q

منذ انطلاق معركة تحرير الفلوجة ورغم الإنجازات الميدانية التي تحققت على يد القوات العراقية والحشد الشعبي والعشائر اتخذ بعض الإعلام العربي موقف الرافض لتحرير المدينة والمحرض على الحشد الشعبي، واصفا مشاركته في عملية التحرير بالمؤامرة على أهل السنة في العراق ومرددا لأزمة حرب الإبادة والتدمير التي دأب عليها وبتقصير القوات العراقية في تأمين الأمن والحماية للمدنيين في الفلوجة، واخذ الاعلام العربي يشكك بنية تحرير الفلوجة ويطعن بالتضحيات المقدمة من قبل ابناء القوات المسلحة والحشد الشعبي لتحرير مدينة الفلوجة من تنظيم داعش الارهابي كما في التقرير التالي:

بعض الصحف العربية نددت بضعف الحكومة العراقية وعدم مقدرتها على خوض المعركة... كما جاء جريدة الرياض السعودية" أن الحكومة راغبة في الاستفادة من نقاط تحرير الفلوجة في تعزيز موقفها الضعيف، لكن يجب أن تنتهي العملية بما يضمن استدامة الأمن في هذه المدينة التي عانت كثيراً منذ الاحتلال الأميركي، فنجاحها ولجم طيش الطائفيين القائمين على بعض فصائلها كفيل باستعادة رئيس الحكومة حيدر العبادي زمام المبادرة والعكس صحيح".

فيما تناول جريدة الحياة الرأي التالي: "الهجوم على الفلوجة قد يكون ملحاً عسكرياً ولكنه غير ناضج سياسياً، ومن المرجح أن يصب في نهاية المطاف في إضعاف شرعية حكومة العبادي بدلاً من مساندتها. فلا تمكن معالجة وباء الجماعات الإرهابية مثل داعش بصورة شاملة إلا من خلال وجود حكومات مركزية موثوق بها من الناس من مختلف الأطياف الاجتماعية والطائفية".

بينما تناولت جريدة الاتحاد الإماراتية احداث تحرير الفلوجة بالرأي الاتي: "داعش في سوريا يتعاون مع النظام في ممارسة هذه الإبادة النوعية الممنهجة، وكذلك مليشيات "الحشد الشعبي" التي تساندها إيران الدولة بحرسها الثوري وكبار مستشاريها العسكريين".

عربياً ايضا جريدة السبيل الأردنية قالت "ما سيجري من قتل وعقاب واستهداف طائفي يؤكدان حكومة العبادي وواشنطن تسيران في العراق بغير اهتداء لمشروع سياسي مما يفاقم الازمة ويؤكد كل الشروط والظروف التي جعلت السنة يتمسكون بداعش".

والقسم الاخر من الصحف العربية شككت بعمليات تحرير الفلوجة وادانت وجود الحشد الشعبي في تحرير الفلوجة واتهمته اتهامات طائفية بحتة.

مثلما جاء في جريدة الشروق الجزائرية بالرأي الاتي: "مهمّة تحرير الفلوجة ينبغي أن تبقى محصورة في الجيش العراقي الذي يتكوّن من مختلف أطياف الشعب من سُنّة وأكراد وشيعة ولو كانت الغلبة فيه للمكوِّن الشيعي، وفي "الحشد العشائري"، وهي عشائر سُنِّية من الأنبار يستعين بها الجيشُ العراقي هذه الأيام في اقتحام الفلوجة".

وتستمر الاتهامات الباطلة من لدن الصحف الطائفية السعودية التي تحولت خطاباتها الى اتهامات جوفاء كما هو الحال مع جريدة الوطن السعودية التي رأيت ان "الاستعانة بالميليشيات الطائفية لطرد التنظيم الإرهابي من المدينة يبدو حلاً آنيا، إلا أنه يُعدّ وسيلة سريعة لفقدان الحكومة المركزية السيطرة ليس فقط على المناطق المحررة بل ايضا على بغداد وخضوعها لحكم الميليشيات الطائفية، وتاليا التأسيس لتهميش طائفي جديد، وزرع بذور تطرف اشد بأسا".

على النهج نفسه قالت جريدة الشرق القطرية "إن معركة استعادة الفلوجة لهاأسباب وأبعاد مختلفة، بعضها معلن والبعض الآخر خفي. والأسباب الخفية لتلك الحرب تتنوع ما بين أسباب تتعلق بالصراع السياسي بين الميلشيات الشيعية الحاكمة في بغداد. وأسباب طائفية تتعلق بالصراع بين السنة والشيعة هناك".

ولم تختلف لهجة جريدة اخبار الخليج البحرينية عن مثيلاتها من الصحف التي تناولت تحرير الفلوجة بالرأي الاتي: "هل الحرب على الفلوجة لتحريرها (بحسب الادعاء) من داعش أم لاستكمال «الاحتلال الإيراني» للعراق به، وبعدها الدور على «الموصل»آخر قلاع«أهل السنة»؟! لماذا القتل الطائفي الممنهج؟! ولماذا كل هذا الحقد من أوغاد العصر مجتمعين (أمريكا وإيران والنظام الطائفي وداعش) على مدينة لم يبق منها بعد الحصار إلا الأطلال، وهي المعروفة بأنها مدينة المساجد 550 مسجدا، ومدينة العلماء ومدينة الزراعة".

جريدة عين اليوم واصلت الدعاية الطائفية بقولها "ما زالت مدينة الفلوجة تحت الحصار حيث تمارس القوات الحكومية بمساندة من المليشيات الطائفية الإيرانية، إبادة ممنهجة بالتجويع والقصف فلا تكاد الفلوجة تنام على القصف إلا وتستيقظ على قصف جديد، بالإضافة إلى سلاح التجويع حيث لم تتبق كسرة خبز لدى الأهالي الذين أصبحوا يناشدون العالم التدخل لفك الحصار".

وكذلك هو رأي جريدة السياسة الكويتية بقولها "وصول اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس لأسوار الفلوجة وقيادته لقوات الحشد الطائفي لدخول منطقة الكرمة وقيامهم بحرق المساجد وإعدام عدد من الشباب، اعتباطيا وانتقاميا بقطع رؤوسهم في ممارسات فاشية مرعبة بدعوى انتمائهم لتنظيم الدولة من دون تيقن ولا تثبت ولا محاكمة! أمر يؤكد ان الممارسات الإيرانية في العراق قد تعدت كل منطق وتجاوزت كل الحواجز والأطر المقبولة".

اما الصحف المصرية فقد تناولت قضية الفلوجة بصورة محايدة الى حد ما حيث رأت جريدة الاهرام المصري "أن معركة استعادة مدينة الفلوجة معقل تنظيم داعش الإرهابي، دخلت مرحلة حرب الشوارع، في وقت اقتحمت فيه القوات العراقية المشتركة المدينة من ثلاثة محاور تحت غطاء جوى أمريكي لتبدأ هجوما مباشرا لاستعادة المدينة من تنظيم داعش الارهابي".

على صعيد ذي صلة كان رأي صحيفة الرأي شمل الفلوجة والرقة "تثير معركتا الفلوجة والرقّة جدلاً متوقعاً ومشروعاً، حتى لو اتخذ طابعاً طائفياً مؤسفاً، فهذا هو المنطق الذي فرض نفسه في الأعوام الأخيرة، حين راحت الصراعات الأهلية تتطيّف، وبالأخص حين دخلت الولايات المتحدة وروسيا كطرفين في هذه الصراعات ومنحازَين صراحة أو ضمناً إلى جانب إيران في مشروعيها للهيمنة بميليشياتها الطائفية على العراق ثم على سورية ولبنان".

الى ذلك ترى جريدة الغد الاردنية " ان الفلوجة وقعت تحت وطأة مصيبتين مزدوجتين: الأولى، من داخلها حيث قانون التوحش سيد الموقف. والثانية، من خارج أسوارها المطوقة بأرتال الحديد والراجمات، في مشهد يصح معه القول إن هذه المدينة العراقية ذات الرمزية الباذخة في وجدان العراقيين، تتقلب الآن على جانبيها بين النار والرمضاء".

اما الصحف العراقية فإشادة بانتصارات وأكدت على أهمية دور الإعلام في هذه المعركة.. قالت جريدة الزمان العراقي " ان الجيش لن يكون منتصرا إلا بوحدة أبناء شعبه ووعيهم بأهمية هذا الدور الذي يلعبه الإعلام في التفريق بينهم وكيف يجب التصدي له بكل شجاعة. أن معركة الفلوجة هي معركة المعمورة جمعاء ضد القبح والتكفير والظلام، وأن من يخوضها ويقودها هو جيشنا وحشدنا وأهلنا".

أما جريدة الصباح العراقية فكان رأيها "بأن الانتصار العسكري على داعش سوف يوفر الرأسمال السياسي المطلوب وهذا ما سيمنح الدعوة الإصلاحية القوة والزخم المطلوبين لانطلاقتها الثانية بعد الانتصار".

من جهتها رأت جريدة العالم العراقية انه "لا يمكن غض الطرف عن الإرهاب الداعشي في الفلوجة وسواها من أرض العراق، كذلك لا يمكن غض الطرف عن مطالب المواطنين بالإصلاح وإعادة الأموال المسروقة ومحاسبة الفاسدين".

وعليه من خلال هذه الوقفة السريعة مع آراء ومواقف الصحف العربية حول معركة الفلوجة المعقدة, اتضح لنا ان حرب الاعلام هي اخطر واشرس بكثير من حرب داعش العسكرية، ولن يتم التخلص من داعش مالم تكن لنا وقفة في مواجهة مع هذه الحرب الدعائية البغيضة.

اضف تعليق