تداعيات الازمة المالية: رخاء دبي يتبعه إنهيار وشيك

سوق العقار والقروض المُتأثِّر الأكبر

 

شبكة النبأ: في ظل قفزتها الاقتصادية الهائلة، وتطلعات السوق العالمية لها، حتى باتت قبلة الانظار العالمية، ينظر الخبراء إلى ان الاقتصاد الاماراتي من المحتمل ان يتأثر بشكل مباشر بسبب الازمة المالية التي تعصف بالعالم.

إلى جانب ذلك، بات السكن الخاص بذوي الدخل المحدود الذين يتقاسمون المساكن، مهدداً، من جراء القانون الجديد الذي أطلقته دبي، والذي يمنع تقاسم المنازل.

(شبكة النبأ) في سياق التقرير التالي تسلط الضوء على أهم المفاصل الاقتصادية التي تحيط بسماء دبي، وما هي الاضرار الناتجة او المحتملة للضغوط التي تمارسها الصراعات الاقليمية عليها في المنطقة:

رخاء اقتصادي يتبعه إنهيار محتَمَل

قال تقرير اقتصادي إن إمارة دبي، التي عاشت لسنوات في رخاء وسط سيولة مالية مرتفعة جراء تدفق ثروات الدول والمناطق النفطية المجاورة إليها، قد تكون بدورها الآن عرضة لخطر التأثر بالأزمة المالية العالمية التي تصيب الأركان الأساسية لنموها.

وأشار التقرير إلى أن الركائز الثلاث التي يقوم اقتصاد الإمارة عليها بعيداً عن النفط الذي تفتقر إليه؛ وجود رأس المال والمهارات البشرية؛ تعرضت لاهتزاز نتيجة ما يحصل عالمياً، حيث تراجعت المصارف عن تمويل المشاريع العملاقة، غير أنها استبعدت حصول "انهيار" فيها، مرجحة تدخل أبوظبي التي تسعى بدورها للبروز عالمياً. بحسب (CNN).

ويعتبر التقرير أن دبي تحظى بحاكم "صاحب رؤية" هو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي تمكن من جعلها تمتلك أكبر ميناء ومطار في العالم، وأطول برج فيه أيضاً، رغم أن النفط لا يشكل أكثر من ستة في المائة من إجمالي دخلها، وذلك عبر تحويلها إلى مقصد للسياح ورجال الأعمال الذين يستثمرون فيها ضمن بيئة واعدة.

ولكنه يشير إلى أن النمو المتسارع للبلاد أحدث بعض التخبط، وذلك إثر ظهور طفرة عقارية كبيرة سببها أموال النفط المتدفقة، ما دفع الأسعار صعوداً بشكل كبير، خاصة بعد أن أصبحت مشاريع البناء العقاري قبلة رجال الأعمال والمصارف في نيويورك الذين كانوا يعتمدون المضاربة لتحقيق أرباح سريعة.

ويضيف التقرير أن القروض كانت تتدفق على دبي بسبب نموها من جهة، وبسبب نظرة المستثمرين إلى النفط الموجود في إمارة أبوظبي المجاورة لدبي على أنه ضمانة.

كما يلفت إلى أن مشاريع التنمية هذه نجحت بشكل كبير، فظهرت في الإمارة شركات عملاقة مثل "طيران الإمارات" و"موانئ دبي،" وهي بمجملها شركات على صلة بالعائلة الحاكمة في الإمارة، وقد تمكنت من الانتقال إلى الطور العالمي عبر الاستحواذ على شركات عالمية مثل P&O إلى جانب حصص في بورصة "ناسداك" الأمريكية مثلا.

إلا أنه يتابع بالإشارة إلى أن الأزمة المالية الحالية تتحدى الأركان الثلاثة لنمو دبي، حيث أن رؤوس الأموال بدأت تغادر المنطقة، في حين تتلكأ المصارف في تمويل مشاريعها العقارية العملاقة، ما يترك "جبالاً" من القروض الواجب تسديدها، والتي تقدرها مؤسسة "موديز" بقرابة 50 مليار دولار.

ويستطرد التقرير الذي نشرته مجلة "فورتشن" بأن دبي لن تشهد انهياراً مالياً، وذلك بفضل ثروات جيرانها وتدخل المصرف المركزي الإماراتي الذي قام بوضع مليارات الدولارات بتصرف المصارف.

سوق العقار والقروض يتأثر بالأزمة العالمية

قال مسؤولون بالامارات إن البلاد تواجه تباطؤا في نمو القروض والانشطة العقارية من جراء الازمة المالية العالمية.

وتتوقع دول الخليج أن تؤدي المشاكل العالمية إلى كبح جماح النمو الاقتصادي المرتفع في المنطقة الذي دعمه ارتفاع أسعار النفط في السنوات الست الماضية.

لكن سلطان ناصر السويدي محافظ مصرف الامارات المركزي قال إن دول الخليج التي تتمتع بفوائض نفطية ضخمة ستواصل تحقيق نمو في الوقت الذي تمضي فيه قدما في خططها لتحقيق وحدة نقدية اكتسبت زخما خلال اضطرابات الاسواق المالية. بحسب رويترز.

وقال السويدي للصحفيين على هامش اجتماع في امارة الفجيرة ان التباطؤ الاقتصادي سيفرض على المنطقة وان الامارات ستشهد انكماشا في نمو القروض وجوانب أخرى من الاقتصاد. لكنه أضاف أنه يعتقد أن البلاد ستواصل تحقيق نحو مريح في مختلف الاتجاهات.

ورددت تصريحاته صدى تعليقات أدلى بها محمد العبار رئيس شركة اعمار العقارية الذي قال ان نمو القطاع العقاري بالبلاد قد يتباطأ الى تسعة في المئة من 13 في المئة بسبب التراجع الاقتصادي العالمي.

وقال العبار لصحيفة اميريتس بيزنس: هذه القطاعات تنمو نموا كبيرا ومن هنا يأتي الطلب الحقيقي.

وقال السويدي ان الازمة العالمية قد تقرب أعضاء مجلس التعاون الخليجي الذين يسعى خمسة منهم على رأسهم السعودية الى اطلاق عملة موحدة بحلول عام 2010.

وأضاف أن الامارات التي تربط عملتها بالدولار الامريكي قررت عدم الاقتداء بأحدث قرارات خفض الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الامريكي) وذلك لتقريب الفروق بين مستويات الفائدة في الامارات ودول عربية أخرى.

وقال ان التنسيق والتعاون بين دول المجلس في غاية الاهمية وان أسعار الفائدة في الدول الاخرى مرتفعة بشدة مقارنة بالاسعار السارية في الامارات وان بلاده لا تريد زيادة الفارق.

وأوضح أن هذا القرار يمثل جزءا من سياسة الامارات للتنسيق وتحقيق التقارب مع الدول الاخرى.

وأبقت الامارات سعر اعادة الشراء لاجل ليلة على 1.5 في المئة بعد خفض الفائدة الامريكية نصف نقطة مئوية في 29 أكتوبر تشرين الاول الماضي. وعلى النقيض فان سعر الفائدة الاساسي في الكويت 4.5 في المئة وفي السعودية أربعة في المئة.

وقال السويدي انه يرى ان الازمة المالية العالمية تزيد حماسة دول الخليج وسيعها لتحقيق الوحدة النقدية.

اقتصاد الإمارات والصراعات الاقليمية

كشف محمد العبار، رئيس مجلس إدارة شركة إعمار الإماراتية، وعضو المجلس التفيذي لدبي، أن ديون الإمارة تعادل عشرة مليارات دولار لحكومة دبي، و70 ملياراً للشركات التابعة لها، مؤكداً أن الأصول الموجودة تفوق الديون بكثير، مما يبعد خطر العجز عن السداد.

ووصف العبار، الذي يرأس اللجنة الإستشارية التي شكلتها دبي لمواجهة تأثيرات الأزمة المالية العالمية ما يحدث في القطاع العقاري بدبي بأنه تصحيح صحي مؤكداً أن الشركات الكبرى العاملة في القطاع ستتعاون لمواجهة ما يحدث.

وقال العبار، الذي كان يتحدث في افتتاح جلسات مؤتمر أسبوع مركز دبي المالي إن الاقتصاد العالمي: يمر في مرحلة صعبة تتطلب حديثاً صريحاً وإجراءات واضحة، مشيراً إلى أن على دبي مواجهة وقائع جديدة. بحسب (CNN).

ورغم كثرة الحديث وتعدد التقارير الصحفية مؤخراً عن حجم الأزمة المالية على دبي، إلا أن العبار شدد على صلابة موقف الإمارة الاقتصادي، وقال: خلال الأعوام الـ18 الماضية بنينا الكثير من الجسور والطرقات والمطارات والمدارس، وهذه باتت موجودة.. أقدامنا راسخة في الأرض، وأعيننا مثبته على الأفق، ونحن واقعيون.. ولكن متفائلون.

وذكّر العبار بأن إمارة دبي تمكنت من تحقيق نمو كبير طوال سنوات، رغم أنها محاطة بتوترات إقليمية، في إشارة إلى الوضع في العراق وأفغانستان والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مبدياً ثقته في المستقبل، مع التشديد على أن الحكومة (دبي) لن تتردد بالتحرك في الوقت المناسب لتأخذ القرارات الأنسب.

وتناول العبار وضع  القطاع العقاري في الإمارات، قائلاً إن عملية دمج أملاك وتمويل بالمصرف العقاري الإماراتي، الذي سيندمج بدوره بالمصرف الصناعي، لتشكيل ما سيعرف مستقبلاً بـ"بنك التنمية"، كانت تهدف لوضع أسس بناء جديد سيساعد على ضخ السيولة في القطاعات المحتاجة، وعلى رأسها القطاع العقاري، معتبراً أن ذلك لن يتم بين يوم وليلة، ولكنه سيزيد من مرونة السوق.

وتحدث العبار عن اتجاه شركات رئيسية في سوق العقار بدبي، مثل نخيل وإعمار ودبي القابضة التي تعود ملكيتها لحكومة دبي، وتسيطر على 70 في المائة من السوق، إلى التعاون لمواجهة الوضع الحالي، بناء على معطيات العرض والطلب، قائلاً: في الماضي كنا نتنافس، وكان ذلك ضرورياً، لكن اليوم يجب علينا التعاون.

وعن الوضع الائتماني لإمارة دبي، قال: كان هناك الكثير من الجدل، وقيل الكثير عن حجم هذا الدين وكيفية تمويله، ولنضع حداً لذلك، ونقول بشكل رسمي، إن الديون السيادية المتوجبة على حكومة دبي هي عشرة مليارت دولار، بينما تقدّر أصول الحكومة بقرابة 90 مليار دولار، وذلك دون احتساب الطرق والمطارات والمرافئ.

وخلص للقول، بأن المجموع العام لأصول دبي وشركاتها سيقارب 1.3 ترليون دولار، ما يفوق ديونها بكثير، مشددا على أن الحكومة قادرة على مواجهة المتطلبات المالية، ولا يكون لدى أحد شك بذلك.

تكاليف السكن الباهظة عبئ يتعاظم

تشن السلطات البلدية في دبي حملة واسعة ضد ظاهرة تقاسم السكن في المنازل من قبل عدة عائلات او اشخاص الامر الذي يعد سبيلا وحيدا بالنسبة للكثيرين للتخفيف من التكاليف الباهظة للسكن في الامارة والتي باتت من الاعلى في العالم.

وليس واضحا كم هو عدد السكان الذين سيتأثرون بهذه الحملة او يجدون انفسهم في الشارع الا ان البلدية تؤكد انها لن تتوانى عن تطبيق قرارها مهما كلف الامر لاسباب تتعلق "بالامن والسلامة" بالرغم من الانتقادات التي تتهم السلطات بعدم تفهم مشاكل المقيمين في تأمين السكن. بحسب فرانس برس.

ولا شك ان مستوى الدخل مرتفع نسبيا في دبي لذا تبقى الامارة قبلة للوافدين الذين يشكلون السواد الاعظم من سكانها لكن تكاليف الحياة فيها ما انفكت تتعاظم خلال السنوات الماضية خصوصا بسبب الارتفاع الجنوني في اسعار العقارات والايجارات والتي تضاعفت عدة مرات في بعض الحالات.

وقال عمر عبد الرحمن رئيس قسم تفتيش المباني في بلدية دبي لوكالة فرانس برس: لقد منحنا مهلة لجميع المخالفين وهذه المهلة انتهت والآن بدأنا مرحلة اتخاذ اجراءات تتضمن قطع المياه والكهرباء والتغريم وصولا الى تدابير قاسية اخرى.

ويشير عبد الرحمن بذلك الى المهلة التي منحتها البلدية لاصحاب المنازل المنفصلة التي يعرف عنها محليا بالفلل والمؤجرة لاكثر من عائلة او اكثر من شخص لاخلائها.

من جهتها قالت سحر علام الالمانية السورية الاصل انها تتقاسم السكن في فيلا بمنطقة الجميرا الراقية مع ثماني شابات اخريات: لان مستوى الايجارات لم يعد معقولا ولو اضطررت للسكن بمفردي لفكرت جديا بمغادرة دبي. واضافت انه رغم انها تتشارك في السكن مع اخريات: يمتص السكن حاليا اكثر من نصف دخلي.

ويخيل للبعض ان الذين يتقاسمون غرف الفيلا يدفعون مبلغا بخسا مقابل السكن الا ان سحر تؤكد انها تدفع ثمانية الاف درهم (2180 دولار) شهريا مقابل غرفتها وحمامها.

اما الهندي اقبال نير الذي يقيم مع عائلته في غرفة ضمن منزل قديم في منطقة السطوة الشعبية فيدفع الفي درهم مقابل السكن (550 دولارا) علما انه من المتوقع ان يختفي القسم الاكبر من هذه المنطقة التي تؤوي اعدادا كبيرة من اصحاب الدخل المحدود مع اطلاق مشروع عقاري بكلفة حوالى مئة مليار دولار.

وقال نير لفرانس برس: اذا طبق قرار البلدية فعلا فلن افكر مرتين سارسل زوجتي وابنائي الاثنين الى الهند. مشيرا الى انه سيتدبر امره شخصيا في نهاية المطاف ويستمر بالعمل والاقامة في الامارة.

وقال عمر عبد الرحمن ان البلدية تقوم بعملها وتاخذ بعين الاعتبار قبل كل شيء سلامة وارواح الناس. واضاف: تخيلوا منزلا فيه عشر غرف وكل غرفة فيها عائلة من خمسة اشخاص يقومون باستخدام الصرف الصحي وبانشاء اضافات على السكن بما في ذلك المطابخ المرتجلة الخطيرة والكل يستخدم المياه والكهرباء والكل يريد ان يركن سيارته.

وعند سؤاله عن اشتمال القرار اشخاصا يتقاسمون السكن وانما في حدود معقولة تحترم السلامة العامة ولا تسفر عن ازعاج قال المسؤول في بلدية دبي: لا يمكننا ان نميز بين الناس القرار نتخذه بشكل عام ولا يمكننا ان نعامل الناس بشكل مختلف.

ويبلغ متوسط ايجار الشقة المؤلفة من صالة وغرفة نوم واحدة في دبي حوالى مئة الف درهم سنويا (27400 دولار). وقد ترجم التشدد البلدي في موضوع تقاسم السكن ارتفاعا في الطلب على استئجار الشقق بحسب الوسيط العقاري جوناثان داركوس.

شركة إعمار تؤكد سلامة وضع السوق في دبي

أكد رئيس شركة اعمار العقارية احدى اهم الشركات التي ساهمت في رسم ملامح دبي الحديثة ان اسس القطاع العقاري في امارة دبي سليمة وهو غير معرض للتاثر بشكل كبير بالازمة المالية العالمية وذلك على الرغم من تقارير تحدثت عن امكانية انخفاض الاسعار في الامارة.

وقال محمد علي العبار في الجلسة الختامية لاجتماع منتدى الاقتصاد العالمي في دبي: ان الطلب الداخلي على العقارات في دبي ما زال يفوق العرض ومصدره بات في الفترة الاخيرة الافراد الذين يريدون استخدام العقار للسكن. بحسب فرانس برس.

الا ان العبار اشار الى ان التدابير قد تشمل اعادة النظر في المشاريع المستقبلية لكي يبقى الطلب قويا.

واكد العبار ان حكومة دبي تتابع عن كثب تطورات السوق عبر لجنة رفيعة المستوى وهي تدرس عدة تدابير لتعزيز الثقة بالسوق.

وقال ان من العوامل المطمئنة لسلامة السوق العقاري في دبي هو ان غالبية الاستثمارات فيه تتم بالمال المباشر وليس بالرهون العقارية كما هي الحال في اسواق اخرى الامر الذي يزيل الكثير من المخاطر عن السوق.

وكانت تقارير اعدتها مؤسسات ومصارف استثمارية عالمية اشارت الى امكانية انخفاض اسعار العقارات في دبي بعد سنوات من الازدهار ارتفعت خلالها الاسعار اضعاف الاضعاف احيانا وذلك مع توقع تسجيل تعادل بين العرض والطلب او حتى تفوق العرض على الطلب.

كما ان الازمة المالية العالمية وتشدد بعض المصارف المحلية في منح القروض على العقارات اثرت سلبا على حيوية القطاع.

وتشهد دبي سلسلة من اضخم المشاريع العقارية في الشرق الاوسط والعالم بينها ما يلامس حدود الخيال مثل اطول برج في العالم وجزر النخيل الاصطناعية في مياه الخليج.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 13/كانون الثاني/2008 - 14/ذي الحجة/1429

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1429هـ  /  1999- 2008م