q
للمظلومية وطرق التعامل معها تختلف حسب قناعة عقله وهنا اصل المعضلة حينما يؤتمر البعض بمصطلحات تفسير المظلومية ليكون ضمن جماعة التكفير والهجرة، او ضمن جماعات البراء وكل منهما بقناعتي الشخصية لا يعرف الله حق المعرفة لان الدين عند الله سبحانه الاسلام حينما يسلم قلب الانسان ويحب لاخيه ما يحبه لنفسه...

منذ تأسيس الدولة الإسلامية وثمة فارق بين تطبيق المظلومية التي نقلها التأريخ بين قريش وال هاشم حتى موعد سقيفة بني ساعدة، تراكمت الاحداث لتعميق مضمون المظلومية المجتمعية في العصور الإسلامية المتلاحقة، فيما استطاع عصر النهضة في القرن التاسع عشر تجاوز مظلومية حروب الأمراء في القرون الوسطى باتفاق قوى العمل البرجوازية لتنتهي الدولة القومية الاوروبية الى البحث عن مصادر الثروة بعنوان عريض للاستعمار الذي نقل معه افكار عصر النهضة لاول مرة في غزو نابليون لمصر وبعد حربين عالميتين استطاع اصحاب فكر النهضة الاوروبية الانتقال نحو الخطوات الأولى للوحدة الاوربية.

في المقابل تواصل حكام الشرق الاسلامي توظيف المظلومية في الحكم باشكال متعددة تبدا من الاستخدام المجتمعي في بناء الاقطاع بكونه الحارس الامين لمصالح الدولة العثمانية العلية الى استخدام فكرة المظلومية في الغاء منطق العلم الوضعي الذي حجمت به افكار الانوار الاوروبية قوة الفاتيكان، وهكذا لم تتحول افكار طبائع الاستبداد للكواكبي او افكار محمد عبدة، ناهيك عن افكار النائيني الذي تجاوز العقد الديني للانطلاق بالمواطن الفارسي في ثورة المشروطية مطلع القرن الماضي الى انتخاب دولته من دون الرجوع إلى فكرة المظلومية في تحديد ولاية الدولة المنتخبة مقابل نموذج استخدام المظلومية في تطبيقات ولاية الفقيه.

كل ذلك جعل فكرة المواطنة في القانون الدستوري الوضعي الذي نقل لدولنا ومنها العراق فكرة العقد الاجتماعي الدستوري وسيادة الحدود الوطنية ونفاذ القانون في حدود هذه السيادة مقابل فكرة المظلومية التي تجعل مواطنا عراقيا يغادر فرضيات الالتزام بالعقد الدستوري الوضعي الى مبايعة داعشي من خارج حدود سيادة الدولة او ان يكون هذا او ذاك من القيادات السياسية يعلن بالفم المليان انه يقاتل لابراء الذمة بعنوان تقليد الولي الفقيه.

وسط تزايد فجوة مجتمعية جعلت هذا الانسان المطلوب ان يكون مواطنا في دولة ذات سيادة معترف بها دوليا، ليكون مواطنا بعنوان مظلومية لكل فرقة من الفرق الإسلامية تفسيراتها التي تلغي دولة العقد الاجتماعي الدستوري الى نموذج متجدد بعنوان الدفاع عن العقيدة ولا اقول الدين لان الدين لله فيما العقائد تفسيرات شتى وعقل الانسان مناط التكليف الشرعي للايمان بوحدانية الخالق جل وعلا.

لكن تلك التفسيرات للمظلومية وطرق التعامل معها تختلف حسب قناعة عقله وهنا اصل المعضلة حينما يؤتمر البعض بمصطلحات تفسير المظلومية ليكون ضمن جماعة التكفير والهجرة، او ضمن جماعات البراء وكل منهما بقناعتي الشخصية لا يعرف الله حق المعرفة لان الدين عند الله سبحانه الاسلام حينما يسلم قلب الانسان ويحب لاخيه ما يحبه لنفسه.

مثل هذا القول الخالد أجد ان الاغلبية الغالبة من قوى الاسلام السياسي في العراق وغيره ما بعد ظاهرة الربيع العربي لم تستخدمه لكنها استخدمت مضمون المظلومية بابشع انواع الاستخدام كما حصل في تنظيم القاعدة او داعش. كما لم نشهد ان الاسلام هو الحل بعد سيطرة الاحزاب الإسلامية على مقاليد الحكم واذا حاولت إجراء مقاربة بين تاريخ المظلومية وما انتجت الاحزاب المتصدية لسلطان الحكم في العراق لمدن الوسط والجنوب لا نجد غير المزيد من الفقر وعدم الامن والامان.

نموذج اخر ربما معاصر لمضمون توظيف المظلومية أكثر وضوحا من النموذج الاسلامي يتجسد في المسالة الكردستانية وما جرى من مظاهر عبرت عنها خلال مرحلة الاستفتاء على انفصال كردستان العراق ومن ثم ما يحصل من مناورات سياسية لاعادة التفاهم مع الشركاء السياسيين على تقاسم مغانم الحكم بعنوان المظلومية.

هذه النماذج الثلاثة لمكونات العراق المجتمعية كل منها استخدم مفهومه للمظلومية بكونها كلمة حق لكن اريد بها تحقيق امرا باطلا، وهكذا باتت المقارنة بين حقيقة تاريخية منذ سقيفة بني ساعدة حتى اليوم او منذ تأسيس العراق الحديث حتى اليوم.

كل منها يريد تغييرها بعنوان المظلومية من دون ان يقدم مسارات تنمية مستدامة مجتمعية واقتصادية وسياسية تحقق ما يمكن ان يلغي هذه المظلومية في بناء دولة مدنية عصرية تستعيد البعد الحضاري لوطن علم الانسانية كتابة الحروف( المسمارية) والقانون (مسلة حمورابي) للانطلاق نحو المستقبل وليس التراجع والنكوص نحو الماضي .

مثل هكذا مناقشة عميقة لاعادة تكوين الدولة في عراق اليوم من اجل الغد مطلوبة بقوة وفرز الأفكار والممارسات في السلوك المجتمعي والسياسي تتطلب وعيا نخبويا يقود هذا الحوار لانتاج البدائل والحلول الفضلى فهل من مستجيب؟؟ ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق