افغانستان: بوادر التوجه نحو روسيا والابتعاد عن حزم اوباما  

شرعية الانتخابات تتعرض للخطر بسبب تزايد العنف وعزوف الناخبين البشتون

 

شبكة النبأ: بدأ الرئيس الافغاني حامد كرزاي الذي يشعر بالاحباط بسبب بعض حلفائه الغربيين وخاصة الولايات المتحدة التواصل مع روسيا جارة افغانستان الشمالية العملاقة، فرغم تعهد الرئيس الامريكي باراك اوباما بأن يضع افغانستان على رأس أولويات سياسته الخارجية إلا انه من المستبعد أن يكون متساهلا مع كرزاي بعد أن اتهمه فيما مضى بأنه أخفق في الخروج من المخبأ والحكم بفعالية.

وعلى ذلك لم يعد كرزاي الذي كان مدللا من الغرب ذات يوم متأكدا من الدعم الثابت الذي تمتع به من الرئيس السابق جورج بوش وقد انضم الزعماء الاوروبيون الى اوباما حيث نادوا بتطبيق الحكم الرشيد وهو انتقاد مبطَّن لكرزاي.

ومن جهة ثانية قد تتعرض شرعية الانتخابات الافغانية هذا العام للخطر اذا لم يدلِ البشتون العرقيّون، وهم أغلبية، بأصواتهم بسبب سوء الأوضاع الامنية والاستياء من الرئيس حامد كرزاي مما يزيد من احتمال تفاقم أعمال العنف.

وتقول شكرية باراكزاي العضوة البارزة بالبرلمان "حين يرى كرزاي أن حلفاءه السابقين ليسوا في الحكم والبقية ينتقدونه بدلا من مساعدته سيبحث عن حلفاء جدد."

وأضافت أن الحلفاء الجدد تتقدمهم روسيا ويشملون الجارتين ايران والصين ولهم مصالح اقتصادية في افغانستان لكن لهم ايضا تحفظات على وجود القوات الاجنبية.

وصرح دبلوماسيون روس بأن الغرب يرتكب نفس الاخطاء التي ارتكبها الاتحاد السوفيتي السابق خلال احتلاله المشؤوم لافغانستان والذي دام عشر سنوات.

وعشية تنصيب اوباما أصدر مكتب كرزاي بيانا جاء فيه أن موسكو قبلت طلبه بتقديم مساعدات دفاعية لافغانستان.

وقلل كبير المتحدثين باسم كرزاي من أهمية هذه الخطوة قائلا انه على الرغم من نداء كرزاي فان افغانستان ملتزمة بعلاقاتها مع حلف شمال الاطلسي والولايات المتحدة ولهما قوات قوامها نحو 70 الف فرد يقاتلون المتمردين الذين تقودهم حركة طالبان بالبلاد. بحسب رويترز.

وكان كرزاي الذي يخوض انتخابات في اغسطس اب قد تقدم بهذا الطلب في نوفمبر تشرين الثاني الماضي وربما لا يكون توقيت نشر نبأ قبول موسكو اكثر من صدفة.

غير أنه في اليوم التالي بالبرلمان وقبل ساعات من تنصيب اوباما تحدث كرزاي -- الذي قاد افغانستان بمساعدة جيش ودعم مالي غربيين منذ الاطاحة بطالبان عام 2001 - للمرة الاولى فيما يبدو عن رغبته في اقامة علاقات وثيقة مع روسيا.

وبعد ذلك بأيام وفي حضور سفير الولايات المتحدة والقائد الامريكي لقوات حلف شمال الاطلسي قال كرزاي خلال احتفال بتخريج دفعة من قوات الجيش ان افغانستان تحتاج الى الحصول على طائرات ودبابات من اي مكان يمكنها الحصول عليها منه بعد أن فشلت في الحصول عليها من حلف شمال الاطلسي والولايات المتحدة.

وقال "قلنا لامريكا والعالم أن يعطونا طائرات بسرعة وان لم يفعلوا سنحصل عليها من مكان اخر... أخبرناهم أن صبرنا نفد ولا نستطيع أن نعيش بدون طائرات."

وبعد مرور سبع سنوات على الاطاحة السريعة بحكومة طالبان تكافح القوات الغربية ضد هجمات المتمردين التي ارتفعت بمقدار الثلث العام الماضي وحملة من التفجيرات الانتحارية زادت من الشعور بعدم الامن وقللت من ثقة الجماهير في قدرة حكومة كرزاي وحلف شمال الاطلسي على حد سواء على تحقيق الامن.وبالتالي ازداد تبادل الاتهامات لكنها كثيرا ما تكون خافتة وبشكل دبلوماسي.

ورد كرزاي مرارا على انتقادات الغرب لحكومته والفساد الاداري المستشري ونقص سيادة القانون حيث يهاجم سجل الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي من قتل مئات المدنيين بطريق الخطأ في الغارات الجوية.

وذكرت صحف حكومية أن كرزاي حذر الاسبوع الماضي بأنه سيدعو جمعية وطنية لزعماء وشيوخ القبائل الى الانعقاد لمناقشة الخسائرالبشرية بين المدنيين وعمليات تفتيش المنازل التي تقوم بها القوات الاجنبية اذا لم يرد حلف شمال الاطلسي بالايجاب في غضون شهر على مسودة اتفاق مع حكومته قام بارسالها الى الحلف.

وتريد مسودة الاتفاق الى حد كبير السيطرة على أماكن وكيفية انتشار القوات الاجنبية ووقف مداهمات المنازل والتنسيق على "أعلى مستوى" بشأن استخدام القوة الجوية.

صورة كئيبة لـ الحرب المنسية في أفغانستان

وفي نفس السياق كشف تقرير عسكري تحصلت CNN على نسخة منه، عن تدهور حاد في الأوضاع الأمنية في أفغانستان، وأن القنابل التي تزرع بالطرق هي الأسلحة الأكثر فتكاً التي يستخدمها المسلحون ضد المدنيين وقوات التحالف والقوات الأفغانية.

ويشير التقرير، الذي أعده الجيش الأمريكي وقوات التحالف واستند على إحصائيات "الناتو"، إلى ارتفاع بأكثر من 30 في المائة في الهجمات باستخدام ذلك النوع من القنابل من الفترة من يناير/كانون الثاني إلى ديسمبر/كانون الأول العام الماضي.

كما يعكس صورة أكثر كآبة للوضع الأمني العام في مجمل أنحاء البلاد بتزايد معدلات هجمات حركة طالبان وتنظيم القاعدة بنسبة 31 في المائة.

ويصور التقرير واقع الحال في أرض المعارك، حيث تزايدت حصيلة قتلى الجيش الأمريكي بوتيرة غير مسبوقة فيما يطالب القادة العسكريون بضخ آلالاف من القوات الإضافية في محاولة لإخماد العنف المتزايد وللمشاركة في حرب أفغانستان التي أُطلق عليها يوماً "الحرب المنسية."

وتشير الإحصائيات إلى زيادة معدلات قتلى الجيش الأمريكي وقوات التحالف بواقع 26 في المائة، وارتفعت بشكل حاد بين أفراد الجيش الأفغاني لتصل إلى 64 في المائة، منذ يناير/كانون الثاني العام الماضي.

ويورد التقرير أنه رغم تمتع معظم أنحاء أفغانستان بهدوء نسبي، إلا أن المواجهات المستعرة بين المليشيات المسلحة والقوات الدولية مازالت تتواصل في مناطق الشرق والجنوب، حيث وقعت 70 في المائة من الهجمات.

وتتمركز مليشيات طالبان في مناطق الجنوب وتنشط عناصر القاعدة في الشرق، إلا أن عناصر الحركتين تتنقل بين تلك المناطق عبر الحدود الباكستانية.

ويعزو تقرير الناتو بعض أسباب العنف المتزايد لارتفاع أعداد القوات الأمريكية وتنامي الحملات العسكرية التي ينفذها الجيش الأفغاني ضد المليشيات المسلحة،  إلا أن الملاذ الآمن الذي تمثله باكستان لتلك العناصر يتيح لها منفذاً للتراجع وإعادة تنظيم الصفوف ومن ثم العودة للقتال.

وارتفع حجم التفجيرات باستخدام السيارات المفخخة وبوسائل أخرى في كابول على مدى الـ12 شهراً الماضية، كما تزايدت عمليات الاختطاف والاغتيال في العاصمة بمعدل 50 في المائة.

وشهد العام الفائت كذلك زيادة في عدد القتلى المدنيين، وبواقع 60 في المائة، جراء هجمات التحالف ضد المليشيات التي تختفي خلف أهداف مدنية أو ضربات تنفذها تلك العناصر المسلحة ويقع فيها المدنيون ضحايا.

وشكلت تلك النقطة قضية سياسية ساخنة للرئيس، حميد كرزاي، بإثارتها غضب الشارع الأفغاني وتنديده للحكومة المدعومة من قبل الولايات المتحدة.

شكوك تحيط بالانتخابات الافغانية بسبب انعدام الأمن

وقد تتعرض شرعية الانتخابات الافغانية هذا العام للخطر اذا لم يدل البشتون العرقيون وهم أغلبية بأصواتهم بسبب سوء الأوضاع الامنية والاستياء من الرئيس حامد كرزاي مما يزيد من احتمال تفاقم أعمال العنف.

والقتال هذه الايام هو الاشرس منذ أطاحت القوات التي قادتها الولايات المتحدة بحركة طالبان عام 2001 لكن كل المعارك تقريبا تحدث في الجنوب والشرق وهي مناطق يسكنها البشتون وكثير منهم غاضبون بسبب شعورهم بأنهم مستبعدون من السلطة والانتهاكات المزعومة التي ترتكبها القوات الاجنبية بحقهم.

واذا شعر البشتون بمزيد من التهميش بعد الانتخابات المقرر اجراؤها في سبتمبر ايلول فمن الممكن أن يزداد الاستقطاب في البلاد وقد يصل العنف الى مستويات مرتفعة جديدة.

وقال وحيد مجداح وهو محلل سياسي وخبير في شؤون طالبان "من المستبعد أن يشارك البشتون في الانتخابات بسبب سوء الاوضاع الامنية وفي الوقت نفسه هم يمثلون القطاع الاكبر من الشعب الافغاني."

وأضاف "البشتون كانوا في الحكم لمدة 150 عاما في افغانستان وفي كل مرحلة ابتعد فيها البشتون عن الحكم نشبت حرب في أفغانستان."بحسب رويترز.

وادراكا منها بأن مشاركة البشتون أساسية لضمان النجاح في الانتخابات الرئاسية ستقوم الولايات المتحدة بنشر معظم قواتها الاضافية المزمع ارسالها وتتراوح بين 20 و30 الف جندي لتأمين الجنوب.

وقال مسؤول بوزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) طلب عدم نشر اسمه "مع ارسال لوائين اضافيين سيكون لدى القائد الاقليمي في الجنوب قوة بشرية كافية لضمان نجاح الانتخابات."

وفقد كرزاي -وهو بشتون من اقليم قندهار بجنوب البلاد وهي مسقط رأس طالبان- قدرا كبيرا من التأييد الشعبي بسبب اخفاقه في تحسين الاوضاع الامنية والقضاء على الفساد الرسمي المتفشي منذ انتخابه عام 2004.

وقال محلل متخصص في الشؤون الدولية في افغانستان طلب عدم نشر اسمه "هناك شعور واضح بأن الناس لم يحصلوا على ما تم وعدهم به. كانت هناك تلميحات بأنه سيكون هناك استقرار وديمقراطية ولا أعتقد أن هذا حدث على الاطلاق."

ويشعر الكثير من البشتون بأن كرزاي منح قدرا كبيرا من السلطة لسكان الشمال الذين ساعدوا القوات الامريكية على الاطاحة بطالبان.

وفي بلد كان فيه التصويت حتى للمتنافسين في مسابقة أفغانية تعادل مسابقة "نجم موسيقى البوب" مقسما على أساس عرقي يرجح أن تكون الانتخابات الرئاسية التالية مشابهة للأخيرة حين عكست النتائج الانقسامات العرقية بالبلاد الى حد كبير.

أفغانستان.. مقاتلين أجانب من العراق

وفي تطور لافت قال وزير الدفاع الافغاني ان متشددين أجانب يتدفقون على أفغانستان للانضمام الى متمردي طالبان في قتالهم ضد القوات الافغانية والدولية مع تراجع العنف في العراق.

ووفقا للقوات التي يقودها حلف شمال الاطلسي فأن هجمات المتمردين في أفغانستان شهدت ارتفاعا بنسبة 33 بالمئة في عام 2008.

ومن المتوقع أن تزداد وتيرة العنف بشكل أكبر في 2009 حيث تستعد واشنطن لارسال ما يصل الى 25 ألف جندي اضافي الى مناطق جديدة في قلب أراضي البشتون بجنوب البلاد.

وقال وزير الدفاع عبد الرحيم وارداك ان ما يقرب من 15 ألف من مقاتلي طالبان يتواجدون في أفغانستان لكن أعدادهم تتضخم بسبب انتقال المتمردين الاجانب من العراق حيث تراجع العنف بعد استراتيجية زيادة الولايات المتحدة لقواتها هناك واجراءات أخرى. بحسب رويترز.

وقال وارداك في مؤتمر صحفي "منذ العام الماضي ونتيجة لنجاح استراتيجية زيادة القوات في العراق..كان هناك تدفقا للارهابيين الاجانب على أفغانستان."

وتابع "كانت هناك اشتباكات... وفي بعض هذه الاشتباكات كان 60 بالمئة بالفعل من اجمالي القوة التي واجهناها مقاتلين أجانب." وكان وارداك يتحدث بعد أن أجرى هو والرئيس الافغاني حامد كرزاي محادثات مع الجنرال الامريكي جون كاردوك القائد الاعلى لقوات حلف شمال الاطلسي في أوروبا.

وتركزت المحادثات على تدريب وتجهيز الجيش الافغاني الذي يهدف الجيش الامريكي الى زيادة قوامه من نحو 80 ألفا في الوقت الراهن الى 134 ألفا في عام 2012 بالاضافة الى النشر المخطط للقوات الامريكية الاضافية وسبل الحد من الخسائر في الارواح في صفوف المدنيين.

ويتوقع أن يوافق الرئيس الامريكي باراك أوباما في وقت قريب قد يكون الاسبوع الجاري على خطط ارسال ما يصل الى 17 ألف جندي مقاتل اضافي الى أفغانستان لينضموا الى 36 ألف جندي أمريكي يقاتلون متمردي طالبان بالفعل.

وستركز القوات الامريكية الاضافية على ضرب خطوط اتصالات المتشددين وتسللهم عبر الحدود الى أفغانستان قادمين من باكستان. وقال وارداك ان القوات الاضافية ستقلل من الاعتماد على الضربات الجوية مما سيقلل من حجم الوفيات بين المدنيين.

طالبان: الاميركيون سيُهزمون كالسوفيات في افغانستان

وتوعدت حركة طالبان الاميركيين بهزيمة ساحقة مثل تلك التي واجهتها القوات السوفياتية في الثمانينات غداة الاعلان عن نشر ما بين عشرين وثلاثين الف جندي اميركي اضافي في البلاد بحلول الصيف المقبل.

وقال متحدث باسم طالبان لوكالة فرانس برس ان "كل يوم يغير (الاميركيون) خطابهم لاخفاء هزيمتهم. يريدون الان ان يرسلوا الى افغانستان نفس عديد القوات التي ارسلها السوفيات في الثمانينات لكنهم منيوا بهزيمة نكراء".

واضاف يوسف احمدي في اتصال هاتفي اجري معه من قندهار ان "السوفيات ارسلول العدد نفسه من القوات لاحتلال افغانستان لكنهم منيوا بهزيمة نكراء. وعندما يرفع الاميركيون عديد قواتهم الى هذا المستوى سنلحق بهم ايضا هزيمة نكراء".

وتدخل الاتحاد السوفياتي في افغانستان في كانون الاول/ديسمبر 1979 وانسحب من البلاد بعد عشر سنوات من دون التمكن من قمع مقاومة المجاهدين الافغان.

ومؤخرا اعلن رئيس اركان الجيوش الاميركية الاميرال مايكل مولن ارسال عشرين الى ثلاثين الف جندي اميركي اضافي الى افغانستان بحلول الصيف المقبل.

وسيضاعف ارسال ثلاثين الف جندي اضافي لاحتواء حركة التمرد في البلاد عديد الكتيبة الاميركية في افغانستان.

وباضافة جنود الدول الاخرى البالغ عددهم 35 الفا والمنتشرين في اطار القوة التابعة لحلف شمال الاطلسي سيقارب عدد الجنود المنتشرين في افغانستان المئة الف وهو قريب من عدد الجنود السوفيات الذين انتشروا في افغانستان في الثمانينات وبلغ بين مئة و160 الفا. ومع ذلك لم ينجح الجيش السوفياتي في السيطرة على البلاد.

وقال احمدي ان الاميركيين عندما يصبحون اكثر عددا يتحولون الى "اهداف اكثر سهولة" معتبرا قرار ارسال تعزيزات دليلا على تردد الولايات المتحدة في مواجهة معركة يهزمون فيها.

واضاف ان "الحلف الاطلسي وقوات التحالف التي جاءت تحتل افغانستان تواجه مشاكل صعبة" و"هزائم قاسية" بما في ذلك حول العاصمة كابول معتبرا ان "الوضع والمناخ والتضاريس في افغانستان" عوامل تحول دون انتصار القوات الاجنبية في هذا البلد.

شبكة النبأ المعلوماتية- االاحد 8/شباط/2009 - 12/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م