q

توجد رسالة تم نقشها على الحجر مجموعة البنك الدولي في واشنطن لتكون دوماً تذكرة بأن "حلمنا هو تحقيق عالم خالٍ من الفقر." تؤكد هذه الرسالة جميع تحليلاتنا وعملياتنا وأعمالنا الحاشدة في أكثر من 145 بلدا متعاملا معا، ويدعمها الهدفان المتمثلان في إنهاء الفقر المدقع خلال جيل واحد وتعزيز الرخاء المشترك على نحوٍ مستدام حول العالم، ولقد تحقق تقدم ملموس تجاه الحد من الفقر خلال العقود الماضية. ففي عام 2010، بلغ العالم المقصد المحدد في الأهداف الإنمائية للألفية وهو خفض أعداد الفقراء إلى نصف ما كانت عليه عام 1990 بحلول عام 2015 أي قبل خمس سنوات من الأجل النهائي. لكن رغم هذا التقدم فإن عدد من يعيشون في فقر مدقع حول العالم مازال مرتفعا بدرجة غير مقبولة.

وتظهر أحدث التقديرات أنه في عام 2012، كان 12.7 في المائة من سكان العالم يعيشون على 1.9 دولار للفرد في اليوم أو أقل، نزولاً من 37 في المائة عام 1990 و44 في المائة عام 1981، ويعني هذا أنه في عام 2012 كان 896 مليون شخص يعيشون على أقل من 1.9 دولار للفرد في اليوم بالمقارنة مع 1.95 مليار شخص عام 1990 و1.93 مليار شخص في 1981، حيث كانت وتيرة التقدم أبطأ عند معدلات الفقر الأعلى. وإجمالا، كان 2.2 مليار شخص يعيشون على أقل من 3.1 دولارللفرد في اليوم عام 2011 ، وهو متوسط خط الفقر في البلدان النامية ومقياس مشترك آخر للحرمان الشديد. ويمثل هذا انخفاضا طفيفا من 2.59 مليار شخص عام 1981، علاوة على ذلك، ففي حين تراجعت معدلات الفقر في جميع المناطق فقد كان التقدم متباينا:

اذ شهدت شرق آسيا أكبر تراجع في الفقر المدقع، من 80 في المائة عام 1981 إلى 7.2 في المائة عام 2012. في جنوب آسيا، تعد نسبة من يعيشون في فقر مدقع الأدنى الآن منذ عام 1981 حيث هبطت من 58 في المائة في ذلك العام إلى 18.7 في المائة عام 2012. وبلغ معدل الفقر في أفريقيا جنوب الصحراء 42.6 في المائة عام 2012، وسجَّلت الصين وحدها أكبر تراجع في معدلات الفقر المدقع خلال العقود الثلاثة المنصرمة. فبين عامي 1981 و2011 انتقل 753 مليون شخص إلى أعلى من مستوى 1.9 دولار يوميا. وخلال الفترة نفسها، شهدت البلدان النامية ككل هبوط عدد الفقراء بواقع 1.1 مليار، أما في عام 2012، فقد كان زهاء 77.8 في المائة من الفقراء فقرا مدقعا يعيشون في منطقة جنوب آسيا (309 مليونا) ومنطقة أفريقيا جنوب الصحراء (388.7 مليونا). فضلا عن ذلك، كان 147 مليون شخص أخرون يعيشون في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ.

وكان أقل من 44 مليون فقير فقرا مدقعا يعيشون في منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، ومنطقة شرق أوروبا وآسيا الوسطى مجتمعة.

إن العمل لم ينته بعد ومازال هناك عدد من التحديات. وقد ازدادت صعوبة الوصول إلى من يعيشون في فقر مدقع لأنهم يعيشون غالبا في بيئات هشة ومناطق نائية. ومازال الحصول على مستويات عالية من التعليم والرعاية الصحية والكهرباء ومياه الشرب وغيرها من الخدمات الحيوية بعيدا عن متناول كثير من الناس وغالبا ما يحدد ذلك وضعهم الاقتصادي الاجتماعي ونوعهم وإثنيتهم وموقعهم الجغرافي. علاوة على ذلك، بالنسبة لمن استطاع الخروج من براثن الفقر فإن التقدم غالبا ما يكون مؤقتا فالصدمات الاقتصادية وغياب الأمن الغذائي وتغير المناخ كلها عوامل تهدد بسحب المكاسب التي حققوها بشق الأنفس وإجبارهم على العودة إلى الفقر. وسيكون من الضروري العثور على أساليب لمعالجة هذه المسائل ونحن نتقدم تجاه عام 2030.

استراتيجيات الحد من الفقر وفق رؤى البنك الدولي

أن الهدف الأول لمجموعة البنك الدولي هو إنهاء الفقر المدقع خلال جيل واحد يرمي أساسا إلى خفض معدل الفقر المدقع حول العالم ما لا يزيد عن 3 في المائة بحلول عام 2030 حيث أن نسبة ضئيلة من الفقر ستبقى على الأرجح. ويمكن تحقيق هذا الهدف وإن كان يمثل تحديا ولن يفيد الاكتفاء بالوضع الراهن في تحقيق هذا الهدف. فمن المهم تعزيز النمو المستدام الشامل وخلق مزيد من فرص العمل الأفضل نوعية وإنشاء برامج فعالة لشبكات الأمان الاجتماعي لضمان أن الأشد حرمانا يستطيعون تحمل الصدمات. وفي حين أن النمو له أهمية حيوية فإن نوعية هذا النمو لها أهميتها أيضا.

اما الهدف الثاني فهو تعزيز الرخاء المشترك في كل بلد يُقاس بنمو الدخل بين أدنى 40 في المائة من حيث الدخل لكنها تترجم عموما إلى تركيز على رفاه الأقل دخلا. ويعمل هذا الهدف إلى جانب الهدف المتعلق بالفقر ويتضمن تشديدا قويا على معالجة التباينات التي تبقي الناس في الفقر من جيل إلى آخر، ولايوجد وصفة ناجعة لإنهاء الفقر لكن يجب أن توضع استراتيجيات الوصول إلى الأقل دخلا حسب سياق كل بلد مع الأخذ في الاعتبار أحدث البيانات والتحليلات واحتياجات الناس. وعلى البلدان أن تقوم بأمور ثلاثة كي تنجح في إنهاء الفقر:

- النمو بأسلوب شامل كثيف العمالة.

- الاستثمار في رأس المال البشري وخاصة من لا يستطيعون الاستفادة من الخدمات الأساسية بسبب ظروف خارجة عن نطاق سيطرتهم.

- تأمين الفقراء والمحرومين من الصدمات التي يمكن أن تدفعهم إلى مستويات أعمق من الفقر، وهي أمور كالأحداث الجوية المتطرفة والأوبئة وتقلب أسعار الغذاء والأزمات الاقتصادية.

اضف تعليق