q
لا الإطار انتصر يوم السبت ولا التحالف الثلاثي خسر. لو ننظر الى ما جرى من زاوية إيجابية فسنرى أن الجانبين رابحان. أليس الجميع يريدون تطوير النظام الديمقراطي العراقي والخروج من حالته الساكنة منذ عشرين عاما؟ ما حدث هو تفاعل حيوي للآليات الديمقراطية لا بدّ وأن يترك بصمته على طبيعة الحياة السياسية...

لا الإطار انتصر يوم السبت ولا التحالف الثلاثي خسر. لو ننظر الى ما جرى من زاوية إيجابية فسنرى أن الجانبين رابحان. أليس الجميع يريدون تطوير النظام الديمقراطي العراقي والخروج من حالته الساكنة منذ عشرين عاما؟ ما حدث هو تفاعل حيوي للآليات الديمقراطية لا بدّ وأن يترك بصمته على طبيعة الحياة السياسية. كل الأطراف كانت تلعن المحاصصة التي جمّلناها باسم التوافقية، وفي الوقت نفسه كانوا يقولون إن النظام السياسي بني على التوافق.

أساساً كان التبرير الدائم لاعتماد هذا النظام هو أنه وجد خصيصا للدول التي تشهد حالة تنوع كبير في الهويات الدينية والمذهبية والاثنية والعراق نموذج واضح لهكذا دولة، خصوصا أنه كان خارجاً من دكتاتورية طويلة مارست الإضطهاد والتمييز القومي والمذهبي لعقود طويلة.

التوافق فشل لأنه تحوّل من نظام إدارة للبلاد الى تقاسم مغانم بين أحزاب سياسية.

وكما جاءتنا الديمقراطية فجأة ولبسنا ثوبها دون تمهيد وتحضير لمتطلباتها، فإن عملية تطوير هذه الديمقراطية لا يمكن أن تتم برغبة مفاجئة أو قرار سياسي.

الديمقراطية من أساسها لم تشهد التطبيق الصحيح لعدم توفر الوعي السياسي الازم، حالها حال الفدرالية التي لا نرى شكلها الحقيقي رغم ترديدنا لعباراتها.

لا مناص من التحول الى نظام الأغلبية الحاكمة والأقلية المعارضة، لكن بشرط توفر ظروف هذا التحول، كي يكون تحولاً حقيقيا وليس استبدال جماعة بأخرى، وقبل ذلك نحتاج الى وعي بطبيعة السلطة وواجباتها أمام المعارضة، وبالمقابل دور المعارضة في تقويم أداء السلطة، وليس إعاقة عملها. يجمع بين الاثنين تنافس على تقديم الأفضل للفوز بتأييد الشعب وكسب أصواته في الانتخابات القادمة.

ما كان موجوداً حتى الان هو التنافس على المواقع لذاتها، لما تدرّه من منافع مادية وليس ما توفره من فرصة للإنجاز ومعالجة حاجات الناس ومشكلات البلاد المتزايدة، وما لم يتم تغيير النظرة الى السلطة ومواقعها تظل عملية التغيير مجرد تبديل لـ"المسترزقين" من المناصب بآخرين، وتكون الغالية مجرد محتكر لمغانم السلطة.

كلنا نمقت المحاصصة، لكن البديل يجب أن يكون حقيقيا وليس ترقيعاً في الشكل والديكور، كمن يكتفي بصبغ جدران بيت آيل للسقوط دون تدعين أساساته.

لا مجال لبقاء توافقية بمواصفاتها السابقة، ولا فائدة من أغلبية تريد اقصاء الأقلية والانتقام منها والشحن ضدها. نحتاج الى العمل بمنهج جديد - مهما كان شكل الحكم- يقوم على الإنجاز وليس التنابز والتناحر وشحن النفوس، الذي يجعل الجميع خاسرين.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق