q
حين نصل الى تلك المرحلة ونحن على اعتاب متكررة لها، لا مناص حينها من اضطراب هائل غير منضبط، ربما اشد قسوة من الاحتلال الأمريكي للعراق، او انتظار البعض لهذا التغيير من خارج العراق، عندها يتكرر السؤال لماذا كل هذا الفشل في الصراع السياسي وعدم القدرة على الاتيان بالحلول الفضلى على طاولة الحوار الوطني...

ما زال مضمون "الحوار الوطني" على طاولة مفاسد المحاصصة خارج نطاق دعم بناء مؤسساتية الدولة بل مجرد "حوار طرشان" على اليات إعادة تغانم السلطة فقط، ليست هذه الحقيقة ضربا من الخيال او اتهامات توجه الى امراء أحزاب العوائل في عراق اليوم حتى تحولت الى اقطاعيات سياسية لكل منها "تاج رأس" وله خطوطه الحمراء التي يؤذن بها وعاظه عبر برامج " التوك شو" في مختلف القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي.

معضلة الأغلبية من هذه الأحزاب انها تقول ولا تفعل، تتهم ولا تتقاضى امام القضاء العراقي، حتى اختلط الحابل بالنابل، وزاد من تجهيل الراي العام الجمعي العراقي معتقدة ان لهذا الشعب "ذاكرة السمكة" الوقتية فلا يتذكر امام صندوق الاقتراع غير ازماته العقائدية، في ترويج مفضوح لتحميل الغير مسؤولية هذا الفشل المتكامل بدلا من النجاح والحلول الفضلى، لذلك تتكرر ماكنة اعلام هذه الأحزاب في كل دورة برلمانية إعادة جدولة الاتهامات الجاهزة لرمي غيرهم بشتى التهم، واعتبار الفشل لا يقع ضمن المسؤولية المناطة بهم، والاغلبية منهم شاركت في الحكم منذ مجلس الحكم حتى اليوم بجميع اشياعهم وصنوفهم من الفاو حتى زاخو ومن مندلي حتى الرطبة.

المعضلة الأذكى ان يكون هذا الحوار بحضور ممثلة الأمم المتحدة في العراق، هذه المنظمة التي عملت وكالاتها خلال سنوات مضت على بناء القدرات للسلطات العراقية في تطبيقات ادلة العمل الأممية المستقاة من تجارب الشعوب لاسيما تجارب المصالحة في جنوب افريقيا، مما يطرح السؤال " كم نيلسون مانديلا في عراق ما بعد 2003 ؟؟"

ما بين هذا وذاك، دافعت مراكز التفكير العراقية عن حقها في تكوين "مجلس للحكماء" من خارج صندوق العملية السياسية، وتداعت هذه المراكز لعقد الندوات والمؤتمرات بحثا عن "دولة عراقية فاعلة " من دون أي دلالات على استماع هذه الأحزاب لصوت العقل الصادر عن النخب والكفاءات العراقية الاكاديمية والمثقفة، ولم تسمع غير أصوات وعاظ السلاطين الداعين لديمومة تجهيل الراي العام بمظاهر دنيوية مدنسة بعناوين دينية مقدسة، وصولا الى ذلك الاتهام الأخطر الذي رفع في تظاهرات متعددة الأطراف "باسم الدين باكونا الحرامية" فيما الحقيقة الواقعة ان نموذج الدعاية الحزبية لتبرير مفاسد المحاصصة انما وضعت أحزاب الإسلام السياسي امام حقائق ميدانية تنذر مرة بعد أخرى بثورة الجياع، مما يجعل هذه الأحزاب وكأنها مثل ملكة فرنسا تلك التي تساءلت عن ثورة الخبز واسقاط سجن الباستيل، اذا كان الجياع الثائرون لا يمتلكون الخبز لماذا لا يأكلون الكيك!!

حين نصل الى تلك المرحلة ونحن على اعتاب متكررة لها، لا مناص حينها من اضطراب هائل غير منضبط، ربما اشد قسوة من الاحتلال الأمريكي للعراق، او انتظار البعض لهذا التغيير من خارج العراق، عندها يتكرر السؤال لماذا كل هذا الفشل في الصراع السياسي وعدم القدرة على الاتيان بالحلول الفضلى على طاولة الحوار الوطني الذي تكررت مصاريفه أكثر من نتائجه طيلة الأعوام الماضية.

اعتقد ان طاولة الحوار الوطني تتطلب البداية بأوراق بيضاء عبر حوار مجتمعي تطرح نتائجه على مجلس النواب والقيادات السياسية الحالية، ومن دون توحيد الخطاب الوطني من اجل عراق واحد وطن الجميع بعدها يمكن التفكير بحوار سياسي يستمع فيه قيادات الأحزاب الحالية لصوت المجتمع لدعم بناء الدولة، عندها فقط يمكن توحيد القناعات وتعديل المسارات وإيجاد الحلول لتضارب المصالح وإلغاء وقائع الشخصنة الحزبية والا يبقى مجرد حوار بين طرشان بانتظار ثورة الجياع ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق