الاقتصاد العراقي وتاثيرات تدهور اسعار النفط

دعوات لتفعيل القطاع الخاص ومراجعة الميزانية السنوية

اعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: اشار عدد من الخبراء الاقتصاديين الى ان العراق اتبع خلال السنين الماضية خطوات جريئة ومثمرة في طريق ترميم الاقتصاد العراقي الذي عانى على مدى عقدين من الزمن تردي حاد.الا ان السياسة الاقتصادية كما يراها البعض لا تزال بحاجة الى اجراءات عملية اكثر فاعلية للتخلص من الاعباء التي تمر بها الدولة حاليا.

حيث اشاد مؤتمر باريس مؤخرا بما بذلته الحكومة العراقية، عاداَ التزامها بتعهدات البنك الدولي انجازا يحسب لها.

حيث اشار صندوق النقد الدولي إن النشاط الاقتصادي في العراق انتعش مع انحسار أعمال العنف ولكن ايرادات الميزانية ستتأثر بالانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية مما سيتطلب بعض التخفيضات في الانفاق خلال عام 2009 .

تخفيض الديون يحول المسار من التسديد الى التنمية

اتفق خبيران اقتصاديان على ان تخفيض المديونية العراقية لدول نادي باريس بنسبة 80% يسهم بتحويل الأموال المرصودة للتسديد نحو الاعمار والتنمية، فيما اعتبر اقتصادي ان تلك الديون ليست مهمة كونها مجمدة.

وقالت مديرة مركز بحوث السوق بجامعة بغداد منى الموسوي ان تخفيض الديون هو“الطريق نحو الانفتاح للأرصدة العراقية المجمدة” لأنه “يصب لصالح التنمية الاقتصادية بكافة قطاعاتها”.

واضافت الموسوي ان تلك المبالغ التي خفضت “سيتم استثمارها  بتطوير الاقتصاد العراقي، حيث سترصد مزيد من المبالغ لاعادة احياء البنى التحتية بدل تسديدها كديون”، إذ يعد ذلك “دليلا على نجاح الحكومة بالالتزام بالاتفاقية مع صندوق النقد الدولي وتوظيفها لصالح الاقتصاد العراقي”.

وأعلن البنك المركزي العراقي عن “نجاح” برنامج العراق الاقتصادي في ضوء نتائج المراجعة النهائية لاتفاقية الترتيبات المساندة الموقعة بين العراق وصندوق النقد الدولي ما سيرتب شطب بقية متعلقات المديونية الخارجية على العراق لتصل نسبة اجمالي الديون المشطوبة على العراق الى 80%. بحسب أصوات العراق.

بدوره، قال الخبير المالي ومستشار البنك المركزي مظهر محمد صالح ان العراق “كان مثقلا بديون بلغت 125 مليار دولار، وبتعويضات حرب الكويت التي جعلته مطالب باكثر من 53 مليار دولار”، “الدبلوماسية العراقية نجحت في المرحلة الاولى من خفض الديون العراقية”، حيث مثلت ديون نادي باريس “مديونية الدول الـ19 وهي تمثل بحكم القانون والعرف الدولي معيار لتسديد كل المديونات الاخرى”.

ونادي باريس الاقتصادي هو مجموعة غير رسمية من الممولين من 19 دولة من اغنى بلدان العالم والتي تقدم خدمات مالية مثل اعادة جدولة الديون وتخفيفها او الغاءها ويقوم صندوق النقد الدولي بتحديد اسماء تلك الدول.

واضاف صالح ان النادي اشترط ان “يعيد العراق ترتيب اوضاعه الاقتصادية عن طريق اتفاقية الترتيبات المساندة مع صندوق النقد” للتخفيض.

ولفت الى ان هذه الاوضاع استمرت “ثلاث سنوات وانتهت بنجاح العراق بتلبية جميع معايير الصندوق من حيث تصحيح مساراته الاقتصادية”، إذ أن “التخفيض الذي حصل عليه العراق يعادل 100 مليار دولار”.

وحول ما يعنيه التخفيض بالنسبة للمواطن العراقي قال ان ذلك “سيؤثر بشكل كبير على تحويل اتجاه الاموال من تسديد الديون وفوائدها الى ما لانهاية بسبب ضخامة حجمها الى مشاريع التنمية والبناء والاعمار”.

وتقسم الديون العراقية الى اربع مجموعات، وهي دول نادي باريس الدائنة وتمثل 19 دولة قدرت مديونيتها بين 45ـ50 مليار دولار، والتي خفضت بنسبة 80%، فيما اسقطت الولايات المتحدة وهي احد اعضاء النادي ديونها بنسبة 100% وروسيا التي خفضت بنسبة 90% في شباط 2008 .

اما الدول الدائنة من غير اعضاء نادي باريس قدرت مديونيتها بما يزيد عن20 مليار دولار، اضافة الى دول الخليج الدائنة وهي كل من المملكة العربية السعودية والكويت وقطر والامارات العربية المتحدة، حيث قدرت مطالباتها بين 30ـ40 مليار دولار، وكذلك الدائنون التجاريون والتي قدرت مطالباتها بحدود 20 مليار دولار.

واعتبر صالح ان “المرحلة الثانية من الدبلوماسية العراقية ستكون نجاحها في ايقاف نزيف تعويضات الحرب” وذلك لأن “مشروطيات الحرب انتهت وتبدلت الاشياء”، اما المرحلة الثالثة فستكون “اغلاق ملفات الدعاوى الاخرى التي ظهرت في الولايات المتحدة وهو ما يحتاج جهدا مكثفا”.  وحول طبيعة العلاقة مع صندوق النقد الدولي بعد ايفاء الديون، قال ان العراق “بلد مؤسس لصندوق النقد والعلاقات بينهما مريحة، وما يربطنا مع الصندوق ليس الا التقرير السنوي الذي يظهر كل عام”.

وبين أن التقرير “يقيم الآليات والتطور الاقتصادي العراقي ليظهر طبيعة المسار الاقتصادي” وان العراق “واحد من 188 بلدا بالعالم يتناوله التقرير، ولاتوجد مشروطيات، ولكن هناك علاقات تفاهم تصب بمصلحة الاقتصاد العراقي”.

من جهته، ابدى رئيس القسم الاقتصادي بمركز المستنصرية للدراسات عبد الرحمن نجم المشهداني قناعته بأن ما تم من تخفيض ما هو الا “شي اعلامي اكثر من كونه شيء حقيقي”.

وأوضح ان “المشكلة العراقية ليست مع نادي باريس ذات التاثير البسيط لأنها اصلا مجمدة، وليس لها تاثير قوي”، ضاربا المثل بـ “الدينار العراقي المثبت تجاه الدولار والذي لا يجري على اساس العرض والطلب، ولو حصل التخفيض باي دولة اخرى لوجدنا ارتفاعا كبيرا بسعر الدينار”.

واشار الى ان “مشكلة العراق الحالية هي مديونيات الدول الخليجية” وان على المركزي ان “يسعى حثيثا لجدولة تلك الديون بالدرجة الاساس” وذلك لأنه “العامل المؤثر والحاسم على الاقتصاد العراقي”.

وبين أن الدول الخليجية “قادرة على التأثير بالقرار السياسي الدولي، لكنها ستضغط لاستحصال ديونها” على العكس من “دول نادي باريس التي لا تضغط باتجاهات سياسية معينة”، متوقعا أن تكون “العمليات المضادة للحكومة مثل تكوين اقليم البصرة احدى الجهات الدافعة له الكويت وهي احدى الدول الخليجية الدائنة”.

وقدمت كل من المملكة العربية السعودية والكويت وقطر والامارات العربية المتحدة مطالباتها على العراق، وجرت زيارات لعدد من هذه الدول بشأن مطالباتها، الا ان وزارة المالية تعتقد بأن تسويتها تتم وفقا “لاتفاقات سياسية”، عدا حكومة دولة الامارات التي اتخذت قرارا خلال زيارة رئيس الوزراء لها باطفاء جميع ديونها على العراق التي قالت بأنها تبلغ سبعة مليارات دولار.

اما دائنو القطاع الخاص فقد تمكن العراق من شراء ديون عدد من دائنيه، التي تقل عن 35 مليون دولار بما يعادل 10,25 سنت للدولار، فقد تم شراء مايقارب 4,456 مليار دولار أي بتخفيض يقارب 90%.

فيما تم مبادلة الديون التي تزيد عن 35 مليون دولار بكل دائن من دائني القطاع الخاص بسندات بقيمة 20% مقابل 100% من الدين وفوائد تسدد بأقساط  نصف سنوية على مدى ثمان سنوات اعتبارا من عام 2020 ولغاية 2028.

اقتصاد العراق ينتعش لكن هبوط النفط يؤثر عليه

كما صرح صندوق النقد الدولي ان عقب عملية مراجعة لاداء العراق بموجب برنامج للصندوق بقيمة 729.3 مليون دولار "الانخفاض الحاد الاخير في أسعار النفط العالمية أدى الى تراجع التوقعات الخارجية والنقدية للعراق خلال الفترة المقبلة."

واضاف "لقد بدأت الحكومة اعداد اجراءات اضافية للحد من الانفاق على بنود ليست لها أولوية في عام 2009 وذلك للحفاظ على قابلية السياسات المالية للاستمرار."

ونظرا لأن حوالي 95 بالمئة من ايرادات العراق تأتي من صادرات النفط فان الهبوط الحاد في أسعار النفط الخام الى الثلث تقريبا منذ وصولها الى مستوى قياسي فوق 147 دولارا للبرميل في يوليو تموز أثار قلق المسؤولين العراقيين من أن يتسبب في ابطاء الانتعاش الاقتصادي.

الا أن صندوق النقد قال ان هبوط أسعار النفط من شأنه تقليص الدعم الحكومي لمنتجات الوقود.

وقال تاكاتوشي كاتو نائب عضو مجلس الادارة المنتدب في صندوق النقد في بيان "مع هبوط أسعار النفط العالمية ينتظر أن يتراجع الدعم غير المباشر لمنتجات الوقود في عام 2009 .

"ومن أجل وضع اطار عمل يتسم بالشفافية لتعديلات أسعار الوقود مستقبلا تعكف السلطات على تطوير الية تعديل مرحلي لاسعار الوقود المحلية بمساعدة من صندوق النقد الدولي."

ودعا كاتو الى بذل مزيد من الجهود لمكافحة الفساد وخاصة في قطاع النفط والغاز.

وقال "في حين جرى احراز تقدم مؤخرا في عملية قياس النفط فانه ينبغي توسيع أنظمة القياس لتشمل كل أنشطة قطاع النفط كما ينبغي تعزيز اجراءات التطبيق بموجب مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية. وهناك حاجة لوضع اطار عمل تشريعي جديد لقطاع النفط والغاز من أجل تسهيل الاستثمارات في هذا القطاع."

 بسبب تراجع سعر النفط... خطة لخفض الانفاق

من جانبها اعلنت الحكومة العراقية ان مجلس الوزراء اتفق ثانية على كبح خطط الانفاق للعام 2009 بسبب تراجع أسعار النفط.

وقال علي الدباغ المتحدث باسم الحكومة في بيان ان المجلس اتفق على قبول توصيات قدمتها اللجنة الاقتصادية التابعة له لخفض الانفاق المزمع في الميزانية. ولم يذكر البيان أي تفاصيل اضافية.

وقالت وزارة المالية في بيان بموقعها على الانترنت إن اللجنة الاقتصادية لمجلس الوزراء اجتمعت لمناقشة الازمة المالية العالمية "واعادة رسم موازنة عام 2009 على أساس احتساب سعر برميل النفط 50 دولارا للبرميل وبطاقة تصدير يومية تصل الى 2 مليون برميل."

وكان مجلس الوزراء وافق في نوفمبر تشرين الثاني على ميزانية مقترحة قيمتها 67 مليار دولار للعام 2009 على أساس سعر 62 دولارا لبرميل النفط.

وكانت الميزانية المقترحة أقل بالفعل 13 مليار دولار عن خطط الانفاق الاصلية للعراق والتي خلص المسؤولون الى تعذرها بسبب التراجع الحاد في سعر النفط الذي يشكل كل عائدات الحكومة تقريبا. ومنذ ذلك الحين يقول المسؤولون ان تراجع أسعار النفط يستلزم انفاقا أكثر تحفظا.

وتراجعت أسعار النفط أكثر من 100 دولار للبرميل منذ بلغت مرتفعات قياسية فوق 147 دولارا للبرميل في يوليو تموز. وجرى تداول الخام الامريكي حول 43 دولارا للبرميل.

كما اعلن وزير العلوم والتكنولوجيا العراقي رائد فهمي عن تقليص حجم الموازنة العامة العراقية للعام المقبل الى 58 مليار دولار امريكي بعد ان كانت 67 مليار دولار.

وقال الوزير فهمي في تصريح لوكالة الانباء الكويتية (كونا)  ان حجم موازنة عام 2009 سيبلغ نحو 58 مليار دولار موضحا ان اللجنة الوزارية التي راجعت مفرادات الموازنة اعتمدت قيمة 50 دولار لسعر برميل النفط الواحد.

سياسة التقشف قد تكون الحل

فيما راى الخبير المالي ومستشار البنك المركزي مظهر محمد صالح،  ان امام الحكومة عدة خيارات لمعالجة ميزانية العام المقبل، منها التقشف او الاستدانة من الجمهور او الحصول على قروض خارجية، لافتا الى ان التقشف لوحده بامكانه خفض النفقات بمقدار 20 تريليون دينار.

واوضح صالح حول امكانية تجاوز العجز المتوقع في موازنة عام 2009، ان العراق “لو كان انتاجه النفطي ذو مرونة عالية، كان يمكن الاعتماد على زيادة الانتاج النفطي لتعويض الخسائر الناجمة عن هبوط اسعار النفط”، الا اننا اليوم “امام عدة حلول لتحقيق التوازن بالميزانية، والتي يقع على راسها التقشف في النفقات غير الضرورية، او حل اللجوء للأقتراض من الجمهور، او الاقتراض من السوق الدولية عند الحاجة مثل المصارف العالمية، وهو ما يجب ان يكون الحل الاقل تفضيلا”. بحسب أصوات العراق.

وتابع صالح ان  الاقتراض من الجمهور يتطلب “اصدار سندات الخزينة على ان يقوم الجمهور بشرائها، املا بتحسن اسعار النفط في الفترة القادمة، وهو اقل ضررا من الاقتراض  من السوق الدولية”، ويمضي صالح قائلا ان التقشف “قد يكون الحل الانسب، فبحسب تقديراتي الشخصية تستطيع الحكومة ان تقلص من الانفاق الجاري بمقدار 20 تريليون في ميزانية العام 2009، اذ ان الانفاق يقدر حاليا بـ60 تريليون دينار، ومن الممكن ان يتقلص الى 40 تريليون دون ان يتم مس الاجور والرواتب، ودون ان تلجأ الى الاقتراض”.

 ويرى صالح  ان هناك انواع من الانفاق “لا يمكن شمولها بسياسة التقشف لانها التزامات ثابتة في ميزانية العام 2009 وتتعلق بقوت الشعب، كالرواتب والاجور وتخصيصات الدعم مثل رواتب شبكة الرعاية والبطاقة التموينية ومصاريف خطة التنمية، كما ان “نفقات الاستثمار وخطة التنمية، هي ايضا مصاريف لا يمكن الاستغناء عنها لان لها علاقة بتشغيل الايدي العاملة والحد من مشكلة البطالة والتي لها تأثير على الامن وحياة المواطن”. لكن من الممكن بحسب مسشتار البنك المركزي ان يشمل التقشف “مصاريف متغيرة كثيرة وغير مفيدة يمكن تفاديها، مثل نفقات السفر والايفاد والاحتفالات وما شابه، ومن الممكن الضغط على هذه النفقات وتقليصها بشكل كبير”.

ووصف المستشار النداء الذي وجهه وزير المالية باقر جبر الزبيدي يوم امس الاحد، الى الوزارات والمحافظات بضرورة ترشيد الانفاق بسبب انخفاض اسعار النفط الخام في السوق العالمية بانه “عقلاني وصحيح في ظل الظروف التي يمر بها العراق والانخفاض الذي طال اسعار النفط” مضيفا ان “الحذر مطلوب، لان الميزانية تعتمد على ايرادات متوقعة مع وجود نفقات ثابتة” اضافة الى ان “ايرادات الموازنة تعتمد بنسبة 95% على اسعار النفط التي تخضع لعوامل خارجية لا سيطرة لنا عليها وهي سوق النفط التي تتعرض منذ اشهر الى تقلبات كبيرة ادت الى عدم القدرة على ايجاد توقعات معينة للسنة المقبلة”.

وحول السعر الامثل الذي يمكن ان تعاد به صياغة الميزانية العراقية دون قلق، فيرى صالح انه يجب ان يكون “نصف سعر النفط الذي افترضته وزارة المالية عند اصدار الميزانية المعدلة، اي بحدود 35 دولار للبرميل” معتبرا ان الحكومة “يجب ان تاخذ باعتبارها عند اعدادها الميزانية اسوأ الظروف”.

 وكان عضو اللجنة المالية بالبرلمان سامي التروشي كشف اليوم (الاثنين) في حديثه لـ(أصوات العراق) عن خشيته من أن تواجه ميزانية 2009 عجزا يقدر ب50% نتيجة أسعار النفط المنخفضة معتبرا أن الحكومة قد ارتكبت خطا نتيجة احتساب الميزانية على أساس تقدير سعر برميل النفط ب 62,5 دولارا .

دعوات لتنشيط القطاع الخاص

من جانب آخر تزايدت الدعوات التي انطلقت في الآونة الاخيرة من قبل اقتصاديين ورجال اعمال لاعطاء دور اكبر للقطاع الخاص في الحياة الاقتصادية العراقية لتقليص البطالة وتخفيف العبء عن ميزانية الدولة، وكانت آخرها دعوى المرجع اليعقوبي لتنشيط دور القطاع الخاص لتقليل البطالة.

وثمن جعفر رسول الحمداني رئيس اتحاد الغرف التجارية دعوة اليعقوبي لتنشيط القطاع الخاص، معتبرا انها “ليست دعوة غريبة في الساحة العراقية لأنه ينبع من صميم عمل المرجعيات الدينية الذي يهدف الى خدمة العراق”.

وعبر عن أمله في يستمع القادة السياسين العراقين الى الدعوات التي تطلق اليوم ويلتفتوا الى النشاط الاقتصادي الخاص بالعراق”، معتبرا البطالة “آفة العراق اليوم والقضاء عليها من شأنه القضاء على الكثير من الافعال الارهابية”.

واضاف الحمداني ان القطاع الخاص “خرج من ازمة كبيرة وهو اليوم يمر بمرحلة انتقالية” ولذلك فانه “رغم المشاكل التي يعاني منها فهو قادر على الوقوف من جديد الا انه بحاجة للدولة لتهيئة عمله”.

واشار الى تجارب دول مثل “تركيا حين استعانت بقرض امريكي، واشترت بالمبلغ مصانع صغيرة ومتوسطة وقامت بتوزيعها على القطاع الخاص، وفرضت عليه ان يتم تسويق منتجاتها باسعار مدعومة الى الشعب”، اضافة الى “تجربة ماليزية بقرض مشابه من صندوق النقد الدولي”.

اما رئيس الاتحاد الدولي لرجال الاعمال حميد العقابي فيقول ان اتحاده “كان سباقا للمطالبة بتفعيل دور القطاع الخاص ونحن نؤيد هذه الدعوة لأن الدولة توجهها نحو اقصاد السوق” وهذا يتطلب منها “بذل الجهود لتفعيل الانظمة والقوانين التي تتلائم معه”. بحسب اصوات العراق.

وحول احتياجات القطاع الخاص يرى العقابي ان اهمها “ترك مساحات واسعة كافية للقطاع الخاص ليعتمد على اقتصاد السوق والمنافسة”، اضافة الى “الغاء الصيغة التميزية للقطاع العام على حساب القطاع الخاص التي كانت ولازالت طاغية” وكذلك “فصل العلاقات السياسية عن الاقتصادية حتى لاتكون رهنا للمحاصصة الطائفية”.

وشدد على أهمية أن تقوم اي دولة بالقضاء على الفساد الاداري اذا ارادت تنشيط قطاعاتها”، مبينا ان رجال الاعمال “خرجوا من ظروف صعبة همش فيها دورهم بشكل كبير” لذلك فانه بحاجة الى “تاهيل رجال الاعمال العراقين من الناحيتين المادية والمعنوية”.

واضاف  ان اتحاده طالب بتفعيل دور القطاع الخاص عن طريق “تشكيل وزارة معنية بشؤون القطاع الخاص بسبب اهميته الكبيرة لتفعيل وتنمية الاقتصاد العراقي”.

وحول قدرة القطاع الخاص على تحمل مثل هذا الدور قال انه “ليس بامكانه القيام بدوره الا بعد تأهيله” ولن يتم تأهيله بدون “شراكة حقيقية بين القطاع الخاص والعام، ولا يعني هذا فقدان هيبة الدولة وانما يعطيها ذلك رصانة اكبر”.

إلى ذلك، ذكر رئيس اتحاد رجال الاعمال العراقين راغب رضا بليبل ان القطاع الخاص “يمر بظروف صعبة وليس له دور كبير في العملية الاقتصادية”.

وأوضح بليبل ان “المشاريع الانتاجية تعمل بادنى مستوى لها”، داعيا الى “اعادة النظر بالقوانين السابقة والتمويل بفوائد ميسرة” اسوة بـ”دول العالم التي تواجه الازمة بدعم من حكوماتها”.

وشدد بليبل على اهمية ان يكون دور القطاع الخاص “فاعلا وليس للتصريحات والاعلام فحسب لاننا بحاجة الى نقلة كبيرة للتقليل من مخاطرالبطالة والركود الاقتصادي”.

وحول احتياجات الانتقال الى اقتصاد السوق بين انها يجب ان “تكون من خلال مراحل، وليس ان نضع القطاع الخاص امام تحديات كبيرة ليس له القدرة على ان ينهض بها”.

ولفت الى انها تاتي “بشكل متدرج اذ خرجنا لتونا من نظام شمولي همش فيه دور القطاع بشكل كامل بعد ان سجل نشاطه في منتصف السبعينيات من القرن الماضي ما نسبته 76% من الناتج الاجمالي في حين لاتتعدى مساهمته اليوم 10 – 12%”.

واشار بليبل الى ان السياسات الاقتصادية “يجب ان يعاد تشكيلها بالكامل وان تضع نصب اعينها المشاكل والحلول، وعلى راسها سياسة الاقراض المصرفي، حيث لا تزال نسبة الفائدة على القروض مرتفعة تصل الى 20%”، وقال متسائلا “كيف يمكن للقطاع ان يعمل في ظل فائدة كبيرة مثل هذه؟”.

وحول الانتقادات التي توجه الى القطاع الخاص لتفضيله للربحية العالية وعدم اعتماده مشاريع استراتيجية قال إن “هناك عناصر طفيلية استفادت وكانت لها حضوة واهمية في النظام الشمولي السابق او الطارئين على الحياة الاقتصادية والصناعية”.

وأضاف انهم”لايمثلون القطاع الخاص الحاضر والديناميكي والذي يحضى باحترام قطاعات الشعب المختلفة”، لافتا الى ان القطاع الخاص العراقي “كان قد فاز في العام اوائل الثلاثينيات من القرن الماضي بجائزة افضل منتج في بريطانية وهو قطاع اصيل ومعروف يعمل على تقديم الافضل للعراق”.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 28/كانون الثاني/2008 - 29/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م