غزة والطريق للصدام بين الأديان

تصاعد مؤشرات العنف في اوربا

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: تمددت عواقب الهجمات الاسرائيلية على غزة لتشمل تاثيراتها اغلب قارات العالم بما فيها اوربا وامريكا، فقد اتحد زعماء الأديان في فرنسا التي يعيش فيها أكبر جاليتين مسلمة ويهودية في أوروبا لينددوا بالعنف المجتمعي ويوجهوا الدعوة الى تجنب عواقب الهجوم العسكري الاسرائيلي في غزة. حيث حصلت اعتداءات معادية لليهود في فرنسا بعد ان ازدادت حدة التوتر بين اليهود والمسلمين، كما تدل على ذلك استقالة اعضاء مسلمين من جمعية الصداقة اليهودية الاسلامية اخذين على زملائهم اليهود (صمتهم) حيال ما جري ويجري في غزة.

ومن جهة اخرى تعرضَ الحوار الواعِد بين الامريكيين واليهود والمسلمين من اجل السلام الى انتكاسة كبيرة بعد الهجمات الاسرائيلية الوحشية على المدنيين الفلسطينيين ومقتل وجرح وتشرد عشرات الالاف منهم.

وندد زعماء الجالية المسلمة التي يبلغ قوامها خمسة ملايين نسمة بالهجمات على المعابد اليهودية ووجهوا نداء لتوخي الهدوء وسط مخاوف من وقوع مزيد من الاعتداءات على اليهود مماثلة لأعمال العنف التي نشبت هنا في بداية الانتفاضة الفلسطينية في عام 2000 .

وأعلن زعماء الطوائف اليهودية والمسلمة والكاثوليكية في فرنسا الذين كانوا يتحدثون بعد الاجتماع مع الرئيس نيكولا ساركوزي انهم سيوجهون نداء مشتركا للتهدئة هذا الاسبوع بالاضافة الى العديد من النداءات التي وجهها افراد في الايام الاخيرة.

وتعهد ساركوزي بمعاقبة اولئك الذين كانوا وراء تفجيرات قنابل ضد اماكن عبادة لليهود في باريس وستراسبورج في مطلع الاسبوع في اعقاب حادث مماثل في تولوز. وحدثت زيادة ايضا في كتابة عبارات معادية للسامية واحاديث تعكس الكراهية. بحسب رويترز.

ووجه محمد موسوي رئيس المجلس الفرنسي للطائفة المسلمة نداء مشتركا بعد الاجتماع مع ساركوزي. وقال "اننا نعمل جميعا حتى لا نسقط في مصيدة توترات بين المسلمين واليهود."

وقال بينما كان يقف الى جواره في فناء قصر الاليزيه الحاخام الاكبر جيل بيرنهايم الذي يمثل يهود فرنسا البالغ عددهم 600 الف ان زعماء الاديان ليسوا سياسيين."

وقال كردينال باريس اندريه فينجيت-تروا رئيس مؤتمر أساقفة الكنيسة الكاثوليكية التي تضم الغالبية "اننا نناشد الاحساس بالمسؤولية لدى مواطنينا."

ونشر اتحاد طلبة اليهود الفرنسيين قائمة تضم 46 عملا مناهضا للسامية في فرنسا ارتكبت منذ 27 ديسمبر كانون الاول عندما بدأت اسرائيل قصف غزة. ولم تصدر الشرطة أي احصائيات اجمالية رسمية.

وشملت هذه الاعمال كتابة عبارة "الموت لليهود" على الجدران وتوجيه إهانات للحاخامين اليهود وضرب شبان يهود والقاء حجارة على المعابد اليهودية وتفجيرات قنابل احدثت اضرارا طفيفة.

اعتداءات جديدة ضد اليهود في فرنسا

وحصلت اعتداءات معادية لليهود في فرنسا حيث ازدادت حدة التوتر بين اليهود والمسلمين كما تدل على ذلك استقالة اعضاء مسلمين من جمعية الصداقة اليهودية الاسلامية اخذين على زملائهم اليهود "صمتهم" حيال ما يجري في غزة.

واصيب يهودي بجروح طفيفة بطعنات سكين مساء الخميس في احدى ضواحي باريس في اعتداء تلته "تهديدات معادية للسامية" نددت بها وزيرة الداخلية ميشال اليو ماري.

وافادت مصادر امنية وقضائية ان رجلين هاجما شابا في الرابعة والعشرين مساء الخميس لسرقة سيارته واصاباه بجروح طفيفة بسكين بعدما تبين لهما انه يهودي. بحسب فرانس برس.

واكدت وزيرة الداخلية في بيان انه "عندما تبين للمعتديين ان الرجل يحمل رمزا دينيا يهوديا وجها اليه تهديدات مناهضة للسامية وسددا اليه اربع طعنات بسكين".

وفي تولوز (جنوب غرب) كتبت في عدة اماكن من المدينة على الجدران عبارات معادية لاسرائيل احداها قرب متجر يهودي وهي "اسرائيل نازية" و"الصهيونيون نازيون".

ودعا المجلس المركزي اليهودي في فرنسا الجمعة السلطات الى وقف "الهجمات المعادية للسامية". وقال "لقد احصي رسميا 66 عملا معاديا للسامية تتراوح من التهديد الى الطعن بالسكين".

واضاف المجلس "هل ننتظر ما لا تحمد عقباه للتحرك؟" داعيا الى "نهضة شاملة للضمائر". واكد "يجب ان لا تتحول معاداة السامية الى امور مبتذلة في بلادنا".

وردا على اعتداء فونتناي-سو-بوا قالت ميشال اليو ماري انها لن تتسامح مع هذه "الانحرافات" داعية الجميع الى "تقدير المسؤولية كي تتوقف هذه الاعمال التي تطال الوحدة الوطنية".

من جهة اخرى سجلت جمعية الصداقة اليهودية الاسلامية التي تاسست في العام 2004 لتكون فضاء حوار بين الطائفتين في فرنسا استقالة اعضائها المسلمين. وبين المستقيلين عميد جامع باريس دليل ابو بكر ورئيس مجلس مسلمي فرنسا سابقا.

واعلن نور الدين صديقي العضو في الجمعية ومدير معهد العلوم الدينية في جامع باريس لوكالة فرانس برس ان "كافة الاعضاء المسلمين انسحبوا الخميس".

واوضح "لم يكن ممكنا الاستمرار" معربا عن اسفه لصمت زملائه اليهود في الجمعية رغم فداحة الخسائر البشرية التي تسبب فيها الهجوم الاسرائيلي في قطاع غزة.

واكد صديقي "اصبحنا لا نتكلم مع بعضنا. لم يتصلوا بي منذ بداية الحرب" على غزة مؤكدا ان رئيس الجمعية الحاخام ميشال السرفاتي اتصل به بعد اعلان الاستقالة.

مسؤولون مسلمون بريطانيون يدعون الى الكف عن الاعمال المناهضة للسامية

وفي نفس السياق دان نحو عشرين مسؤولا مسلما بريطانيا تصاعد الهجمات المعادية للسامية في بريطانيا منذ بدء الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة.

وقال 22 مسؤولا مسلما بريطانيا في رسالة ستوزع على كل مساجد البلاد ان "المجزرة المستمرة بحق المدنيين الفلسطينيين في غزة على ايدي القوات الاسرائيلية اغضبتنا جميعا. لكن هذا الامر لا يبرر الهجمات التي تستهدف مواطنينا من اصل يهودي او ممن ينتمون الى هذه الديانة هنا في بريطانيا". ووقع هذه الرسالة رجال دين وكتاب وجامعيون واعضاء في منظمات مختلفة. بحسب رويترز.

وبين هؤلاء خصوصا مؤسسو مجموعة "كويليلام" المتخصصة في مكافحة مناهضة السامية والتي انشئت في نيسان/ابريل 2008 من جانب اد حسين ومجيد نواز العضوين السابقين في حزب التحرير الاسلامي المتطرف.

واضافت الرسالة "حزنا بشدة حين علمنا انه تم استهداف يهود بريطانيين عبر اعتداءات معادية للسامية وان كنيسا في لندن تعرض لحريق متعمد". ودعا موقعوها الجالية المسلمة الى "التنبه من محاولات تشويه سمعة ايماننا وجاليتنا".

واعتبر متحدث باسم منظمة "سي اس تي" اليهودية لوكالة فرانس برس ان هذه المبادرة "تثبت وضوحا اخلاقيا ورؤية وشجاعة في هذه المرحلة البالغة الصعوبة".

واكد ان الاعمال المناهضة للسامية في بريطانيا بلغت "مستوى غير مسبوق" منذ 1984 وناهز عددها بين 27 كانون الاول/ديسمبر وصباح 14 كانون الثاني/يناير 150 حادثا.

واضاف المتحدث ان "الجالية اليهودية البريطانية مهددة في شكل كبير" موضحا ان هذه الاعمال تجلت حتى الان في كتابات معادية للسامية واعتداءات شفوية ورسائل الكترونية تنطوي على تهديدات لمنظمات يهودية. لكنه تدارك ان "نصف هذه الاعمال المعادية للسامية قام بها مسلمون".

العنف في غزة يؤدي الى فتور الحوار الاسلامي اليهودي الأمريكي

من جهة ثانية قال نشطاء ان العنف في قطاع غزة أصاب بالفتور حوارا واعدا بين الأديان بين اليهود والمسلمين في الولايات المتحدة. غير ان هجوم اسرائيل ضد (حماس) والذي قُتل فيه أكثر من 1000 فلسطيني لم يتسبب في هجمات على المعابد أو مؤسسات يهودية أخرى في الولايات المتحدة على نفس المستوى الذي شوهد في اوروبا وفي أماكن أُخرى من العالم.

وبينما يمثل المسلمون واليهود عددا ضئيلا من السكان الامريكيين إلا ان الجهود من أجل إجراء حوار يستند الى الافكار المشتركة في الديانتين القديمتين يتزايد خلال السنوات الاخيرة في الولايات المتحدة وهو جهد يوصف بانه نموذج عالمي. بحسب سي ان ان.

وقال ماثيو وينر مدير برامج مركز حوار الاديان في نيويورك الذي حاول ان يرعى مثل ذلك الحوار بين الأديان ان الأضرار من غزة تعني " حديثا أقل وثقة أقل. وسيكون هناك باستمرار تقليص (للحوار)."

وقال ان الصراع "خلق استياء خطيرا وانعدام صدق" لايمحو الخطوات الايجابية التي انجزت ولكنه "يضر بما تم بناؤه".

وقال الحاخام مارك شنير مؤسس معبد نيويورك الجديد في مانهاتن ومؤسسة التفاهم العرقي ان "الجهد الوليد" للحوار سيتواصل.وقال "انها عملية ولكن الصراع اتي بتوتر ومشاعر غاضبة للجانبين اليهود والمسلمين."

وقال شنير الذي قاد قمة قومية للحاخامات والائمة والذي حاول ترتيب المساجد والمعابد لبدء الحوار على مدى العامين الماضيين ان الشرق الاوسط "قضية من الصعب للغاية معالجتها".

الفاتيكان يهون من شأن مقاطعة يهودية وسط توتر العلاقات

وهوّن الفاتيكان من شأن التوتر في العلاقات بين الكاثوليك واليهود وذلك بعدما اتهم حاخام ايطالي بارز البابا بنديكت بمحو 50 عاما من الحوار وأعلن مقاطعة حدث هام تنظمه الكنيسة.

وقال كبير حاخامي البندقية ايليا انريكو ريشيتي ان يهود ايطاليا سيقاطعون احتفال الكنيسة السنوي بيوم اليهودية والمقرر في 17 يناير كانون الثاني فيما يرجع جزئيا الى استئناف الكنيسة العام الماضي اقامة صلاة تدعو لتحويل اليهود الى المسيحية. بحسب فرانس برس.

وكتب في صحيفة بوبولي يقول انه باضافة موضوع استئناف الصلاة التي تدعو لتحويل اليهود الى المسيحية الى "تصريحات البابا الاخيرة بأن الحوار عديم الفائدة لان الديانة المسيحية في كل الاحوال أسمى (من اليهودية) .. فيتضح أننا نمضي في اتجاه الغاء 50 عاما من تاريخ الكنيسة."

وكان ذلك أحدث علامة على الاضطراب في الحوار الكاثوليكي اليهودي الذي عكرت صفوه أمور من رد الفعل على حصار اسرائيل لقطاع غزة الى تجدد الجدل بشأن دور البابا بيوس الثاني عشر في مساعدة اليهود اثناء المحرقة.

وقال الكردينال فالتر كاسبر مسؤول العلاقات مع اليهود بالفاتيكان انه فوجيء بتصريحات ريشيتي ودافع عن سجل البابا في متابعة الحوار.واشار الى أن الاضطرابات مع اليهود مقتصرة في أغلبها على ايطاليا فيما يبدو.

واضاف كاسبر في تصريح لصحيفة لاستامبا "لدينا هنا للاسف في ايطاليا بعض المشكلات.. حساسية خاصة لا نجدها في فرنسا أو ألمانيا أو في أمريكا الشمالية."

وتبنى كبير حاخامي روما ريكاردو دي سيجني نهجا معتدلا حيث اتفق على أن الحوار " يجب أن يمضي قدما رغم الصعوبات" وأقر بأن البابا قدم بعض المساهمات.

وعدل الفاتيكان العام الماضي صلاة باللغة اللاتينية مثيرة للجدل كان يؤديها كاوثوليك تقليديون. لكن اليهود انتقدوا النسخة الجديدة لانها لا تزال تقول انه ينبغي لهم أن يقروا بأن المسيح هو المخلص كما تتضمن دعوة ضمنية لتحويلهم عن دينهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/كانون الثاني/2009 - 22/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م