q
ان الغالبية العظمى من هذه الإمكانيات غير المستغلة -حوالي الثلثين- توجد في المناطق المدارية، وتوفر الإدارة المحسَّنة للغابات والأنظمة الخشبية الأخرى أكبر فرصة لتحقيق إزالة الكربون على المدى القريب، ومن المرجح أن تتسبب التغيرات في درجة الحرارة وهطول الأمطار في تغيُّر حجم الخزان المتاح، خاصةً في المناطق المدارية...
بقلم محمد السعيد

أكد فريق من الباحثين أن زيادة تخزين الكربون في الكتلة الحيوية الخشبية عن طريق زراعة الأشجار أو حماية الغابات -على سبيل المثال- يمكن أن تساعد في تحقيق الأهداف المناخية عبر إزالة ثاني أكسيد الكربون الإضافي من الغلاف الجوي.

ووفق الدراسة التي نشرتها دورية "بروسيدينجز أوف ذا ناشيونال أكاديمي أوف ساينس" (PNAS)، اليوم "الإثنين"، 30 مايو، فقد استخدم الباحثون مجموعةً من البيانات العالمية لتحديد المناطق والمجالات التي يمكن أن يتحقق فيها تخزين الكربون الإضافي وأن تتشكل فيها أحواض الكربون الأرضية؛ إذ قام المؤلفون بحساب الفرق بين معدلات تخزين الكربون الحالي والمحتملة على مستوى العالم بدقة تبلغ 500 متر.

وتوفر الدراسة سلسلةً من الخرائط الجغرافية الجديدة التي تعمل على تحسين فهمنا للفجوة العالمية بين تخزين الكربون الحالي والمحتمل، كما توفر إطارًا للعمل من أجل تحقيق الإمكانيات الكاملة لتخزين الكربون على الأرض باعتباره حلًّا طبيعيًّا لأزمة الاحتباس الحراري.

ووجد الفريق البحثي في "مركز وودويل لأبحاث المناخ" أن حجم المساحة غير المستغلة والمتوافرة على الأرض لتخزين إضافي للكربون يبلغ حوالي 287 بيتاجرام، وأن 78% من تلك المساحة غير المستغلة (224 بيتاجرام) متوافرة في الكتلة الحيوية الخشبية، أما المساحة الباقية التي تقدر نسبتها بـ22% وتبلغ 63 بيتاجرام، فهي موجودة في التربة بالفعل، ولا تدخل في هذه الحسابات نطاقات التربة الزراعية اللازمة للإنتاج الزراعي أو مناطق سكن الإنسان.

ويُقصد بالكتلة الحيوية المواد العضوية ذات المصدر الحيوي مثل المخلَّفات النباتية والحيوانية، والتي يمكن استخدامها وقودًا، أو في الإنتاج الصناعي.

يوضح مؤلفو الدراسة أن الغالبية العظمى من هذه الإمكانيات غير المستغلة -حوالي الثلثين- توجد في المناطق المدارية، وتوفر الإدارة المحسَّنة للغابات والأنظمة الخشبية الأخرى أكبر فرصة لتحقيق إزالة الكربون على المدى القريب، ومن المرجح أن تتسبب التغيرات في درجة الحرارة وهطول الأمطار في تغيُّر حجم الخزان المتاح، خاصةً في المناطق المدارية.

وتمتلك البرازيل وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإندونيسيا أكبر إمكانيات من حيث القيمة المطلقة، ومن خارج المناطق الاستوائية، تبرز روسيا والولايات المتحدة والصين بشكل واضح، من حيث حجم هذه الفرصة.

يقول واين والكر، مدير برنامج الكربون في مركز وودويل لأبحاث المناخ، والمؤلف الرئيسي للدراسة: إن هناك حاجة ملحَّة إلى الحد من انبعاثات الكربون الناتجة من حرق الوقود الأحفوري، ومن ثم، فإن الحلول القائمة على الطبيعة -بما في ذلك تلك التي تقدمها الغابات والأنظمة الخشبية الأخرى- لها دور مهم في إزالة الكربون الإضافي من الغلاف الجوي.

وعن أهمية الدراسة يوضح "والكر" في تصريحات لـ"للعلم" أن هذه الدراسة لا تمثل فقط نقطةً مرجعيةً جديدة، ولكنها تقدم أيضًا إطارًا مفاهيميًّا يمكن للمديرين وصناع القرار استخدامه من أجل تحديد المواقع ذات الأولوية لتنفيذ مشاريع تخزين الكربون.

يضيف "والكر": نتائجنا يمكن أن تساعد البلدان في تنفيذ خطط تخزين الكربون اللازمة لتحقيق التزاماتها بموجب اتفاقية باريس، ومع ذلك، هناك عوامل أخرى مهمة أيضًا يجب مراعاتها، تتضمن تأثيرات تغير المناخ، والتغيرات في أنظمة الاضطرابات المناخية (زيادة حالات الجفاف وحرائق الغابات)، وتكاليف التنفيذ، وتأثيراتها على الإنسان.

وتحدد الدراسة الجديدة الحلول الأرضية والمناخية الطبيعية باعتبارها مهمةً لدفع تخفيضات انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على نطاق واسع، وتتطلب هذه الجهود -بما في ذلك صيانة الأنظمة الأرضية وإدارتها واستعادتها- أطرًا متسقةً عالميًّا من أجل معالجة الفجوات الحالية بدقة، وإبلاغ التخطيط على مستوى المناظر الطبيعية وحلول التخفيف المستهدفة.

ويرى المؤلف الرئيسي للدراسة أن هناك حاجةً إلى مزيد من العمل للحد من حالة عدم اليقين التي من المحتمل أن يفرضها تغيُّر المناخ، لا سيما الاستجابات العالمية لتغير المناخ.

***يعمل مركز وودويل لأبحاث المناخ على تطوير الاكتشافات العلمية والحلول التي يمكنها مواجهة تحديات المناخ في العالم، وتأسس المركز عام 1985 تحت اسم "مركز وودز هول للأبحاث" بهدف مساعدة الأفراد والمجتمعات والدول على فهم حقائق تغيُّر المناخ، والتعرُّف على تأثير الأزمة المناخية على كوكب الأرض، وتبنِّي الإجراءات العاجلة اللازمة لحماية مستقبل الحياة على الأرض.

اضف تعليق