q

يلومني الكثير على أني أتعمدُ أن أهمس بآذان العصافير التي تنقل صوتي للآخرين - وهي نائمة -، وما ذنبي إذا كانت هي من تعشق النوم كثيرا، لن أنتظرها حتى تستيقظ فالأمر مهمٌ جدا، سأتكفلُ بالأمر وحدي هذه المرة وسأهمس بآذان من يمتلكون مصانع "النظَّارات" أن يوحدوا لون منتجاتهم إلى اللون الأبيض، فالسواد القاتم الذي يُحيطُ بهؤلاء بات مقلقا وأخشى أن يُصيبهم بالعمى، كلما تحدثتُ عن أمرٍ قالوا هذا ب فرنسا هذا بألمانيا وليس عندنا، وكأني بهؤلاء يستخسرون على أنفسهم أن يُصبحوا مثل هؤلاء، أصلا ما الحال الذي كان عليه هؤلاء، كانت دُوَلُهم مستعمره وسكانها عبيد، ألم تكن بريطانيا الدولة العظمى التي لا تغيبُ عنها الشمس وكانت أمريكا مستعمرة فيها (ما الحالُ اليوم؟).

يُحكى أن أستاذا أخرج من حقيبته ورقةً بيضاء ووضع في منتصفها نقطة سوداء وعرضها على طلبته وسأل الأول ماذا ترى قال نقطةَ سوداء، والثاني نقطةً سوداء والثالث والرابع و... كلهم إجابتهم واحدة نقطة سوداء، قال عجبي كلكلم رأيتم النقطة السوداء ولم يُشاهد أحدا الصفحة البيضاء، فعلا صحتك إيمانُك أولادك أموالك كلها صفحةً ناصعة البياض، أيُّ سوادٍ هذا الذي يلُفَّ أناساً فينتحرون أو يتعاطون أو يسكرون، هذا يتنهد وذاك يتململ وآخر يقول الموتُ أرحمُ من هذه الحياة، أيها الجاهلُ وهل استقامت الحياةُ لأحدٍ لتستقيم لك، لئن كان إحباطُك لأجلِ ما يحدثُ بإخوتك فشمِّر عن ذراعك واستمرَّ بالدعاءِ لهم حتى يكشفُ الله ما هم فيه، أما إن كان لأجل فسادِ المفسدين فهل نعطل البلاد حتى يموت هؤلاء وتصلح الأحوال، هل أمرنا الله بقتالهم، هل تُريد لَعِب الأدوار مرةً أنت ومرةً هم؟، ما يدريني أنك ستبقى على صلاحك لما تُصبح مكانهم!.

على ما تحسدُ هؤلاء على الحرام الذي فيه يرتعون، أم على النعيم الذي به يتنعمون؟، صدقني أن نفوسهم ضائقةً عليهم وما يُدريك، ولربما مرَّت على كاتب هذه السطور ظروفا لا يتحملها أعتى الرجال، فصبرنا وتحملنا وكافحنا وثمرنا حتى رزقنا الله بزمنٍ نكتبُ فيه والناسُ يقرؤؤن ما نكتب - فيا ربِّ لك الحمدُ حتى ترضى -، وليت هؤلاء يُسدون لنا خدمةً فيحتفظوا بإحباطهم لأنفسهم ولا ينقلون هذه العدوى للآخرين.

اضف تعليق