q
يتساءل المواطن، كيف لنا ان نردم هوة الثقة وقد جربنا ذلك خلال السنوات السابقة ولم نحقق اي شيء؟ وهنا سؤال محوري، فالشعب يتم الالتفاف على مطالبه، ولم تتعامل معه الكتل السياسية بجدية، ويستخدمون معه اساليب الخداع والتضليل بقرارات يتم الغاؤها بعد انتهاء كل احتجاج...

أطلق رئيس ائتلاف دولة القانون أول قنبلة تجاه تعهدات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، عبر رفضه لفكرة إجراء انتخابات مبكرة والتي كانت أحد أبرز تعهدات السوداني وعلى أثرها وافق البرلمان.

رجح المالكي في حوار مع إذاعة مونت كارلو الفرنسية استمرار حكومة السوداني لدورة انتخابية كاملة بدون إجراء انتخابات مبكرة، والفكرة الأساسية لإجراء الانتخابات المبكرة هي وجود انسداد سياسي، وما دامت الأمور تسير بوضعها الراهن وبالطريقة الحالية فلا داعي لإجراء انتخابات.

وقال بالنص: "إذا برزت الحاجة والضرورية فلا مانع لإجراء انتخابات في حال كان الاستمرار بالنتائج الانتخابية الحالية لا تجدي نفعاً، لكن حتى الآن لم نصل الى هذه المرحلة ونحن نعتقد بان النتائج الانتخابية وما ترتب عليها من تشكيل الحكومة (الحالية) وما تقدمته ممكن ان تستمر الى نهاية الدورة البرلمانية".

وأن يتحدث أحد أبرز قادة الإطار الشيعي بهذا الكلام، يعني أن السند الأساسي للسوداني سوف يخذله في تنفيذ تعهداته، وبالنتيجة تخلي السوداني عن أحد أبرز فقرات البرنامج الحكومي والتي إذا ما طبقت ستمثل قفزة كبيرة في كسب ثقة المستقلين، مضافاً إليهم التيار الصدري الذي يمثل أكبر معارضي الإطار التنسيقي الشيعي.

وسوف يترتب على تنصل الحكومة عن تعهداتها هدم ركن جديد من أركان الثقة المفقودة بين الشعب والقوى المعارضة من جهة، والقوى الحاكمة من جهة أخرى، ويؤكد مرة أخرى عدم جدية القوى السياسية في السعي لردم فجوة الثقة بين السلطة والشعب.

هذه واحدة من اكثر مشكلاتنا منذ 2003 وحتى الآن، السلطة تعتقد أن قوتها تحميها من الشعب، ويمكنها قطع تعهدات كبيرة لغيرها ولعبور مرحلة معينة، ثم العودة مرة أخرى أسلوبها القديم في فرض إرادتها على غيرها.

وما يثير الاستغراب أن الإطار التنسيقي الشيعي قد وصل إلى القاع، وتعرض لتهديدات وجودية باختفائه من الخارطة السياسية تماماً قبل أقل من سنة مضت، وتوقعنا كمراقبين للشأن العراقي أن يكون هناك تغيير هائل في تحركات الإطار من أجل إعادة ضبط بوصلته والتقرب من الشعب ومحاولته ردم الثقة، لكن هذا كله يختفي تماماً بتصريح من رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.

وما يؤكد ذهاب الحكومة إلى إكمال ولايتها بشكل كامل هو إقرارها موازنة لمدة ثلاث سنوات، كمبادرة تحدث لأول مرة منذ عام 2003 وحتى الآن.

وإقرار موازنة الثلاث سنوات تأكيد آخر بأن الحكومة واعية لقرارها، ومتوافقة مع الكتل السياسية الداعمة لها، والسوداني بهذا التوجه يثبت تنصله عن تعهداته المدرجة ضمن البرنامج الحكومي، والتي يتفاخر بها ويعتبرها خارطة النجاح لحكومته.

يتساءل المواطن، كيف لنا ان نردم هوة الثقة وقد جربنا ذلك خلال السنوات السابقة ولم نحقق اي شيء؟ وهنا سؤال محوري، فالشعب يتم الالتفاف على مطالبه، ولم تتعامل معه الكتل السياسية بجدية، ويستخدمون معه اساليب الخداع والتضليل بقرارات يتم الغاؤها بعد انتهاء كل احتجاج، ومن ثم فان ازمة الثقة هذه لدى الشعب والتي دفعته للمطالبة بتغيير النظام لا يتحملها الشعب، انما يتحملها من خدع الشعب بإصلاحات شكلية، ونحن نعرف ان لكل تظاهرة شعبية فترة وتخفت، والكتل السياسية تلعب اليوم على عامل الوقت، لكن على كل الاحزاب ان تحذر وان تعلم جيدا انهم ان استطاعوا ان يفلتوا من مقصلة الشعب كل تلك السنوات فان المستقبل ليس لهم، وعليهم اذا ارادوا ان يحافظوا على النظام كما يقولون فعليهم اثبات فائدة وجود النظام للشعب.

كتبنا قبل سنوات أن تجاوز أزمات العراق وتحقيق مصالح الشعب دون هدم السقف على الجميع على الطبقة السياسية الحاكمة ان توافق وتنفذ وبشكل عاجل الملفات الاتية:

١. اقرار قانون انتخابي عادل.

٢. تشكيل مفوضية انتخابية مستقلة وتعمل بالتعاون مع القضاء وبدون اي تدخلات من الاحزاب السياسية.

٣. التوزيع العادل للثروات بين المواطنين والغاء الفوارق الطبقية وخاصة امتيازات السياسيين.

٤. تقديم الخدمات للمواطن بما يحقق له جوا مريحا وليس العشوائية في تنفيذ المشاريع فالشعب يطمح بدولة متطورة كما عبرت عن ذلك شعارات المتظاهرين.

٥. توفير فرص العمل للشباب، ليس بزجهم في الوظائف الحكومية انما بفتح مصانع ومشاريع استراتيجية تستوع الشباب اولا وتمثل قيمة مضافة للاقتصاد ثانيا.

٦. التطبيق الفعلي للدستور بكل فقراته والتوقف عن الانتقائية القانونية، لان ذلك يشعر المواطن بانه محمي من سلطة اعلى من سلطة الاحزاب وهو القانون.

7. التأسيس لنظام اقتصادي يعمل بديناميكية ذاتية بعيدة عن الاعتماد على النفط لكي يطمئن الجيل الحالي على مستقبله ومستقل الجيل القادم.

اضف تعليق