q
ويمثل تلوث الهواء الخطر البيئي الأكبر على الصحة البشرية وأحد أهم الأسباب التي يمكن تجنبها للوفيات والأمراض على الصعيد العالمي، حيث يعزى ما يُقدر بستة ملايين ونصف مليون حالة وفاة مبكرة في جميع أنحاء العالم إلى تلوث الهواء داخل المباني وخارجها، وإذ تسلم بأن تلوث الهواء...

يكاد يكون كل الهواء الذي نستنشقه ملوثا، ويموت حوالي سبعة ملايين شخص بسبب تلوث الهواء سنويا. تحدث حوالي 90 في المائة من هذه الوفيات في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.

يتم الاحتفال باليوم الدولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء في 7 أيلول/سبتمبر، ففي عام 2019، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا حددت بموجبه السابع من أيلول/سبتمبر بوصفه "اليوم الدولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء"، وشددت على الحاجة الملحة لرفع مستوى الوعي العام على جميع المستويات، وتعزيز وتسهيل الإجراءات اللازمة لتحسين جودة الهواء.

بعد مرور خمس سنوات، خلص علماء منظمة الصحة العالمية إلى أن تأثير تلوث الهواء يبدأ عند مستوى أقل بكثير مما كان يُعتقد سابقا؛ هل يتعامل المجتمع الدولي مع هذه القضية بجدية؟ والأهم من ذلك، ما الذي يمكن فعله لمعالجة تلوث الهواء؟

الأثر الصحي:

تخترق جزيئات التلوث الصغيرة التي لا تُرى الرئتين ومجرى الدم والجسم. هذه الملوثات مسؤولة عن حوالي ثلث الوفيات الناجمة عن السكتات الدماغية وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة وسرطان الرئة، فضلاً عن ربع الوفيات الناجمة عن الأزمات القلبية، بينما يتسبب الأوزون الموجود على مستوى سطح الأرض، والناتج عن تفاعل عديد الملوثات المختلفة في ضوء الشمس، هو كذلك سبب للربو وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة.

الأثر المُناخي:

تعد ملوثات المناخ قصيرة العمر من بين الملوثات الأكثر ارتباطًا بكل من الآثار الصحية والاحترار قريب المدى لكوكب الأرض. وتبقى هذه الملوثات في الأجواء لمدة تصل إلى بضعة أيام أو حتى عدة عقود، لذلك فإن الحد منها قد يكون له فوائد صحية ومناخية فورية تقريبًا لمن يعيشون في أماكن تنخفض فيها المستويات.

ويمثل تلوث الهواء الخطر البيئي الأكبر على الصحة البشرية وأحد أهم الأسباب التي يمكن تجنبها للوفيات والأمراض على الصعيد العالمي، حيث يعزى ما يُقدر بستة ملايين ونصف مليون حالة وفاة مبكرة في جميع أنحاء العالم إلى تلوث الهواء داخل المباني وخارجها، وإذ تسلم بأن تلوث الهواء في البلدان النامية بوجه خاص يؤثر بشكل غير متناسب على النساء والأطفال وكبار السن ولا سيما ضمن الفئات السكانية ذات الدخل المنخفض التي تتعرض لمستويات عالية من تلوث الهواء المحيط وتلوثه داخل المباني نتيجة للطهي والتدفئة بوقود الحطب والكيروسين.

كما أنه يمثل مشكلة عالمية ذات آثار بعيدة المدى بسبب انتقاله لمسافات بعيدة، خصوصا بدون تدخل حازم للتصدي له. ويُقدر بأن أعداد الوفيات المبكرة الناتجة عن تلوث الهواء المحيط ستشهد زيادة تتجاوز 50 في المائة بحلول عام 2050.

وتترتب على تلوث الهواء تكاليف مرتفعة على المجتمع بسبب آثاره الضارة على الاقتصاد وعلى إنتاجية العمل وتكاليف الرعاية الصحية والسياحة، بين أمور أخرى، مشيرة إلى الفوائد الاقتصادية للاستثمار في السيطرة على تلوث الهواء، ومدركة بالتالي أنه يوجد أساس منطقي اقتصادي لاتخاذ التدابير، وأنه توجد بالفعل حلول فعالة من حيث التكلفة لمعالجة تلوث الهواء.

كما أن نوعية الهواء الرديئة تشكل تحدياً لجميع البلدان في سياق التنمية المستدامة، ولا سيما في المدن والمناطق الحضرية للبلدان النامية، حيث تكون مستويات تلوث الهواء أعلى من القيم الحدية العليا التي تحددها المبادئ التوجيهية لنوعية الهواء الصادرة عن منظمة الصحة العالمية

بعض ملوثات الهواء مثل الكربون الأسود والميثان والأوزون السطحي هي أيضاً من ملوثات مناخية قصيرة العمر وتتسبب في نسبة كبيرة من الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء، فضلاً عن آثارها على المحاصيل، وبالتالي على الأمن الغذائي، وبأن تخفيضها يحقق فوائد مناخية.

ولنقاوة الهواء أهمية لصحة الناس وحياتهم اليومية، وبوجه خاص إذا ما اعتبرنا أن تلوث الهواء هو أكبر خطر بيئي منفرد على صحة الإنسان وأحد أسباب الوفاة والمرض الرئيسية التي يمكن تجنبها على الصعيد العالمي، فضلا عن الأثر غير المتناسب الذي يخلفه تلوث الهواء على النساء والأطفال وكبار السن، وإذ يساورها القلق أيضا إزاء الأثر السلبي لتلوث الهواء على النظم الإيكولوجية، ويدرك المجتمع الدولي اليوم بأن تحسين نوعية الهواء يمكن أن يعزز التخفيف من آثار تغير المناخ وبأن جهود التخفيف من آثار تغير المناخ يمكن أن تؤدي إلى تحسين نوعية الهواء.

ونظرا لأن الملوثات تنتقل عبر الهواء، وغالبا لمسافات طويلة، لا يمكننا معالجة ذلك من خلال إجراءات منعزلة. إنه الهواء الذي نتشاركه، وهذا يعني أنه يتعين علينا أيضا مشاركة الحلول.

كيف تطور الوضع في السنوات الأخيرة؟

لم تتحسن جودة الهواء بشكل كبير على مدار العقد الماضي، وقد وضعت منظمة الصحة العالمية- باستخدام عملية صارمة للغاية متعددة السنوات- إرشادات جديدة حول جودة الهواء المحيط، خلال العام الماضي، خفضت بموجبها المستوى الذي تؤثر به الجزيئات الصغيرة العالقة على الصحة بمقدار النصف (من 10 ميكرون إلى خمسة ميكرون).

وتم تحديد البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل على أنها المناطق الأكثر تضررا في العالم. حيث يعاني السكان في هذه البلدان من نقاط ضعف خاصة مرتبطة بالتقنيات التي يستخدمونها في الطهي وتدفئة منازلهم والمواصلات ونوع الطاقة المستخدمة غالبا.

أيضا، هناك عوامل مرتبطة بعمر السكان، حيث إن صغار السن وكبار السن معرضون للخطر بشكل خاص، وغالبا ما يفتقرون إلى الإمكانيات والحصول على الرعاية الصحية.

تلوث الهواء مشكلة تؤثر علينا جميعا، وتؤثر بشكل غير متناسب على الفئات الأكثر ضعفا.

هناك أيضا طابع اقتصادي وجنساني لهذه القضية. على سبيل المثال، قد يكون تلوث الهواء سيئا في مدينة معينة، لكن مستوى التلوث يعتمد كثيرا أيضا على الأحياء التي توجد بها صناعات معينة، وحيث تهب الرياح. والتلوث أكبر في الأحياء الفقيرة، لذلك هناك مشكلة حقيقية تتعلق بالظلم البيئي.

حرائق الغابات

حرائق الغابات تحدث بفعل الإنسان، ومع ذلك يحاول بعض الناس التصرف كما لو كانت أحداثا طبيعية. لكن الزيادة الهائلة في حرائق الغابات في السنوات الأخيرة، والنمذجة التي تقول إننا سنستمر في رؤيتها تتزايد في جميع أنحاء العالم، في أماكن لم نكن نتخيلها أبدا، تُظهر لنا أن تغير المناخ سيؤثر بشكل مباشر على عبء الأمراض التي يسببها تلوث الهواء الناجم عن حرائق الغابات.

قضية النقل أيضا، كيف نصمم مدننا لتقليل الحاجة إلى النقل، وتسهيل المشي واستخدام الدراجات الهوائية بأمان، مما يقلل الحاجة إلى خيارات الوقود الأحفوري من خلال النظر إلى أنواع وقود بديلة.

هناك قائمة طويلة من الحلول، لكنها ذات أثر ملموس للغاية وهي في الواقع تعمل على تحسين الطريقة التي نعيش بها في مدننا أيضا.

5 أشياء يتعين معرفتها

يستنشق نحو 90 في المائة من الناس، خلال حياتهم اليومية، هواء ملوثا ضارا بصحتهم. وقد وصفت الأمم المتحدة تلوث الهواء بأنه أهم قضية صحية في عصرنا الحالي.

فما الذي ينبغي فعله لمعالجة هذه الأزمة.

1) تلوث الهواء يقتل الملايين ويضر بالبيئة

رغم أن تلوث الهواء لم يعد يحظى باهتمام كبير، خلال الأشهر الأخيرة، لكنه لا يزال يشكل خطرا مميتا بالنسبة للكثيرين: فهو يتسبب في حالات مثل أمراض القلب وأمراض الرئة وسرطان الرئة والسكتات الدماغية، ويُقدر أنه يتسبب في وفاة واحد من بين كل تسعة من المواليد الخدج، أي حوالي سبعة ملايين حالة وفاة سنويا.

يضر تلوث الهواء أيضا ببيئتنا الطبيعية. فهو يقلل من إمداد الأكسجين في محيطاتنا، ويصعب عملية نمو النباتات، ويساهم في تغير المناخ.

ولكن على الرغم من الأضرار التي يسببها تلوث الهواء، هناك علامات مقلقة على أن العديد من البلدان لا تنظر إليه على أنه أولوية: فقد كشف أول تقييم من نوعه، على الإطلاق، أجراه برنامج الأمم المتحدة للبيئة، بشأن قوانين جودة الهواء، في 2 أيلول/سبتمبر، عن أن حوالي 43 في المائة من البلدان تفتقر إلى تعريف قانوني لتلوث الهواء، ونحو ثلث البلدان لم تعتمد بعد معايير جودة الهواء الخارجي التي يفرضها القانون.

2) الأسباب الرئيسية لتلوث الهواء

هناك خمسة أنواع من النشاط البشري مسؤولة عن معظم تلوث الهواء: وهي الزراعة، وسائل النقل، الصناعة، النفايات والمنازل.

تنتج العمليات الزراعية والماشية غاز الميثان، وهو أحد غازات الدفيئة القوية للغاية، ويسبب الربو وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى. ويعد الميثان أيضا منتجا ثانويا لحرق النفايات، والتي تنبعث منه سموم ملوثة أخرى، والتي تنتهي بدخول السلسلة الغذائية. وفي الوقت عينه، تطلق الصناعات كميات كبيرة من أول أكسيد الكربون والمواد الهيدروكربونية والجسيمات الثقيلة الضارة والمواد الكيميائية.

ولا تزال وسائل النقل مسؤولة عن حدوث الوفيات المبكرة لمئات الآلاف من الأشخاص، على الرغم من التخلص التدريجي العالمي من الوقود المحتوي على الرصاص الخطير في نهاية شهر آب/أغسطس.

وقد أشاد كبار مسؤولي الأمم المتحدة بهذا الإنجاز البارز، بمن فيهم الأمين العام، الذي قال إن الخطوة ستحول دون حدوث حوالي مليون حالة وفاة مبكرة كل عام. ولكن مع ذلك، تستمر المركبات في بث الجسيمات الدقيقة الضارة وغاز الأوزون والكربون الأسود وثاني أكسيد النيتروجين في الغلاف الجوي؛ وتشير التقديرات إلى أن معالجة الحالات الصحية الناجمة عن تلوث الهواء تكلف حوالي 1 تريليون دولار سنويا على مستوى العالم.

الأنشطة المنزلية الضارة بالصحة والبيئة مسؤولة عن حوالي 4.3 مليون حالة وفاة كل عام. وذلك لأن العديد من الأسر توقد النيران بصورة مكشوفة وتستخدم مواقد غير فعالة داخل المنازل، مما يؤدي إلى قذف الجسيمات السامة وأول أكسيد الكربون والرصاص والزئبق.

3) قضية ملحة

ويكمن السبب في دق الأمم المتحدة أجراس الإنذار حول هذه القضية الآن، في أن الأدلة على آثار تلوث الهواء على البشر آخذة في التزايد. ففي السنوات الأخيرة، وُجد أن التعرض لتلوث الهواء يساهم في زيادة مخاطر الإصابة بمرض السكري والخرف وضعف النمو المعرفي وانخفاض مستويات الذكاء.

وعلاوة على ذلك، فقد ثبت، منذ سنوات، أن تلوث الهواء مرتبط بأمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي.

ويتوافق القلق بشأن تلوث الهواء مع الإجراءات العالمية المتزايدة لمعالجة أزمة المناخ: لأن تلوث الهواء يعد قضية بيئية وصحية في آن واحد، والإجراءات التي يتم اتخاذها بهدف تنظيف السماء ستسهم في قطع أشواط طويلة في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.

4) تحسين جودة الهواء مسؤولية الحكومة والقطاع الخاص

في اليوم الدولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء، تدعو الأمم المتحدة الحكومات إلى بذل المزيد من الجهد للحد من تلوث الهواء وتحسين جودته.

وتشمل الإجراءات المحددة التي يمكن أن تتخذها الحكومات تنفيذ سياسات متكاملة بشأن جودة الهواء وتغير المناخ؛ التخلص التدريجي من السيارات التي يتم تشغيلها بالبنزين والديزل؛ والالتزام بخفض الانبعاثات الناتجة من قطاع النفايات.

يمكن للشركات أيضا أن تحدث فرقا، من خلال التعهد بتقليل النفايات والقضاء عليها في نهاية المطاف؛ التحول إلى استخدام المركبات منخفضة الانبعاثات أو المركبات الكهربائية في أساطيل النقل الخاصة بها؛ وإيجاد طرق لخفض انبعاثات ملوثات الهواء من منشآتها وسلاسل إمدادها.

5) ... وهي مسؤوليتنا أيضا

على المستوى الفردي، وكما تظهر التكلفة الضارة للأنشطة المنزلية، يمكن تحقيق الكثير إذا غيرنا سلوكنا.

يمكن أن تشمل الإجراءات البسيطة استخدام وسائل النقل العام أو ركوب الدراجات أو المشي؛ تقليل النفايات المنزلية والتسميد؛ تناول كميات أقل من اللحوم عن طريق التحول إلى نظام غذائي نباتي؛ والحفاظ على الطاقة.

ما مدى نقاوة الهواء في منطقتك؟

ربما تتساءل أنت عن مدى نظافة أو تلوث الهواء من حولك الآن؟ إذا كان الأمر كذلك، فقم بإلقاء نظرة على الموقع الإلكتروني لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة والذي يوضح مدى تعرضنا لتلوث الهواء، في أي مكان في العالم.

يشير الموقع إلى أن أكثر من خمسة مليارات شخص، أو حوالي 70 في المائة من سكان العالم، يتنفسون هواء مدى تلوثه أعلى من حدود التلوث التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية.

تظل مستويات تلوث الهواء مرتفعة بشكل خطير في أجزاء كثيرة من العالم، حيث أظهرت بيانات جديدة من منظمة الصحة العالمية أن 9 من بين كل 10 أشخاص يتنفسون هواء يحتوي على مستويات عالية من الملوثات.

وتشير أحدث التقديرات إلى حصيلة مخيفة من الوفيات تصل إلى 7 ملايين كل عام بسبب تلوث الهواء الداخلي والخارجي. وعلى مدى السنوات الست الماضية، ظلت مستويات تلوث الهواء مرتفعة ومستقرة إلى حد كبير، مع انخفاض التركز في بعض أجزاء أوروبا والأمريكتين.

وبينما يهدد تلوث الهواء الجميع، إلّا أن "الفئات الأكثر فقرا وتهميشا من الناس تتحمل وطأة هذا العبء" كما قال مدير عام منظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس. مضيفا أنه "من غير المقبول أن يستمر أكثر من ثلاثة مليارات من البشر، معظمهم من النساء والأطفال – في تنفس دخان قاتل كل يوم إثر استخدام وقود ملوث في مواقد منازلهم."

ويعد استخدام الوقود الملوث في الطهي في المنازل المصدر الرئيسي لتلوث الهواء المنزلي، خاصة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. بينما يمكن أن تتأثر جودة الهواء الخارجي بالعناصر الطبيعية، مثل العوامل الجغرافية والجوية والموسمية.

7 ملايين حالة وفاة كل عام

وتقدر منظمة الصحة العالمية أن نحو 7 ملايين شخص يموتون سنويا بسبب التعرض لجسيمات دقيقة في الهواء الملوث، التي تخترق بعمق الرئتين والقلب والأوعية الدموية، بما يسبب الأمراض، مثل السكتة الدماغية وأمراض القلب وسرطان الرئة وأمراض انسداد الشعب الهوائية المزمنة والتهابات الجهاز التنفسي، بما فيها الالتهاب الرئوي.

وفي عام 2016، تسبب تلوث الهواء المحيط وحده في حدوث 4.2 مليون حالة وفاة، بينما تسبب استهلاك الملوثات والتلوث في وفاة ما يقدر بـ 3.8 مليون حالة في نفس الفترة.

وتقع أكثر من 90% من تلك الوفيات في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل في آسيا وأفريقيا بشكل رئيسي، ثم مثيلتها في شرق البحر الأبيض المتوسط وأوروبا والأميركتين.

ويزداد تهديد التلوث في المدن الكبرى حيث تتجاوز معدلات التلوث في العديد منها، المستويات الإرشادية لمنظمة الصحة العالمية، مما يمثل خطرا رئيسيا على صحة الناس، بحسب منظمة الصحة العالمية.

ولا يعترف تلوث الهواء بالحدود السياسية، ولذا يتطلب تحسين نوعية الهواء إجراءات حكومية مستمرة ومنسقة على جميع المستويات، وتحتاج البلدان إلى العمل معا على حلول للنقل المستدام، وإنتاج واستخدام الطاقة النظيفة بطرق أكثر كفاءة واستدامة، فضلا عن إدارة النفايات. إذ يعتبر حرق النفايات في بعض المناطق مصادر إضافية لتلوث الهواء.

وتعمل منظمة الصحة العالمية مع العديد من القطاعات الحكومية، بما في ذلك النقل والطاقة والتخطيط الحضري والتنمية الريفية، لدعم البلدان في معالجة هذه المشكلة.

بعض البيانات الرئيسية

تقع أعلى مستويات تلوث الهواء المحيط في إقليم شرق المتوسط وجنوب شرق آسيا، تليها المدن منخفضة ومتوسطة الدخل في أفريقيا وغرب المحيط الهادئ.

في مدن البلدان ذات الدخل المرتفع في أوروبا، تبين أن تلوث الهواء يقلل من متوسط العمر المتوقع بين شهرين و24 شهرا، تبعا لمستويات التلوث.

يعد تلوث الهواء أحد عوامل الخطر الحرجة للأمراض غير المعدية، حيث يتسبب في 25% من جميع وفيات البالغين بأمراض القلب، و25% من السكتة الدماغية، و43% من مرض الانسداد الرئوي المزمن، و29% من سرطان الرئة.

ماذا عن الأطفال؟

يتنفس 93 في المئة من أطفال العالم ممن تقل أعمارهم عن الخامسة عشرة، هواء ملوثا يعرض صحتهم وتطورهم للخطر البالغ الذي قد يفضي إلى الموت. وتقدر منظمة الصحة العالمية أن 600 ألف طفل قد لقوا مصرعهم خلال عام 2016 بسبب الإصابة بالتهابات حادة في الجهاز التنفسي ناجمة عن الهواء الملوث.

جاء ذلك في تقرير أصدرته منظمة الصحة العالمية عشية أول مؤتمر دولي حول تلوث الهواء والصحة.

يفيد التقرير بأن تعرض النساء الحوامل للهواء الملوث يزيد احتمال ولادتهن مبكرا قبل اكتمال فترة الحمل، مما يؤدي إلى ولادة أطفال يقل وزنهم عن المعدل الطبيعي. كما يؤثر تلوث الهواء على تطور مخ الأطفال وقدرتهم على الإدراك ويمكن أن يتسبب في الإصابة بالربو والسرطان.

ووفق التقرير فإن الأطفال الذين يتعرضون لمستويات عالية من تلوث الهواء يمكن أن يصابوا بأمراض مزمنة مثل أمراض الأوعية الدموية في وقت لاحق من حياتهم.

وأثناء عرض التقرير في مؤتمر صحفي بجنيف، سلطت الخبيرة في تلوث الهواء بمنظمة الصحة العالمية الدكتورة ماري برون دريس، الضوء على آثار التعرض للهواء الملوث على البشر من فترة الحمل حتى المراهقة. وقالت:

"الأطفال أكثر عرضة بشكل خاص لتلوث الهواء، فهم يعيشون أقرب إلى الأرض حيث تتركز بعض ملوثات الهواء هذه. كما أنهم يتنفسون تقريبا بسرعة أكبر تقدر بضعف ما يتنفسه البالغون، أي أنهم يتنفسون هواء أكثر. كما أن العديد من آليات الترشيح وطرق التخلص من هذه الملوثات لم تتطور بعد لدى الصغار. وهم أيضا يتنفسون أكثر من خلال فمهم وليس أنوفهم، لذلك تصل الجزيئات الأكبر من الملوثات إلى الأجسام والرئتين."

أما الدكتورة ماريا نيرا، مديرة إدارة الصحة العامة بالمنظمة، فتطرقت إلى عواقب التعرض للهواء الملوث أثناء فترة الحمل، قائلة:

"التعرض لتلوث الهواء أثناء الحمل له عواقب وخيمة يمكن أن تؤدي إلى نتائج سلبية في الولادة، حيث يمكن أن يؤدي إلى إنجاب أطفال ناقصي الوزن. بالإضافة إلى ذلك، سيؤثر التعرض للهواء الملوث على نمو الأطفال العصبي والحركي."

المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبريسوس قال إن الهواء الملوث يسمم الأطفال ويدمر حياتهم. وشدد على أن ذلك الأمر غير مقبول.

ويفسر التقرير سبب تعرض الأطفال لآثار تلوث الهواء أكثر من البالغين، بأنهم يتنفسون بشكل أسرع فتمتص أجسادهم الملوثات بصورة أكبر.

وفي تغريدة على موقع تويتر نشرت منظمة الصحة العالمية رابطا لصحفة إلكترونية يمكن من خلالها التعرف على نسبة التلوث في المنطقة التي يقطن بها الشخص.

قالت المنظمة في التغريدة إن المدن والقرى بأنحاء العالم تشهد تلوثا في الهواء يزيد عن المعدلات التي توصي بها منظمة الصحة العالمية لجودة الهواء.

بعض الحلول

من جهته أشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في رسالته بمناسبة اليوم الدولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء، إلى القرار التاريخي الذي اعترف بالحق العالمي في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة.

ومع ذلك، أشار الأمين العام إلى أن تلوث الهواء يحرم المليارات من الناس من هذا الحق، إذ يضر هذا التلوث بصحة 99 في المائة من سكان هذا الكوكب. "والفقراء هم أشد الناس معاناةً منه. وخاصة النساء والفتيات، اللاتي تتضرر صحتهن من خلال الطهي والتدفئة بالوقود غير النظيف".

دعا السيد غوتيريش جميع البلدان إلى العمل معا لمكافحة تلوث الهواء، وحدد بعض الحلول، وهي:

الاستثمار في الطاقة المتجددة والانتقال السريع بعيدا عن الوقود الأحفوري،

الانتقال بسرعة إلى المَرْكبات عديمة الانبعاثات ووسائط النقل البديل،

التمكين بدرجة أكبر من نظافة الطهي والتدفئة والتبريد،

وإعادة تدوير النفايات بدلا من حرقها.

اضف تعليق