q
مهما حاولت الحكومة الفاسدة أن تصبغ الواقع، وتبني فرضيات لتبرئتها من التقصير فلن يصدقها أحد، الحكومة الفاسدة تكسر قلوب مواطنيها، تحولهم الى موتى بكل معنى الكلمة، وهذه الدراما هي ما نعيشه في هذه الأيام، الماليزي يعرف أن صفقته مع الحكومة تنفذ بتفاصيلها، لا يوجد لف ولا دوران، لذا يبتسم الماليزي...

وأنا أشاهد تقريرا وثائقيا عن نهضة ماليزيا أدركت سر قوة ابتسامة الشعب الماليزي، وأدركت ايضا ثقتهم الكبيرة بإصلاحات زعيمهم مهاتير محمد، كانت أيدي الماليزيين تشير الى الكاميرا بعلامة النصر، وبسحر تلك الابتسامة.

حينئذ عرفت كل مشكلاتنا التي نعاني منها، أننا مكسورون من الداخل، ولا نستطيع أن نرسم علامة النصر كما يفعل أي صبي في ماليزيا، قبل أيام شاهدت تغييرا صغيرا أجرته أمانة بغداد على سوق باب المعظم المليء بالمخالفات، بلمسات بسيطة وغير مكلفة تحول الرصيف المحاذي للشارع الى دوائر مرصوفة بقطع من أحجار، على حين ملئت الدوائر بنوع خاص من التربة ريثما تتم زراعتها، واحيط الرصيف بسياج من حديد بلون رصاصي.

هذا المشهد البسيط أشعرني بنوع غامض من الرضا، وتساءلت لو أننا نصحو في كل يوم على لمسة كهذه، ولو أننا شاهدنا بين حين وآخر عقابا لفاسد عملاق، ترى كيف سنفكر، وبأي أمل سنعيش؟ تلك الحديقة البسيطة جعلتني أحس بوميض من كرامة منسية، جعلتني أرجو خيرا من بعض الشرفاء في هذه الحكومة، وسافرت مع أحلام يقظة كثيرة، ذلك التقرير الوثائقي أعاد لي لحظة الثقة التي نسيتها بعد سماعي لمجموعة من الاخبار السياسية، وعدم تفاؤل الكثيرين وهم يتحدثون عن القادم من الأيام.

الماليزي يعيش على عكس ما نعيش نحن، أنه مواطن يلمس في كل يوم تغيرا في حياته، بدءا من الشارع الذي يسير فيه الى نظام الصحة العام، ومع مرور الوقت يكون الماليزي فكره عن طبيعة النظام الذي يحكمه.

يعرف الماليزي كما نعرف نحن أيضا أن السلطة السياسية اما ان تكون كاذبة وأما ان تكون صادقة، لا وجود في السياسة الا للونين اثنين، الأبيض أو الاسود، والحكومة تختار أحدهما، فاذا كانت صادقة فسيكون مشروعها التحديثي واضحا للجميع، وإذا كانت كاذبة فسوف يعيش الناس أسوأ كابوس في حياتهم.

ومهما حاولت الحكومة الفاسدة أن تصبغ الواقع، وتبني فرضيات لتبرئتها من التقصير فلن يصدقها أحد، الحكومة الفاسدة تكسر قلوب مواطنيها، تحولهم الى موتى بكل معنى الكلمة، وهذه الدراما هي ما نعيشه في هذه الأيام، الماليزي يعرف أن صفقته مع الحكومة تنفذ بتفاصيلها، لا يوجد لف ولا دوران، لذا يبتسم الماليزي بسحر لا يقل عن ابتسامة الموناليزا، ويرسم علامة النصر بثقة.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق