من لطف الله بالبشر، أنه سبحانه فتح لهم منافذ ترأف بهم وتقودهم صوب السؤدد، وما على الإنسان سوى البحث بصبر وبصيرة متأنية، عن الوسيلة الأقرب الى تحقيق هدفه، ونعتقد ليس هناك وسيلة لنجاح الإنسان المؤمن أنسب وأفضل من شفاعة سيد الشهداء الحسين (عليه السلام) عند الله، كما أن استخدام المنهج الفكري الحسيني لترميم نواقص الحياة هو الحل الأمثل لمعالجة إشكاليات العصر، وما على الإنسان الحسيني سوى المبادرة الفورية لإعلان مشروعه، ومن ثم الشروع بتنفيذه ولكن وفق المبادئ الحسينية الجليلة.
فحينما يخطط البشر لمشروع إسثماري، معنوي فكري أو مادي، عليه أن يحسب حسابه للوسيلة التي يتوسل بها الى الله تعالى، حتى يضمن التوفيق، فلا فائدة من الجهد البشري ما لم يكن معمَّدا بالفكر الصائب، ونحن في اعتقادنا، ليس هناك فكر أكثر صوابا من المنهج الحسيني، ومن يريد أن يضمن النجاح لمشروعه الروحي المعنوي، عليه أن يدرس الفكر الحسيني ويفهم مبادئه ويتمسك بعمقه وأصالته، حينئذٍ سوف ينال النجاح المقرون بالتميز.
في كتاب متميز عنوانه (من عبق المرجعية)، نقرأ كلمات مضيئة لسماحة المرجع السيد صادق الشيرازي يقول في نصها: (اسعوا إلى نشر حبّ الإمام الحسين، وبعده فكر الحسين صلوات الله عليه ثم السعي للعمل وفقهما).
ومن يُبحر في اليمّ الفكري العميق للحسين (ع)، سوف يقرّ بأن الهدف الأسمى لأبي الأحرار هو إنقاذ الناس من الجهل والضلال، ومن الأمور المسلَّم بها، هو الوجوب القطعي للتمسك بهذه المبادئ العظيمة، لضمان الفوز بفحواها، وإذا كان سبط النبي الأكرم، ينتهج جميع السبل لردع الجهل وكبح التضليل وفتح نوافذ الضوء النبوي وتسليطها على مكامن الجهل، فحريّ بالبشر أن يتمسكوا بالأسلوب نفسه، للتخلص من الجهل والنكوص، إذا كان هدفهم نجاح المشروع الفكري المعنوي أو العملي الذي خططوا له وشرعوا بتنفيذه.
في هذا الإطار يذكّرنا السيد صادق الشيرازي بما كان يعدّ له الإمام الحسين، فيقول: (كان هدف الإمام الحسين سلام الله عليه هو إنقاذ الناس من الجهالة والضلالة. لذا على كل فرد منّا وبمقدار استطاعته أن يسعى في تحقيق هذا الهدف/ المصدر/ من عبق المرجعية).
وثمة اشتراط لا يُعتَق منه الإنسان، إذا أعلن على الملأ انتماءَه للإمام الحسين فكرا وعملا، فلا يكفي أن يقول بأنه يحب سيد الشهداء، ولا يكفي انتماءه لمنصة الفكر الحسيني باللفظ وحده، فلابد أن تقترن مكامن اللفظ وخزائن الكلمات بهذا الإعلان وهذا الإيمان، وعليه لا كفاية في الإعلان وحده، والتمام والإتمام يأتي عن طريق اقتران اللفظ بالتطبيق، فكل مبادئ الحسين (ع) يجب أن تظهر في سلوك المتمسك والمعتقِد به، وعليه التحلي بأخلاق الإمام ومبادئه ومسعاه، ولابد أن يظهر ذلك في حركة الإنسان ومساره التربوي ونشاطه الاجتماعي الجامع أو الكلي.
فلا فائدة من لفظ فكري لا يصحبه الفعل المتجانس، ولا منفعة من معمعة الكلام الخالي من التطبيق، ومن يؤمن بسيد الشهداء، سيكون مطالَباً بمبادئه ومنهجه الأخلاقي في ممارسة ومواصلة العلاقات الاجتماعية بكل أصنافها وتنوّعها.
كما نلتقط هذا المعني في نص لسماحة المرجع الديني السيد صادق الشيرازي يؤكد فيه: (على المؤمنين إتّباع الإمام الحسين سلام الله عليه في التحلّي بالفضيلة, والالتزام بها في كافّة ممارساتهم في الحياة الاجتماعية مع جميع الناس/ المصدر السابق).
وثمة تركيز على الجمع بين الفكر والتطبيق، وبين المبدأ والتنفيذ، وبين الإيمان بالمعتقَد والعمل به، فمن يبتغي مرضاة الحسين سيبقى طريقه الى ذلك الجمع بين (اللفظ والعمل)، وحين تَعِد بشيء ليس أمامك سوى الإيفاء به، ومما يُفرح الإمام الحسين عليه السلام، أن يقترن إيمان الإنسان المعتقِد به والمنتمي له فكريا ومبدئيا وعقائديا بالعمل الملتزِم، فالشعيرة يجب أن تصحبها المبدئية الحسينية فعلا وعملا وتطبيقا، فيريد الإمام شعائر مصحوبة بالفضيلة والأخلاق الإسلامية في عموم مفاصل الحياة.
نلحظ ذلك في قول سماحة السيد صادق الشيرازي: (إن مما يرضي الإمام الحسين سلام الله عليه، هو أن نصحب الشعائر التي تقام باسمه بالفضيلة والأخلاق الإسلامية في كافّة المجالات./ المصدر السابق نفسه).
وإذا كان الناس مطالبين بإرفاق الفكر والمعتقَد والشعائر بالعمل والفعل والعلاقات الاجتماعية والعملية كافة، فإن أي مشروع حسينيّ معلَن عنه، لا يمكن أن يحقق أهدافه دون الجمع بين ما نعتقد ونؤمن به، وبين من نسلك من طرائق لإتمام العمل المعلَن عنه.
كذلك تقع على عاتق رجال الدين والخطباء والمثقفين والمفكرين المنتمين عقائديا الى خط ومنهج أئمة أهل البيت (ع)، مسؤولية نشر الفكر الحسيني، ولا يُقبَل أي تلكّؤ في هذا المنحى، بالأخص مع التطور المائز لوسائل الإعلام والتوصيل، ومواقع التواصل، والفضائيات، فمع هذا التطور الهائل لسبل التوصيل، ليس ثمة عذر لمن تقع عليه مهمة نشر المبادئ والأفكار والمعتقدات والشعائر الحسينية، كونها دليل الناس الى مسالك الحق ودرء أوجاع الظلم الذي قد يقع على الإنسان حين يكون جاهلا بمبادئ الحق التي يحتاجها العالم كله.
إن عالم اليوم يمر في أخطر المراحل المتطرفة من عمر البشرية، فأين ما تولّي بصرك وسمعك وبصيرتك، تلحظ شظايا نار الاحتقان العالمي تلهب الأرض من أقصاها الى أقصاها، فكم يحتاج عالمنا اليوم الى الفكر الهادئ الحكيم المتأني المسامح، بجوهره المتمركز في ثنايا العقائد الحسينية التي تدعو الجميع الى عودة البشر الى طباعه الإنسانية السليمة، وحين يصل الفكر الحسيني الى العالم أجمع، فهذه المهمة ليست سهلة، ولكنها تكفل إنقاذ هذا العالم المحتقن من أزماته التي ربما تذهب بها الى شفا الهاوية، لذا فالحسينيون اليوم مطالبون بالتصدي لهذا الخطر الماحق عن طريق الاستفادة من وسائل النشر المحدّثة.
نلحظ هذا التنبيه في النص التالي لسماحة المرجع الديني صادق الشيرازي: (ينبغي الاستفادة, أكثر من ذي قبل, من التقنيّة الحديثة لنشر أهداف الإمام الحسين سلام الله عليه في العالم كلّه/ المصدر السابق).
اضف تعليق