q

نوقش في ملتقى النبأ الأسبوعي الذي تعقده مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، طبيعة الصراع السعودي الإيراني في منطقة الخليج والشرق الأوسط. وقال الشيخ مرتضى معاش ان الصراع السعودي الإيراني بدأ منذ عقد الستينات وكان بين الشاه وآل سعود، وكان يستند إلى التنافس في أيهما اقرب إلى أمريكا، وبرز ذلك في قضية الحظر النفطي في حرب تشرين سنة 1973 عندما أوقفت السعودية تصدير النفط وكانت إيران هي الرابح الأكبر. وبعد الثورة الإيرانية كانت السعودية قلقة من تموجات الثورة الإيرانية فحاولت إجهاض الثورة الإيرانية عبر تحريض صدام حسين بشن الحرب على ايران ودعمه بالمال والسلاح، كما فعلت لاحقا لإجهاض ثورات الربيع العربي.

 وصل الصراع إلى أشده في مسألة اليمن وكذلك في سوريا ولبنان والعراق، وهذا الصراع بدأ يؤثر على حياتنا اليومية بشكل واضح، وتوجه جديد لدى آل سعود بالتدخل العسكري المباشر.

 وأضاف معاش إن التخندق أصبح ظاهرا جدا وقوي بين الطرفين حيث تستخدم السعودية الطائفية سلاح لتحشيد الجماهير. وأكد انه لاتوجد دولة لديها مبادئ اليوم وأشار إلى زيارة أردوغان إلى ايران وزيارة ظريف إلى باكستان، لهذا نلاحظ ان المنطقة تلتهب بالشعور الديني والطائفي.

وأسفر هذا المبحث عن عدة أسئلة سلطت الضوء على جوانب مختلفة من الموضوع كان أولها:

السؤال الأول: ماهو رأيكم بالصراع السعودي الإيراني؟

 ويرى الدكتور قحطان الحسيني من جامعة بابل: إن الصراع السعودي الإيراني هو صراع نفوذ تستخدم فيه أدوات طائفية وهناك من يغذيه خصوصا أمريكا، بحيث لايسيطر طرف على آخر ليبقى مستمرا، والسبب حسب اعتقاده إن الحكومتين تمثلان تيار راديكالي محافظ ذو جذور تاريخية اعتمدت على الصراع الطائفي.

 من جانبه يرى الباحث حيدر الجراح مدير مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث ان الصراع الإيراني السعودي كان صراع نفوذ وإقليمي وكان في البداية أمريكي إيراني ودخلت عليه مصر عندما كانت تنتمي للمعسكر الاشتراكي. والى إن حصلت ثورة مصدق كان الصراع أمريكي بريطاني حيث قسم الخليج إلى أمريكي وبريطاني. وتعود مسألة العداء الأمريكي الإيراني إلى أيام ثورة مصدق وبعد الثورة الإيرانية بدأت مسألة التمثيل الشيعي والشيعة كقوة، واليوم الاثنين إيران والسعودية يستندون إلى ميراث ديني ضخم في النظرة الاقصائية تجاه الآخر، وقد أكسبت الثورة الإيرانية وبروز الشيعة هذا الصراع شكلا طائفيا.

 الإعلامي خليفة محمد علي مدير إعلام دائرة كهرباء كربلاء يرى ان الصراع هو صراع نفوذ وهيمنة بدلالة أن السعودية تريد السيطرة على الخليج وتصبح شرطي الخليج وإيران تريد أن تلعب نفس الدور والعراق استبعد من الساحة. وهو بالنتيجة صراع نفوذ ويبقى صراع نفوذ.

 من جانبه يرى صالح جواد: أن الصراع بالدرجة الأولى هو صراع طائفي قومي فضلا عن كونه صراع نفوذ وان تبين للبعض انه صراع بين الأنظمة السياسية وهناك نقطة اشتراك بين النظام السياسي والمجتمع الإيراني في هذا الاتجاه.

 في حين يرى الباحث جواد العطار البرلماني السابق، انه صراع ذو وجهين. وجه طائفي ووجه نفوذ، وطبيعة الصراع بين السعودية وإيران هو نفسه في السابق أيام الشاه وبعد الثورة الإيرانية، وهو صراع نفوذ وهيمنة وله وجه طائفي ويستخدم أدواته عن دراية وحكمة واعتقاد.

 وأكد احمد جويد مدير مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات انه صراع نفوذ وهو صراع للحفاظ على نظام حكم ولو كان نظام الحكم في السعودية وإيران نظام ديمقراطي لما حصل هذا الصراع. وأوضح إن كيفية الحفاظ على الحكم في السعودية هي التي دفعتها للدفاع عن نظامها وجبهتها الداخلية، وهمهم بقاء آل سعود في الحكم، والإيرانيون أيضا يريدوا الحفاظ على نظامهم واستخدمت الطائفية كأداة للشحن فقط.

 وفي ذات السياق يؤيد الباحث حمد جاسم ان الصراع هو صراع نفوذ وهيمنة ويغلف بغلاف طائفي، ولكنه في الحقيقة نفوذ إقليمي على المصالح في الشرق الأوسط.

 من جهته قال الشيخ مرتضى معاش: ان الأنظمة دائما تحركها الشرعية وهي تستخدم القوة في الحفاظ على هذه الشرعية او تخلق تبريرات دينية وقومية وعرقية للمحافظة على شرعيتها.

 السؤال الثاني: كيف يؤثر الصراع السعودي الإيراني على أفكارنا ومواقفنا بشكل عام وفردي؟

 قال الدكتور قحطان الحسيني ان الأصل في التفكير ان يكون مبدعا وحرا ومستقلا ولكننا نرى المفكرين دائما يبحثون عن أفكار حيادية ونرى المفكر الشيعي في العراق يحاول ان يقترب من إيران في طروحاته والمفكر السني يفكر بطريقة تؤيد السعودية، وضرب الحسيني مثالا على قضية اليمن ورغم بعد الصراع عن الساحة العراقية إلا إننا نرى المفكر السني مع عاصفة الحزم والمفكر الشيعي ليس معها اي ان المفكر دائما بحاجة إلى المحايدة وهو حبيس الفكرة السائدة (انصر أخاك ظالما او مظلوم).

وأوضح حيدر الجراح انه بعد انتفاضة 1991 في العراق برزت مواقف المثقف السني العربي وكانت ضد الانتفاضة وقد شارك فيها كبار الشعراء والمثقفين والكتاب في مهرجانات صدام وفي 2003 تكرر نفس الموقف وهو موقف المثقف العربي من التغيير. ومع ذلك فان صعود الهوية الشيعية وامتلاكها القرار سياسي وسلطة سياسية في العراق لها عدة آثار منها بروز هوية المثقف الشيعي تجاه التغيير الذي كان معه في اقصى حدود علمانيته كان معه وفخور به ومنحاز له.

 الاعلامي خليفة محمد علي قال: نحن اتفقنا على أساس انه صراع نفوذ وهيمنة يتخذ شكلين في التحليلات السياسية تكون عند العراقيين وعلى المستوى الشخصي تخندق وعلى المستوى الجمعي صارت حرب افكار في العلاقات الدولية وامكانيات الدول تخدم هذا الصراع وإطراف الصراع صارت مذاهب ومصالح ضيقة وامريكا تركت لنا المصالح الضيقة نختلف عليها. وهذا يؤثر في وسائل الاتصال على الشخص الذي سيتحول الى شخص غير سوي وقلق لايعرف ماذا يفعل وماذا يريد.

 ويرى جواد العطار: انه يجب ان نفصل بين جمهورين، جمهور عام وجمهور المفكرين والموقف العام هو ضد السعودية وبالنسبة للمفكرين خطابهم لايبتعد كثيرا عن الجمهور أما خوفا او مجاراة ففي داخلهم يقولون إننا مع السعودية لأنهم نظام عائلي ونحن ليس معها لانها لديها تجربة سيئة في العراق، ومقارنة بإيران فهو ليس نظام عائلة وفيه حرية وديمقراطية وهذا في الوسط المغلق أما على المستوى العام فالأمر مختلف.

 ووجه الشيخ مرتضى معاش الى قراءة وسائل الإعلام قراءة دقيقة جدا فأهم وسائل الإعلام العربية والدولية وبينها رويترز تركز على قضية الحرب الطائفية في أبعادها وقضاياها مما أدى إلى خلق التموجات الطائفية، الإعلام اليوم هو الذي يصنع ثقافة المثقف ومفرداته وقضاياه.

 وبين احمد جويد: إننا الآن نعيش بالرواية والتاريخ وكل مايحدث لنا ننسبه للروايات وان كانت أسطورية وليس لدينا إبداع بل إتباع وهذا إتباع جمد عقولنا ولم يكن لدينا موقف تجاه قضية معينة ودائما نعيش بالرواية والتاريخ والتنبوءات، وكل إسقاطات التاريخ نسقطها على أنفسنا ومواقفنا عاطفية.

احمد المسعودي: علق على دكتور قحطان ان من يمتلك ثقافة ينبغي ان لايكون رهينة بين هذا وذاك لان هذا الفكر وهذه الثقافة التي يمتلكها ينبغي ان تكون هي الفيصل ولاتنطبق هذه الفكرة على من يرتمي بأحضان إيران أو بأحضان السعودية.

 عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات والبحوث قال ان ما جاء من آراء فيه الكثير من الدقة وكل مفكر عندما يتحدث عن موضوع لا اعتقد انه ينسلخ عن شخصيته، ولا يخرج عن إطار إنسانيته. واعتقد ان الحرب بين السعودية واليمن انتكست انتكاسة كبيرة في الجانب الإنساني ونرى كيف ان دولة كبيرة وغنية مثل السعودية هاجمت دولة فقيرة وصغيرة مثل اليمن.

 والإطار الذي يخص المفكرين والمثقفين إن المفكر في ظل هذه الفوضى والضوضاء غير الطبيعية والتي تلقي ظلالها على أفكارنا وآرائنا. ولا يستطيع المفكر أن يصرح برأي حتى وان وصل إلى تحليل دقيق وان أعطى رأي فهو أمام سيل عارم من الفضائيات التي تسمم الأفكار.

السؤال الثالث: كيف نتخلص من تأثيرات هذا الصراع؟

 أجاب الدكتور قحطان يعتمد هذا على مواقف طرفي الصراع الرئيسية كيف سينتهي بهم المطاف وواحدة من هذه المسائل هي تغيير الحكومتين في الدولتين أو تغيير حكومة من الحكومتين.

 والمسالة الثانية العراق إذا توفرت له قيادات تؤهلها إلى إن تكون صانع سلام بين الطرفين ممكن إن يلعب دور الوسيط الناجح ويكسب ود الطرفين ويمهد الأمور لإقامة حوار مشترك بناء ويتفقون على بعض القضايا المهمة والحساسة. والحل اعتقد ان إحدى الطرفين يميل الى التهدئة ونحن من جهتنا يجب نعمل الى التهدئة ايضا واعتقد انها لن تهدأ في الوقت الحاضر.

حيدر الجراح قال إننا نحتاج إلى قواعد تفكير جديدة ومايتم تأسيسها الا من خلال نقد المنظومة الفكرية السياسية والدينية، ونحتاج إن نفكك هذه المنظومة السياسية القائمة على تقديس الرموز.

واكد جواد العطار الموقف العراقي وحده حكومي وشعبي غير مؤثر على مسار الحرب وإنما نحتاج إلى رأي عام عالمي ضد الحروب وبالذات حروب الخليج.

احمد جويد من جهته بين ان العراق سيحتاج الى ثلاث عوامل وهي استقرار استقلال سيادة اذا توفرت ممكن العراق يكون مستقل وذات سيادة.

 الشيخ مرتضى معاش يرى ان صمام الأمان بالنسبة لنا هي المرجعيات الدينية على ان لاتكون تابعة لجهة سياسية. ويجب ان نعمل على إنشاء مراكز البحوث والدراسات والتي تكون قادرة على استقراء الوضع  وتقديم الحلول الناجعة التي تعتمد على التحول من حالة الصدام إلى حالة الاحتواء، وأضاف إن الشيعة هم ليس مشروع حرب بل هم مشروع هداية قائم على الحوار المنطقي والعقلاني، واذا كانوا قادرين على فتح أبواب الحوار بالاعتماد على المؤسسات الثقافية والدينية فسوف يربحون كثيرا.

 السؤال الرابع: التسييس المطلق للقضايا القومية والطائفية والمبادئ والأفكار إلى أين سيقودنا؟

 قحطان خمن ان يذهب الصراع إلى حرب كبيرة بين الطرفين وارسال بارجتين إيرانيتين للمياه الاقليمية اليمنية معناه ان ايران تفكر في الرد وهو محاولة لجس نبض السعودية، وقد ترسل ايران اسطول واي طلقة ستثور فان الحرب قادمة بين الطرفين.

 عدنان الصالحي اختلف مع قحطان الحسيني ورجح ان آخر مرحلة سيلجأ اليها الإيرانيون هي مرحلة الصدام المسلح، ودائما عندهم حروب الوكالة واعتقد تصعيدهم مع إسرائيل وصل إلى اعلي مراحله وفي النهاية يلجئون إلى التهدئة وينسحبون واعتقد إنهم عقلاء من هذه الناحية ويجدون البدائل.

 ويخمن الباحث جواد العطار بالنسبة إلى مستقبل الحرب يتصور إن هناك مشروع لاستنزاف المنطقة مواردها البشرية والطبيعية وإمكانياتها وأموالها وإشغالها مع بعضها وصرف نظرها عن الانشغال بقضاياها الرئيسية.

 بالنسبة للسعوديين فهم غير قادرين في المستقبل على مواجهة هجوم بري أو جوي وسوف تتحول الحرب إلى حرب استنزاف طويلة.

اضف تعليق


التعليقات

mohmmad habiban
Iraq.Baghdad
لعل الخاسر الاكبر من الصراع الطائفي الدائر في منطقة الشرق الاوسط هو دول الخليج والسعودية بالذات لتعدد الاطراف التي تساندها بالمال والسلاح وتراجع عملائهم في المعارك فداعش بدات تنهزم في العراق واتباع هادي فقدوا الامل من عاصفة الحزم واعادة الامل وجبهة النصرة بدات تتراجع في سوريا وثورة البحرين ستنتصر ومعظم النازحين من مريدي مذهب دول الخليج....ولذا فان خسارة السعودية الان ودول الخليج هي من العيار الثقيل والقادم ادهى وامر2015-06-25
mohmmad habiban
امطر الجيش اليمني واللجان الشعبية موقع المحروق العسكري السعودي بعشرات الصواريخ وقذائف المدفعية مما ادي الى اعطاب دبابة واصابة العشرات من الجنود السعوديين2015-07-05
عبدالسلام وهيب
اليمن
ربما الحرب بين القوتين مسالة سيطرة ونفوذ فقط اي سياسية2016-12-09