q
هل حقا نحن بلد نفطي؟ الارقام تقول له نعم. ففي البورصة هناك ما يدل على اننا نملك سائلا اسود يباع بالدولار، ومع ذلك لا امل في رؤية اي تحسن في حياتنا، يعرفنا العالم اجمع باننا ابناء البترول. شهرة سيئة وصيت بلا معنى. ومع ذلك فنحن نتسول اللجوء الى بلد أجنبي...

الغربة عقاب وعلى الاخص حين يكون المغترب عراقيا يبحث عن مأوى في بلد أجبني، يكون العقاب اقسى حين لا يحصل المغترب على اقامة تجعله يشعر بانه في وضع آمن، وانه غير مهدد بالترحيل. فإلى اين يذهب؟

العراقي ابن البترول لكن البترول ابن عاق جدا، ابن يضرب اباه. البترول هكذا ابن يضربنا جميعا بلا رحمة. انه ملك لاخرين.

نسمع بالبترول لكننا لا نراه على ارض الواقع. فمدننا مخربة، وشوارعنا بدأت تضيق، وتأكلها الارصفة، والباعة المتجولين، ومستشفياتنا غير جيدة، ولا يوجد مكان يمكن ان يضم عشرات العوائل فيحسون بأنهم في بلد نفطي. لذا بدأ العراقي يشك بان لديه ثروة نفطية.

يطرح العراقي هذا السؤال الغريب: هل حقا نحن بلد نفطي؟ الارقام تقول له نعم. ففي البورصة هناك ما يدل على اننا نملك سائلا اسود يباع بالدولار، ومع ذلك لا امل في رؤية اي تحسن في حياتنا.

يعرفنا العالم اجمع باننا ابناء البترول. شهرة سيئة وصيت بلا معنى. ومع ذلك فنحن نتسول اللجوء الى بلد أجنبي، وانقاذ ما تبقى لنا من عمر.

وهناك في المهجر نبدأ بالبحث عن بدائل. نراقب وجوه من نلتقيهم في الشوارع كيف سينظرون لان وجوهنا وملابسنا تجعل الغربي يكتشفنا بسرعة.

نطير من الفرح ان ابتسم لنا هولندي مثلا اذا صادفناه في احد الشوارع. ونشعر باننا اغنياء اذا طلبت منا عجوز ان نرافقها الى منزلها.

مثل هذه الاشارات تجعل ابن البترول الثري الفقير في الوقت نفسه ينسى حكاية فقره، وغربته، ليتعلق بهذا الكرم اتجاهه. ويبدأ بالمقارنة. بين بلد البترول وحجم الفقر فيه، وبين دولة غربية كهولندا هذبت مواطنيها الى هذا الحد.

تكتمل الحكاية، وتصبح مثل قصة بكتبها مغترب بقناعة كبيرة. وتكون المفاجأة رائعة حين يتبرع جار هولندي لجاره العراقي المغترب ببضعة بيضات من الدجاج الذي يربيه.

كل يوم يضع هذا الهولندي الرائع ستة او ثمان بيضات في علبة من كارتون ويرسلها الى جاره العراقي المغترب. واحيانا يضعها عند باب الشقة الصغيرة.

قبل ايام خاطب الهولندي جاره ان ياخذ البيض ويعيد علبة الكارتون كي يضع البيض فيها مجددا، لأنه لا يفضل اكياس النايلون لهذا الغرض. هكذا يجد المغترب ابن البترول حياته التي يقضيها وهو يشك بانه يملك ثروة طائلة يسمع عنها ولا يراها. شكرا لك ايها الهولندي.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق