q
أثارت معركة دامية بين سنة وشيعة في لبنان ليل الخميس تحذيرات من احتمال اندلاع المزيد من العنف في وقت تندفع فيه البلاد صوب حافة الهاوية بفعل الانهيار المالي والتوترات السياسية، وقُتل شخصان أحدهما صبي لبناني سني يبلغ من العمر 13 عاما والآخر رجل سوري...

أثارت معركة دامية بين سنة وشيعة في لبنان ليل الخميس تحذيرات من احتمال اندلاع المزيد من العنف في وقت تندفع فيه البلاد صوب حافة الهاوية بفعل الانهيار المالي والتوترات السياسية، وقُتل شخصان أحدهما صبي لبناني سني يبلغ من العمر 13 عاما والآخر رجل سوري في منطقة خلدة جنوبي العاصمة عندما وقع تبادل لإطلاق النار مساء يوم الخميس، واستُخدمت الرشاشات والقذائف الصاروخية (آر.بي.جي) في المعركة التي قال الشهود إنها استمرت أربع ساعات. بحسب رويترز.

واتهمت قبيلة عربية سنية ينتمي إليها الصبي القتيل جماعة حزب الله الشيعية القوية المدعومة من إيران بفتح النار، فيما نفى الحزب بشكل قاطع أي علاقة له بالحادث، وقال الجيش اللبناني، الذي انتشرت قواته بكثافة في المنطقة يوم الجمعة، إن المشكلة كانت وليدة خلاف حول راية تخص احتفال الشيعة بيوم عاشوراء.

وقال بيان الجيش إن النزاع الذي وقع كان بين أفراد من عشائر عرب خلدة وسكان من المنطقة، دون تحديد هويتهم، وكان العنف محركا ودافعا لموجة نشطة من الاتصالات بين الساسة اللبنانيين الساعين لاحتواء التوتر.

ولا تزال البلاد تكافح تبعات انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس آب الذي أودى بحياة 180 شخصا وتئن تحت وطأة أزمة مالية يُنظر إليها على أنها أكبر تهديد للاستقرار منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990.

وهتف المشيعون ”لا إله إلا الله.. حزب الله عدو الله“ وهم يحملون جثمان الصبي على المحفة إلى منزل جده قبل دفنه يوم الجمعة، وأطلق ملثمون النار من بنادق آلية في الهوا، ووصف مسؤول كبير في الأمم المتحدة في لبنان الاشتباكات بأنها مقلقة للغاية. وقال المسؤول الدولي جان كوبيس على تويتر ”آخر ما يحتاجه لبنان المعذب هو فتنة طائفية... فتنة تمثل طريقا مؤكدا لكارثة“.

وانفتح جرح الشقاق الطائفي بين السنة والشيعة في لبنان بعد اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري عام 2005. وعادت الخلافات مرة أخرى بعد أن أدانت محكمة مدعومة من الأمم المتحدة مؤخرا سليم عياش وهو قائد عسكري في حزب الله بالتآمر لقتله.

وينفي حزب الله اشتراكه بأي صورة في قتل الحريري الذي كان حينئذ أبرز زعيم سني في لبنان، والتهمت النيران أحد المباني أثناء اشتباكات يوم الخميس ولا يزال الدخان يتصاعد منه فيما تحمل نوافذه الندوب التي تركها الرصاص.

وقال رياض زاهر زعيم القبيلة ”سنأخذ حقوقنا بأيدينا“. وأعرب عن شكوكه في أن تقدم السلطات أي أحد للعدالة. وقال ”نعلم أن الحكومة ستأخذهم من باب وتسمح لهم بالخروج من الباب الآخر“، ونفى متحدث باسم حزب الله أي صلة للجماعة بالحادث. وأشار المتحدث محمد عفيف إلى بيان الجيش، وقال إن ”رمي التهم جزافا أمر مرفوض تماما“، وأوضح ”هذه ليست هي الحقيقة التي تعرفها الأجهزة الأمنية ويعرفها أبناء المنطقة“، وتقع خلدة على الطريق السريع المؤدي إلى الجنوب، ويعيش فيها السنة والشيعة والدروز.

تفكيك الدولة

واتهم علي الشاهين وهو متحدث باسم عشائر خلدة العربية أنصار حزب الله بمحاولة نصب صورة لسليم عياش مؤخرا، ونفى مصدر عسكري وحزب الله حدوث ذلك، وبعد صدور قرار المحكمة وضع أهالي قرية عياش صورة له لفترة وجيزة. وقال عضو في حزب الله إن الحزب طلب منهم نزع الصورة لتخفيف التوتر.

وحث تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري نجل رئيس الوزراء الراحل قبائل خلدة العربية على الاستجابة لدعوته لضبط النفس، وقال إن الحادث وقع ”نتيجة السلاح المتفلت والاستفزازات التي لا طائل منها“، وهذا ثاني حادث إطلاق نار يسفر عن سقوط قتلى خلال أسبوع، وقُتل ثلاثة رجال في إطلاق نار في قرية كفتون في شمال لبنان يوم السبت. وقال مصدر أمني إن رجلا سورياً اعتُقل وإن لبنانيين اثنين تمكنا من الفرار.

وقال مصطفى علوش، أحد قياديي تيار المستقبل ”إن التصاعد المتقطع للعنف هو علامة أخرى على تفكك الدولة“. وأضاف لرويترز ”أتوقع أن تظهر نماذج مماثلة أو أشكال أخرى من العنف من الآن فصاعدا“، وقالت صحيفة ”الأخبار“ الموالية لحزب الله إن التوترات السياسية بدأت تتسرب إلى الشارع، وأوضحت ”’معركة‘ خلدة... أعطت إشارة واضحة إلى أن اللعب بالشارع سرعان ما سيخرج عن السيطرة، ليُحرق كل البلاد“

من عصر ذهبي إلى حروب ودمار.. الاضطراب ينهش لبنان في مئويته

يرى صلاح تيزاني وهو يستعيد ذكريات طفولته في دولة لبنان الوليدة عند إعلان قيامها منذ ما يقرب من قرن من الزمان أن القوى الاستعمارية والزعماء الطائفيين وضعوا البلاد على مسار كارثي منذ البداية، كان تيزاني، المعروف في لبنان باسم أبو سليم، من أوائل مشاهير التلفزيون في لبنان. وذاع صيته في الستينيات من القرن الماضي من خلال برنامج كوميدي أسبوعي قدم نقدا سياسيا واجتماعيا للدولة الوليدة. بحسب رويترز.

والآن في الثانية والتسعين من العمر، يتذكر تيزاني بصفاء ذهن الأزمات التي عصفت بلبنان، من الحروب والاحتلالات والاغتيالات، وأحدثها الانفجار المدمر في الميناء، عائدا بذاكرته إلى الأيام التي رسمت فيها فرنسا حدود البلاد اقتطاعا من الإمبراطورية العثمانية في عام 1920 وصعود الساسة الطائفيين ليصبحوا زعماء البلاد.

يقول تيزاني ”الناس ناموا يوم كانوا لنفترض سوريين أو عثمانيين. تاني يوم فاقوا (استيقظوا) لقوا حالن دولة لبنانية. شو هاي الدولة؟ ما بدنا“، ودفعت أحدث محنة في لبنان، وهي انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس آب، والذي أسفر عن مقتل نحو 180 شخصا وإصابة 6000 وتدمير مساحات شاسعة من المدينة، اللبنانيين إلى إعادة التأمل في تاريخ البلاد المضطرب وعمقت مشاعر القلق على المستقبل.

وبالنسبة للكثيرين، فإن الكارثة هي امتداد للماضي، سببها بشكل أو بآخر النخبة الطائفية ذاتها التي قادت البلاد من أزمة لأخرى منذ نشأتها، بإعطاء الأولوية للفصائل والمصالح الذاتية على حساب الدولة والشعب، كما تأتي وسط تدهور اقتصادي شديد، إذ خرب انهيار مالي غير مسبوق اقتصاد البلاد، مما فاقم الفقر وأطلق موجة جديدة من الهجرة من بلد بات عصره الذهبي في الستينيات ذكرى طواها النسيان، وجاء الانفجار أيضا يوم مهم في تاريخ البلاد وهو الأول من سبتمبر أيلول الذي تحل فيه الذكرى المئوية لتأسيس دولة لبنان الكبير، التي أعلنتها فرنسا عند تقسيم الدولة العثمانية مع بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى.

ونال إعلان الجنرال الفرنسي هنري جورو قيام دولة لبنان الكبير ترحيب الموارنة أكبر طائفة مسيحية في لبنان كخطوة نحو الاستقلال، لكن العديد من المسلمين الذين وجدوا أنفسهم معزولين عن سوريا وفلسطين استاءوا من الحدود الجديدة. وفي نشأته بمدينة طرابلس في الشمال رأى تيزاني الانقسامات بأم عينه.

عندما كان طفلا صغيرا، يتذكر أن الشرطة أمرته بالعودة إلى منزله ليتم تسجيله في إحصاء عام 1932 وهو آخر إحصاء أجري في لبنان. ورفض جيرانه المشاركة، ويحكي تيزاني قائلا ”قالوا لهم ما بدنا نكون لبنانيين“، ولا يزال بإمكان تيزاني أن يتلو قسم الولاء التركي للسلطان، كما تعلمه والده في ظل الحكم العثماني. كما يمكنه غناء النشيد الوطني الفرنسي، الذي علمه إياه الفرنسيون والذي يحفظه عن ظهر قلب. لكنه يعترف بأنه لم يحفظ كل كلمات النشيد الوطني اللبناني. لم يكن أحد يتحدث عن حب الوطن.

وأضاف ”تقدمت البلاد على أساس أننا أمة موحدة ولكن بلا أسس داخلية. لبنان بُني بشكل سطحي واستمر بشكل سطحي“، ومنذ الأيام الأولى، أضطر الناس إلى الارتماء في أحضان السياسيين من طائفة أو أخرى إذا كانوا بحاجة إلى وظيفة أو لإدخال أطفالهم المدارس أو إذا واجهوا مشاكل مع القانون.

الإنذار بكارثة

عندما أعلن لبنان استقلاله عام 1943، حاول الفرنسيون إفشال هذه الخطوة بسجن أعضاء حكومته الجديدة، مما فجر انتفاضة أثبتت أنها لحظة نادرة للوحدة الوطنية، وبموجب الميثاق الوطني اللبناني، تم الاتفاق على أن يكون الرئيس مارونيا ورئيس الوزراء مسلما سنيا ورئيس البرلمان مسلما شيعيا، وحملت سنوات ما بعد الاستقلال بوادر واعدة.

فقد حصلت المرأة على حق الاقتراع عام 1952. ويقول حيان حيدر إن والده سليم حيدر، الذي كان وزيرا في ذلك الوقت، يفتخر بحقيقة أن لبنان لم يتخلف عن فرنسا في منح المرأة حق التصويت سوى بسنوات قليلة.

وصاغ سليم حيدر، الحاصل على الدكتوراه من جامعة السوربون، أول قانون لبناني لمكافحة الفساد في عام 1953، وقال حيان ”كانت تلك هي العقلية السائدة... أن لبنان يلعب دور الريادة بالفعل حتى في الأمور القانونية والدستورية. لكنه لم يكن يعلم أن كل هذه القوانين التي عمل عليها لن يتم تطبيقها على نحو سليم صحيح وربما لن تُطبق على الإطلاق، مثل قانون مكافحة الفساد“، ويُنظر إلى الستينيات على نطاق واسع على أنها عصر ذهبي، إذ ازدهرت السياحة، ومعظمها من العالم العربي. كما ازدهر المشهد الثقافي للمسرح والشعر والسينما والموسيقى. وكان من بين الزوار المشهورين بريجيت باردو. وكان مهرجان بعلبك الدولي، الذي يقام وسط الآثار القديمة في سهل البقاع، في أوج تألقه.

واستضاف كازينو لبنان مسابقة ملكة جمال أوروبا عام 1964. وعرض المتزلجون على الماء مهاراتهم بالقرب من فندق سان جورج في بيروت، وكتب المؤرخ والصحفي الراحل سمير قصير في كتابه ”تاريخ بيروت“ أن الزوار كانوا يغادرون البلاد وفي أذهانهم صورة شاعرية مضللة للمدينة التي لا تلقي أذنا صاغية للعداوات التي تستعر الآن تحت السطح ولا ترى الأخطار التي بدأت تلوح في الأفق، واغتيل قصير في انفجار سيارة ملغومة في بيروت عام 2005، وتقول ناديا سبيتي، الأستاذ المساعد في دراسات الشرق الأوسط بالجامعة الأمريكية في بيروت، إنه على الرغم من البريق والإبهار، تركت السياسة الطائفية أجزاء كثيرة من لبنان مهمشة وفقيرة، مما وفر أرضا خصبة للحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990، وقالت ”الوجه الآخر للستينيات لم يكن ممثلو هوليوود ومهرجانات بعلبك فحسب، بل شمل التدريب على أساليب حرب العصابات في المناطق الريفية من البلاد“.

كما تضرر لبنان من تبعات قيام دولة إسرائيل في عام 1948، والتي أدت إلى فرار حوالي مئة ألف لاجئ فلسطيني عبر الحدود، وفي عام 1968، دمرت قوات الكوماندوس الإسرائيلية أكثر من عشر طائرات ركاب في مطار بيروت، ردا على هجوم شنته جماعة فلسطينية مقرها لبنان على طائرة ركاب إسرائيلية.

وقال سليم حيدر، الذي كان نائبا، في خطاب أمام البرلمان آنذاك ”حادث المطار إذن هو المنطلق. لقد كشف أننا لسنا دولة. نحن متنزه دولي ومتجر عالمي وبورصة مفتوحة“، وتابع قوله ”تجمعنا محمديين ونصارى حول مائدة لبنان المستقل، موزعين طوائف ولا نزال، نصارى ومحمديين، متجمعين على رقعة لبنان المستقل، موزعين طوائف“.

وقال حيدر الذي توفي عام 1980 إنه من أجل بناء الدولة، كان لابد أن يكون إلغاء الطائفية السياسية، التي وصفها بأنها ”آفة الآفات“ من الخطوات الضرورية، انعكست مشاكل لبنان المتأزمة على فنه، وصورت مسرحية ”كارت بلانش“ عام 1970 البلاد على أنها بيت دعارة يديره وزراء في الحكومة وانتهت بإطفاء الأنوار وصوت قنبلة موقوتة، وتتذكر نضال الأشقر، التي شاركت في إخراج المسرحية، بيروت في شبابها على أنها بوتقة انصهار نابضة بالحياة لا تنام أبدا، وتخرجت الأشقر، إحدى رواد المسرح اللبناني، في الخمسينيات من إحدى المدارس اللبنانية القليلة التي تأسست على أساس علماني وليس ديني، في الحي اليهودي السابق بالمدينة. وقالت إن بيروت كانت في الستينيات مليئة بدور السينما والمسارح.

وتتذكر قائلة ”إلى جانب القادمين من الغرب، كان هناك أناس يأتون من جميع أنحاء العالم العربي، من العراق والأردن وسوريا وفلسطين ويلتقون في هذه المقاهي ويعيشون هنا ويشعرون بالحرية...لكن في نشاطنا كفنانين ... كل مسرحياتنا كانت تشير إلى كارثة، وحلت الكارثة بالفعل في عام 1975 مع اندلاع الحرب الأهلية التي بدأت كنزاع بين الميليشيات المسيحية والجماعات الفلسطينية المتحالفة مع الفصائل المسلمة اللبنانية.

وعرفت هذه الفترة باسم ”حرب السنتين“ وتبعها العديد من الصراعات الأخرى. بعض هذه الصراعات كانت تناحرا داخليا بين جماعات مسيحية وجماعات مسلمة، ودخلت الولايات المتحدة وروسيا وسوريا على خط الصراعات. وغزت إسرائيل بيروت مرتين قبل أن تحتلها عام 1982. انقسم لبنان وتشرد مئات الآلاف، سكتت المدافع في 1990 تاركة وراءها 150 ألف قتيل وأكثر من 17 ألف مفقود.

وأضعف اتفاق الطائف السلطة المارونية في الحكومة. سلم قادة الميليشيات أسلحتهم وشغلوا مقاعد في الحكومة. وأعرب حيان حيدر، وهو مهندس مدني ومساعد مقرب لسليم الحص الذي كان رئيسا للوزراء في نهاية الحرب، عن قلقه، وقال ”تعليقي كان أنهم سيصبحون الدولة ونحن في طريقنا للخروج“.

في فترة ما بعد الحرب، تولى رفيق الحريري زمام المبادرة في إعادة بناء وسط مدينة بيروت المدمر، وإن كان كثيرون يشعرون بأن المنطقة فقدت طابعها القديم في هذه العملية، بما في ذلك أسواقها التقليدية، كان الحريري، الملياردير المدعوم من السعودية، أحد القادة اللبنانيين بعد الحرب الذين لم يخوضوا الصراع، وشمل عفو عام جميع الجرائم السياسية التي ارتكبت قبل عام 1991، وقالت نايلة حمادة رئيسة الهيئة اللبنانية للتاريخ ”ما حدث هو أنهم فرضوا علينا فقدان الذاكرة ... كانوا يقصدون ذلك. كان الرئيس الحريري أحد أولئك الذين طرحوا هذه الفكرة ... دعونا ننسى ونمضي قدما“.

فقدت الأمل

دعت اتفاقية الطائف إلى تعزيز ”الانتماء الوطني“ من خلال مناهج تعليمية جديدة تشمل كتاب تاريخ موحد. وكان المنهج الموجود الذي صدر في الأربعينيات من القرن الماضي ينتهي بالاستقلال عام 1943، وفشلت محاولات الاتفاق على منهج جديد. وأثارت المساعي الأخيرة، قبل عقد من الزمن، خلافات في البرلمان واحتجاجات في الشوارع، وقالت حمادة ”يعتقدون أن عليهم استخدام التاريخ لغسل أدمغة الطلاب“، ومعظم الوقت، يتعلم اللبنانيون التاريخ في البيت والشارع ومن خلال القيل والقال.

استمرت الانقسامات القديمة وظهرت أخرى جديدة، واندلعت الخلافات بين السنة والشيعة في أعقاب اغتيال الحريري عام 2005. وأدانت محكمة مدعومة من الأمم المتحدة مؤخرا عضوا في جماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران بالتآمر لقتل الحريري.

وينفي حزب الله أي دور له، لكن المحاكمة كانت تذكيرا آخر بماضي لبنان العنيف، فقد تخللت الأعوام الخمسة عشر الأخيرة عمليات اغتيال سياسية وحرب بين حزب الله وإسرائيل ونزاع كاد يتحول لصراع أهلي في عام 2008، وبالنسبة للبعض، لم تنته الحرب الأهلية قط.

فالصراع السياسي مستمر في الحكومة حتى في وقت الناس فيه في أمس الحاجة إلى حلول للأزمة المالية والدعم في أعقاب انفجار مرفأ بيروت.

يشعر الكثيرون أن ضحايا الانفجار لم يلقوا ما يستحقون من التأبين على مستوى البلاد، الأمر الذي يعكس الانقسامات. البعض يرفض فقدان الثقة في لبنان أفضل. لكن بالنسبة لآخرين، كان الانفجار هو القشة التي قصمت ظهر البعير. البعض يعتزم الرحيل أو يخطط لذلك، تقول نضال الأشقر ”أنت تعيش بين حرب وأخرى، وتعيد البناء ثم يتحطم كل شيء، ثم تعيد البناء من جديد... لهذا السبب فقدت الأمل“.

اضف تعليق