رغم التوقعات بالنأي عنها.. الخليج ينزلق الى هاوية الازمة المالية

خمسة حلول منجية بحسب خبراء الاقتصاد

اعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تمتعت الدول الخليجية طيلة العقود الماضية بشبه استقرار اقتصادي، كونها ترتكز على سياسة مالية ضخمة استطاعت تامين جوا امنا من الاستقرار وديمومة السيولة النقدية والاحتياطية، مما دعم بنيتها الاقتصادية وانعشها بدفعات حيوية في ذلك المجال.

فطوال أشهر، بدا وكأن أزمة المصارف والائتمان التي أصابت الغرب ظلت بعيدة عن الشرق الأوسط، وخاصة دول الخليج، وفي قلبها إمارة دبي، حيث تنعم العديد من حكومات المنطقة بفائض مالي كبير قادر على أن يضمن استمرار تدفق السيولة في أنظمتها.

لكن الآن، وبعد انهيار البورصات الأساسية، إلى جانب تراجع أسعار العقارات وبدء الحديث عن صرف موظفين، تبدو المنطقة وكأنها واقعة تحت تأثير الأزمة مثل أي مكان آخر في العالم.

خسائر هائلة واحلام مبددة

ففي السعودية، اضطرت مؤسسة النقد العربي السعودي لخفض الفائدة على الإقراض للمرة الثالثة على التوالي، ليصل حالياً إلى مستوى ثلاثة في المائة.

أما في الإمارات فجرى وضع أموال بتصرف المصارف، كما ضخ البنك المركزي 13 مليار دولار في "بنك التنمية" لدعم مؤسستي التمويل العقاري، "تمويل" و"أملاك،" بعد اندماجهما به، بينما أطلقت أبوظبي شركة "أبوظبي للتمويل" المدعومة من الحكومة لتغطية متطلبات القطاع العقاري.

وفي هذا السياق، تقول الخبيرة المالية فلورنس عيد: "أعتقد أن هناك تبدلاً إيجابياً في النظرة للأمور، وهو تطور مرحب به، حيث أن الإمارات المختلفة التي تتشكل منها دولة الإمارات العربية المتحدة تنظر نحو المنتج المتكامل عوض التنافس، رغم أهميته بحد ذاته." بحسب (CNN).

وفي بلد يعتبر الأجانب فيه العصب الأساسي للاقتصاد، يبدو أن البعض بدأ يفكر في المغادرة بسبب ضغط استمرار ارتفاع الإيجارات بموازاة ضيق الفرص.

وتشكل ليزا دورنتي مثالاً حياً على هذا الأمر، فقد رغبت بعيش "حلم الخليج" فانتقلت قبل سبعة أعوام إلى دبي لتطلق شركة "غلوبال فيلدج" المزدهرة للنشر، وأمنت حياة جيدة لها ولعائلتها ولموظفيها، لكن ليزا تشعر أن حلمها بات مهدداً، حيث أن أسعار الإيجارات ترتفع بشدة، وهي تخشى أن يطلب منها المالك دفع زيادة.

وتقول دورنتي: "أدفع قرابة 40 ألف دولار سنوياً مقابل استئجار منزل فيه ثلاث غرف نوم، وقد تلقيت إشعاراً مستقبلياً سبب لي قلقاً."

ولدى سؤالها عن احتمال اضطرارها لمغادرة البلاد إذا لم تتمكن من تحمّل الإيجارات قالت: "لن يكون لدي خيار، فدبي هي نمط حياة وليست فقط مركز أعمال، وإذا ما واجهت فجأة خطر الاضطرار إلى خفض مستويات معيشتي فسأنظر بالتأكيد نحو فرص أخرى."

ويشرح روبيرت ماكينن، مدير "المال كابيتال" ما يشعر به البعض في دبي والمنطقة بالقول: كان من السهل جني المال بصرف النظر عن القطاع الذي تستثمر أموالك فيه، لكن اليوم، يشعر الناس أن جمع النقود بات صعباً."

وتترافق الأزمة المالية في المنطقة مع تراجع أسعار النفط بنسبة 60 في المائة، وهو أمر سبب الكثير من القلق بالمنطقة، ويقول فيليب دوبا - بانتناناس، كبير خبراء الاقتصاد لدى ستاندرد تشارترد: "من الواضح أن هذه الإشارات سلبية، لكن حتى لو كان هناك تباطؤ في نو المنطقة، فالوضع فيها سيبقى أفضل من سائر العالم."

وخسرت مؤشرات البورصة في دبي 60 في المائة من قيمتها منذ مطلع العام، وبخلاف سائر الدول المجاورة ليس لدى دبي مخزون نفطي كبير، كما أن لديها أعباء ترتبها الديون التي كُشف مؤخراً أنها تعادل 10 مليارات دولار للحكومة و70 مليار دولار للشركات التابعة، وهي مبالغ تفوق ناتجها الإجمالي، وإن كانت أقل من حجم الأصول.

وعندما بدأت أزمة المال في الغرب،  سافر المئات نحو الخليج للبحث عن عمل، لكن هناك تقارير عن صرف موظفين في الخليج، وحتى في شركات العقارات القوية، مثل "داماك" و"أمنيات،" في حين أعلنت "إعمار" عن إعادة النظر في سياسة التوظيفات.

ولطالما كان القطاع العقاري محركاً للنمو في دبي، لكن يبدو أن اندفاع هذا القطاع قد توقف، فرغم استمرار ارتفاع الإيجارات، تشير تقارير HSBC أن أسعار بيع الوحدات الفخمة قد تراجعت بمعدل 19 في المائة بأكتوبر، أول تراجع في شهر منذ 2002، ورغم التوتر يعتبر البعض أن ما يحصل هو تصحيح وليس انهيار

ويقول راين ماهوني، مدير "باتر هوم" في هذا الصدد: "أعتقد أن السوق يتحول من مضاربي إلى قطاع استثماري على المدى البعيد."

ولكن، وفي مدنية حيث الصورة الخارجية هي الأهم، يتوجب على دبي التناغم مع الاقتصاد العالمي إذا ما أرادت الحفاظ على حلم الخليج.

استبعاد نجاة الخليج من الازمة

من جانبه شكك الرئيس السابق للبنك الدولي، جيمس ولفنسون، في إمكانية أن تنجح دول الخليج في الحفاظ على نموها بالنسب الحالية خلال الأزمة الاقتصادية التي يعيشها العالم، رغم التقارير التي تشير لذلك، وحث الدول العربية على العناية بالتعليم لمواجهة خطر أزمة بطالة كبيرة بين الشباب الذين يشكلون 100 مليون من سكانها.

وتوقع ولفنسون أن تستمر الأزمة العالمية لفترة طويلة وأن تعاني الدول الغربية من انكماش اقتصادي يستمر لسنوات، منبهاً إلى خطر وصول الركود إلى الدول النامية، وخاصة الصين والهند، بسبب حجمهما الاقتصادي والسكاني، كما استبعد أن يكون لاجتماعات مجموعة الدول العشرين تأثير في انعاش الأسواق.

ولفنسون، الذي كان يتحدث في "منتدى القادة" بإمارة دبي اعتبر أن "العالم تبدل كثيراً وكذلك المجتمعات، وقد يكون ما حصل (من أزمة مالية) قد انطلق من أمريكا، لكنه أظهر وجود خلل في سائر الأنظمة المالية حول العالم والعلاج سيأخذ وقتاً طويلاً."

وقال المدير السابق للبنك الدولي إن الأزمة المالية العالمية "قوية للغاية" وأن سرعة انتشارها "ذهلت الجميع، بمن فيهم أنا،" مرجحاً أن تكون العلاقات العالمية الوثيقة والمتشعبة في عصر الاتصالات قد سمحت بانتقال الأحداث عبر العالم. بحسب (CNN).

ووضع ولفنسون المبالغة في توفير السيولة حول العالم في السابق على رأس قائمة الأسباب المؤيدة للأزمة الحالية، مستعيناً للتدليل على صحة موقفه بتقرير أعده بنك التسويات الدولية يظهر أن العالم شهد تبادل أوراق وسندات مالية بقيمة 631 ترليون دولار، ما يفوق حجم الناتج العام الإجمالي الحقيقي للعالم بأسره بعشرة أضعاف.

وأضاف: "لقد اختفت السيولة من السوق، وهو أمر سبق أن حدث في أزمة الثلاثينيات بسبب قرار المصرف الاحتياطي الفيدرالي عدم ضخ أموال في البنوك، وهذا ما يشرح اندفاع المصارف المركزية العالمية لتوزيع السيولة، لأنها لا ترغب بتكرار الخطأ عينه، ما يوحي بأنه تم تطوير حل يعيد جدولة ديون الرهن العقاري."

غير أن ولفنسون سرعان ما استطرد بالقول إن تأثير هذه السيولة لم يظهر في الشارع لأن من استفاد منها كانت المصارف، مستبعداً أن تنجح اجتماعات مجموعة العشرين في انعاش الأسواق، ومعيداً التشديد على أراء سبق أن عبر عنها حول ضرورة ضم الدول النامية للتجمعات الصناعية الدولية مثل مجموعة السبع أو الثماني لأنها ستمثل قريباً الحصة الأكبر من الناتج العالمي.

آراء معاكسة.. الخليج قادر على اجتياز العاصفة

في رأي مغاير قالت شركات بدول الخليج العربية انها تضررت من الازمة المالية العالمية وانخفاض أسعار الخام لكن النمو القوي والسيولة الفائضة ستساعدها على اجتياز العاصفة بسلام.

وصرح مسؤولو الشركات خلال قمة رويترز للاستثمار بالشرق الاوسط بأن اقتصادات منطقة الخليج ربما تشهد تباطؤا في الطفرة العقارية مع اهتزاز الثقة لكنها قد تخرج من الازمة أقل تضررا من اقتصادات الغرب.

وقال محمد علي ياسين الرئيس التنفيذي لشعاع للاوراق المالية ان الاقتصادين القادرين على اجتياز العاصفة بسلام هما اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي واقتصاد الصين. واضاف أن مجلس التعاون الخليجي يمكنه تغطية احتياجاته الداخلية ما لم يضطر الى الالتزام بتوجيه اصوله الى مكان اخر. بحسب رويترز.

وتابع أن هناك ضرورة لمنح تلك الدول الوقت لتقييم الاجواء لديها لكن اذا جرت محاولة لاجبارها على توجيه فائض السيولة لديها فان هذا يفرض ضغوطا تفوق قدرتها على التحمل ويجرها الى أسفل.

وقال مجيد جعفر المدير التنفيذي لدى شركة نفط الهلال الاماراتية ان حكومات المنطقة تجني مليارات الدولارات يوميا من انتاج النفط لكن هناك مخاوف بشأن الثقة مع امتناع البنوك عن الاقراض فيما بينها.

وأعرب عن اعتقاده في أن التأثير مؤقت وأن غزارة المشروعات ستقل وربما لا نشهد الاعلان عن عدد كبير من المشروعات بشكل متكرر كما كان في السابق لكن أغلبيتها سيتم انجازه.

ولا يقتصر التوجه الداخلي على أموال النفط فحسب فقد أشار بعض مسؤولي الشركات الى أن دول الخليج العربية في ظل ثرواتها النفطية وتنامي اقتصاداتها قد ينظر اليها على أنها ملاذ امن من جانب بنوك وشركات تخشى الاستثمار في الغرب.

وقال يان بافي الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار الكويتي جلف ميرجر "لا أرى أي مبرر لامكانية توقف البناء. لدينا بعض الملاذات الامنة في المنطقة .. الكويت وابوظبي وقطر .. ان لديها حكومات ثرية جدا.

"البنوك العالمية لديها سيولة كبيرة لكنها خائفة فحسب من اعطائها لاي أحد الان. ستكون هذه المنطقة أول من يستفيد من الاموال العالمية العائدة."

وأضاف "لايزال من السابق لاوانه جدا التكهن باتجاهها. أين ستستقر أسعار النفط وهل سيستأنف الائتمان العالمي في هذه المنطقة.."

وفي حين تشهد الولايات المتحدة وأوروبا اغلاق شركات للخطوط الجوية وبنوك أو تسعى للحصول على تمويل طاريء تدشن بعض الشركات في منطقة الخليج مشروعات في قطاعات فاخرة.

وقال جورج كوبر الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الوطنية وهي شركة كويتية للطيران الفاخر تستعد للانطلاق "حتى في ظل سعر النفط الذي نشهده اليوم دون السبعين دولارا لا تزال توقعات النمو هنا عند 4.8 بالمئة.

قمة مجلس التعاون تبحث التصدي للأزمة

كما بحث قادة الدول الخليجية خلال قمتهم السنوية في مسقط الاوضاع الاقتصادية في بلادهم على ضوء الازمة المالية العالمية وانخفاض اسعار النفط بينما يؤكد محللون ان هذه الدول ستتمكن من اجتياز المرحلة الصعبة في 2009 بفضل فوائض العائدات النفطية السابقة.

وقال الامين العام لمجلس التعاون عبد الرحمن العطية في مقابلة مع صحيفة الحياة ان "القادة سيدرسون الموضوع (الازمة المالية) من منطلق الادراك العميق لاهمية وضرورة تفعيل الرؤية المشتركة بين دول المجلس". بحسب رويترز.

وذكر العطية ان دول المجلس (السعودية والامارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين) "تملك من المعطيات ما يساعدها على تخطي هذه الازمة بسلام".

وتملك دول مجلس التعاون الخليجي حوالى نصف الاحتياط النفطي العالمي وربع الاحتياط الغازي العالمي وتؤمن حوالى ربع النفط الخام المنتج يوميا في العالم.

وبرر العطية تفاؤله باستفادة هذه الدول "من الفوائض المالية التي حققتها خلال السنوات الخمس الماضي فضلا عن التأثيرات والانعكاسات الايجابية للسياسة المتحفظة التي انتهجتها المؤسسات المالية الخليجية في مواجهة الازمة المالية العالمية".

واضاف عزام في تصريحات لقناة "سي ان بي سي عربية" الاقتصادية ان "منطقة الخليج هي متلقية للازمة المالية ولن تخرج منها الا عندما يخرج العالم من تلك الازمة".

الا ان الخبير الاقتصادي الكويتي جاسم السعدون رأى ان "دول الخليج النفطية ستكون قادرة على تحمل الازمة وعلى امتصاص الصدمة لسنة او سنة ونصف".

واضاف ان هذه الدول "يمكنها ان تسد العجز المتوقع في ميزانياتها لسنة 2009 وربما لسنة 2010".

وتوقع السعدون ان يكون معدل سعر برميل النفط في 2009 بين اربعين وخمسين دولارا وبين خمسين وسبعين دولارا في 2010.

واعلنت السعودية اكبر اقتصاد خليجي وعربي ان عجز ميزانيتها المتوقع للعام 2009 سيكون بحدود 317 مليار دولار بعد ان سجلت ميزانيتها للعام 2008 فائضا حقيقيا بلغ 160 مليار دولار.

الا ان المملكة اكدت انها مستمرة في الانفاق على المشاريع التنموية الضخمة مستخدمة فوائضها المالية التي تقدر ب440 مليار دولار.

وفي اطار السعي للتكامل الاقتصادي بين الدول الخليجية قال العطية ان "قادة دول المجلس سيعتمدون اتفاقية الاتحاد النقدي ومجلس النقد تمهيدا لانشاء البنك المركزي الخليجي واطلاق العملة الموحدة في موعدها عام 2010".

وكان قادة الدول مجلس التعاون جددوا التزامهم بالجدول الزمني لاعتماد العملة الموحدة (2010) خلال قمتهم الماضية في الدوحة بالرغم من تشكيك بعض المراقبين وبالرغم من انسحاب سلطنة عمان من هذا المشروع واقدام الكويت على فك ارتباط الدينار بالدولار وربطه بسلة عملات خلافا للدول الاعضاء الاخرى التي ترتبط بالدولار حصرا.

خمسة حلول لأزمة الثقة بالخليج

خرجت مجموعة من كبار رجال الأعمال وخبراء المال في الشرق الأوسط بمقترحات، قالوا إنها قد تمهد لاستعادة المستثمرين الثقة بالأسواق المحلية والعالمية، وهي الخطوة الأولى الضرورية لوقف نزيف أسواق المال والخروج من الأزمة المالية العالمية.

وقد تنوعت المقترحات بين الدعوة للامتناع عن التحرك وانتظار استتباب الأمور، والحض بالمقابل على الدخول بقوة على خط الاستحواذات واغتنام الفرص الموجودة على الصعيد المالي الدولي، ورغم التناقض الظاهري فيما بينها، غير أن المراقبين اعتبروا أنها في واقع الأمر تتكامل في إطار الخطوات المطلوبة في الخليج والمنطقة.

فخلال جلسة خصصت لمعالجة مشكلة فقدان الثقة بالأسواق، على هامش جلسات مؤتمر "أسبوع مركز دبي المالي العالمي،" اقترح فيكتور شو، رئيس مجلس إدارة ومدير عام صندوق الاستثمار الصيني الكبير ، "فيرست إيسترن إنفسمنت غروب،" إعادة إطلاق طريق الحرير الذي كان يصل تاريخياً بين الصين والشرق الأوسط، معتبراً أن هذا التحرك خطوة أساسية يمكن للمنطقة أن تقوم بها خلال الوقت الذي تحتاجه الأوضاع العالمية للاستقرار. بحسب (CNN).

ورأى شو أن لدى الصين ودول الخليج أكبر احتياطيات نقدية موجودة في العالم اليوم، ما يجعلها مؤهلة لدور أساسي في الاقتصاد الدولي الجديد، واستدل على صحة ما ذهب إليه بالإشارة إلى النمو القوي للعلاقات الاقتصادية بين بكين والمنطقة خلال السنوات الماضية.

من جانبه، قال جورج مخول مدير "مورغان ستانلي" لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن المنطقة بحاجة للحكم الرشيد والشفافية، مؤكداً أن المستثمر الأجنبي قد يقبل أرقام تخالف هواه، إذا ما تأكد من أنها تتمتع بمصداقية، ومحذراً بالمقابل من أن المستثمر عينه قد يصيبه الهلع الشديد إذا ما شعر بوجود تلاعب في البيانات أو بانعدام شفافيتها.

وذكر مخول أن دول الخليج دفعت ثمن انعدام الشفافية خلال الفترة التي دار فيها الحديث عن احتمال فك ربط عملاتها بالدولار، حيث تدفقت على الأسواق مبالغ مالية هائلة للمضاربة على العملات، مضيفاً أن هذه الأموال انسحبت عندما صدر التأكيد الرسمي بعدم رغبة تلك الدول في تعديل سياستها النقدية، مخلفة الكثير من الأضرار.

كما لفت مخول إلى أن تأخّر دبي في الحديث عن قيمة ديونها وحجم أصولها ترك الباب مفتوحاً للكثير من التقارير، وذلك قبل صدور الأرقام الرسمية، منبهاً إلى أن ترك السوق دون أرقام يجعلها تتجاوب مع الشائعات.

أما سمير الأنصاري، الرئيس التنفيذي لصندوق "دبي انترناشيونال كابيتال،"أحد الأذرع الاستثمارية لحكومة دبي، فقد وصف الأزمة المالية الحالية بأنها "أسوء ما شهده العالم" وكانت نصيحته الأساسية لعودة الثقة لدى المستثمرين بالمنطقة تتمثل في دعوة شركاتها وصناديقها السيادية إلى استغلال الفرص التجارية الموجودة في الغرب، مع تراجع أسعار الأسهم، للقيام بعمليات استحواذ.

وقال الأنصاري: "خلال الأعوام الماضية، جمعت المنطقة الكثير من الموارد المالية والثروات، وهي اليوم في وضع ممتاز يتيح لها استخدامها، وهذا ما يجب عليها فعله، ليس في سبيل إنقاذ العالم، بل لتحقيق معادلة مربحة للجميع.. دعونا لا نضيّع الفرصة، الوقت لصالحنا ويمكننا التحرك."

وأضاف الرئيس التنفيذي لصندوق "دبي انترناشيونال كابيتال،" إن دعوته لإطلاق موجة من عمليات الاستحواذ لا تعني بالضرورة بدء تلك العملية فوراً، بل خلال الأشهر الـ12 أو الـ24 المقبلة، مضيفا: "لدينا اليوم النفط والمال، ولا ينقصنا حالياً سوى إرادة التحرك."

المصارف الإسلامية لم تنجُ ايضا

تصريح منفصل شكك خالد جناحي، رئيس مجلس إدارة بنك "إثمار" الإسلامي بصحة التقارير التي تشير إلى أن القطاع المصرفي الإسلامي ظل بمنأى عن الأزمة الاقتصادية العالمية، مشيراً إلى أن المؤسسات التي تطبق "الشريعة" تعاني - كما سواها - من أزمة في السيولة.

وانتقد جناحي ما قال إنه تركيز على القطاع العقاري في أعمال المصارف الإسلامية، واصفاً تلك البنوك بأنها أصبحت أشبه بمجرد "وسيط عقاري"، ودعاها إلى الاستثمار في سائر الحقول الاقتصادية.

كما انتقد نقل الثروات الكبيرة إلى خارج دول الخليج عوض استثمارها فيها، مقترحاً تأسيس مصرف عملاق يستحوذ على مؤسسات مال عالمية.

مواقف جناحي جاءت خلال حلقة نقاش جرت على هامش مؤتمر "أسبوع مركز دبي المالي العالمي"، ركزت على أوضاع المصارف الإسلامية خلال الفترة الحالية، مع طرح مراكز مالية في سنغافورة ولندن وهونغ كونغ الدخول في هذا القطاع.

ورأى جناحي أن اهتمام تلك الدول بالعمليات المصرفية الإسلامية مرده إلى واقع أنها مربحة وتجتذب سيولة.

وأضاف: "في اليوم الذي ستتوقف السيولة عن الدخول لتلك المصارف فإن هذه الدول ستبدأ في البحث عن أمر آخر."

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 3/كانون الثاني/2009 - 6/محرم/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م