أعضاء مجالس المحافظات الجدد تحت مجهر الاختبار

كتب المحرر السياسي لـ شبكة النبأ

 

شبكة النبأ: ها أننا عشنا معاً يوماً لا يُنسى في التأريخ السياسي الحديث للعراق، ألا وهو يوم انتخاب مجالس المحافظات في 31/1/2009، وها أننا نوافق جميعا على أن المواطن العراقي قد أدّى دوره في هذه الفعالية الوطنية على أفضل وجه، حتى ان عددا مهما من المواطنين لم تُتح له الظروف الملائمة كي يدلي بصوته كما أشارت مصادر اعلامية كثيرة.

وحين نتفق على ان الناخب العراقي قد قام بدوره الوطني على الرغم من التوقعات المتشائمة قبل هذه الانتخابات، فإن ذلك يوجب قضية مهمة تتعلق بالمرشحين او الساسة الجدد (في مضمار المسؤوليات وليس في مضمار السياسة) الذين سيتصدرون مواقع الادارة والتنفيذ.

فحين نقول ان المواطن قام بدوره في الشوط الاول من هذه الفعالية الانتخابية، فإن الشوط الثاني المكمل للأول سيقع على عاتق المرشحين الفائزين بأصوات الناخبين، واذا أعطينا درجة نجاح جيدة للناخب في تنفيذ الدور المنوط به، فما هي الدرجة التي سيحصل عليها الفائزون في إداء الدور الذي يتعلق بهم؟!.

وفي عودة الى سنوات قليلة مضت لنستذكر الفعالية الانتخابية الماضية المتعلقة بالبرلمان العراقي، سنكتشف أو نقر بأن الناخب العراقي قد أدّى مسؤولياته على افضل وجه ايضا، حين انتخب ممثلين عنه لمجلس النواب ومجالس المحافظات آنذاك، لكن جميع المؤشرات الواقعية تشير الى نجاح الناخب وفشل المنتَخَب في أداء دوره (مع وجود بعض النجاحات ذات الطابع الفردي).

إن عرض الوقائع واستذكارها من دون تهرب، لاسيما بعد ان انتهت انتخابات مجالس المحافظات، قد يضع الفائزين الجدد على جادة الصواب، فالشعوب والامم التي لا تستفيد من اخطائها لا تصل الى أيٍ من أهدافها، ولذلك وطالما اننا نتفق على تأدية المواطن للواجب الوطني المنوط به، يتوجب على المرشح الفائز أن يتصدى لدوره بنجاح ايضا.

هنا ستأخذ مسألة دراسة أخطاء الراحلين ممن تصدروا قيادة المحافظات، محطات إنطلاق ومساعدة للقادة الجدد، ولعل هذا الامر لايحتاج الى ذكاء بالغ او شخصيات نادرة لتحقيقه، لأن من سبقهم في خوض التجربة أخطأ في دوره لاسباب وظروف لايسع المجال لشرحها، وإن هذه الاخطاء ليست من الغموض بحيث لا يمكن كشفها او معرفتها ثم الافادة منها، نعم ستقود (ايها الفائز الجديد) الناس لسنوات اربع قادمة وربما تقع في اخطاء السابقين ذاتها ولكنك ستواجه نتائج الفشل و(الطرد) من قبل الناخبين في الدورة القادمة، ناهيك عن قوة القانون التي ستسهم بدرجة او اخرى للتصدي لمن يتقاعس في القيام بعمله على افضل وجه طالما طرح نفسه قائدا سياسيا للشعب بإرادته الحرة.

إن مسألة الافادة من أخطاء الآخرين ينبغي ان توضع في الحسبان من لدن جميع الفائزين، سواء كانوا كيانات منفردة او تابعة لكتل حزبية كبيرة، فالمواطن الذي وضع صوته في صندوق الاقتراع، ورفعك (أيها المرشح الفائز) الى منصبك الحالي سينتظر منك دورا مشابها للدور الذي نجح فيه هو.

فالكل يترقب الآن بلهفة ويتابع بقلق طبيعة الخطوات الفعلية التي سيقوم بها الفائزون الجدد، ولعل الأمل لايزال يتجدد ويكبر في نفوس العراقيين وهم يتطلعون الى أعمال تتطابق مع الاقوال التي أطلقها المرشحون وكياناتهم واحزابهم قبل الشروع بعملية انتخاب الحكومات المحلية او مجالس المحافظات..

وربما نحتاج كمواطنين الى ان نذكر القادة الجدد ، بأنهم أصبحوا على المحك, وان الاخلاص للوطن والمواطن والنفس هو ثالوث النجاح الأكيد، كما اننا لا ننسى التأكيد على دورنا المهم كمواطنين بعد الانتخابات ايضا، نعم لقد قام المواطن بدوره في الشوط الاول كما ذكرنا أعلاه، لكن هذا الدور لايتوقف عند هذا الحد، حيث تتجدد مسؤولية المواطن مع بداية تأدية المرشحين الفائزين لمهامهم ومسؤولياتهم، فإذا كان القائد يمسك بدفة قيادة الشعب، فإن المواطن هو العين والرأي الذي يسدد خطوات القائد، حيث تبقى المسؤولية متداخلة ومتواصلة بينهما، وفي هذا الصدد نرتئي أهمية تحقيق الخطوات التالية:

1- أن يقرأ المرشح الفائز بعين ثاقبة طبيعة الارض التي يتحرك فوقها، بمعنى أن يفهم أماكن الخلل التي وقع فيها غيره كي يتجاوزها سواء كان ذلك في التخطيط أو التنفيذ.

2- أن يُشرك المسؤول الجديد ذوي العقل والرشاد ممن يثق بهم، في اتخاذ القرارات وكيفية تنفيذها على ارض الواقع، وأن يبتعد عن الفردية التي غالبا ما تقود الى الفشل.

3- أن يتخذ المسؤول من حاجاته الفردية والعائلية، صورة لإحتياجات المواطن العراقي وعائلته كي يتسنى له القيام بدوره القيادي على أمثل وجه.

4- أن يسهم المسؤول بشكل فعّال في رسم وتنفيذ المشاريع الاستراتيجية التي تسهم في تطوير الشعب شكلا وجوهرا وأن يبتعد عن المشاريع الشكلية ذات البعد الاعلامي الآني.

5-  من جانب آخر، يجب أن لا يتخلى المواطن عن دوره في المراقبة والمتابعة والاسهام في ترسيخ قيم الاخلاص في العمل والقيم الاخرى التي تصب في الصالح العام.

6-  ينبغي أن يكون المواطن أداة للتنفيذ والتخطيط في آن واحد، بكلمة اخرى، أن لايُقْصر دوره على التنفيذ الآلي للأوامر الصادرة له، بل يجب أن يخلق شخصيته الفاعلة في المراقبة والتصحيح والابداع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 2/شباط/2009 - 6/صفر/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م