q
لقد حان الوقت لإطلاق نداء تجنيد جديد لإنشاء قوة وطنية من الشباب والشابات لخدمة احتياجات بلادنا الداخلية الحرجة، مع الحرص على غرس قدر أكبر من الاحترام لديمقراطيتنا والكيفية التي تعمل بها في أنفسهم. ينبغي لحكومتنا أن تنشئ برنامجا إلزاميا مدفوع الأجر لمدة عامين للخدمة...
بقلم: تشارلز كرولاك

برمنجهام، ألاباما ــ إن الولايات المتحدة في احتياج إلى تجنيد جديد ــ ولكن ليس من النوع الذي قد يتبادر إلى أذهانكم.

على مدار خمسة وعشرين عاما، قبل أن أتقاعد بصفتي القائد الحادي والثلاثين لسلاح مشاة البحرية الأميركية، ارتديت بفخر شعار النسر والكرة الأرضية والمرساة، شارة سلاح مشاة البحرية الأميركية. وقد واجهت جميع أنواع الأعداء في ساحة المعركة، دون أن يعتريني خوف أو تساورني شكوك، لأنني كنت دائما أؤمن بكل إخلاص بديمقراطية أميركا والدستور الذي شكل الأساس الذي قامت عليه. ونحن الآن نفقد هذا اليقين والصلات التي تربطنا به.

عندما كنت جنديا شابا في سلاح مشاة البحرية في فيتنام، خلال فترة اتسمت بانقسام داخلي عميق في أميركا، كان نحو نصف سكان البلاد يقولون إنهم يثقون في إخوانهم الأميركيين. كان ذلك أمرا محبطا للغاية. واليوم، وفقا لدراسة أجراها مؤخرا معهد بروكنجز، أصبح هذا الرقم أقل من الثلث. واختفى الخطاب المدني بين الأميركيين تماما، مما أفسح المجال لعدم المبالاة والتشاؤم، والحزبية العمياء، والغضب الذي يتعارض مع القيم الأميركية تجاه إخواننا المواطنين.

عبر تاريخنا الوطني، عندما كنا نواجه أوقاتا مروعة من المصاعب الاقتصادية، والخلافات المدنية، والانقسامات السياسية، كان التهديد الخارجي يعيدنا غالبا إلى التماسك والوقوف صفا واحدا. ولكن اليوم، أصبح ذلك التهديد داخليا، وبات التعرف عليه أصعب كثيرا. لكن الآثار واضحة ــ إضعاف الروابط التي توحدنا كأميركيين جوهريا.

أنا لا أنتمي إلى الحزب الديمقراطي ولا الحزب الجمهوري. أنا أميركي وحسب، وكانت حياتي موجهة بِـقَـسَـم واضح وبسيط على: حماية الدستور من كل الأعداء، في الخارج والداخل. نحن نملك أعظم مؤسسة عسكرية في العالم، ورغم أن التهديدات الخارجية حقيقية، فأنا على يقين من أن أعضاء الخدمة العسكرية قادرون على التعامل معها. إنها التهديدات الداخلية التي يتعين علينا أن نتصدى لها.

لقد حان الوقت لإطلاق نداء تجنيد جديد لإنشاء قوة وطنية من الشباب والشابات لخدمة احتياجات بلادنا الداخلية الحرجة، مع الحرص على غرس قدر أكبر من الاحترام لديمقراطيتنا والكيفية التي تعمل بها في أنفسهم. ينبغي لحكومتنا أن تنشئ برنامجا إلزاميا مدفوع الأجر لمدة عامين للخدمة الوطنية والذي من شأنه أن يجمع بين الأميركيين من مختلف الخلفيات ويساعد في كسر الحواجز الجغرافية، والعنصرية، والعرقية، والدينية، والاجتماعية الاقتصادية حول هوية مدنية عميقة ومشتركة على نطاق واسع.

على النقيض من برنامج أميريكور وبرنامج فيلق السلام، وهما أشهر برنامجين قائمين للخدمة المدنية في الولايات المتحدة، يجب تحديد الأولويات على مستوى الولايات والمستوى المحلي، لأن الأولويات تختلف إلى حد كبير عبر البلاد. وينبغي للحكومة الفيدرالية أن تطلق برنامج للمنح الشاملة لكل ولاية على حدة لتحديد أين يمكن لجيش من الشباب والشابات أن يعمل على أفضل وجه على تلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحا لمجتمعاتهم.

قد تشمل هذه الاحتياجات مساعدة المشردين وقدامى المحاربين؛ وإرشاد الطلاب في المدارس السيئة الأداء؛ وإنشاء قوات الأزمات الإقليمية لتحسين الاستجابات للكوارث الطبيعية؛ وبرنامج مصمم على غرار عصر الصفقة الجديدة لإدارة تقدم الأعمال، لإعادة بناء البنية الأساسية المحلية مثل الجسور والطرق وتطهير الممرات المائية وتنظيف الحدائق العامة؛ ومبادرات الصحة الريفية لمعالجة النقص الحاد في التمريض، ومواجهة إدمان المواد الأفيونية، ورعاية المسنين. ومن أجل توسيع آفاق الشباب الأميركيين في ما يتصل بالقضايا التي تواجه مجتمعات غير مجتمعاتهم، يجب أن يؤدي نصف المجندين من كل ولاية خدماتهم في ولاية أخرى.

يجب على كل مجند أن يبدأ خدمته بفترة تدريب مدتها 12 أسبوعا، أشبه بما نقوم به في الجيش، بالاستعانة بمنهج يركز على تدريس الانضباط الذاتي، والمساءلة، وعمل الفريق، واللياقة البدنية. وينبغي لنا أن نعمل على إنشاء برنامج للمتقاعدين من مختلف مهن الخدمة للعمل كمعلمين موجهين للمجندين الشباب في الخدمة الوطنية. لقد أصبح متوسط عمر الأميركيين أطول، لكن موارد التقاعد المتاحة لهم باتت أقل نتيجة لأزمة 2008 المالية، وهم يتمتعون بقدر كبير من الخبرة والحكمة وهو ما من شأنه أن يفيد شبابنا.

علاوة على ذلك، مع تقليص حجم مؤسستنا العسكرية ونظامنا الجامعي، أصبحت هناك مرافق شاغرة في كل ولاية حيث من الممكن أن يجري هذا التدريب، وبهذا نستفيد مما كان ليصبح بنية أساسية مهجورة. ينبغي لنا أيضا أن نعكف على تصميم معادل حديث لمشروع قانون إعادة توجيه رجال الخدمة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية الناجح لتوجيه الشباب والشابات عند انتهاء خدمتهم. وقد تتراوح الفوائد من قروض الرهن العقاري المدعومة والقروض المنخفضة الفائدة لبدء أعمال تجارية إلى رسوم الدراسة الجزئية، وإعانات الدعم لنفقات المعيشة، والتعجيل بالإعفاء من الديون.

وفقا لاستطلاع استراتيجيات الرأي العام الذي أجري في عام 2018، تحدث نحو ثلثي الأميركيين عن دعمهم لبرنامج الخدمة الوطنية. وإنها لسياسة جيدة: أن يستمر خريجو برامج الخدمة القائمة لإتمام دراستهم الجامعية لأربع سنوات بمعدلات أعلى كثيرا من أقرانهم غير المنضمين إلى الخدمة.

الأمر الأكثر أهمية أن مثل هذا البرنامج من شأنه أن يقطع شوطا طويلا نحو تضييق فجوة الخلافات بين الأميركيين. فإذا نشأ شبابنا على الاعتقاد بأن بلدهم مقسم، فإننا بهذا ندمر مستقبلنا. ولكن إذا كان بوسعهم المساعدة في توحيد بلدنا، فإن هذا يعني أن أفضل أيامنا قادمة. وليس هناك من تحد أعظم أهمية.

* تشارلز كرولاك، قائد سابق لسلاح مشاة البحرية الأمريكية ورئيس كلية برمنغهام الجنوبية
https://www.project-syndicate.org

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق