q
بعد نصف قرن على اغتيال الناشط الحقوقي الشهير مارتن لوثر كينج يبدي زعماء الحقوق المدنية في الولايات المتحدة خشيتهم من أن يعرقل الرئيس دونالد ترامب التقدم الذي تحقق في هذا المجال منذ وفاة كينج...

بعد نصف قرن على اغتيال الناشط الحقوقي الشهير مارتن لوثر كينج يبدي زعماء الحقوق المدنية في الولايات المتحدة خشيتهم من أن يعرقل الرئيس دونالد ترامب التقدم الذي تحقق في هذا المجال منذ وفاة كينج.

يقول إي. لين براون الزميل السابق لكينج وهو أسقف كنيسة قرب ممفيس بولاية تنيسي إن العنصرية التي ساعدت جهود كينج في كبحها عادت من جديد في إشارة إلى عودة ظهور العنصريين البيض منذ أن أطلق ترامب حملته لانتخابات الرئاسة.

وقال براون ”كانوا يخشون الكشف عن وجههم القبيح. الآن أعطاهم ترامب صوتا وخلق مناخا لا يخافون فيه الكشف عن وجههم القبيح“، ولم يرد البيت الأبيض على طلب للحصول على تعقيب، واغتيل كينج بالرصاص في ممفيس بولاية تنيسي في الرابع من أبريل نيسان 1968 لتنتهي زعامته لحملة سلمية من أجل حصول الأمريكيين من أصل أفريقي على حقوق متساوية. وصدم مقتله الولايات المتحدة في عام شهد أعمال شغب عنصرية ومظاهرات عنيفة ضد الحرب في فيتنام واغتيال المرشح الرئاسي روبرت كنيدي. بحسب رويترز.

وأشاد ترامب بكينج بعبارات براقة خلال الاحتفال بذكرى ميلاده في يناير كانون الثاني وأشار الرئيس إلى تراجع معدل البطالة لمستويات تاريخية بين الأمريكيين السود كدليل على أنهم يستفيدون من رئاسته.

ويفتخر الزعماء السود بتولي باراك أوباما الرئاسة وعبروا عن الأسف حينما خلفه ترامب، كما أثار الرئيس الجمهوري الانتقادات بعد معارك خاضها على تويتر مع رياضيين سود كما لم يعين إلا القليل من أبناء الأقليات في المناصب العليا، ولم يغفر بعض زعماء الحقوق المدنية لترامب رد فعله على مسيرة في شارلوتسفيل طالب فيها متظاهرون من القوميين البيض بالحفاظ على آثار من عصر العبودية وردد فيها النازيون الجدد شعارات معادية للسامية.

وبعد أن قتل قومي أبيض متظاهرة من الفريق الآخر حينما قاد سيارته وصدم حشدا قال ترامب إن اللوم يقع على ”الكثير من الأطراف“، ويقول جون لويس عضو مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي والذي أصيب بجراح خطيرة حينما كان زعيما للحقوق المدنية في الستينيات ”عندما سمعت السيد ترامب يقول إن هناك أناسا طيبون.. بعض الناس الطيبين في الجانبين ورأيت العنف في شارلوتسفيل بكيت.. بكيت حقا“، وأضاف ”لكنه جعلني أكثر تصميما على بذل كل ما بوسعي لمساعدة بلدنا على المضي قدما“.

الحلم والرجل وما تبقى منهما

اشتهر حلم مارتن لوثر كينغ وبات معروفا في العالم أجمع. غير أن الناشط من أجل الحقوق المدنية شعر بالمرارة في نهاية حياته إذ انقلب حلمه كابوسا.

كان بطل الكفاح السلمي من أجل الحقوق المدنية للأميركيين السود رجلا منهكا هرم قبل ألاوان من شدة ما عاش من محن، حين قتل برصاصة أطلقت عليه من شرفة فندق في ممفيس بولاية تينيسي. حدث ذلك في الرابع من نيسان/أبريل 1968، وكان في التاسعة والثلاثين من العمر.

لم يكن مارتن لوثر كينغ على الدوام البطل الذي تحتفي به أميركا الآن بيوم عطلة ونحتت له في الحجر تمثالا هائلا معروضا في قلب العاصمة الأميركية.

يقول أستاذ التاريخ في جامعة كنساس ديفيد فاربر "إنه مسمر في الزمن ليس مثلما كان عام 1968، بل مثلما كان في آب/أغسطس 1963، رجل خطاب +لدي حلم+". ويضيف "من السهل أن ننسى إلى أي حد كان كينغ شخصية موضع جدل في الستينات".

وكيف لا تثير شخصيته الجدل، وهو بحسب فاربر "أصبح شخصية راديكالية في الولايات المتحدة، خصما صاخبا للسياسة الخارجية الأميركية، يطالب بالعدالة لجميع الفقراء في الولايات المتحدة، وليس للأميركيين الأفارقة فحسب".

لم تكن الستينات في الولايات المتحدة عقد الكفاح من أجل الحقوق المدنية فحسب، بل شهدت أيضا التزاما عسكريا أميركيا متزايدا في حرب فيتنام، حرب كانت تواجه معارضة شديدة تقسم الولايات المتحدة.

ولفت مدير مركز الأبحاث حول التاريخ الاجتماعي في جامعة بافالو هنري لويس تيلور جونيور إلى أن "كينغ أثار عداء حركة الحقوق المدنية برمتها والحكومة وقسم كبير من الجهاز السياسي حين ندد علنا بحرب فيتنام".

وقال ديفيد غارو مؤلف كتاب "حمل الصليب: مارتن لوثر كينغ جونيور ومؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية" إن "معارضة الحرب كانت تعتبر في ذلك الحين ظاهرة عرضية". واضاف أنها"لم تكن بالشعبية التي اكتسبها عام 1972 على سبيل المثال".

أبعد من الحقوق المدنية

كان مارتن لوثر كينغ يخضع باستمرار لمضايقات الشرطة الفدرالية. كما أن اعتماده الكفاح اللاعنفي لم يكن ليرضي الشبان السود المتلهفين لإحداث تغيير بل حتى في بعض الأحيان الوصول إلى المواجهة.

ويروي ديفيد غارو أنه "خلال الأشهر الـ12 الأخيرة من حياته، كان كينغ منهكا تماما، متشائما كليا حول المستقبل وفي منتهى الإحباط"، ويضيف "ردد أكثر من عشر مرات خلال السنتين الأخيرتين من حياته أن + الحلم الذي راودني في واشنطن عام 1963 تحول إلى كابوس+"، بعد خمسين عاما على وفاته، يبقى حلم مارتن لوثر كينغ بقيام مجتمع يجلس جميع أفراده "إلى طاولة الأخوة" مجرد حلم. بحسب فرانس برس.

يقر أستاذ التاريخ في جامعة نيوهمشير جيسون سوكول بأنه تم إنجاز تقدم، لكنه يشير في الوقت نفسه إلى استمرار التباين "وعلى الأخص حين ننظر في فقر السود ونسبة المسجونين من بينهم ومشكلات العنف في ممارسات الشرطة".

وما يزيد من الخيبة برأي هنري لويس تيلور أن كفاح مارتن لوثر كينغ لم يكن يقتصر على الحقوق المدنية، بل كان طموحه على مستوى حقوق الإنسان. ويشرح الأستاذ الجامعي أن "حلم كينغ كان يرتقي إلى عالم آخر ممكن يقوم على العدالة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعرقية"، ومن هذه الناحية، يقول تيلور "يتبين لنا أننا لم نحقق تقدما كبيرا خلال السنوات الخمسين الأخيرة على طريق تحقيق هذا الحلم"، ويضيف "إن كان سلوك الأفراد تبدل في ما يتعلق بالمسائل العرقية، فإن العنصرية الكامنة في نسيج مؤسسات الولايات المتحدة وهيئاتها لم تتغير حقا"".

ماذا تبقى من مارتن لوثر كينغ؟

قد يكون الحلم لم يكتمل بعد، إلا أن إرث مارتن لوثر كينغ يبقى حيا، وذكر تيلور برانش الذي صدرت له ثلاثية بعنوان "أميركا في سنوات كينغ"، أنه في 1964 أعلن الناشط في خطاب تسلمه جائزة نوبل للسلام، أن حركة الحقوق المدنية هي "أكبر حركة تحرير في التاريخ"، وأوضح "كان يخاطب العالم بأسره، وليس السود فحسب (...) وهو من نواح كثيرة نجح إلى ما وراء أحلامه الأكثر جموحا".

تجلى إرث كينغ مؤخرا أيضا في حركة "حياة السود تهم" (بلاك لايفز ماتر) التي نشأت وسط موجة استياء عمت الأميركيين السود حيال أعمال العنف التي ترتكبها الشرطة، وفي حركة "مسيرة من أجل حياتنا" التي شكلها طلاب بعد عملية إطلاق نار جديدة في مدرسة بفلوريدا ونظمت تظاهرات حاشدة شارك فيها مئات الآلاف في واشنطن وباقي أنحاء البلاد.، وبين المتظاهرين يولاندا رينيه حفيدة مارتن لوثر كينغ البالغة من العمر تسع سنوات وعلى غرار جدها، نجحت يولاندا في تعبئة الحشود مستلهمة أشهر كلماته "لدي حلم طفح فيه الكيل. يجب ألا يكون هناك أسلحة في هذا العالم".

تفاوت كبير بين نسبة الأقليات العرقية في الكونغرس الأمريكي والأعضاء البيض

دعا زعيم الحقوق المدنية الأمريكي، مارتن لوثر كينغ، في خطاب له عام 1957 أمام نصب لينكولن في العاصمة واشنطن الكونغرس إلى المساواة في حق التصويت لجميع الأمريكيين، وقال كينغ "امنحونا بطاقة اقتراع، وسوف نملأ قاعاتنا التشريعية برجال من أصحاب النوايا الحسنة"، وبعد نصف قرن من وفاته، تبحث وحدة تدقيق الوقائع لبي بي سي إلى أي مدى تغيرت التشكيلة

العرقية والإثنية في الكونغرس والمجالس التشريعية الأمريكية، ويتألف الكونغرس الأمريكي من 435 مشرعا بالانتخاب في مجلس النواب، ومائة عضو في مجلس الشيوخ، وأصبح المشهد السياسي الأمريكي أكثر تنوعا تدريجيا، كما أصبح الكونغرس الحالي أكثر تنوعا على الصعيدين العنصري والإثني. كما اعتبر وصول الرئيس السابق باراك أوباما إلى الرئاسة تغيرا واضحا، لكن مقارنة بالعدد الكلي للسكان، مازال الكثير من المؤسسات السياسية في أمريكا يسيطر عليها ذوو البشرة البيضاء.

التغير في مجلس الشيوخ

قبل أشهر من اغتيال كينغ، أصبح إدوارد بروك أول سيناتور أمريكي من أصول افريقية يفوز بمقعد بالتصويت الشعبي، عُرف عن بروك، الذي كان نائبا عن ولاية ماساتشوستس لولاتين برلمانيتين، عمله للترويج للإسكان منخفض الدخل، والمساواة العرقية في الجنوب.

وخدم في نفس المنصب منذ ذلك الوقت سبعة من الأمريكيين من ذوي الأصول الأفريقية، من بينهم سيدتان، وبشكل عام، زاد عدد أعضاء الكونغرس من ذوي الأصول الأفريقية والإسبانية والآسيوية خلال العقود الأخيرة، ولكن تظل الأغلبية للأعضاء البيض.

وخلال النصف الأخير من القرن الماضي، تضاعف إجمالي عدد السكان من الأقليات في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من أن نحو خُمس عدد الأعضاء في الكونغرس مؤخرا من الأقليات، تمثل الأقليات نحو 38 في المئة من إجمالي عدد السكان.

وفي عام 2017، كان ثلاثة في المئة من أعضاء مجلس الشيوخ و 10 في المئة من مجلس النواب من الأمريكيين ذوي الأصول الأفريقية، وهي أقلية تمثل نحو 13 في المئة من تعداد السكان ككل.

كما توجد نسب تمثيل مشابهة بالنسبة للأمريكيين من ذوي الأصول الآسيوية (اثنان في المئة في مجلس الشيوخ، وثلاثة في المئة في مجلس النواب، لكن ستة في المئة من إجمالي تعداد السكان)، كما يمثل الأمريكيون من ذوي الأصول الإسبانية (أربعة في المئة في مجلس الشيوخ، وتسعة في المئة في مجلس النواب، و 18 في المئة من إجمالي عدد السكان) في الكونغرس.

ما هي نسب التمثيل في مجلس النواب؟

وتشكل نسبة تبلغ نحو 23 في المئة من الأعضاء في مجلس النواب خلفيات تنتمي لأقليات، وهي نسبة أعلى مقارنة بمجلس الشيوخ، وتشير بيانات مركز "بيو" البحثي إلى أنه من بين عدد الأعضاء الجدد في الكونغرس والسيدات، 34 في المئة من الأقليات.

وجميع أعضاء مجلس النواب تقريبا من الأقليات ينتمون للحزب الديمقراطي. وقالت جينفير لوليس، مديرة مجموعة المرأة والسياسة في الجامعة الأمريكية في واشنطن. إن عملية زيادة نسبة التمثيل السياسية تعد أقل أهمية بالنسبة للجمهوريين، وتضيف لوليس إن أحد الأسباب وراء ذلك هو أن السياسيين من المرجح أن يثيروا قضايا تتعلق بالأقليات إذا تأثروا بالقضية وكانوا من بين أفراد الأقليات.

ويوجد اثنان من الأعضاء الأمريكيين الأصليين في مجلس النواب: توم كول، من قبيلة تشيكاسو ممثلا لولاية أوكلاهوما، وماركواين مولين، من قبيلة تشيروكي ممثلا لولاية أوكلاهوما، كما يوجد ثلاثة نواب من أصول أمريكية أصلية. وخدم العضو بن نايتهورس، من قبيلة نورث تشيين، حتى عام 2005. كما خاض عدد قياسي من الأمريكيين الأصليين سباقا لتولي المنصب في عام 2016.

سياسات الدولة

يُنتخب أكثر من 7000 رجل وامرأة في المجالس التشريعية للدولة. ومثل نظرائهم في الكونغرس الوطني، يعد المشرعون أقل تنوعا مقارنة بعدد السكان. واستنادا إلى دراسة للمؤتمر الوطني للمجالس التشريعية للدولة عام 2015، احتلت هاواي، ثم نيوميكسيكو، أعلى نسب من حيث المشرعين الذي يمثلون أقليات في الولايتين، 78 في المئة و 49 في المئة على التوالي. وجاءت ولاية نورث داكوتا أعلى نسبة من حيث تمثيل المشرعين البيض في عام 2015 بنسبة 99 في المئة. وتسهم الأقليات بنسبة تبلغ نحو 15 في المئة من إجمالي عدد سكان الولاية.

كما تمثل ولايات هاواي وكاليفورنيا، في الجنوب على الحدود مع المكسيك، وفلوريدا وبعض الولايات على امتداد الساحل الشرقي أعلن نسبة تمثيل للمشرعين من الأقليات. كما تسهم الولايات في وسط البلاد وتلك التي على الحدود الشمالية بوجه عام بأقل نسبة تمثيل، وتعد محاولات التوصل إلى تقدير دقيق لكيفية تغير الوضع منذ اغتيال كينغ تحديا كبيرا نظرا لغياب بيانات كاملة عن كل مجموعة إثنية منذ ستينيات القرن الماضي. غير أن دراسة المؤتمر الوطني للمجالس التشريعية لم توضح زيادة نسبة الأمريكيين من أصول أفريقية ممن انتخبوا على مستوى الولايات من اثنين في المئة إلى تسعة في المئة خلال الفترة بيم 1971 و 2011، كما يمثل الأمريكيون من أصول إسبانية خمسة في المئة من المشرعين، بزيادة من 2.2 في المئة عام 1991، لكن أقل من نسبة 18 في المئة التي تمثل إجمالي عدد السكان الأمريكيين من أصول إسبانية.

اضف تعليق