استراتيجيات استخدام الحاسوب في التعليم

د. السيد عبد المولى أبو خطوة

مقدمة:

نتيجة لتطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وانتشار الكمبيوتر وتعدد استخداماته في المجالات المختلفة، وبخاصة في مجال التربية والتعليم؛ فقد تتنوعت استراتيجيات التعليم التي يمكن استخدامها في البرمجيات التعليمية، وفقا لأهداف التعلم المطلوب تحقيقها، وذلك كما يلي:

أ- استراتيجية التعليم الخصوصي Tutorials:

ويقوم الكمبيوتر بالتدريس دون أن يشاركه أحد، فهو يقوم بتقديم المعلومات والتعريف بالمهارات المطلوبة ثم توجيه المتعلم وتسجيل استجابته وتشخيص أخطائه وتصحيحها ويتم التفاعل بين المتعلم والكمبيوتر عن طريق أسئلة تظهر على شاشة الجهاز.

كذلك يقوم الكمبيوتر باختبار المتعلم ورصد درجته وبالتالي فهو يعد بمثابة معلم خصوصي للمتعلم، و يمكن أن يستخدم هذا النوع من البرامج التعليمية في العديد من المواد منها برامج تعلم القراءة والكتابة و الرياضيات والفيزياء..إلخ.

ب - استراتيجية التدريب والممارسة Drill and Practice:

ويقوم هذا النوع من البرامج على افتراض أن المتعلم قد تعلم حقائق ومفاهيم معينة قبل استخدامه لبرنامج الكمبيوتر، وبالتالي فإن البرنامج لا يقدم مادة علمية جديدة بل مجموعة متتابعة من الأسئلة لرفع مستوى أداء المتعلم إلي مستوى معين سبق تحديده، مع مراعاة أن تكون التدريبات متدرجة الصعوبة، و يكمن الهدف من هذا البرنامج في توفير الفرصة للمتعلم ليمارس ويراجع ويتدرب على ما سبق أن تعلمه، ويفضل دائماً الجمع بين برامج التدريس الخصوصي والتدريب والممارسة؛ بحيث يتكون منهما برنامج واحد.

وتمتاز برامج التدريب والممارسة التعليمية بما يلي

- تزود الطالب بتغذية راجعة فورية حول إجابته وتُصحح أخطاءه.

- يستخدمها الطالب فردياً ووفق سرعته الخاصة؛ حيث يعطي البرنامج المتعلم الفرصة الكافية للاستجابة حسب سرعته وقدرته.

- تساعد الطالب على عدم العودة لأخطائه بعد اكتشافها وتصحيحها.

- توفر أساليب متطورة لتحليل أخطاء الطالب.

- تزيد من دافعية الطلاب للتعلم ؛ حيث تعمل على تحفيز الطالب للدراسة أكثر من الكتب التعليمية والواجبات المدرسية.

- تزيد من تفاعل الطالب مع المادة التعليمية.

- توفر فرصة للطالب لممارسة الأفكار التعليمية الجديدة.

- ذات كفاءة عالية في تعليم الطلاب منخفضي التحصيل ؛حيث يتكيف البرنامج مع قدرات المتعلم ؛بحيث يستمر في التدريب، أو يتفرغ لمراجعة المادة، أو يتوقف.

ج- استراتيجية المحاكاة Simulation:

يعد هذا النوع من أقوى برامج الكمبيوتر التي اُستخدمت في التعليم؛ حيث يتطلب من المتعلم أن يحلل ويجري عمليات التكامل والتركيب، ثم تطبيق المعرفة الأساسية عند مواجهة مشكلة معقدة، وهى أنشطة تعليمية لا تحتويها عادة مواقف التعليم العادي في المدرسة، وتُوفر هذه البرامج للمتعلم بدائل حقيقية لخبرات لا يمكن توفيرها له نظراً لحاجتها إلي كثير من الوقت والتكلفة. و يتم درس المحاكاة في الخطوات التالية: تقديم الموقف للطالب، تفاعل الطالب مع النظام، و يتغير النظام بناء على إجابة أو تفاعل الطالب.

وللمحاكاة أنماط متعددة منها:

• المحاكاة الفيزيائية ( Physical ): وذلك بمحاكاة أشياء فيزيائية مادية بغرض استخدامها، مثل تعلم قيادة الطيارة وتشغيل أجهزتها.

• المحاكاة الإجرائية ( Procedural ): يهدف هذا النمط إلى تعليم خطوات عمل أشياء محددة بهدف تنمية مهارات المتعلمين فيها، ويفيد هذا النوع من البرامج العاملين في كثير من المؤسسات حيث تعمل على توفير الوقت والجهد فى التكاليف في التدريب من خلال برامج متخصصة لتعليم تلك المهاارت.

• محاكاة الأوضاع( Situational ): في هذا الأسلوب نجد للمتعلم دوراً إيجابياً في اكتشاف استجابات مناسبة لمواقف ما من خلال تكرار المحاكاة.

• محاكاة العمليات ( Process ): لا يلعب المتعلم أي دور في هذا النمط من المحاكاة، بل هو ملاحظ للعمليات ومجرب خارجي.

وتسمح تلك البرامج للمتعلم بأن يعيد اتخاذ القرارات الخاصة بالمشكلة المعروضة عليه عدد من المرات حتى يمكنه اكتشاف تأثير القرارات البديلة بدون أي خطورة، ويتم بناء البرنامج عادة باستخدام الأسلوب الحلزوني الذى يبدأ من البسيط إلى الأكثر تعقيدا، وتقدم المادة بإستراتيجية مناسبة للمتعلم يتم فيها مراعاة الفروق الفردية ببن المتعلمين، فالبرنامج يناسب بطئ التعلم وسريع التعلم.

د- استراتيجية الواقع الافتراضي Reality Virtual

الواقع الافتراضي Virtual Reality هو بيئة يتم إنتاجها من خلال الحاسوب بحيث تمكن المستخدم من التفاعل معها سواء كان ذلك بتفحص ما تحتويه هذه البيئة من خلال حاستي البصر والسمع أو بالمشاركة والتأثير فيها بالقيام بعمليات تعديل وتطوير. فهي عملية محاكاة ( Simulation ) لبيئة واقعية أو خيالية يتم تصورها وبنائها من خلال الإمكانات التي توفرها التكنولوجيا الحديثة باستخدام الصوت،والصورة ثلاثية الأبعاد، والرسومات، وذلك لإنتاج مواقف حياتية تجذب من يتفاعل معها وتدخله في عالمها. (علي زهدي شقور، 2007).

ويقدم الواقع الافتراضي صورة حية للأشكال والمناظر، ممزوجة بالصوت والحركة، فتكون نظاماَ للبيئة المطلوبة، حيث تمكننا من المشاركة في تفاعلات حسية متنوعة مرئية ومسموعة، فضلاً عن التفاعلات الحركية، فإمكانية عرض الأشياء بأبعادها الثلاثة يساعد المستخدم في التعرف عن كثب على العلاقة التي تربط هذه الأشياء وأيضا أجزاءها مع بعضها البعض، إضافة لعملية تفاعلها (علي زهدي شقور، 2007).

و مع التطور التكنولوجي تنوعت أنظمة الواقع الإفتراضى و انتشرت في مختلف المجالات العلمية، فمنها ما اعتمد على تقنيات التجوال من خلال أشكال ثلاثية الأبعاد، و منها ما اعتمد على تقنيات الغمس الكلى للمشارك في البيئة الافتراضية،كما استخدمت أنظمة الواقع الإفتراضى كبيئة اصطناعية لتصميم و اختبار النماذج. (شريف السيد السيد شريف، 2005: 62).

ويصنف أحمد كامل الحصرى للواقع الافتراضي على بعدين أساسيين، هما:

‌أ. مدى توافر كل خاصية من خصائص الواقع الافتراضي في كل نمط من أنماطه.

‌ب. المتطلبات اللازمة لكل نمط (التجهيزات المختلفة - البرامج المستخدمة - التجهيزات الخاصة بالمستخدم )، و يتمثل هذا التصنيف فى الآتى:

1- الواقع الافتراضي قبل المتقدم Pre - advanced Virtual Reality: و هو ما تتوافر فيه معظم خصائص الواقع الافتراضي بدرجة قليلة، أما فيما يتعلق بالمتطلبات اللازمة له فهى قليلة من حيث عددها، و بسيطة من حيث درجة تعقيدها و تطورها مقارنة بالنمطين الآخرين و هو يقابل الواقع الافتراضي اللااستغراقى، و نافذة على العالم "Window on the World "WOW".

2- الواقع الافتراضي شبه المتقدم Semi - advanced Virtual Reality: وتتوافر فيه معظم خصائص الواقع الافتراضي بدرجة متوسطة، أما فيما يتعلق بالمتطلبات اللازمة له فهى أكثر عدداً و أكثر تقدماً من تلك المستخدمة فى النمط السابق، إذ أنه يمثل مرحلة متوسطة من تكتولوجيا الواقع الافتراضي، و هو يقابل الواقع الافتراضي شبه الإستغراقى.

3- الواقع الافتراضي المتقدم Advanced Virtual Reality: و هو ما تتوافر فيه معظم خصائص الواقع الإفتراضى بدرجة عالية، أما فيما يتعلق بالمتطلبات اللازمة له فهى درجة خاصة و كثيرة، فضلاً عن وجود برامج متطورة ومعقدة، وهو يمثل المرحلة المتطورة جداً من الواقع الإفتراضى، و هو يقابل الواقع الافتراضي الاستغراقى، و الواقع الافتراضي المحاكي (أحمد كامل الحصرى، 2002: 19 - 20)

هـ- استراتيجية الحوارDialogue systems:

 يعتمد هذا النوع من البرامج على إجراء حوار مباشر بين المتعلم والكمبيوتر وذلك بهدف تدريس مادة دراسية معينة، ويقوم الكمبيوتر من خلال الحوار بطرح أسئلة تتطلب إجابة مباشرة وفورية على الشاشة، ثم يقوم الكمبيوتر بتقييم الإجابة ومقارنتها بالمعطيات الموجودة في الذاكرة وتصحيحها مع إعطاء الرد المناسب(مدحت السيد محروس، 1995: 267).

و - استراتيجية حل المشكلات Problem Solving:

اشتُقت هذه الطريقة من نظريات وأبحاث الذكاء الاصطناعي، وتعتمد على الكمبيوتر ؛باعتباره وسيطا لعرض البرنامج الذي يشارك فيه المتعلم، (عبد العظيم الفرجاني، 1997: 195 )، وينمى هذا الأسلوب قدرات المتعلمين العقلية والابتكارية؛ حيث يتعلم الطلاب كيف يفكرون، وكيف يستخدمون قدراتهم العقلية ؛ليصبحوا قادرين على حل المشكلات (عبد الله عمر الفرا، 1998:332).

ح - استراتيجية الألعاب التعليمية Instructional Games:

 توصف بأنها مواقف(استراتيجيات) أو ألعاب منطقية تتميز بعنصر التسلية والتشويق وإثارة دافعية المتعلم. ويهدف هذا النمط إلى إيجاد مناخ تعليمي يمتزج فيه التحصيل العلمي مع التسلية لغرض توليد الإثارة والتشويق التي تحبب الأطفال إلى التعلم، كما تعتمد كثير من الألعاب التعليمية على أساليب النمذجة والمحاكاة وإن كان الهدف هنا ترفيهي، ومما يحبب المتعلم ويستثير دافعيته في مثل هذه الألعاب أنها تعرفه فوريا على نتيجته وتتحدى قدراته للوصول إلى مستويات أفضل. (عبد الله عمر الفرا، 1998:332)

فوائد الألعاب التعليمية، تفيد الألعاب التعليمية فيما يلي (عبد الحافظ سلامة، 2002: 267 ):

1- تزود المتعلم بخبرات أقرب إلى الواقع العملي أكثر من أية وسيلة تعليمية أخرى؛ إذ يتعرف المتعلم المشكلات التي ستواجهه مستقبلا، ثم يضع حلولا لها، ويتخذ القرارات اللازمة.

2- توفر السلامة والأمن للمتعلم.

3- تساعد في جميع أنواع التعلم: المعرفي والنفسحركي والوجداني؛ حيث تساعد على تكوين اتجاهات إيجابية نحو بعض القضايا التي تطرحها اللعبة.

4- تزيد من شعور المتعلم بأن لديه القدرة على ضبط البيئة وأن لديه القدرة على التحكم؛ مما يجعله يبذل جهدا في سبيل دفع اللعبة للوصول إلى النتائج التي يسعى إلى تحقيقها، وهذا يجعل المتعلم يتدرب على التخطيط.

5- يستفيد من الألعاب التعليمية الطفل بطيء التعلم.

6- تشيع جوأ من المرح والاسترخاء التام والتفاعل ؛ وهذا يؤدي إلى زيادة التعلم.

7- تغيردورالمعلم والمتعلم: فالمعلم يصبح الحكم على فعالية سلوك المتعلم وليس مصدر المعلومات، والمتعلم يصبح مشاركا نشطا فاعلأ.

ط- برامج الاختبارات Tests:

من الواضح أن برامج التدريس الخصوصي، والتدريب والممارسة، والمحاكاة، يُقدّمون معلومات وإستراتيجيات تُساعد المتعلمين في تحصيل نواتج تعليمية محددة، بينما برامج الاختبارات تعمل عَلى أَنْ تُقيّم هذا التحصيل، وعادة يتم بناء الاختبارات من بنك لمفردات الاختبارِ، والذي يحتوى على عدد كبير جداً من الأسئلة.

ى- استراتيجية البرامج المتكاملة Program Integrated:

هى برامج تستخدم بضعة أنماط مختلفة من الأنماط التعليمية السابقة للمحتوى الواحد، فمن الممكن أن نجمع بين نمط التعليم الخصوصي والتدريب والممارسة، والمحاكاة والحوار في برنامج واحد لتحقيق أهداف تعليمية معينة.

ويمكن أن يتم الدمج بين أكثر من نوع من هذه البرامج في برنامج واحد بحيث يحقق كل برنامج اهداف تعليمية محددة لا تحققها البرامج الأخرى، وان يكون الدمج وفقاً لخصائص المتعلمين وطبيعة المحتوى الذي يتم معالجته وفي ضوء الإمكانيات المتاحة.

* مدرس تكنولوجيا التعليم

كلية التربية – جامعة الإسكندرية

شبكة النبأ المعلوماتية- االخميس 5/شباط/2009 - 9/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م