في ذكرى تأسيس الجيش لاعودة الى الانقلابات

عبد الامير علي الهماشي

تمر الذكرى الثامنة والثمانون لتأسيس الجيش العراقي الذي شهدت له ساحات القتال في فلسطين وحدودها مع الدول العربية مآثر وإنجازات مازالت فخرا للعراقيين.

وان بعض العسكريين في بعض الدول العربية يفخر بأنه تدرب على يد العراقيين فنون العسكرية والقتال.

والجيش العراقي كغيره من جيوش العالم وخصوصا في دول العالم الثالث حيث يحلم بعض قادته بتبوء كرسي الحكم ليجمع بين السياسة والعسكر وليوظف قوته له وحده حيث يشعر بنشوة القوة وانه اولى من غيره في الحكم،او أنه يشعر ان هذه القوة لابد لها من تصحيح المسار الذي يراه معوجا ولهذه الاسباب وغيرها دخل قادة هذا الجيش بقطعاتهم العسكرية القصر الملكي وبعدها دخلوا القصر الجمهوري

ولكن التحول الكبير في مسار هذا الجيش حصل عندما استولى ((صدام حسين)) على مقاليد السلطة ونجح في إبعاد من يشك بولائه وتخلص من قادة كثيرين في حربه مع ايران بحجج كثيرة وحول الجيش الى مؤسسة أمنية لصالحه قامت بضرب الجماهير في الشمال والجنوب

وأضحى الجيش كبقية مؤسسات الدولة مرتبطة بشخصه ولذلك انهار عمليا بسقوطه في التاسع من نيسان عام 2003 وجاء قرار الحاكم المدني الامريكي تحصيل حاصل.

وبعد محاولات جادة لبناء الجيش مرة اخرى – بالرغم من المعوقات الكثيرة – ومنها تخوف قسم كبير من القادة من العودة الى الجيش الا ان الاحصائيات تشير الى عودة الكثير منهم الى الخدمة.

واليوم بعد أن أصبح لنا جيش استطاع الوقوف بوجه الارهاب بالرغم من التفوق التقني مقابل امكانيات محدودة وعرقلة قوات التحالف لحركة الجيش تعود الاشارات الى قرب انقلاب عسكري !!!

وربما تكون هذه الاشارات مجرد احلام وربما تكون حقيقة فلادخان بلا نار ولكن قبل الحديث عن الانقلابات ومدى نجاحها ومن يروج لها لابد من القول أن البلدان الديمقراطية تكون المؤسسة العسكرية القوة الاقوى على الارض،والعراق مازال في الاطوار الاولى للتعددية والمؤسسة العسكرية هي المؤسسة الوحيدة التي بُنيت بشكل أسرع من غيرها نظرا للتحديات الكبرى التي واجهت وتواجه البلد وإن لم يكن هذا البناء بالشكل الذي يلبي الطموح المنشود إلا أن تطورا ملحوظا بدت تشهده هذه المؤسسة في الفترة القليلة الماضية.

ومن السهولة أن تحرك القطعات العسكرية في مثل هذه الدول ولكن المشكلة ليست في احتلال القصر والقيام بإعلان حكومة عسكرية ولكن دوام هذه الحكومة وقبولها من العراقيين اولا ومن المجتمع الدولي ثانيا هو الاهم.

والاصوات الداعية الى مثل هذه الانقلابات تحلم بعودة الوضع الى المربع الاول او الى ماقبل التغيير الكبير في التاسع من نيسان عام 2003 ولايهمها أن تعود العقوبات الدولية او يُعزل العراق مرة أخرى فهو امتداد لتلك العقلية التي تريد ان تحكم حتى لو جيء بشعب اخر يحل محل الشعب العراقي.

ولقد تكاثرت الاخبار حول انقلاب مزعوم منذ تنفيذ خطة فرض القانون وتنامي قوة الجيش العراقي وطرحت أسماء لقادة انقلاب في محاولة لزعزعة الثقة بين القائد العام للقوات المسلحة((رئيس الوزراء)) وبين هؤلاء الضباط،وربما هي محاولة ((خبيثة)) لزرع حلم الرياسة في نفوس هؤلاء الضباط.

ولايخفى أن هناك ضباطا مازالوا في عقلية الماضي الخائفة الحائرة فتوزع ولائها الى هذا الحزب وتلك الشخصية مما يجعلهم فريسة لمخططات أعداء العراق الجديد الحالمين بالعودة الى العهد البائد.

ولكن ماهي إمكانات هذا الامر؟

رئيس الوزراء وبثقته المعهودة يقول ويكرر ولى زمن الانقلابات ولاعودة للعسكر الى كرسي الحكم.

شخصيات اخرى ترى ان مثل هذا الامر لايحدث دون مباركة امريكية التي مازالت ترى انها الراعية للعملية السياسية في العراق،وهي التي تضع فيتو او تعارض انفراد قوة واحدة في السلطة في العراق وهي لاتسمح بعودة الجيش أي الديكتاتورية، ولكن بعض المراهنين على هذا الامر يعولون على تغير ستراتيجية الولايات المتحدة او رؤية الديمقراطيين وفعاليتهم الخارجية حيث لاتكترث بما يجري خارج الولايات المتحدة ولكن تعهدات اوباما قبل وبعد انتخابه في دعم العملية السياسية ينقض احلام هؤلاء.

وبعض المتشائمين يرى أن هناك تحركا منظما لانضاج هذا الامر مع الحزب الديمقراطي الذي له تاريخ غير جيد مع العراقيين وكانت تصريحات أعضاء بارزين منه تشير الى امتعاض وتذمر من الحكومة العراقية،ولكن هذا الامر لايمثل المسار السياسي لسيد البيت الابيض القادم الذي يريد ان يبعد ملف العراق من أذهان الامريكيين ويُعجل بوعده في بيانه بعد فوزه((حان للاباء ان يروا أبناءهم الجنود قد عادوا من العراق)) واتفاقية الانسحاب الامريكي جعلت من قضية الانقلاب صعبة جدا وان لم تشر بنود الاتفاقية الى الزام امريكي ولكنها تؤكد على دعم العراق الجديد من قبل الولايات المتحدة.

اما لماذا مثل هذه الشائعات؟

بعضهم يرى ان الامر متعلق بالانتخابات المحلية وما ستغيره من الخارطة السياسية في العرق

وبعضهم يرى ان مثل هذه الامور لاتعزز الثقة بالحكومة من قبل المواطن ويجعله حائرا ويفكر في تغيير قادم.

أما ماهو الحل؟

لابد من القول أن الوضع العراقي الجديد مازال في خطواته الاولى واشاعة ثقافة التعدد وعدم الانفراد تريح أعصاب الكثيرين،واشاعة ثقافة مهمة لدى الجيش بانه الحارس الامين على العراق الجديد وليس السارق لها.

ولابد من تثقيف ضباط الجيش وقادته بكوارث عودة العراق الى المربع الاول وماسيسببه ذلك من عودة العقوبات وعودة الحصار في حال عدم اعتراف المجتمع الدولي بهذا الانقلاب.

وعلى القائد العام للقوات المسلحة ان يمد أكثر من جسر بينه وبين الضباط المخلصين للحيلولة دون ومحاسبة المقصرين والمدانين بمثل هذه الامور باسرع وقت ولامجال للتهاون مع من يريد للعراق العودة الى ماقبل التاسع من نيسان.

وعندها سيولي زمن الانقلابات ويكون الجيش الامين على العراق الجديد..

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 12/كانون الثاني/2009 - 15/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م