q
إن اكثر ماتخشاه أسواق النفط هذه الايام هي الهزات والازمات أي كانت نوعها ان تؤثر على ماحققته أوبك وبشق النفس استقرار اسعار النفط ورجوعها للتعافي من جديد، لكن يبدو إن الحرب التجارية العالمية الجديدة باتت تلقي بظلالها على أسواق النفط ولهذا فأن هناك تخوف شديد أن تعود الازمة...

إن اكثر ماتخشاه أسواق النفط هذه الايام هي الهزات والازمات أي كانت نوعها ان تؤثر على ماحققته أوبك وبشق النفس استقرار اسعار النفط ورجوعها للتعافي من جديد، لكن يبدو إن الحرب التجارية العالمية الجديدة باتت تلقي بظلالها على أسواق النفط ولهذا فأن هناك تخوف شديد أن تعود الازمة لاسواق النفط من جديد، سيما بعد ان جدد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قبل أياما قليلة فرض رسوما بنسبة 10% على واردات صينية بنحو 200 مليار دولار.

فقد ذكرت مديرة تداول النفط في آسيا لدى بي.بي إن العقوبات الأمريكية على إيران ستؤدي إلى شح حاد في إمدادات النفط العالمية حتى نهاية العام لكن ثمة خطرا يتهدد الطلب العالمي ويلوح في 2019 من الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وأضافت جانيت كونج في تصريحات لرويترز ”ننتقل إلى الجزء الأشد شحا من 2018... إعادة فرض العقوبات على إيران هي العامل الرئيسي حيث سيحل شح شديد بالسوق من الآن وحتى نهاية العام“. وكان مسؤول إيراني كبير صرح إن السعودية وروسيا لن تضخا كميات نفط إضافية كبيرة في السوق نظرا لنقص الطاقة الإنتاجية متوقعا أن ترتفع الأسعار أكثر على الأرجح.

ويتفاقم تناقص الإنتاج في فنزويلا بسبب العقوبات المفروضة عليها في حين تؤدي التعطيلات في نيجيريا وليبيا إلى مزيد من شح الإمدادات حسبما ذكرت كونج وذلك في الوقت الذي يجد فيه برنت دعما فوق 80 دولارا للبرميل، كما اضافت كونج ”العوامل الأساسية للسوق في المدى القصير تبدو داعمة بشدة لرهان ارتفاع الأسعار وإيجابية نظرا لصدمات المعروض، لكن مع مرور الوقت، عندما يعوض العرض تأخره وتصبح صدمة الطلب أوضح، فإن السوق ستمر بجولة أخرى من إعادة التوازن في العام القادم.“

وفرض أكبر اقتصادين في العالم، الصين والولايات المتحدة، رسوما على واردات الآخر في حرب تجارية متصاعدة هزت الأسواق العالمية وأثارت المخاوف من تباطؤ في الاقتصادات العالمية والطلب على السلع الأولية العام القادم، وان ”أثر الحرب التجارية لم يظهر حقيقة في البيانات بأي مكان، لكنه سيظهر تدريجيا مع مرور الوقت. وهكذا فإن صدمة المعروض حادة جدا وفورية، في حين أن أثر الحرب التجارية يتصاعد ببطء، إن المحللين وصندوق النقد الدولي يتوقعون تراجعا في نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بين 0.5 وواحد بالمئة العام القادم، بل وبينت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها النفطي الشهري إن الطلب العالمي على النفط سيتجاوز المئة مليون برميل يوميا العام القادم وإن كانت أزمة الأسواق الناشئة والنزاعات التجارية قد تنال من هذا الرقم، واوضحت كونج ان ”إدارة ترامب تريد حماية حقوق الملكية الفكرية... وخفض دعم الشركات الصينية المملوكة للدولة وفتح السوق لجميع الشركات وهو أمر صعب، من وجهة نظري، أن توافق عليه الحكومة الصينية، لذا من المرجح للغاية أن تستمر هذه الحرب لفترة طويلة.“

كما صرح محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) إن النزاعات التجارية العالمية ستؤثر سلبا على الطلب على الطاقة في نهاية المطاف، لكنه يأمل بأن تنقشع ”سحابة الضبابية“ قريبا، وتسببت التوقعات بمواجهة تجارية بين الولايات المتحدة والصين، بسبب تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض سوم جمركية على ثاني أكبر اقتصاد في العالم، في اضطرابات بالأسواق على صعيد العالم، وأضاف ”النزاعات التجارية المتصاعدة بين بعض من أهم الشركاء التجاريين في العالم ستؤثر سلبا في نهاية المطاف على النمو (الاقتصادي العالمي) وبالتالي على الطلب على الطاقة“.

الطلب العالمي على النفط سيبلغ الذروة في 2035

أفادت يونيبك الصينية إن الطلب العالمي على النفط سيصل إلى 104.4 مليون برميل يوميا في 2035 مرتفعا عن المستوى الحالي الذي يقل قليلا عن 100 مليون برميل يوميا في الوقت الذي تحد فيه التكنولوجيا الجديدة بشكل تدريجي من استخدام النفط، وأفاد تشين بو رئيس يونيبك خلال مؤتمر البترول السنوي لآسيا والمحيط الهادي (أبيك) في سنغافورة إن تحسن كفاءة الطاقة والتغيرات التكنولوجية بما في ذلك ظهور الطاقة المتجددة يعني أن الطلب العالمي على النفط سيتباطأ خلال السنوات المقبلة ثم يبلغ الذورة في 2035.

وتابع أن هذا بدوره سيؤدي إلى تباطؤ طاقة تكرير النفط العالمية التي يتوقع أن تصل إلى 5.6 مليار طن في 2035، وأنه ”نعتقد ان الفترة من 2018 الي 2035 ستكون الدورة الأخيرة لنمو طاقة التكرير العالمية. بعد 2035 من الصعب أن نرى تشييد مشروعات تكرير كبيرة باستثناء مشروعات تطوير صغيرة ومشروعات بتروكيماويات“، وأضاف تشين أن التحول صوب الوقود الأقل تلويثا سيعزز الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال ولاسيما في آسيا والمحيط الهادي بعد 2025، ويؤدي تصاعد الحرب التجارية بين الصين، أكبر مستورد للطاقة، والولايات المتحدة إلى إضعاف الطلب على الخام والغاز الطبيعي المسال الأمريكي.

وتفيد بيانات رسمية أن الولايات المتحدة صدرت 300 ألف برميل يوميا من الخام للصين في النصف الأول من 2018 و56 شحنة من الغاز المسال حتى يوليو تموز تشكل نحو عشرة بالمئة من إجمالي الصادرات ، وأوضح تشن إنه على الرغم من الخلاف التجاري فإن النفط الخام الأمريكي مصدر مهم جديد للمصافي الصينية لأنه يسمح لها بالتنويع بدلا من التعويل على نفط الشرق الأوسط وإفريقيا الذي تعتمد الصين عليه بشكل كبير، وأضاف أن توترات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين ”ستستمر في الوقت الراهن وسنكون نشطين في هذا المجال في المستقبل“.

وقد استثنت الصين واردات النفط الأمريكية من قائمة الرسوم حتى الآن لكن معظم العملاء الصينيين ينأون بأنفسهم عن النفط الأمريكي فى غياب أي مؤشرات على انحسار الحرب التجارية، واستأنفت يونيبك ورادات الخام الأمريكي في سبتمبر أيلول بعد توقف لشهرين، وتتعرض الصين لضغوط من الولايات المتحدة لخفض الواردات من إيران بهدف تقليص صادرات ثالث أكبر مصدر في أوبك إلى الصفر لإرغامها على إعادة التفاوض بشأن الاتفاق النووي، واضاف تشن ”أتوقع خفضا بسيطا لكن الحجم لم يتحدد بشكل نهائي“ دون أن يعطي إطارا زمنيا للتخفيضات، وأن يونيبك استأنفت تحميل الكميات المعتادة من السعودية بعد أن قلصت الواردات في الفترة من مايو أيار إلى يوليو تموز، وانه في ضوء الآلية الحالية للعرض والطلب في الأسواق العالمية فإن تحرك أسعار النفط الخام بين 60 و80 دولارا للبرميل شيء طبيعي.

توقعات بارتفاع أسعار النفط إلى 100 دولار بحلول 2019

ذكر بين لوكوك المدير المشارك لتداول النفط في ترافيجورا خلال مؤتمر إن أسعار النفط قدر ترتفع إلى 90 دولارا للبرميل بحلول عيد الميلاد وإلى 100 دولار للبرميل بحلول العام الجديد، وعزا ذلك إلى طلب عالمي قوي على النفط. تبلغ أسعار النفط الحالية نحو 80 دولارا للبرميل من خام برنت، في حين رفع بنك أوف أمريكا ميريل لينش توقعاته لسعر النفط في العام القادم بفعل ما قال إنه تراجع أكبر في صادرات إيران عن تكهناته السابقة نظرا لموقف أكثر تشددا من جانب الولايات المتحدة.

وزاد البنك توقعه لسعر خام برنت في 2019 إلى 80 دولارا للبرميل من 75 دولارا. ورفع توقعه لسعر خام غرب تكساس الوسيط إلى 67 دولارا للبرميل في 2018 و71 دولارا في 2019 من 65 و69 دولارا للبرميل على الترتيب، وبين في مذكرة بحثية ”توقعاتنا السابقة انطوت على فقد للمعروض الإيراني لا يزيد على 500 ألف برميل يوميا. أصبحنا نفترض الآن خفضا قدره مليون برميل يوميا، وأضاف ”العامل الإيراني قد يهيمن على السوق في المدى القريب ويتسبب في طفرة لكن بواعث القلق بشأن طلب الأسواق الناشئة قد تعود.“

وقد قفزت أسعار النفط أكثر من اثنين بالمئة إلى أعلى مستوياتها في أربع سنوات بعد أن أحجمت أوبك عن إعلان زيادة فورية في الإنتاج رغم دعوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتحرك لزيادة المعروض العالمي، وكانت السعودية أكبر منتج في أوبك وروسيا أكبر حليف نفطي لها خارج المنظمة قد استبعدتا أي زيادة جديدة فورية في إنتاج الخام فيما يعد رفضا عمليا لمطالب ترامب.

أما بخصوص استهلاك وانتاج النفط فقد ذكرت وكالة الطاقة الدولية فقد ذكرت إن استهلاك النفط العالمي سيتجاوز 100 مليون برميل يوميا مما يفرض ضغوطا صعودية على الأسعار، لكن أزمات الأسواق الناشئة والنزاعات التجارية قد تؤثر سلبا على هذا الطلب، وأبقت الوكالة التي تتخذ من باريس مقرا على توقعاتها لنمو قوي للطلب العالمي على النفط عند 1.4 مليون برميل يوميا في العام الحالي و1.5 مليون برميل يوميا في عام 2019 دون تغيير عن توقعاتها السابقة، وبينت الوكالة في تقريرها الشهري ”النطاق السعري 70-80 دولارا للبرميل الذي يتحرك فيه خام برنت منذ أبريل نيسان ربما يخضع للاختبار“.

وذكرت الوكالة أن فرض العقوبات الأمريكية على قطاع الطاقة الإيراني أدى إلى خفض المعروض لأدنى مستوى خلال عامين، بينما سيؤدي تراجع الإنتاج في فنزويلا وحالات تعطل مفاجئة في مناطق أخرى إلى الحفاظ على التوازن بين العرض والطلب، وأضافت ”مع اقتراب عام 2019 هناك مخاطر محتملة تهدد توقعاتنا تكمن في بعض الاقتصادات الناشئة الرئيسية، ويرجع ذلك في جزء منه إلى انخفاضات العملة مقابل الدولار الأمريكي مما يزيد تكلفة الطاقة المستوردة. إضافة إلى ذلك هناك مخاطر على النمو من تصاعد النزاعات التجارية“.

وتبادلت الولايات المتحدة والصين فرض سلسلة من الرسوم الجمركية على واردات بعضهما البعض منذ مايو أيار مما أدى لاضطراب أسواق الأسهم بينما فرض ارتفاع الدولار ضغوطا على عملات الاقتصادات الناشئة ضغوطا وهو ما رفع تكلفة الطاقة على بعض أكبر مستوردي النفط في العالم.

كما إن من المتوقع أن يرتفع الطلب من بعض الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بقيادة الصين والهند، بمقدار 1.1 مليون برميل يوميا إلى 51.6 مليون برميل يوميا في العام الحالي وبمقدار 1.2 مليون برميل يوميا إلى 52.8 مليون برميل يوميا في العام المقبل، وأشارت إلى أن الطلب العالمي سيرتفع إلى 100.3 مليون برميل يوميا في الربع الأخير من العام الحالي قبل أن يتراجع إلى 99.3 مليون برميل يوميا في الربع الأول من العام المقبل، وأضافت ”ندخل مرحلة شديدة الأهمية لسوق النفط. الوضع في فنزويلا قد يتدهور بشكل أسرع، والاضطرابات قد تعود مجددا في ليبيا وستكشف الأيام الثلاثة والخمسون المتبقية حتى الرابع من نوفمبر المزيد من القرارات التي تتخذها الدول والشركات فيما يتعلق بمشتريات النفط الإيراني“.

وأشارت الوكالة إلى أن الطلب على نفط منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) سينخفض في 2019 إلى 31.9 مليون برميل يوميا من 32.3 مليون برميل يوميا متوقعة في العام الحالي، وتشعر إيران، ثالث أكبر عضو في أوبك، بتأثير العقوبات. وذكرت وكالة الطاقة الدولية إن إنتاج الخام الإيراني انخفض في أغسطس آب بمقدار 150 ألف برميل يوميا مقارنة مع يوليو تموز إلى أدنى مستوى في 25 شهرا عند 3.63 مليون برميل يوميا، بينما تراجعت الصادرات 280 ألف برميل يوميا إلى 1.9 مليون برميل يوميا من ذروة بلغت نحو 2.5 مليون برميل يوميا في مايو أيار.

الا ان مسؤول تنفيذي كبير بمجموعة النفط والطاقة الفرنسية توتال اوضح إن عجز النفط في آسيا سيزيد إلى 35 مليون برميل يوميا بحلول 2025، بارتفاع نسبته نحو 30 بالمئة من المستوى الحالي البالغ 27 مليون برميل يوميا، مما سيعزز اختلالات تدفقات التجارة العالمية، وبين توماس وايميل رئيس التجارة والشحن في الشركة إنه في الوقت ذاته، ستستقر واردات أوروبا عند عشرة ملايين برميل يوميا، بينما ستزيد الصادرات من أمريكا الشمالية والشرق الأوسط، وذكر وايميل خلال مؤتمر البترول لآسيا والمحيط الهادي في سنغافورة أن الولايات المتحدة ستصدر النفط الصخري، لكن مصافيها ستواصل استيراد درجات الخامات العالية الكبريت المتوسطة والثقيلة، وأضاف أن التغييرات التنظيمية مثل القواعد التي ستطبقها المنظمة البحرية الدولية عام 2020، والتي ستضع سقفا لمحتوى الكبريت في وقود السفن، ستكون محركا آخر للنمو وتغير التدفقات التجارية.

إن العقوبات الاميركية المفروضة على ايران والحرب الحمائية التجارية العالمية من شأنها ان تغير مسار النمو الاقتصادي بل وحتى السياسات التجارية العالمية، وهذا ما من شأنه أن ينعكس على السلعة الأهم في العالم وهي النفط، فعلى مايبدو أن الضغوط الامريكية على اوبك قد لاتكون ناجعة في الامد القصير، ولربما تريد اميركا انهيار اسواق النفط وتقليل اهميته في المستقبل سيما بعد صعود موجة بدائل الطاقة، او انها تريد تحويله كرفيقه الفحم الى سلعة اعتيادية لاتتجاوز اسعارها حاجز الـ 20 دولار للبرميل او ربما اقل من ذلك بكثيرن وبالتالي زيادة الهيمنة الاميركية على الاقتصاد العالمي.

اضف تعليق