انخفاض أسعار الطاقة سيولِّد عوامل ارتفاعها مجدداً

 

شبكة النبأ: تسببت الأزمة المالية العالمية في حدوث هبوط هائل في أسعار الطاقة لمستوى أقل من 40 دولار للبرميل خلال الأشهر القليلة الماضية بعد أن وصل إلى أعلى مستوى له وهو 147 دولار للبرميل في يوليو تموز الماضي, وتشير التوقعات إلى مزيدٍ من الانخفاضات لأسعار الطاقة في الأجل القصير، أما في الأجل المتوسط والطويل فمن المتوقع مع حدوث انتعاش اقتصادي عالمي أن يولد نموًّا كبيرًا في الطلب العالمي على النفط وارتفاع أسعاره مرة أخرى.

وقد أدى الانخفاض في أسعار الطاقة العالمية إلى توليد مجموعة من العوامل التي سوف تلعب دورًا كبيرًا في ارتفاع أسعاره مرة أخرى من أهمها عرقلة الاستثمارات في قطاع النفط وتوقف النمو في قطاع الطاقة البديلة للنفط وتوقف حركة البحث والاستكشاف في المناطق الجديدة والمناطق البحرية ذات التكلفة العالية الأمر الذي يقود إلى حتمية ارتفاع الأسعار في الأجل المتوسط والطويل.

وبالرغم من التوقعات السابقة في نهاية عام 2007 لجولدمان ساكس وجازبروم الروسية بوصول أسعار النفط لأسعار قياسية تتراوح ما بين 200 إلى 250 دولار للبرميل بنهاية عام 2008, إلا أن هذه التوقعات قد أثبتت فشلها وتهاوت الأسعار إلى ما دون 40 دولار للبرميل. وبالرغم من خطأ هذه التوقعات إلا أن هناك بعض المؤشرات التي تشير إلى حتمية ارتفاع الأسعار في مرحلة ما بعد الركود الاقتصادي العالمي منها الانخفاض الكبير في حقول النفط المكتشفة وانخفاض حجم الاستثمارات في قطاع النفط وكذلك انخفاض معدلات النمو في قطاع الطاقة البديلة. بحسب موقع تقرير واشنطن.

الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة في الأجل المتوسط والطويل هو التحدي الأكبر الذي يواجه الإدارة الأمريكية الجديدة للرئيس أوباما وفقاً للتقرير الاقتصادي الذي أعده الاقتصادي المعروف إريال جون بالاشتراك مع الاقتصادي أوين والذي سنلقي الضوء عليه في التقرير التالي:

أسواق النفط العالمية تمر بمرحلة انتقالية

على مدى السنوات الخمس والثلاثين الماضية انخفض حجم إنتاج النفط في الولايات المتحدة الأمريكية من 9.4 مليون برميل يوميًّا عام 1973 إلى 5.1 مليون برميل يوميًّا عام 2007 بينما استمرت وارداتها في الارتفاع خلال الفترة ذاتها وارتفع استهلاكها ليصل إلى 22 مليون برميل يوميًّا عام 2007, وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية هي ثالث أكبر منتج للنفط في العالم بعد السعودية وروسيا وأكبر مستورد للنفط في العالم.

وبالرغم من تلك الحقيقة إلا أن اتجاهات الطالب العالمي على النفط لم تعد تقودها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية بل إن الأسواق الناشئة مثل ( الصين والهند وأمريكا اللاتينية ) ومعدلات النمو العالية لتلك البلدان أصبحت هي المحرك الأساسي لاتجاهات الطلب العالمي على النفط.

وفي تقرير أصدرته وكالة الطاقة الدولية The International Energy Agency (IEA) حول مستقبل سوق النفط الدولية أظهر التقرير قلقًا بالغًا من ارتفاع أسعار النفط في مرحلة ما بعد الركود العالمي, وأكد التقرير أن الارتفاع الكبير في أسعار النفط خلال الفترة الماضية لمستوى 147 دولار للبرميل لم يكن بسبب المضاربين كعامل أساسي كما حرصت وسائل الإعلام على تأكيده وإنما كان بسبب النمو الكبير في الطلب العالمي والقيود المفروضة على العرض العالمي من النفط , وان العالم سيواجه تصاعدًا كبيرًا في أسعار النفط في المستقبل القريب مع انتعاش الاقتصاد العالمي ومعدلات النمو الهائلة لكلٍّ من الصين والهند, ومن المتوقع أن نرى أسعارًا أعلى بكثير مما شهدناه منذ عدة شهور.

وفي تصريح لمدير وكالة الطاقة الدولية (IEA) نوبو تاناكو Nobuo Tanako الذي أكد أن العرض والطلب العالمي على النفط قد تأثرا بالكساد العالمي وأنه يخشى بعد مرحلة الكساد العالمي ألاَّ يستطيع العرض أن يلحق بالطلب خاصة مع المعدلات العالية للنمو في الصين والهند والاقتصاديات الناشئة الأخرى.

الصين والهند تقود قاطرة ارتفاع أسعار النفط

الارتفاع الهائل في معدلات الطلب على النفط في الأسواق الناشئة وخاصة الصين والهند هي من أهم ظواهر التحول في أسواق النفط العالمية , ومن المتوقع أن تتجاوز الصين الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها المستهلك الأول في العالم خلال الخمس السنوات القادمة وأن 90% من النمو في الطلب على النفط سوف تتركز في آسيا وأمريكا اللاتينية. كما أن الطلب العالمي على النفط مستمر بالزيادة نتيجة للأسباب السابق ذكرها إلى جانب تزايد الطلب الكبير للطبقة الوسطى على شراء السيارات ونمو صناعات كثيرة ومنتجات مصنوعة من النفط.

ووفقًا لتقرير وكالة الطاقة الدولية (IEA) لتوقعات الطاقة في العالم في الفترة من عام 2008 إلى عام 2030 فإن الصين والهند سوف تمثل أكثر من 70% من الطلب العالمي على النفط وأن واردتهما تتزايد من 5.4 مليون برميل يوميًّا عام 2006 إلى 20 مليون برميل يوميًّا في عام 2030 وهو ما يتجاوز واردات اليابان والولايات المتحدة الأمريكية مجتمعة, وبحلول عام 2030 قد تصل واردات الصين وحدها لتصل إلى 16.5 مليون برميل يوميًّا.

كذلك الهند التي من المتوقع أن تضاعف الطلب على النفط بحلول عام 2030 مع ارتفاع معدل نمو الطلب على النفط بمعدل 3.6% سنويًّا, وهكذا فإن الهند والصين سيمثلان معًا أكثر من 45% من الزيادة العالمية للطلب على النفط.

ومن العوامل الأساسية أيضًا لارتفاع الطلب العالمي على النفط هو الانتشار الواسع النطاق للسيارات والشاحنات في الصين والهند وغيرها من الدول النامية والتي من المتوقع ارتفاع استهلاكها العالمي لمركبات النقل بنسبة 1.7% سنويًّا بين عامي 2005 إلى عام 2030 حيث يوجد حاليًا 900 مليون سيارة من المتوقع أن تصل إلى 2.1 مليار سيارة . ففي الصين وحدها زادت مبيعات السيارات بأكثر من 37% سنويًّا في الفترة من 2000 إلى عام 2006 وتجاوزت الصين اليابان لتصبح ثاني أكبر سوق للسيارات في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية ومن المتوقع أن تتجاوز الصين الولايات المتحدة الأمريكية عام 2015 لتكون السوق الأول في العالم.

ارتفاع الطلب بين الدول المنتجة للنفط

من الظواهر الأخرى التي يشهدها سوق النفط العالمي الارتفاع الكبير للطلب على النفط داخل الدول المنتجة للنفط وتزايد استهلاكها بسبب التوسع الصناعي الكبير وتزايد أعداد السكان والدعم الحكومي لأسعار الطاقة داخل السوق المحلية.

فمعظم الدول المنتجة للبترول تدعم أسعار الطاقة المحلية مما يشجع على زيادة استهلاك الطاقة مما يسبب في عزل السوق الداخلية عن السوق العالمية وحدوث عدم استقرار في أسعار الطاقة وتشوهات كبيرة في السوق وعدم كفاءة في استخدام الطاقة, وتشير تقديرات مورجان ستانلي Mogan Stanley أن نحو نصف سكان العالم يحصلون على إعانات الوقود وأن 25% من البنزين في العالم يباع بأقل من أسعار السوق, فعلى سبيل المثال يباع الغاز في إيران بسعر41. دولار للجالون الواحد, وفي السعودية يباع بسعر 47. دولار للجالون , وفي فنزويلا بسعر 12. دولار للجالون .

ووفقًا لتقرير وكالة الطاقة الدولية (IEA) فإن منطقة الخليج تحتل المرتبة الثانية بعد الصين والهند في معدلات ارتفاع الطلب على النفط بين عامي 1999 إلى عام 2007 وقد ارتفع استهلاكها بسبة 3.9% في السنة مقارنة بنسبة 4.% فقط لمنظمة OCED, ويقدر البنك الدولي أن معدل النمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قد تضاعف منذ عام 1997 وكذلك روسيا. الأمر الذي يترجم إلى انخفاض لكميات النفط المصدرة .

هذا إلى جانب أن كثيرًا من حقول النفط داخل البلاد المصدرة للنفط تعاني من الشيخوخة إلى جانب تحول دول كثيرة من دول مصدرة للبترول إلى دول مستوردة له مثل ( إندونيسيا وبريطانيا ) وهناك دول أخرى تسير في الطريق لتصبح أيضا مستوردة مثل (ماليزيا والجزائر والمكسيك وإيران).

ووفقًا للتقرير الذي أعدته وكالة الطاقة الدولية (IEA) لتوقعات الاستهلاك العالمي للطاقة والذي حصلت صحيفة فاينانشال تايمز Financial Times على نسخة منة والتي أشارت فيه إلى التوقعات بارتفاع استهلاك النفط العالمي بمقدار 30 مليون برميل يوميا ليصل إلى 116 مليون برميل يوميًّا عام 2030.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 25/كانون الثاني/2009 - 27/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م