محكمة النقد من الافكار الى الاشخاص

برير السادة

يطالب العديد من المفكرين والكتاب بضرورة الاقتصار على نقد الافكار بعيدا عن المفكرين, لما فيه عادة من تجريح واستهتار بالشخصيات الفكرية والعلمية جراء طرحهم بعض الافكار التي لا تناسب الثقافة الاجتماعية و الدينية.

وياتي هذا الطرح ضمن اطار المنهج العلمي الاخلاقي.. في التعاطي مع مختلف الافكار والعلوم او المعرفة بشكل عام.

هذه المطالبة ليست بعيده عن فضااءت الاسئلة المتطايرة التي تتساءل عن امكانية الفصل بين المفكر وفكرته, وبين العالم وعلمه؟؟؟, وليست بعيده عن البحث والدرس الفلسفي خصوصا في مقولته "اتحاد العاقل والمعقول" فيرى بعض الفلاسفة ان هناك اتحاد اذا تحول المعلوم الى ملكه ولم يظل صوره ذهنية  "إذا نضج الإنسان يرتبط مع العلم لامع المعلوم ، وهذا العلم علم بذاته ، معلوم بذاته ، عالم بذاته ، وعندما ترتبط النفس بالعلم تصبح عالمة ، وهذا الارتباط في أوائل الأمر هو بنحو الحال ، وبعد ان يصبح ملكة ويصبح هذا الشخص صاحب رأي ومجتهداً يصبح العالم عين العلم والعلم عين العالم". 

فمع افتراض صحة هذه النظرية الفلسفية , نظل امام اشكالية في المنهج العلمي الاخلاقي لصعوبة التفريق بين المفكر وافكاره او العالم وعلمه. من هنا فان الدعوة للتفريق بين نقد الافكار والمفكرين لن تكون قادرة على حل الاشكال المنهجي خصوصا مع وجود بيئه محفزه على مثل هذا النوع من التعاطي مع الافكار والمفكرين...واقحام الشخصنة في الحكم على مختلف الافكار... ليكون الميزان في القبول او الرفض هو مقدار التلاقي الفئوي او العقدي او الوجداني.

لذلك نؤكد هنا على ضرورة تاسيس منهج اخلاقي-علمي في التعاطي مع الافكار والمفكرين.. يقوم على احترام الانسان بما هو انسان ويراعي ويحترم كامل خياراته. بعيدا عن منطق التجريح والتحامل والتسخيف وقائمة الالقاب وقاموس الشتائم... وهو منهج راسخ في الثقافة الدينية وان غاب عن التطبيق والتقافة الاجتماعية.

فنجد هذا المنهج حاضرا في الدعوة القرانية لتكريم الانسان واحترامه والتي بداءت بالسجود للمثال البشري "ادم عليه السلام" , والتشريع الاخلاقي والقيمي يقول تعالى "ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا". كما نجد هذا المنهج في الدعوه للتسامح الديني والفكري والذي هو جزء من عنوان التسامح العام.. المتضمن للعديد من الممارسات....ولا شك ولا ريب في انه داخل في المحامل السبعين التي اقامتها الدعوة النبوية احمل اخاك على سبعين محملا.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاربعاء 11/شباط/2009 - 15/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م