q
ألف درجة في كل محافظة تمكنت من إدخال الفرحة على الملايين من العاطلين عن العمل، ويبحثون عن مصدر رزق يخفف الم الجلوس في المنزل او العمل بعمل حر يفقد معه الكثير من الكرامة، السؤال الأبرز حول الموضوع، هو لماذا هذا الاستقتال على الوظيفة الحكومية؟

ألف درجة في كل محافظة تمكنت من إدخال الفرحة على الملايين من الافراد العاطلين عن العمل في العراق، ويبحثون عن مصدر رزق يخفف الم الجلوس في المنزل او العمل بعمل حر يفقد معه الكثير من الكرامة، فضلا عن عدم استمراريته وخضوعه للتقلبات الحاصلة بين حين وآخر.

السؤال الأبرز حول الموضوع، هو لماذا هذا الاستقتال على الوظيفة الحكومية؟

والاجابة تأتي وفق اعتبارات او معايير سنوضحها في سياق الحديث.

المعيار الأول هو ان اغلب الامتيازات او التسهيلات التي تطرحها الحكومة موجهة الى الموظف، وكأنه الشخص الموصى فيه من السماء، ولا يوجد غيره من طبقات اجتماعية بحاجة لمثل هذه الرعاية المالية والاجتماعية.

فكثيرا ما تُطلق السلف والقروض لشريحة موظفي الدولة، ولا يكون تعامل المصارف الا معهم، وبالتالي حُرِم أكثر من ثلاثة اضعاف عدد الموظفين من هذه الخدمات، فلا يصح ان ينحصر التعامل والتفاعل الحكومي مع هذه الشريحة وإهمال البعض الكثير الآخر، فربما الكثير من الموظفين لديهم القدرة على بناء منزل يليق بهم، وقد يكون لديه مصلحة أخرى تساعده على تحقيق أهدافه المتعلقة بحياته.

بينما العديد من الافراد يفتقدون لمثل هذه الأموال، ويبحثون عن سبيل للحصول على مقدار قليل منها؛ لبناء دار قد يكون خالي من الأثاث مطلقا، هذا إذا كان قد اتم بناءه على حسب الأصول ووضع له سقف يقي العائلة حرارة الشمس وبرودة الشتاء، وبالنتيجة يعيش الجزء المتبقي من حياته منشغلا بفتح حلقات الدين من رقبته ليتنفس قليلا ويوزع دخله المحدود على متطلبات الحياة اليومية.

وحتى لا نكون مبالغين بما سيجنيه الموظف الحكومي من الوظيفة العامة، فهي لا توفر له سوى العيش الكريم، أي توفير القوت اليومي، وفي بعض الدوائر يكون الموظف تحت خط الفقر، لأنه يتقاضى مرتب لا يسد الحاجات اليومية والزيادات المتكررة بما تتطلبه مقتضيات الحياة الآخذة بشكل سريع بتجاه المادية المطلقة والدخول الى عالم الاستهلاك غير الممنهج.

لكن ومع هذا الحال يجد الموظف نفسه في مأمن من التغيرات الطارئة مثلما حصل في زمن جائحة كورونا التي اضطرت الكثير من الشركات العالمية الرصينة الى تسريح عدد كبير من العاملين فيها، وإعطاء جزء آخر نصف المرتب المقرر شهريا، فكيف بالنسبة للمشروعات الصغيرة التي لا تتمتع بقدر من الرصانة وليس لديها خطة لحماية موظفها في الحالات الطارئة؟

لقد لاحظنا وربما انت عزيزي القارئ تعايشت مع تجربة التدريس المجاني، هذه البدعة التي لا نعرف من وضع لبنتها الأولى في قانون العمل المحلي الساري في العراق، حتى وصل ببعض الأشخاص العمل بصورة مجانية أكثر من خمسة سنوات فنزولا ولا يزالون غير معينين، ومع ذلك نجد الملايين يتنافسون ويحاولون الحصول على واسطة لقبولهم في الانخراط ضمن طوابير العمل المجاني!

العمل المجاني هذا سيكون في المستقبل القريب بمثابة نقاط التمييز التي تقرب موظف الخدمة المجانية من التعيين الحكومي الثابت على الملاك، وهذه العملية المكوكية التي يمر فيها المتقدم لدرجة وظيفية، لم تكن موجودة لولا التقصير الحكومي وعلى مختلف المستويات، وهو من اوصلنا لهذا الحال المبكي للشباب المسكين.

الالف درجة وظيفة لا تمثل شيء بالنسبة لأعداد الخريجين العاطلين عن العمل، وعلى الرغم من انها اُطلقت وفق شروط أهمها انها لا تتعدى الثلاث سنوات، يتقاضى فيها ثلاث مئة ألف دينار عراقي، قد لا تكفي مصروف أسبوعين مع الاقتصاد، في ظل ارتفاع الأسعار المتواصل.

وقد يكون الموظف بصفة عقد او اجير يومي أفضل حالا من العامل في القطاع الخاص، اذ ينظر المجتمع الى الأخير على انه شخص غير مستقر اقتصاديا، وقد يصعب عليه تكوين اسرة او العيش بمنزل مستقل، والسبب بذلك يعود الى غياب التشريع القانوني الذي يحمي الموظف في القطاع الخاص من الطرد والمعاملة السيئة من قبل ارباب العمل.

التعامل البشع من قبل أصحاب المصالح العاملة مثل الشركات والمصانع الكبيرة والصغيرة وضغطهم المتواصل على العاملين، اوقد جذوة الحلم بالحصول على التعيين الحكومي، فالموظف مهما كان مرتبه، لا يتصور ان يذهب الى الدائرة ويجد نفسه قد عُلق اسمه ضمن قائمة المفصولين او المسرحين من العمل، وهذا بحد ذاته شعور يفتقد اليه الملايين من العاملين في القطاع الخاص الذي لا يضمن للفرد استمرار العمل لنهاية العام او الشهور القادمة.

اضف تعليق