|
- من أسباب عدم انتشار الإسلام
السيرة السيّئة للحكّام الظالمين والمنحرفين عن أهل البيت
_ مسؤوليتنا اليوم تجاه الصورة
السلبية التي تُنسب إلى الإسلام هو أن نعرّف الناس سيرة أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) التي تمثّل الإسلام الحقيقي
_ عيد الغدير هو عيد الله
الأكبر ويعني أن الله تعالى هو الذي عيّن هذا اليوم عيداً وما بعث
الله عزّ وجل نبيّاً إلا وتعيّد في هذا اليوم وهذه خصيصة لم توجد
لعيد الأضحى وباقي أعياد الإسلام
- إحدى عوامل عدم إيمان الكفّار
بالإسلام هي أنهم يظنون أن الحكّام الظالمين هم الذين يجسّدون
الإسلام
شبكة النبأ: في سياق حديثه عن
ذكرى عيد الغدير الأغر وما يمكن استنتاجه من عِبر وخيرات حين تتم
الاستفادة فعلياً من معاني هذا العيد، أشار سماحة المرجع الشيرازي
دام ظله إلى جوانب ونماذج من التاريخ المشرق والسيرة النورانية
لمولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه وقال: قبل مسيره إلى
صفين خطب مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه في الناس، فعارضه
رجل من بني فزارة، فوطئه الناس بأرجلهم وضربوه بنعالهم حتى مات،
فوداه أمير المؤمنين صلوات الله عليه من بيت المال. فهل اليوم إذا
عارض رجل كلام رئيس حكومته يسلم من الموت؟ وهل تجدون لما قام به
الإمام سلام الله عليه نظيراً في عالم اليوم؟
كان ذلك مما ذكره المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد
صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله) في عشية حلول عيد الغدير الأغرّ،
حيث تطرّق سماحته في درسه خارج الفقه في مسجد الإمام زين العابدين
صلوات الله عليه، صباح يوم الثلاثاء الموافق للسابع عشر من شهر ذي
الحجّة الحرام 1429 للهجرة، تطرّق إلى هذه الذكرى العظيمة وقال:
كما في الروايات الشريفة أن عيد الغدير هو عيد الله الأكبر،
ويعني أن الله تعالى هو الذي عيّن هذا اليوم عيداً. وما بعث الله
عزّ وجل نبيّاً إلا وتعيّد في هذا اليوم وعرف حرمته(1). وهذه خصيصة
لم توجد لعيد الأضحى وباقي أعياد الإسلام. وإذا أردنا معرفة سبب
وصف الروايات الشريفة هذا العيد بأعظم الأعياد وأكبرها، لتبيّن لنا
جليّاً أنه لو عُمل بالغدير لساد الحق والعدل كل زمان وفي كل مكان.
وهذ أمر في غنى عن الاستدلال، فأبرز دليل عليه وأوضحه هي الفترة
الزمنية القصيرة لحكومة مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله
عليه، التي أحيا فيها الإمام بقوله وعمله الحق والفضيلة. وفي
المقابل، نرى أن الذين تربّعوا على كرسي الحكم بلباس الإسلام
كمعاوية ويزيد وهارون ومأمون وأمثالهم، تصّرفوا عكس سيرة الإمام
عليّ سلام الله عليه وطريقة حكمه.
وقال سماحته: يوجد كتاب باسم (العذاب) ـ وحبذا لو يطلع عليه
الفضلاء ـ ذكر فيه جوانب من مظالم وجرائم الحكّام المستبدّين الذين
حكموا بلباس الإسلام وباسم رسول الله صلى الله عليه وآله. فراجعوا
هذا الكتاب وقارنوا ما ذكر في موسوعة (بحار الأنوار) عن سيرة
مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه وطريقة حكمه مع ما
ذكر في كتاب (العذاب) لتعرفوا العكس والفارق الكبيريين. وعرض هذه
المقارنة للناس تغني عن باقي الأمور إذا أردنا أن نبلّغ للإسلام.
فالناس إذا اطّلعوا على هذين النموذجين وقارنوا بينهما سيعرفون من
هو الحسن ومن هو القبيح.
وقال سماحته: لما اشتدت علّة مولاتنا فاطمة الزهراء صلوات الله
عليها وغلبها الوجع اجتمع عندها نساء المهاجرين والأنصار وسألنها
عن سلامتها وصحّتها فلم تجبهن عن سؤالهن بل تكلّمت حول ما ارتكبه
رجالهنّ، فكان مما قالته صلوات الله عليها: «يحسبون أنهم يحسنون
صنعاً ألا إنهم هم المفسدون»(2).
كما نعلم أن تقديم ما حقّه التأخير له ظهور في الحصر، فيكون
معنى قول مولاتنا الزهراء صلوات الله عليها أن المفسدون هم رجال
أولئك النسوة. ويعني أن الفساد ينحصر حقّاً في الذين أقصوا الغدير.
وعلى هذا فإن منشأ كل فساد وكل باطل وإلى يومنا هذا هو ذلك اليوم
الذي أُقصي فيه الغدير.
يقول السيد محمد باقر الهندي رضوان الله تعالى عليه وهو من
علماء العراق ومن تلاميذ السيد محمد كاظم اليزدي قدّس سرّه في
قصيدة جميلة له ذكرها العلاّمة الأميني قدّس سرّه في موسوعة
(الغدير):
كل غدر وقول إفك وزور هو*** فرع عن جحد نصّ الغدير
وفي سياق حديثه أشار سماحة المرجع الشيرازي دام ظله إلى جوانب
ونماذج من التاريخ المشرق والسيرة النورانية لمولانا الإمام أمير
المؤمنين صلوات الله عليه وقال: قبل مسيره إلى صفين خطب مولانا
أمير المؤمنين صلوات الله عليه في الناس، فعارضه رجل من بني فزارة،
فوطئه الناس بأرجلهم وضربوه بنعالهم حتى مات، فوداه أمير المؤمنين
صلوات الله عليه من بيت المال(3). فهل اليوم إذا عارض رجل كلام
رئيس حكومته يسلم من الموت؟ وهل تجدون لما قام به الإمام سلام الله
عليه نظيراً في عالم اليوم؟
كذلك ذكر التاريخ أنه في الحرب التي فُرضت على مولانا الإمام
أمير المؤمنين صلوات الله عليه وهي حرب الجمل، وبعد أن انتصر
الإمام على جيش الجمل، لاذ أفراده بالفرار، وفي طريق فرارهم صادفوا
امرأة وكانت حاملاً، فخافت وارتعدت منهم فأسقطت جنينها، وعندما وصل
خبر ذلك للإمام أرسل إليها وأعطاها دية السقط.
علماً أن الإمام لم يكن مسؤولاً عن ذلك، لأن المرأة خافت من جيش
الجمل وليس من جيش الإمام سلام الله عليه.. فمعنى عمل الإمام هذا
أن الحاكم الإسلامي مسؤول عن أي ظلم يقع في نطاق حكومته وإن لم يكن
هو مسبّبه. فهل تجدون نظيراً لهذا التعامل في حكومات اليوم التي
تتبجّح بالحرية وتدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق الحيوان؟
نحن إذا اكتفينا بعرض هذا النموذج من تعامل الإمام سلام الله
عليه للناس بشكل صحيح فسيتغّير الكثير منهم ويدخلون التشيّع
أفواجاً.
ثم أشار سماحته إلى بعض أفعال الحكّام الظالمين والمستبديّن
وأعداء أهل البيت صلوات الله عليهم وقال:
ذكر التاريخ عن معاوية ما يندى له جبين الإنسانية، ومن ذلك أنه
بعث بسر بن أبي أرطأه إلى البصرة فعمل مقتلة عظيمة حيث قتل ثمانية
ألف إنسان وعندما اعترض بعض على معاوية تجاه فعلة بسر أجابهم
معاوية: لا أبالي لو قتل ضعف ذلك!(4) وهذه الحادثة وأمثالها هي من
نتائج إقصاء الغدير.
وفي جريمة أخرى قتل بسر ثلاثين ألفاً وقال لمعاوية: قتلت ثلاثين
ألف من عدوّك. فقال له معاوية: بل قتلهم الله!(5) فمعاوية بقوله
هذا قد نسب ذلك الظلم الكبير إلى الله تعالى، كما عمل غيره من
الظالمين حيث نسبوا أنفسهم إلى الله وإلى الرسول صلى الله عليه
وآله.
واعتبر سماحته السيرة السيئة للحكّام الظالمين والمنحرفين عن
أهل البيت صلوات الله عليهم بأنها من أسباب عدم انتشار الإسلام في
العالم وقال:
إن إحدى عوامل عدم إيمان الكفّار بالإسلام هي أنهم يظنون أن
الحكّام الظالمين هم الذين يجسّدون الإسلام، في حين أن الإسلام
الحقيقي الذي دخل فيه الناس أفواجاً هو إسلام رسول الله وأمير
المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما.
هذا مولى المتقين الإمام عليّ صلوات الله عليه يقول حول طريقة
مأكله وملبسه: إن الله تعالى فرض على أئمة العدل أن يقدّروا أنفسهم
بضعفة الناس، كيلا يتبيّغ بالفقير فقره(6) . فلم يُنقل أن أحداً
مات من الجوع في فترة حكومة الإمام صلوات الله عليه، بل إن الإمام
صلوات الله عليه عندما رأى شيخاً مكفوفاً كبيراً يسأل قال: ما هذا؟
فقالوا له: يا أمير المؤمنين نصراني. فقال صلوات الله عليه:
استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه، أنفقوا عليه من بيت
المال(7).
أما عن باقي الحكّام فقد ذكر التاريخ أنه وبسبب الجوع مات
الكثير من الناس.
من المؤسف إننا نرى في المجتمعات الإسلامية اليوم أن جمعاً من
الناس يبيعون كِلاهم وأعضاء بدنهم لعوزهم وفقرهم المالي، فمن
المسؤول عن مثل هذه القضايا؟
وقال سماحته: لقد حكم مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله
عليه على نصف الكرة الأرضية، حيث كان في نطاق حكومته خمسون دولة من
دول اليوم، لكنه سلام الله عليه كان يعيش بمستوى أضعف الناس.
قارنوا طريقة حكم الإمام صلوات الله عليه مع تصرّف باقي الحكّام
كعثمان مثلاً لتعرفوا ذلك أكثر. فقد كتب التاريخ أنه لم يخلّف أحد
بعد موته بكثرة ما خلّفه عثمان. فمن جملة ما خلّفه عثمان أربع
زوجات وكانت حصّة كل واحدة منهن مما عيّنه لهنّ عثمان مئتين وخمسين
ألف دينار ذهب. وبالنظر إلى أن مقدار حصّة الزوجة من تركة زوجها هو
الثمن تكون النتيجة أن عثمان قد ترك ثمانية ملايين دينار ذهب أي
أكثر من ستة وعشرين طنّ من الذهب(8). وهذه المشاهد من تاريخ
الإسلام إذا اطلّع عليها المسيحيون فستنتابهم الدهشة والحيرة؛
لأنهم سيقولون إذا كان هذا هو حال أئمة وزعماء الإسلام فلا يعدّ
الإسلام ديناً حسناً وليس من الصواب أن يترك اليهودي أو المسيحي أو
عابد الصنم دينه ويعتنق الإسلام.
وأضاف سماحته: إن الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه رحل عن
الدنيا وعليه دَين للناس وكما ذكر العلاّمة المجلسي في البحار أن
الإمام الحسن المجتبى صلوات الله عليه أدّى دَين الإمام بعد كدّ
وتعب.
وعن مأمون العباسي الذي سمّى نفسه بخليفة رسول الله صلى الله
عليه وآله ذكر التاريخ أنه بنى قصراً كان طول سوره ثلاثة فراسخ.
إذاً فمن نتائج إقصاء الغدير هو تحكّم أمثال عثمان ومأمون
العباسي. فأي عاقل يترك دينه ويعتنق ديناً زعماؤه كمأمون العباسي؟
وأكد دام ظله: لقد اعتبرت الروايات الشريفة الغدير أعظم عيد
لأنه يرتبط بجذور وأساس الإسلام، وأن إقصاءه يؤدّي إلى نتائج سيئة
كالتي أشرت إليها من نماذج الحكّام المستبديّن الذين امتلأ بهم
التاريخ الإسلامي أمثال معاوية ومأمون ومن على شاكلتهم.
إذن مسؤوليتنا اليوم تجاه هذه الصورة السلبية التي تُنسب إلى
الإسلام هو أن نعرّف الناس سيرة مولانا الإمام أمير المؤمنين علي
بن أبي طالب صلوات الله عليه التي تمثّل الإسلام الحقيقي، فقد قال
مولانا الإمام الرضا صلوات الله عليه: «فإن الناس لو علموا محاسن
كلامنا لاتبعونا»(9).
وفي ختام حديثه قال سماحته: أبارك هذا العيد السعيد إلى الأتباع
الحقيقين للغدير، وأسال الله تبارك وتعالى أن يوفقني وإيّاكم إلى
العمل على تعريف ثقافة الغدير للناس جميعاً. وصلى الله على محمد
وآله الطاهرين.
المصدر: s-alshirazi.com
..........................
الهوامش:
1) إقبال الأعمال/ لابن طاوس الحلّي/ فصل فيما
ذكر من عمل الغدير/ ص 475.
2) الاحتجاج/ ج1/ احتجاج فاطمة الزهراء صلوات
الله عليها على القوم/ ص108.
3) بحار الأنوار/ ج32/ باب 11 بغي معاوية
وامتناع.../ ص 398/ ح370.
4) راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد/ج1
والغارات للثقفي.
5) المصدر نفسه.
6) نهج البلاغ‘/ باب الخطب/ ص 324/ خ209 من كلام
له عليه السلام بالبصرة و... .
7) تهذيب الأحكام/ للطوسي/ ج6/ باب 92 من
الزيادات في القضايا و.../ ص 292/ح18.
8) راجع: طبقات ابن سعد/ ج3/ ص40. وأنساب
البلاذري/ ج3/ ص4. و الاستيعاب في ترجمة عثمان / ج2/ ص476.
9) وسائل الشيعة/ ج27/ باب8 وجوب العمل بأحاديث
النبي صلى الله عليه وآله و.../ ص 92/ ح33297. |
