q
عملية التضليل الطبي انتشرت في السنوات الأخيرة، من خلال المواقع الإلكترونية وبالأخص مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها فيس بوك ويوتيوب فهناك آلاف الصفحات الطبية والأفلام التي تقدم وصفات علاجية زائفة، وتعرض أدوية مجهولة المصدر، وتعتمد التوصيل المجاني لبيوت الراغبين بالشراء، وهناك اغراءات عديدة، تهدف إلى توريط الجاهلين في لعبة الخداع الطبي...

غريزة البقاء ومحاولة إطالة العمر ومعالجة الأمراض تعد من أهم أسرار التمسك بالحياة، وقد ابتكر الانسان مهنة الطب وعلومه وعقاقيره، في القرون الأخيرة، بعد أن ظل آلافاً من السنين السابقة تائهاً حائراً في مواجهة المرض والموت، وكان يلجأ غالباً للسحر والشعوذة والخرافة والأعشاب لعله يعثر على أكسير الحياة الموهوم!

في العقود الأخيرة، فتحت ثورة تقنيات الاتصالات والمعلومات آفاقاً غير مسبوقة، في كل مناحي المعرفة، وفي مقدمتها المعرفة الطبية والعلاجية، بيد أن وفرة المعلومات لا تقل خطورة عن شحتها، فالطوفان المعلوماتي أغرق الإنسان بكم هائل من المعرفة، التي اختلط فيها الحقيقي والزائف، والصادق والكاذب، فلا عجب أن تجد في عصر العلم من يتلاعب بالغرائز والعواطف، ويستغل جهل الكثيرين، فيصبح معالجاً مشهوراً يحسده الأطباء البارعون، من خلال اتقان لعبة الخداع حول الحياة والموت، عبر وسائل دينية أو سحرية أو خلطات عشبية طبيعية مزعومة!

مهنة الطب تحكمها عادة قواعد علمية صارمة، منذ قرنين على الأقل، وتعد كليات الطب والصيدلة من أصعب الأكاديميات في منح الشهادة للمتفوقين فقط، وهناك نقابات وجمعيات تضع ضوابط لهذه المهنة الصعبة، في حين، من جانب آخر، يستطيع اليوم شخص جاهل، عبر لافتة أو موقع الكتروني أو قناة تلفزيونية أو إذاعية تقديم نفسه منقذاً روحانياً، فيتوافد عليه الناس أملاً في البقاء وحباً بالحياة الفانية، وذلك في ظل فشل المؤسسات الصحية الرسمية، وارتفاع ثمن العلاج الطبي، وتقاعس الجهات الرقابية والأمنية في حماية المجتمع من هذه الظواهر الخطيرة، التي أصبحت تديرها عصابات محترفة لكسب المال الحرام وخداع المرضى المساكين!

عملية التضليل الطبي انتشرت في السنوات الأخيرة، من خلال المواقع الإلكترونية وبالأخص مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها (فيس بوك) و(يوتيوب) فهناك آلاف الصفحات الطبية والأفلام التي تقدم وصفات علاجية زائفة، وتعرض أدوية مجهولة المصدر، وتعتمد التوصيل المجاني لبيوت الراغبين بالشراء، وهناك اغراءات عديدة، تهدف إلى توريط الجاهلين في لعبة الخداع الطبي.

نقترح لمواجهة هذه الظاهرة معالجات عدة بهدف التوعية والتثقيف الصحي وكشف التضليل، كما يأتي:

1- العمل من خلال برنامج إداري وإعلامي على استعادة الثقة بالمؤسسات الطبية والعيادات الطبية الخاصة، ويمكن أن يبدأ البرنامج بمكافحة الفساد وتقديم الفاسدين للعدالة، دون تأخير،لأن الفساد الطبي هو الأخطر لأنه يهدد حياة الناس مباشرة. كما يفترض أن يتضمن البرنامج خطة اعلامية للتوعية والتثقيف العلمي الصحي، من خلال الصحافة الإلكترونية والقنوات التلفزيونية والإذاعات والمطبوعات والملصقات والندوات والحملات الإرشادية.

2- قيام نقابتي الأطباء والصيادلة بدورهما الرقابي المفترض في الإشراف على المستشفيات والعيادات الطبية والصيدليات، وتطبيق اللوائح القانونية ضد المخالفين والإعلان عن المخالفات في وسائل الإعلام وفضحها.

3- تفعيل دور المواطن في كشف الفساد ومتابعة الشكاوى ورصد الظواهر السيئة والإبلاغ عنها وفتح نوافذ الكترونية وهاتفية للتواصل بين وزارة الصحة ومكتب المفتش العام والنقابات المعنية من جهة، والمواطنين من جهة أخرى.

4- قيام الأجهزة الأمنية في كشف أوكار الدجل والشعوذة المنتشرة، واستخدام الوسائل الاستخبارية الذكية في القبض على الأشخاص الذين يتاجرون بمعاناة الناس ويستغلون حاجتهم الى الرعاية الصحية، ومحاكمة المتورطين بهذه اللعبة القذرة.

5- الانتباه من قبل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي لمضامين الاعلانات الطبية والصيدلانية الكاذبة، والتدقيق في الصفحات الخادعة والأفلام الملفقة ومعرفة مصادرها ومن يديرها، واستشارة الأطباء والصيادلة الحقيقيين، وذلك قبل الانجرار الى الشراء والوقوع في مصيدة المغفلين!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق