الْحَرْبَ لِسَيِّدِ الْأَنْبِيَاءِ وَجَمَعَ الْأَحْزَابَ وَشَهَرَ الْحِرَابَ وَهَزَّ السُّيُوفَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ أَشَدُّ الْعَرَبِ لِلَّهِ جُحُوداً وَأَنْكَرُهُمْ لَهُ رَسُولًا وَأَظْهَرُهُمْ لَهُ عُدْوَاناً وَأَعْتَاهُمْ عَلَى الرَّبِّ كُفْراً وَطُغْيَاناً".

السيدة زينب شخصية عظيمة وجليلة

فهي حفيدة سيد الخلق الرسول الأعظم سيدنا محمد (صلى الله عليه واله وسلم) وبنت ولي الله حيدر الكرار الإمام علي (عليه السلام) وبنت سيدة نساء العالمين السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وأخت ريحانة النبي كريم أهل البيت الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) وأخت ريحانة النبي وسيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام). انها سيدة عظيمة وجليلة وعالمة.

زينب كلمة حق وعدل، وصوت ثورة كربلاء، وكلمات هزت عرش الحكام الظالمين كقولها: "فكِدْ كيدَك، واسْعَ سعيَك، وناصِبْ جهدك، فوَ اللهِ لا تمحو ذِكْرَنا، ولا تُميت وحيَنا، ولا تُدرِكُ أمَدَنا، ولا تَرحضُ عنك عارها".

السلام على القلب الكبير وصبره، سلام على السيدة زينب الحوراء (ع) مدرسة الصبر والصمود وتحمل المسؤولية ومواجهة التحديات والظالمين والمفسدين والمستبدين، سلام على زينب رمز العزة والكرامة والعطاء والتضحية والبناء، ودوحة الخير والسلام والأمان والنجاح.

السلام على من هي خير قدوة للانسانية، تحية لكل امرأة زينبية- ام وزوجة وأخت وبنت-، تسير على خطى السيدة الحوراء زينب (ع) وتتمسك بشكل عملي بمنهج السيدة زينب الذي هو خير سلاح في هذا العصر الخطير والمخيف وخير حصن من سهام أعداء الفطرة البشرية وأعداء الإنسانية والأديان السماوية. نعم يحق لمن تتمسك بمنهج السيدة زينب -بالفكر والالتزام بكل ما هو زينبي -الافتخار بأنّها زينبية الإنتماء والعطاء.

اضف تعليق